Previous Lesson -- Next Lesson
الرسالة الى أهل رومية -- الرب برنا
دراسات في رسالة بولس الى اهل رومية
الجُزءُ الثَّانِي بِرُّ الله ثابتٌ حتّى بَعد تقَسِّي أولادِ يَعْقُوْب المُخْتَارينَ (رُوْمِيَة ٩: ١-١١: ٣٦)٠'
٥- رَجَاءُ بَنِيْ يَعْقُوْبَ (رُوْمِيَة ١١: ١- ٣٦)٠
ب: ليت الخَلاَص الَّذي في المُؤْمِنِيْنَ مِنَ الأُمَمِ يُنشئ غيرةً في أبناء يَعْقُوْب (رُوْمِيَة ١١: ١١- ١٥)٠
رومية ١١:١١-١٥
١١ فَأَقُولُ, أَلَعَلَّهُمْ عَثَرُوا لِكَيْ يَسْقُطُوا. حَاشَا. بَلْ بِزَلَّتِهِمْ صَارَ الْخَلاَصُ لِلأُمَمِ لإِغَارَتِهِمْ. ١٢ فَإِنْ كَانَتْ زَلَّتُهُمْ غِنىً لِلْعَالَمِ, وَنُقْصَانُهُمْ غِنىً لِلأُمَمِ, فَكَمْ بِالْحَرِيِّ مِلْؤُهُمْ. ١٣ فَإِنِّي أَقُولُ لَكُمْ أَيُّهَا الأُمَمُ, بِمَا أَنِّي أَنَا رَسُولٌ لِلأُمَمِ أُمَجِّدُ خِدْمَتِي, ١٤ لَعَلِّي أُغِيرُ أَنْسِبَائِي وَأُخَلِّصُ أُنَاساً مِنْهُمْ. ١٥ لأَنَّهُ إِنْ كَانَ رَفْضُهُمْ هُوَ مُصَالَحَةَ الْعَالَمِ, فَمَاذَا يَكُونُ اقْتِبَالُهُمْ إِلاَّ حَيَاةً مِنَ الأَمْوَاتِ٠
أحبّ بُوْلُس أهل أمّته حُبَّه لأشقَّائه وشقيقاته. ولم يعتقد أنّ الله يُعاقبهم على عصيانهم ورفضهم المَسِيْح فقط، بل أدرك أنّ رفض مُخْتَاري العَهْد القَدِيْم يُنْشئُ فِيْ الوَقْتِ نَفْسِهِ اختياراً جديداً مِنَ الأُمَمِ النَّجسة. فأتاح سقوط اليَهُوْد فرصةً فريدةً للكفّار مِنَ الأُمَمِ للتَّمسُّك بالخَلاَص المُعَدِّ مسبقا،ً ونَيْل هذا الخلاص بإيمانهم بالمَسِيْح٠
وخلَقَ هذا النموّ الخَلاَصي بين الأمم غيرةً وحسداً في أبناء يَعْقُوْب. ورأى بُوْلُس في غمرة هذه الغيرة الملتهبة في قلوب اليَهُوْد عاملاً إيجابيّاً، لعلَّهم إذا أدركوا أن الغوغاء يعيشون في حضور المَسِيْح، وينالون المصالحة مع الله، ويمتلئون بفرح الرُّوْح القُدُس، ويحبّون أعداءهم، عِنْدَئِذٍ يستطيع أبناء إِبْرَاهِيْم الأتقياء أن يفهموا أنّ هؤلاء المساكين المرفوضين قد ورثوا شيئاً، ليس مِن حضارتهم، بل مِن الله مباشرة. فتمنّى بُوْلُس أن يغار اليَهُوْد المتمرِّدون المكتفون بذواتهم مِن هؤلاء المولودين ثانيةً مِن الكفّار، ويُدركوا أنّ بركات إِبْرَاهِيْم وإِسْحَق ويَعْقُوْب قد حلّت فيهم. تمنَّى بُوْلُس على أهله أن يتغيَّروا ويعزموا على المشاركة في إرثهم الخاص الَّذي تحقَّق في الغرباء. وكان المَسِيْح يقول في هذا المعنى لتلاميذه: "أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ... فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذي فِي السَّمَاوَاتِ" (متّى ٥: ١٤- ١٦)٠
أكمل بُوْلُس خطَّته التَّبشيريَّة لليَهُوْد، وقال: "إنْ أصبح انكسار اليَهُوْد نبع البركة للمحتقَرين، وإنْ أَسْفرَ تقلّصهم إلى بقية مُقَدَّسّة عن خلاصٍ لجماهير مِنَ الأُمَمِ، فكم بالحري يفوق رجوعهم كلِّياً انفجار البرَكة للعالَم أجمع؟! ولو آمن جميع اليَهُوْد بالمَسِيْح يَسُوْع حقّاً، لأنشأت قدرة إيمانهم وعمق مشاعرهم طاقةً تبشيريةً في العالم، وينابيع ماءٍ حيَّة تصبّ في صحارى عالمنا، وتجعلها فراديس حيَّةً في وسط أمواج الذُّنُوْب والخَطَايَا٠"
أحرج بُوْلُس بأفكاره الاستراتيجيَّة هذه المَسِيْحِيِّيْنَ أن يحبّوا أولاد يَعْقُوْب ويسامحوهم، ويغلبوا قلوبهم المتكبّرة الحاقدة بتواضعهم ووداعتهم (متَّى ١١: ٢٨- ٣٠).التفت بُوْلُس بعد هذه الأفكار إلى المُؤْمِنِيْنَ مِنَ الأُمَمِ في كَنِيْسَة روما، فغربلهم وهزّهم، كما واجه اليَهُوْد بحقيقتهم الرُّوْحيّة وقال لهم أوَّلاً: "لم يرسلني يَسُوْع مُبشِّراً بين اليَهُوْد، بل عيّنني رسولاً للأمم، وسط مئات الآلهة المُمْتَلِئة بالأرواح النَّجسة. وأنا أُؤدِّي واجبي هذا بفرح، فأتعلّم لُغاتهم، وأفكّر في تقاليدهم، وأقدّم حضارة يَسُوْع إلى عُبَّاد آلهتهم النَّجسة ودعارتهم المكشوفة."
ورأى بُوْلُس في خدمته فرصةً لتبشير اليَهُوْد بطريقة غير مباشرة. فأراد أن يُدهش أبناء إِبْرَاهِيْم بسيرة حياة المَسِيْحِيِّيْنَ المُقَدَّسّة، وتبرّعاتهم الملموسة في آسيا وأوروبا، ليخلق فيهم الغيرة الرُّوْحيّة، لعلَّ بعضهم يرجع عن ضلاله، ويعتبر بإيمان الأمم، ويتبع المَسِيْح المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات. وتمنّى بُوْلُس أن ينال المُخْتَارون المرفوضون في العَهْد القَدِيْم، مِن رجوعهم، رداء العَهْد مرّةً أخرى؛ لأنَّ وعود الله لهم ما زالت قائمةً فعَّالة٠
ولَئِن كان رفضهم لِمَلِكِهم يَسُوْع قد سبّب مصالحة الله للعالَم، فكم بالحري سيُسبِّب رجوعُ الأَمْوَات روحيّاً امتلاءً لحياة الله. لقد اختبر الرَّسُوْل غلبة قوّة الله على موته الرُّوْحيّ وذنوبه المعروفة في جسده، فخلّصه الرَّبُّ، رغم أنّه كان سفَّاحاً في تعصُّبه الأعمى. وتمنّى الشَّيء نفسه لأهل أمّته، لذلك عقد العزم على إشراكهم في الحَيَاة الأَبَدِيَّة، لينشروا حياة نعمة المَسِيْح في العالم كلِّه٠
الصلاة: أَيُّهَا الآبُ السَّمَاوِيُّ، نَشْكُرُكَ ونَسْجُدُ لَكَ لأنَّك جعلت تقسّي اليَهُوْد بركةً لجميع الأمم. ساعدنا ألاَّ نعيش أنانيِّين في الرُّوْح، بل أن نخدم الجميع بروحك القُدُّوْس، قولاً وعملاً وصلاةً، ونقود الكثير مِن المُلْحِدِيْنَ وأبناء إِبْرَاهِيْم إلى الإِيْمَان الحيِّ بيَسُوْع المَسِيْح٠
السؤال ٧٢: ماذا يعني تقسّي اليَهُوْد للأمم النَّجسة؟
السؤال ٧٣: كيف يقدر المَسِيْحِيُّوْنَ أن يحثُّوا غير المُؤْمِنِيْنَ على الإِيْمَان الصَّحِيْح؟