Previous Lesson -- Next Lesson
يوحنا - النور يضيء في الظلمة
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير يوحنا
الجزء الرابع النّور يغلب الظلمة (١٨: ١- ٢١: ٢٥)٠
٤- صلب يسوع وموته (١٩: ١٦- ٣٧)٠
هـ- الطعنة في جنب يسوع (١٩: ٣١- ٣٧)٠
٣١ ثُمَّ إِذْ كَانَ اسْتِعْدَادٌ, فَلِكَيْ لاَ تَبْقَى الأَجْسَادُ عَلَى الصَّلِيبِ فِي السَّبْتِ, لأَنَّ يَوْمَ ذَلِكَ السَّبْتِ كَانَ عَظِيماً, سَأَلَ الْيَهُودُ بِيلاَطُسَ أَنْ تُكْسَرَ سِيقَانُهُمْ وَيُرْفَعُوا. ٣٢ فَأَتَى الْعَسْكَرُ وَكَسَرُوا سَاقَيِ الأَوَّلِ وَالآخَرِ الْمَصْلُوبَيْنِ مَعَهُ. ٣٣ وَأَمَّا يَسُوعُ فَلَمَّا جَاءُوا إِلَيْهِ لَمْ يَكْسِرُوا سَاقَيْهِ, لأَنَّهُمْ رَأَوْهُ قَدْ مَاتَ. ٣٤ لَكِنَّ وَاحِداً مِنَ الْعَسْكَرِ طَعَنَ جَنْبَهُ بِحَرْبَةٍ, وَلِلْوَقْتِ خَرَجَ دَمٌ وَمَاءٌ. ٣٥ وَالَّذِي عَايَنَ شَهِدَ, وَشَهَادَتُهُ حَقٌّ, وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ لِتُؤْمِنُوا أَنْتُمْ. ٣٦ لأَنَّ هَذَا كَانَ لِيَتِمَّ الْكِتَابُ الْقَائِلُ, عَظْمٌ لاَ يُكْسَرُ مِنْهُ. ٣٧ وَأَيْضاً يَقُولُ كِتَابٌ آخَرُ, سَيَنْظُرُونَ إِلَى الَّذِي طَعَنُوهُ٠
تعصّب اليهود لناموسهم (لشريعتهم) وكانوا خالين مِن الإنسانية، لأنانيتهم في حفظ الوصايا. فلم يسمح في زمن موسى ببقاء المقتولين بالغرز في خوازيق الأوتاد إلى الليل، فطبّق اليهود هذه الوصيّة على المصلوبين الثلاثة أيضاً، لأنّهم ما ارادوا منظراً قبيحاً وسط أفراح العيد الكبير. فطلبوا إلى الوالي بيلاطس انهاء حياة المعذّبين سريعاً بكسر افخادهم وأحواضهم بواسطة قطعة مِن الحطب الغليظ، حتّى ينسحقوا انسحاقاً. إنّ عقل الإنسان ليشبه روح الشيطان في اختراعه أنواع العذاب، ان لم يستنر بغفران الله. كثيراً ما يموت المصلوبون في اليوم الثالث لصلبهم، لأن تسمير اليدين والرجلين بين العروق لا يسبب نزف دماء كثيرة. فالجند الروماني ابتدأوا بعملهم القبيح في المجرمين فرضضوا أطرافهما بضربات قاصمة شديدة رافقتها صرخات المتألمين المريرة. إلاّ أنّ أحد اللصين علم انّه لأجل إيمانه بالمسيح ليدخلن مباشرة الفردوس. وأمّا الآخر فإلى جهنّم وساءت مصيراً. وتجمد بعدئذ أمام يسوع إذ رأوه فارق الحياة. فجسده الناعم كان قد ضعف مِن الجلد، ونفسه الصالحة تألّمت تحت وطأة ذنوبنا ودينونة غضب الله على العالم. فانسحقت تماماً. إنّ يسوع مات بإرادته لأنّه صالحنا صلحاً أبديّاً. ولم يفكّر الجند بهذه الأفكار الدينية البعيدة عن مخيلتهم، بل أرادوا الاستيقان مِن موت المصلوب أو بقائه حيّاً. فأخذ أحدهم رمحه وطعن جنب المسيح في خاصرته قرب قلبه. وهوذا لم ينفجر منه دم أحمر إنّما سال مِن خاصرته دم مزّرق وماء منفصل عنه، دلالة واضحة على انّه قد مات حقّاً قبل الساعة السادسة ظهراً مِن يوم الجمعة الحزينة٠
وهذه الحادثة تعلن للمؤمن انتصار الله مِن ثلاث جهات. الأولى انّ اليهود قد اندفعوا مِن الأرواح الشيطانية لمحاولتهم تكسير عظام المسيح، لكيلا يستطيع إنسان ما القول انّ المصلوب هو الذبيحة الإلهيّة، لأنّ قانون حمل الفصح قائل منذ البدء ألاّ يسمح بكسر أيّ عظم مِن عظامه أثناء شيه على النار (سفر الخروج ١٢: ٤٠). فهكذا حفظ الله ابنه حتّى في الموت فلا يستطيع أحد نقص تعيينه حملاً لله. فمكر جهنّم تحطّم أمام الملتصق بالله. وإيمانك خلّصك حتّى في وادي ظلّ الموت٠
وثانيها. طعنة العسكري لجسد يسوع الّتي وجدت الكنيسة الأصلية مصدّقاً لها في نبوة زكريا (١٢: ١٦- و١١: ١٣). فهناك رأى النّبي كيف أنّ شعب العهد اعتبر قيمة راعيه الأمين لا تساوي أكثر مِن ثلاثين مِن فضّة. ورغم هذا الاحتقار يسكب الله روح النّعمة والصّلاة على بيت داود وأهل أورشليم حتّى تنفتح أعينهم فيدركوا مَن هو المصلوب ومَن هو أبوه. وبدون هذه الانارة لا يعرفون الله ولا خلاصه. فالمصلوب هو الوسيلة الوحيدة للحصول على روح الله كما نقرأ سينظرون إلى الّذي طعنوه٠
والثالثة ظهرت في أمانة التلميذ الّذي بقي تحت الصليب كشاهد عيان لكلّ هذه الحوادث والأقوال. ولم يهرب عندما أقبل الجند عليه وما ترك ربّه بعد الموت. وأبصر بطعنة الرمح الّتي اخترقت يسوع قلب الله جليّاً. وشهد لنا بمحبّة الآب والابن والرّوح القدس لكي ننال بالإيمان في وحدة الثالوث الحياة الأبديّة٠
فكيف أدرك يوحنّا محبّة الله وشهد بها لنا؟ انه أخبرنا بحفظ جسد يسوع مِن كسر العظام حتّى يبقى موته الذبيحي غير معيوب. فيمرّ غضب الله عنا إذا اتّحدنا مع حمل الفصح ويتحقّق فينا معنى عيد الفصح الأصلي. وبطعنة الرمح أدرك البشير كذلك أنّ يسوع سيرجع في مجد ويخلّص شعبه الشرّير الّذي سيدركه في مجيئه الثاني، مبصرين آثار الجرح على صدره. فالرّوح القدس لم يترك يوحنّا يائساً وسط الظلمات بل فتح أعين قلبه لانتصار المسيح، كيف أكمل خلاص العالم على الصليب، واتيانه في المجد محقّقاً خلاصه للعالم ظاهراً عميقاً٠
الصّلاة: أيّها الربّ يسوع المسيح، أنت العالب على الخطايا والشيطان والدينونة. أنت الحيّ والمالك مع الآب في وحدة الرّوح القدس. نسجد لك ونشكرك، لأنّنا حصلنا على روحك القدّوس لأجل الطعنة الّتي في جنبك. أنت حمل الله المذبوح الّذي حرّرنا مِن الغضب الآتي والدينونة الأخيرة. ونلتجيء إلى شركتك الرحيمة. أعدّنا لاستقبالك وأيقظ كلّ النائمين الكفار ليتقدّموا إليك مبتهلين ومؤمنين بموت صلحك وصلح موتك٠
السؤال: ١٤- ماذا نتعلّم مِن عدم كسر عظام يسوع؟ ومِن طعنة الرّمح المخترقة جثّته؟