Previous Lesson -- Next Lesson
٢٠ - شهادة استفانوس الفعّالة (٦: ٨ - ١٥)٠
أعمال الرسل ٨:٦-١٥
٨ وَأَمَّا اسْتِفَانُوسُ فَإِذْ كَانَ مَمْلُوّاً إِيمَاناً وَقُوَّةً, كَانَ يَصْنَعُ عَجَائِبَ وَآيَاتٍ عَظِيمَةً فِي الشَّعْبِ. ٩ فَنَهَضَ قَوْمٌ مِنَ الْمَجْمَعِ الَّذِي يُقَالُ لَهُ مَجْمَعُ اللِّيبَرْتِينِيِّينَ وَالْقَيْرَوَانِيِّينَ وَالإِسْكَنْدَرِيِّينَ, وَمِنَ الَّذِينَ مِنْ كِيلِيكِيَّةَ وَأَسِيَّا, يُحَاوِرُونَ اسْتِفَانُوسَ. ١٠ وَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُقَاوِمُوا الْحِكْمَةَ وَالرُّوحَ الَّذِي كَانَ يَتَكَلَّمُ بِهِ. ١١ حِينَئِذٍ دَسُّوا لِرِجَالٍ يَقُولُونَ, إِنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَتَكَلَّمُ بِكَلاَمِ تَجْدِيفٍ عَلَى مُوسَى وَعَلَى اللَّهِ. ١٢ وَهَيَّجُوا الشَّعْبَ وَالشُّيُوخَ وَالْكَتَبَةَ, فَقَامُوا وَخَطَفُوهُ وَأَتَوْا بِهِ إِلَى الْمَجْمَعِ, ١٣ وَأَقَامُوا شُهُوداً كَذَبَةً يَقُولُونَ, هَذَا الرَّجُلُ لاَ يَفْتُرُ عَنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ تَجْدِيفاً ضِدَّ هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُقَدَّسِ وَالنَّامُوسِ, ١٤ لأَنَّنَا سَمِعْنَاهُ يَقُولُ, إِنَّ يَسُوعَ النَّاصِرِيَّ هَذَا سَيَنْقُضُ هَذَا الْمَوْضِعَ, وَيُغَيِّرُ الْعَوَائِدَ الَّتِي سَلَّمَنَا إِيَّاهَا مُوسَى. ١٥ فَشَخَصَ إِلَيْهِ جَمِيعُ الْجَالِسِينَ فِي الْمَجْمَعِ, وَرَأَوْا وَجْهَهُ كَأَنَّهُ وَجْهُ مَلاَكٍ٠
هل تعرف مَن هو الرّوح القدس؟ اقرأ وصف سيرة حياة الشهيد استفانوس، فتعرف ماذا يعمل الرّوح القدس في الإنسان، الّذي يسلّم نفسه تماماً إلى الرّبّ المسيح. واسم استفانوس يعني (إكليل)، وهو جائزة تُعطى للفائز في الرياضة عند اليونان، لأنّ شهيد يسوع هذا وصل الأوّل في السباق إلى السّماء، ودخل بعد موته إلى مجد ربّه. وقد سمع استفانوس، وهو يهودي متغرب، بشرى الخلاص، وفتح نفسه لقدرة المسيح، ونال الغفران، وامتلأ مِن الرّوح القدس النابع فيه بمواهب روحيّة عديدة. وما كان استفانوس صالحاً في ذاته، إنّما روح المسيح هو الّذي جدّده. وهذا الشَّماس استفانوس لم يتبرّر بواسطة تقواه الذاتيّة، ولكنّ المسيح طهّره مجّاناً بدمه الثمين. فكلّ أعمال الله هذه في حياة الخاطئ، تشملها كلمة "النّعمة". فليس أحد يستحق مواهب الله، إلاَّ مَن يؤمن بالمسيح، فينال مِن ملئه نعمةً فوق نعمة. وجوهر هذه النّعم هو قوّة الله، لأنّ بالرّوح القدس تحلّ قدرة القدير في المؤمن، الظاهرة في المحبّة والتّواضع والطّهارة. وحيث ينكسر المؤمنون لكبريائهم الطبيعيّة، ويعيشون خاضعين في شركة القدّيسين، تعمل قوّة المسيح بواسطتهم عجائب وآيات، ضمن الكنيسة وخارجها، لأنّ المسيح حيٌّ، ويعمل بواسطة شهوده كأنّه يجول بينهم، ويخلّص ويشفي ويبارك كما عمل أيام جولانه على الأرض٠
كان استفانوس مبشّراً مجتهداً ولم يعش لخلاص نفسه الذاتيّة، ولم يكتف بالتمتع المريح في أحضان الكنيسة، بل قام وتقدّم وسط الكنيس اليهودي المتعصّب، وشهد لهم أنَّ يسوع الناصري المصلوب هو المسيح الحقّ والمُقام مِن بين الأموات. فما كان الرسل هم وحدهم شهود المسيح، بل كلّ ممتلئ مِن الرّوح القدس لا يقدر إلاّ أن يجاهر بأنّ الله محبّة، وقد صالح البشر بنفسه، لمّا مات ابنه على الصّليب. إِنَّ عالمَنا الغبيَّ قد خلص، ولم يعرف هذه الحقيقة العظمى. تقدّم استفانوس إلى كنيس اليهود المتغرّبين، الّذين كانوا يقرأون العهد القديم باليونانيّة، ويتأمّلون معانيه بأساليب منطق الغرب؛ فلم يصغوا إلى رسالة الإنجيل إصغاء فقط، كأكثريّة اليهود الآخرين، بل فكّروا فيها، وسألوا عن نتائجها السلبيّة، وناقشوا استفانوس حول موقفه تجاه تقاليد العهد القديم. وهؤلاء اليهود المدرَّبون بالطريقة الفلسفيّة، لم يستطيعوا أن يقاوموا حكمة الرّوح القدس النابعة مِن استفانوس٠
وهكذا اغتاظ الأَتقياء المفكّرون، وشعروا بتعدٍّ على أسس ديانتهم، وأهاجوا الشعب، وحرّضوا الشيوخ والكتبة ضدّ المضلّ الجديد، وتجسّسوا وتآمروا عليه، وأخيراً خطفوه في وقت معيّن، وجرّوه إلى المجمع الأعلى، حيث حضرت لجنة التفتيش والشيوخ وبعض المهتمين بهذا الأمر٠
وشخص رؤساء الكهنة والفقهاء ناقمين إلى ممثّل البدعة اليسوعيّة الممنوعة وغير المضطهدة، لأجل نصيحة غمالائيل (الأصحاح ٥: ٣٤-٤٠) ما دام دعاتها أمناء للناموس (للشريعة) وتقاليد الآباء، وسرّوا لإلقاء القبض عليه، وقد كان أعضاء الكنيسة الأصليّة في أورشليم حتّى ذلك التاريخ يهوداً نموذجيين ومسيحيين أمناء في الوقت نفسه. ولكن ابتدأ المسؤولون، منذ هذه الأحداث، يشعرون بأمر جديد، وثورة روحيّة، وانفصال عن التقاليد اليهوديّة صادرة مِن المؤمنين بالمسيح، الّذين هم مِن اليهود المتغرّبين. ورأينا مِن قبل أن رئيس الكهنة، لم يحكم على الرسل الاثني عشر بالقتل، لأنّهم حفظوا الشريعة بدقّة، وأكرموا الهيكل بصلواتهم المواظبة. ولكنّ الشكوى على استفانوس كانت مختلفة عمّا سبق بحقّ الرسل، فإنّه اتُّهم بالتعدّي على الهيكل وعلى الناموس (الشريعة) معاً. ومِن قراءة النص نستطيع إبرازَ ستّ نُقَط في هذه الشكوى المقدَّمة للمجمع الأعلى مِن شهود زور، بُنيت شهادتهم على عدم فهمهم لكلمات استفانوس التبشيريّة٠
١ - قال استفانوس في كنيس اليهود إنّ يسوع غفر على الصّليب ذنوب النّاس جميعاً. فطعن اليهود المتغربون في قوله قائلين: إذاً لا حاجة عندكم للهيكل وذبائحه اليوميّة، فأنتم ترفضون كلّ طقوس أمّتكم المختصّة بالهيكل والتكفير٠
٢ - وقال استفانوس لليهود آنذاك أيضاً إنّ خلاص الإنسان يتوقّف على الإيمان بيسوع وحده. فثار المفكّرون ضدّه سريعاً وانتقدوه قائلين: إذاً فأنتم لا تعتقدون أَنَّ النَّاموس (الشريعة) هو شريعة الله الّّتي بواسطتها يتبرّر الإنسان بحفظ الوصايا والسلوك المستقيم. فبيّن استفانوس لهم أنّ الشريعة صالحة ومقدّسة، ولكنّ قلب الإنسان شرّير، وغير قادر على حفظها تماماً، فشريعة الله تديننا وتهلكنا ولا تخلّصنا البتّة٠
٣ - عندئذ اهتاج اليهود وسألوه: ألم يعطنا موسى العهد الصالح مع الله؟ أو ليس هو الوسيط الفريد بيننا وبين القدّوس؟ فجاوبهم استفانوس أنّ المسيح هو الإِنسان الوحيد الّذي قام مِن الموت، وهو حيّ عند الله، ويشفع فينا. فليس موسى هو الّذي صالحنا مع الخالق بل المسيح وحده٠
٤ - عندئذٍ سأل اليهودُ استفانوس ليوقعوه: هل تقول أنت إِنّ يسوع المصلوب المحتقر، هو الرّبّ الحيّ الجالس عن يمين الله، وأنّه المسيح نفسه حسب نبوة داود في المزمور ١١٠؟ فوافق استفانوس تماماً على ألوهيّة يسوع، فألصقوا به تهمة التجديف٠
٥ - كان الفريسيون يطالبون الأتقياء بأن يحفظوا كثيراً مِن الأحكام والوصايا ليرضوا الله. أمّا استفانوس فبرهن لهم أنَّ خلاصة الشريعة لا تعني إلاّ محبّة، وهذه المحبّة الإلهيّة تحرّرنا مِن المحظورات والممنوعات والمحرّمات كلّها، لنخدم الله أحراراً٠
٦ - فتقسّى اليهود أكثر فأكثر، وعارضوا صوت الرّوح القدس الجذّاب، حتّى قال استفانوس لهم إِنّ المسيح سيأتي قريباً. ولكنْ قبل مجيئه سيَنصبُّ غضب الله على أورشليم ويبيد الهيكل، إن لم يتب شعب العهد القديم، ويرجعوا إلى مخلّص العالم تائبين. وبعدما أثبت الشهود الزور هذه الشكوى عليه، تفرّس وجوه الأمّة بعجب وحقد في هذا الرجل الفريد وهو منتصبٌ أمامهم، ممتلئاً بالرّوح القدس، وعلى وجهه رونق السّماء٠
الصلاة: أيّها الله القدّوس، نشكرك لأنّك أرسلت ابنك إلينا، لتحرّرنا مِن الطقوس والأحكام البشريّة، فَنَثبتُ في خلاصك الأبدي في المحبّة والطهارة. حَرِّرْ حياتنا كلّها مِن رواسب الإيمان القديم، لكيلا نتبعك سطحيِّينَ، بل نتقدّم إلى ملء الإيمان والبركة.آمين٠
السؤال: ٣٣. لِم اشتكي على استفانوس وحده مِن دون الرسل الاثني عشر؟