Previous Lesson -- Next Lesson
متى - توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير متى
الجزء الثاني المسيح يعلّم ويخدم في الجليل (متى ٥: ١-١١: ١)٠
٣- إرسال التلاميذ الاثني عشر للتبشير ( ٩: ٣٥- ١١: ١)٠
٣. أساليب نشر ملكوت السموات (المجموعة الثانية لكلمات المسيح ) (١٠: ٥- ١١: ١)٠
أ) المبادئ الأساسية للتبشير ( ١٠: ٥-١٥)٠
متى ١٠: ٥-٦
٥
هؤُلاءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا. (٦) بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ
(متى١٥: ٢٤، مر٦: ٧-١٣، لو٩: ٢-٦، أعمال١٣: ٤٦)٠
لم يرسل المسيح مختاريه الاثني عشر إلى كل العالم في بداية خدمته بل إلى مواطنيهم الأقربين. لأن الشعوب لم تكن مستعدة بعد للتبشير، والروح القدس لم يحل آنذاك على كل ذي جسد. فقدم المسيح ملكوته لليهود الضالين أولاً، حسب الوعد لآبائهم ودعاهم إلى التوبة والرجاء الحي٠
عنى المسيح عناية خاصة لبيت إسرائيل "فهم أحباء من أجل الآباء" (رومية١١: ٢٨). كان ينظر إليهم بعطف كخراف ضالة، فُرض عليه أن يجمعها كراع من طرق الشر والخطيئة التي انحرفوا إليها، والتي إن لم يرجعوا منها ضلوا إلى النهاية ٠
قال المعترض، ورد في (متى١٠: ٥و٦) أن المسيح أوصى تلاميذه الإثني عشر أن يبشروا خراف بيت إسرائيل الضالة. وفي (متى١٥: ٢٤) قال "لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة". مع أن المسيح قال في (مرقس١٦: ١٥) "اذهبوا إلى العالم أجمع واكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها"٠
نجيب أن القانون الذي وضعه المسيح لرسله هو أن يكرزوا أولاً لبيت إسرائيل حتى لا يعثروا، وبعدئذ يكرزون لبقية الأمم والشعوب. والكتاب ناطق من أوله إلى آخره بأن الواجب هو العناية بأهل بيت الإيمان أولاً، ثم التبشير لغيرهم. فلا ناسخ ولا منسوخ، وإنما فيه تقديم بيت إسرائيل على غيرهم ٠
متى ١٠: ٧-٨
٧
وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ. (٨) اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصاً. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِي
(متى٤: ١٧، مر١٦: ١٧، لو١٠: ١-١٢)٠
كان مضمون كرازة الرسل أمرين: القول والعمل. وموضوع أقوالهم هو المسيح بالذات مع سلطانه وحقه وروحه ونظامه. لقد تأثر التلاميذ بشخصية معلمهم وحنانه وقوته في أعماق قلوبهم، فشهدوا بما رأوا واختبروا، وأدركوا أن في شخص المسيح ابتدأ ملكوت الله بينهم وتحقق وصار ملموساً ظاهراً. لذلك تغيرت بشارتهم عن أقوال المعمدان، بالنسبة للملكوت القريب، لأنهم قد اختبروا أن يسوع هو الملك الإلهي. هم لم يبشّروا بمجيء ملكوت بعيد، بل أعلنوا الملك المحبوب قد حضر٠
لم يتكلم رسل المسيح فقط، بل نقلوا إلى الآخرين سلطان قوته الحالَّة فيهم. فالإنجيل يعني قوة إلهية، وليس كلمات فارغة أو تعليماً جافاً٠
هذه الحقيقة ترمي كل الوعاظ إلى الإنسحاق إذا قدّموا كلمات رنانة فقط بدل القوّة، فالمسيح يشاء اليوم أن ينتصر بواسطة خدامه كما انتصر آنذاك برسله، لكن بسبب قلة ايمانهم واستكبارهم وقساوة قلوبهم، لا يستطيع أن يعمل آيات كثيرة لأن العجائب تجري حيث تتحد المحبة التَّامة مع الإيمان القوي٠
متى ١٠: ٨-١٠
٩
مَجَّاناً أَخَذْتُمْ مَجَّاناً أَعْطُوا. (٩) لاَ تَقْتَنُوا ذَهَباً وَلاَ فِضَّةً وَلاَ نُحَاساً فِي مَنَاطِقِكُمْ، (١٠) وَلاَ مِزْوَداً لِلطَّرِيقِ وَلاَ ثَوْبَيْنِ وَلاَ أَحْذِيَةً وَلاَ عَصاً، لأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِقٌّ طَعَامَهُ
(عدد١٨: ٣١، أعمال٢٠: ٣٣، ١كور٩: ١٤، ١تيمو٥: ١٨)٠
يتمنى الإنسان أن ينال أجرته بعد قيامه بعمله وإخلاصه فيه، كما يرجو لنفسه وظيفة دائمة. أما الملك السماوي القنوع، فقد منع مرسليه من قبول أجرة أو راتب أو الإتجار بكلمته، بل أمرهم أن يقدموا خدماتهم مجاناً، ويعيشوا من إيمانهم بالمسيح، ولا يضعوا قلوبهم على المال والمُلك والأوقاف. فالمسيح يحررك من محبة المال لتحبه وحده، وتثق بعنايته الدائمة٠
إن الذين أعطي إليهم السلطان لشفاء كل الأمراض، كانت لهم فرصة للإثراء،لأنه من ذا الذي لا يشتري مثل هذا الشفاء الميسور الأكيد مهما بلغ الثمن؟ لذلك حذرهم المسيح من انتهاز الفرصة للإنتفاع مادياً بالسلطان الذي أعطي لهم لعمل المعجزات. ينبغي أن يشفوا مجاناً، أن يظهروا عملياً طبيعة ملكوت العهد الجديد. إنه ليس قائماً فقط على مجرد النعمة، بل على النعمة المجانية٠
منع المسيح رسله أيضاً من شراء المزيد من الثياب والأحذية، ليستطيعوا الذهاب إلى خدمتهم بدون حقائب ثقيلة، ويمشوا متحررين من أحمال وهموم الدنيا. فاذهب إلى الخدمة كما أنت. انك لا تحتاج إلى سلاح أو تجهيز خصوصي، لأن ملائكة الله تحرسك. وحيثما تقدم قوة الله لمستمعيك، ويختبروا خلاص النفس والجسد، يعود الشكر إليك، ويغذيك ويُلبِسك. إنما لا تكثر من المؤن، ولا تهدف لتكديس المال في البنك، لكيلا يضعف إيمانك، لأن ملكوت الله روحي وليس مادي٠
إن الذين يخرجون مرسلين من المسيح أن يعتمدوا عليه، أكثر من سواه، كي يقدم لهم حاجياتهم. لا شك في أنه لا يدع من يخدمونه يحتاجون، فإن الذين يستخدمهم لا يشملهم برعاية خاصة فقط لحمايتهم، بل أيضاً يعتني بهم لسد أعوازهم. لأن اجراء المسيح يفضل عنهم الخبز. وطالما كنا أمناء لله ولخدمتنا، ونحرص على تأديتها على أكمل وجه، فإن لنا الحق لنلقي كل همنا عليه. فلنترك للرب كي يدبر لنا ولكل من لنا حسبما يراه صالحاً٠
إن الذين يخدمون الرب أن يتوقعوا بأن الذين أُرسلوا إليهم يدبرون لهم ما يحتاجونه، لأن الفاعل مستحق أجرته. فينبغي أن لا يتوقعوا الحصول على طعامهم بمعجزة، كما كان الحال مع إيليا، بل أن يتكلوا على الله ليحنن قلوب الذين أُرسلوا إليهم، ليعطفوا عليهم، ويدبروا لهم حاجياتهم. إذا كان على الذين يخدمون المذبح أن لا يقتنوا ثروة من المذبح، إلا أنهم لهم الحق أن يعيشوا من المذبح ويعيشوا عيشة محترمة. خليق بهم أن يحصلوا على حاجياتهم من عملهم، والخدام هم "فعلة" وينبغي أن يكونوا كذلك. ومن كان كذلك فهو "مستحق أجرته" لكي لا يضطر لمباشرة أي عمل آخر للحصول على طعامه. وكما أن المسيح أراد من تلاميذه أن لا يَشُكّوا في عناية الله بهم، هكذا ارادهم أن لا يشكوا في عناية ذويهم بهم، وإمدادهم بما يحتاجون. إن كنتم تكرزون وتعملون لهم الخير، فلاشك في انهم يقدمون لكم ما تحتاجون من طعام وشراب. وإذا ما فعلوا هذا، فلا تطمعوا في الكماليات، لأن الله سوف يعطيكم أجركم فيما بعد، ولا بد أن تنالوه في نفس الوقت ٠
الصلاة: أيها الآب السماوي، نخجل من ضعفنا وقلة محبتنا وميلنا إلى مال الظلم. اغفر لنا أنانيتنا وعلمنا أن نتبع يسوع بالحق، وبدون مصلحة أو منفعة ذاتية. أعنا كي نستمد منه القوة والمحبة لمساعدة المحتاجين والمستضعفين والمسجونين تحت سلطة الشيطان، وإلى كل من يرشدنا إليهم الروح القدس. ادع كثيرين من أمتنا لخدمتك، لأن الحصاد كثير، لكن الفعلة المخلصين لك قليلون. فارسل يارب فعلة كثيرين إلى حصادك ٠
السؤال ١٠٠ : ماهي المفاتيح الخمس الأولى التي أعطاها المسيح لتلاميذه بخصوص التبشير؟