Previous Lesson -- Next Lesson
١٤ - موت حنانيّا وسفيرة الكاذبين (٥: ١-١١)٠
أعمال الرسل ١:٥-٦
١ وَرَجُلٌ اسْمُهُ حَنَانِيَّا, وَامْرَأَتُهُ سَفِّيرَةُ, بَاعَ مُلْكاً ٢ وَاخْتَلَسَ مِنَ الثَّمَنِ, وَامْرَأَتُهُ لَهَا خَبَرُ ذَلِكَ, وَأَتَى بِجُزْءٍ وَوَضَعَهُ عِنْدَ أَرْجُلِ الرُّسُلِ. ٣ فَقَالَ بُطْرُسُ, يَا حَنَانِيَّا, لِمَاذَا مَلأَ الشَّيْطَانُ قَلْبَكَ لِتَكْذِبَ عَلَى الرُّوحِ الْقُدُسِ وَتَخْتَلِسَ مِنْ ثَمَنِ الْحَقْلِ. ٤ أَلَيْسَ وَهُوَ بَاقٍ كَانَ يَبْقَى لَكَ. وَلَمَّا بِيعَ, أَلَمْ يَكُنْ فِي سُلْطَانِكَ. فَمَا بَالُكَ وَضَعْتَ فِي قَلْبِكَ هَذَا الأَمْرَ. أَنْتَ لَمْ تَكْذِبْ عَلَى النَّاسِ بَلْ عَلَى اللَّهِ. ٥ فَلَمَّا سَمِعَ حَنَانِيَّا هَذَا الْكَلاَمَ وَقَعَ وَمَاتَ. وَصَارَ خَوْفٌ عَظِيمٌ عَلَى جَمِيعِ الَّذِينَ سَمِعُوا بِذَلِكَ. ٦ فَنَهَضَ الأَحْدَاثُ وَلَفُّوهُ وَحَمَلُوهُ خَارِجاً وَدَفَنُوهُ٠
إنّ كلّ خطيئة تُرتكب لا تكون خطأ فحسب، بل جرماً تجاه الناموس (الشريعة) وكلّ إثم ليس سهواً فقط، بل هو تعدّ مباشر على جلال الله. فَمَن يقس تصرفاته الشخصيّة بسلوك النّاس، يحكم على نفسه بسطحيّة ويسامح نفسه بالقول: كلّنا ضعفاء. ولكن مَن يعرف الله ويعش في قوّة الرّوح القدس، يعلم أنّ كلّ خطيئة صغيرة كانت أم كبيرة إنّما تستوجب الموت المباشر. فقصّة حنانيّا وسفيرة هي في الواقع قصَّتنا، وهي ترينا كيف يكون لله الحقّ أن يبيدنا نحن المؤمنين٠
ربّما تسأل: لماذا يصبر الله القدّوس علينا ولا يهلكنا مباشرة، مثلما فعل بحنانيا، الّذي أتى جهراً وتبرّع بجزء كبير مِن ممتلكاته؟ إننا لا نعرف أسرار دينونة الله، ولكن في العدد 2 نقرأ أنَّ الزَّوجَين لم يخطئا سهواً، بل حاولا عن سابق تصوّر وتصميم أن يغشّا الرسل. إنّهما لم يؤمنا أنّ القدير كان حاضراً في بطرس. فالقدّوس ساكنٌ في مؤمنيه وعالِمٌ بالقلوب٠
ولعلّ الزوجين حاولا ضمان مصير عائلتهما بالمال، رغم أنّ اسم حنانيّا يعني "الله حنون"، فلم يتّكلا على الله وحده، بل جرّبا خدمة سيِّدَين، الأمر المستحيل، فأحبَّا المال أكثر مِن الخالق.ولم يكن حنانيّا وامرأته مضطرّين ليضحيا بكلّ ممتلكاتهما للكنيسة، لأنّ التبرّع كان طوعاً، والبعض حفظوا جزءاً مِن أموالهم لأنفسهم، وقالوا ذلك جهراً بدون مواربة. ولكن في حالة حنانيّا وسفيرة فإنّهما، بسبب الغيرة، أرادا التظّاهر بالتقّوى مثل أحسن عضو في الكنيسة؛ فأتى حنانيّا بوجه تقي للإجتماع، وتقدّم إلى منبر الرسل، وتبرّع بأمواله، كأنّه تحرّر نهائيّاً وكليّاً مِن المال، وكأنه يضحّي بذاته قرباناً كاملاً لله. وبالحقيقة فإنّه كان قد أخفى جزءاً مِن المال لنفسه. ويسمّي يسوع تصرّفات مثل هذه "مراءاة"، أو غشّاً أبيض، أي أشنع خطيئة في الكنيسة، وتصدر مباشرة مِن الشيطان، أبي الكذّابين. كلّنا منافقون، لأنّنا نعرف كثيراً مِن خطايانا الّتي ارتكبناها، ونظهر كأنّنا أحسن أناس في الدنيا، وضمائرنا سجّلت بكلّ وضوح أكاذيبنا ونجاساتنا واختلاساتنا ونمائمنا وشهواتنا. ورغم هذا فإننا نريد أنّ عائلاتنا والمجتمع والكنيسة يقدروننا ويعتبروننا كاملين مستقيمين مقبولين.كلّنا نتحوّل كطواويس والواقع هو أنّنا قبورٌ ممتلئةٌ بسم زعاف. فهل أدركتَ نفسك في دينونة الله؟
وحنانيّا وامرأته سفيرة، الّتي معنى اسمها "الجميلة" لم يفضلا المال على الله فحسب، بل إنّهما إذ رأيا ككلّ النّاس، أنّهما ابتعدا رويداً رويداً عن خطّ نعمة المسيح ملأ الشيطان قلبيهما مثلما فعل بيهوذا، فمَن يحب المال يفرّ تدريجيّاً إلى جبهة الشيطان. وفي هذه الحالة صار كلاهما خطراً على الكنيسة، إذ أراد الشرّير إدخال مبادئه الرديئة مثل الحسد والبخل والكبرياء والكذب إلى ملكوت الله في الخفاء بينما كانت شركة القدّيسين قلباً واحداً ونفساً واحدة، وقد خضع الكلّ للكلّ، عاش الجميع مِن عناية أبيهم السماوي، وقدّموا أنفسهم لله ذبيحة حيّة ممتلئين مِن الرّوح القدس. وبهذا السلطان العظيم، كان لجسد المسيح المناعة لرفض تجربة الشيطان. وأبصر بطرس مباشرةً بموهبة تمييز الأرواح أنّ حنانيّا أتى إليه بكذب، فمزّق عن وجهه قناعه، وسمّى غشّه كذباً على الرّوح القدس وكذباً على الله نفسه. لقد اختبر حنانيّا سابقاً صميم خلاص المسيح، ولكنّه سقط تدريجيّاً إلى الخطيئة ضدّ الرّوح القدس. وهذا الرّوح الإلهي أثبت كلمات الرسول، وأمات مُجرِّب الله. فروح الحقّ لم يغفر في هذه الحالة الذنوب بواسطة كلمات الرسول، بل دان الخاطئَ غير التائب إِنَّ إلهنا ليس محبّةً فقط، بل هو قدّوسٌ أيضاً ويحبّ الغفران، ولكن مَن يقسّي نفسه لصوت الحقّ، ويغلق قلبه للمحبّة الإلهيّة، يصبح شيطاناً شرّيراً في ذاته، فلا يرحم. كانت الكنيسة الأصليّة قريبةً لله، فدان الله في وسطها ارتباط المرتدّ بالشيطان مباشرة. ولم يتمّ بهذا الحكم إلاّ الوصيّة الأساسيّة أنّ أجرة الخطيئة هي الموت٠
الصلاة: يا ربّ لا تدنّي فأنا منافقٌ وأنت تعرف خطاياي واتّكالي على المال. اغفر لي كلّ أنواع الكذب، وحرّرني مِن كلّ أشكال المراءاة لكي أصبح صحيحاً مثلك، ولا يوجد في فمي غش. طهّر كنائسنا مِن الاستكبار والغرور. قدِّسْنا معاً في صبرك٠
السؤال: ٢٦. لماذا أمات الرّوح القدس حنانيّا مباشرة؟