Previous Lesson -- Next Lesson
يوحنا - النور يضيء في الظلمة
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير يوحنا
الجزء الثاني النّور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه (الاصحاح ٥: ١- ١١: ٥٤)٠
ثالثاً: السفرة الأخيرة إلى أورشليم (٧: ١- ١١: ٥٤)٠
وموضوعها انفصال الظلمة عن النّور
٢- شفاء المولود أعمى رمزاً لكلّ العمى الرّوحي (٩: ١- ١٢)٠
ج- يسوع يعلن نفسه للمشفي كابن الله (٩: ٣٥- ٤١)٠
٣٥ فَسَمِعَ يَسُوعُ أَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ خَارِجاً, فَوَجَدَهُ وَقَالَ لَهُ, أَتُؤْمِنُ بِابْنِ اللَّهِ. ٣٦ أَجَابَ, مَنْ هُوَ يَا سَيِّدُ لأُومِنَ بِهِ. ٣٧ فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ, قَدْ رَأَيْتَهُ, وَالَّذِي يَتَكَلَّمُ مَعَكَ هُوَ هُوَ. ٣٨ فَقَالَ, أُومِنُ يَا سَيِّدُ. وَسَجَدَ لَهُ٠
قرأنا في هذه الآيات قصة معزية. سمع يسوع بحادثة طرد المشفي مِن الكنيس والأمة، فلم يتركه لوحده في البؤس، بل قام وطلبه، حتّى وجده. هذه هي التعزية لكلّ مؤمن بالمسيح، الّذي انفصل عنه أقرباؤه وأصدقاؤه لأجل الإيمان. وإن كنت في مثل هذه الحالة فإنّنا نؤكّد لك، أن يسوع يسمع صرخات قلبك، ويطلبك ويأتي إليك شخصيّاً. ويكون قريباً منك. ولا يتركك أبداً. لا تنظر للناس وإلاّ فانك تيأس، بل أنظر إلى يسوع وحده. فليس لك رجاء في الدنيا والآخرة إلاّ هو. فهو يحبّك٠
وبعدئذ سأل يسوع الشاب سؤال الحياة القاطع: اتؤمن بابن الله، الّذي هو ابن الإنسان؟ وبهذا السؤال بيَّنَ يسوع أن الأعمى السابق كان يحفظ أجزاء كبيرة مِن الكتاب المقدّس غيباً، وانّه علم مِن سفر دانيال (٧: ١٣- ١٤) انّ ابن الإنسان هو قاضي العالمين وابن الله المسيح في نفس الوقت. ولكن لم يقصد يسوع بسؤاله امتحان معلوماته، بل سأله إن كان يريد أن يخضع في الزمن والأبد لسلطان ومجد ابن الله ولا يفارقه٠
والأعمى سابقاً بحساسيته الدقيقة، شعر رأساً أنّ يسوع المتكلّم، ما كان إنساناً اعتياديّاً. فخاطبه حسب النص اليوناني بكلمة يا ربّ. إنّما أحبّ أن يتأكّد أكثر مَن هو ابن الله، لكيلا يسجد لمجرد إنسان ولا يكفر بإيمانه ويتعلق بفان. عندئذ منحه يسوع الجواب المجيد: قد رأيته قبلاً في أعين قلبك بالإيمان، قبل أن تراه بعينيك، انّي أنا هو. المتكلّم معك هو ابن الله. فلم يتأخّر الشاب عند ذلك على تسليم نفسه كاملاً ليسوع، وسجد له كأنه يقول بهذا السجود: يا رب ضع رجلك في عنقي. أنا خاصتّك وأنت ملكي ومالكي وربّي. وأنا تحت تصرفك. أنت المحبّة المتجسّدة. لك استسلم طوعاً. ومِن الآن لا أكون لذاتي بل عبد لطفك. أيّها الأخ، هل أدركت في يسوع ابن الله في هيئة الإنسان؟ وهل ارتبطت به مؤمناً بالزمن والأبد؟ وهل سجدت له وأصبحت عبد لطفه؟ هلا أبصرته أو ما تزال أعمى؟!٠
٣٩ فَقَالَ يَسُوعُ, لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَى هَذَا الْعَالَمِ, حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ. ٤٠ فَسَمِعَ هَذَا الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ, وَقَالُوا لَهُ, أَلَعَلَّنَا نَحْنُ أَيْضاً عُمْيَانٌ. ٤١ قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ, لَوْ كُنْتُمْ عُمْيَاناً لَمَا كَانَتْ لَكُمْ خَطِيَّئةٌ. وَلَكِنِ الآنَ تَقُولُونَ إِنَّنَا نُبْصِرُ, فَخَطِيَّئتُكُمْ بَاقِيَةٌ٠
لَمّا سجد المشفي عند قدمي يسوع، لم يمنعه الربّ مِن السجود له، لأنّه مستحق كلّ الأكرام والمجد. ولكن بمرارة كبيرة اعترف يسوع أنّ مجيئه يجلب الدينونة على المتكبرين وعلى الأتقياء الظانين أنهم مبصرون، وهم لا يدركونه. بينما قد أدركه العميان والخطاة فتابوا، والزناة فتطهّروا. ويسوع لم يدن الغير التائبين، بل هم دانوا أنفسهم، لأنّهم ما قبلوا بإيمان خلاص ابن الله. لقد حصلوا في الماضي على قليل مِن النّور بواسطة الأنبياء ودلائل التوراة على المسيح. ولكنّهم إذ عارضوا عمداً كرازة يسوع، فسيفقدون بقية النّور الّذي حصلوا عليه، ويصبحون عمياناً متقسين عنيدين متزمتين حاقدين قاتلين. فلمجيء المسيح وكرازة الإنجيل دائماً فعلان: خلاص ودينونة، فداء وتقس، بركة ولعنة. فما هي نتيجة الإنجيل في قلبك؟
واكن بين المستمعين ليسوع فريسيون، وهؤلاء شعروا رأساً أنّ يسوع قصدهم بقوله. فسألوه برياء: أنحن عميان؟ فطعن يسوع رياءهم بقوّة فقال: لو اعتبرتم أنفسكم عمياناً وتألّمتم مِن حالتكم الرّوحية، إذا لتبتم واعترفتم بخطاياكم عند المعمدان وابتعدتم عن خطاياكم، فنلتم غفراناً وخلاصاً وبركة. ولكنكم تظنّون في أنفسكم وتقولون أنكن راؤون الله، وفاهمون كلّ شيء، وانّكم صالحون. ولكنكم بهذا التباهي تبرهنون انّكم بالحقّ عميان متقسون غير تائبين، ولا نائلي غفران الخطايا. فتغترون غروراً كبيراً. ولا تحصلون على شعاع واحد مِن النّور الإلهي٠
الصّلاة: أيّها الرّبّ يسوع. أنت ابن الله في هيئة الإنسان. نسجد لك ونستسلم إليك زمناً وأبداً. نحن تحت تصرفك بوقتنا وأموالنا. ونعترف أنّنا خطاة بالدموع، وغير مستحقين الخدمة لك. ونلتمس منك الغفران وتقديس قلوبنا، لكيلا تفصلنا خطيئة صغيرة عن حضورك. ونطلب إليك فتح أعين النّاس حولنا عمليّاً، ليروا أنّهم مِن طبيعتهم عميان كما كنا نحن، ويروك بنعمتك ويثبتوا في لطفك٠
السؤال: ١٨- ماذا يعني السجود ليسوع؟