Previous Lesson -- Next Lesson
متى - توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير متى
الجزء الثاني المسيح يعلّم ويخدم في الجليل (متى ٥: ١-١١: ١)٠
٣- إرسال التلاميذ الاثني عشر للتبشير ( ٩: ٣٥- ١١: ١)٠
٣. أساليب نشر ملكوت السموات (المجموعة الثانية لكلمات المسيح ) (١٠: ٥- ١١: ١)٠
أ) المبادئ الأساسية للتبشير ( ١٠: ٥-١٥)٠
متى ١٠: ١١-١٣
١١
وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ دَخَلْتُمُوهَا فَافْحَصُوا مَنْ فِيهَا مُسْتَحِقٌّ، وَأَقِيمُوا هُنَاكَ حَتَّى تَخْرُجُوا. (١٢) وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا عَلَيْهِ، (١٣) فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مُسْتَحِقّاً فَلْيَأْتِ سَلاَمُكُمْ عَلَيْهِ . . . ٠
كان المسيح يخطط خدمته الخاصة دائماً بإرشاد روح أبيه، ويطلب مصلياً قبل دخوله أية مدينة أو قرية، ليريه من هو مستحق من الناس أن ينزل عنده. عِلماً بأن هؤلاء المختارين غير صالحين في أنفسهم، لكنهم أدركوا الشر النابع من قلوبهم، وتألموا لأخلاقهم الفاسدة، هكذا أصبحوا أهلاً لملكوت الله وقبول سفرائه. فاطلب من الله في بداية خدمتك أن يوصلك إلى النادمين، وليس إلى المُكتفين ببرهم الذاتي أو الأغنياء المتعجرفين. إن المتشوّق إلى معرفة نعمة الله هو الذي يقبل إنجيل السلام، والفقير يشركك في خبزه، لكن الغني والفقيه والقوي والمستكبر يظن أنه غير محتاج إليك. عندما يقع الإنسان في الضيق وتبكيت الضمير، يصبح مستعداً لقبول الخلاص، لأن ربك فلح قلبه لتزرع سلامه فيه٠
"افحصوا من فيها مستحق" من يوجد خوف الله في أعينهم، من أحسنوا الإنتفاع بما لديهم من نور ومعرفة. إن أفضل الموجودين لا يستحقون من انفسهم تقديم الإنجيل إليهم. على أنه يوجد من يعطون أذناً صاغية للرسل أكثر من غيرهم، ولا يدوسون هذه اللآلئ بأرجلهم ٠
الرب يساعدنا أن نبحث عن الجائعين إلى البر ،ولا نذهب في البداية إلى الذين يدعوننا لمجرد الإستطلاع والأبحاث التافهة التي لا نفع منها، بل ينصحنا المسيح أن نتمركز عند الذين أرشدنا إليهم روح الرب. أمرهم المسيح أن لا يبحثوا عمن هو غني، بل عمن هو مستحق، لا عن أكثر الرجال جاهاً، بل عن أفضلهم أخلاقاً٠
ومن هذا المركز الأخوي، ننطلق لزيارة المحيطين بنا، والأفضل أن يكون برفقتنا مضيفنا الكريم، لأنه يعرف الناس والأحوال في منطقته.٠
اطلب من المسيح أن يفتح في كل حي من أحياء مدينتك مركزاً للتبشير، حيث يجتذب بقوته كثيرين للإيمان. هل أصبحت أنت نفسك محوراً لخدمات انتعاشية وينبوع سلام لمحيطك؟٠
كانت التحية "سلام لكم" إذا استخدموها تحولت إلى بشارة، لأن ما تمنّوه هو سلام الله، سلام ملكوت السموات. والآن لئلا تتبلبل عقولهم بسبب توجيه هذه البركة للجميع، مستحقين وغير مستحقين. فقد أوصاهم المسيح بهذه الوصية منعاً للإرتباك. لقد أخبرهم أن هذه الطلبة أو الأمنية ينبغي أن تقدم للجميع، كما وجه الإنجيل للجميع بلا تمييز، وأنهم ينبغي أن يتركوا الأمر لله الفاحص القلوب، والمطلع على السرائر، لكي يحدد النتيجة. إن كان البيت مستحقاً حصد ثمرة بركتكم، وإلا فلن يحصل لكم ضرر، ولن تخسروا ثمرتها، بل إلى حضنكم يرجع، كصلاة داود من أجل أعدائه الجاحدين (مزمور٣٥: ١٣)٠
خليق بنا أن نحسن الظن بالجميع، أن نصلي بإخلاص وأمانة لأجل الجميع، أن نكون مؤدبين ولطفاء نحو الجميع، لأن هذا هو الواجب من ناحيتنا، وبعد ذلك نترك الله، من ناحيته، أن يحدد النتيجة التي سوف تحل بهم. فالذي يتجاوب مع روح الله، تتحقق فيه التحية وينل بركة منه، أما من يتقسى قلبه لسلام الله ورحمته، سينال دينونة على نكرانه٠
متى ١٠: ١٣-١٥
١٣
وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقّاً فَلْيَرْجِعْ سَلاَمُكُمْ إِلَيْكُمْ. (١٤) وَمَنْ لاَ يَقْبَلُكُمْ وَلاَ يَسْمَعُ كَلاَمَكُمْ فَاخْرُجُوا خَارِجاً مِنْ ذلِكَ الْبَيْتِ أَوْ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَانْفُضُوا غُبَارَ أَرْجُلِكُمْ. (١٥) اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لأَرْضِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ ٠
(تكوين١٩: ١-٢٩، أعمال ١٣: ٥١)٠
وحيث لا تقبل الجماعة إنجيل يسوع، فلا تقرع بابهم بعناد مستمر، لأن محبة الله لا تلزم أحداً، بل قوتها تحل في قلوب المشتاقين إلى السلام والحق، الذين يفتحون لها أنفسهم طوعاً لا كرهاً. إيماننا لا يعرف الإغتصاب والإستسلام بل الإقتناع والمسؤولية ٠
إذا رفض إنسانٌ أو عائلةٌ أو مدينةٌ أو أمةٌ المسيح ورسله بسطحية أو بجمود، فانفصل عنها بهدوء تام لكي لا تشترك في العذاب المنصب على الرافضين، لأن من يرفض إنجيل السلام يرفض الله٠
إن يوم الدينونة آت لا محالة، فيه يحاسب يقيناً الذين رفضوا الإنجيل، مهما هزأوا به الآن. والذين لا يريدون أن يسمعوا التعاليم المؤدية لنجاتهم سوف يضطرون لسماع الحكم القاضي بهلاكهم. إن دينونهم مؤجلة إلى ذلك اليوم٠
إن دينونة من يرفضون الإنجيل سوف تكون في ذلك اليوم أشد هولاً وأقسى من دينونة سدوم وعمورة. قيل عن سدوم أنها سوف تكابد عقاب نار أبدية. على ان هذا العقاب سوف يكون أشد لمن يحتقرون الخلاص العظيم. كان أهل سدوم وعمورة أشراراً جداً. كان الأمر الذي ملأ مكيال إثمهم أنهم لم يقبلوا الملاَكين اللذين أُرسلا إليهم بل أساؤوا إليهما، ولم يسمعوا لكلامهما. مع ذلك فإنه سيكون لهم حالة أكثر احتمالاً مما لأولئك الذين لا يقبلون خدام المسيح، ولا يسمعون لكلامهم. سيكون غضب الله عليهم أكثر اشتعالاً، وسوف تكون وخزات ضمائرهم أقسى عندما يتأملون في حالتهم. سيكون لهذه الكلمات وقع مرعب جداً في نفوس الذين أعطيت لهم فرص طيبة لقبول الحياة الأبدية وفضلوا عليها الموت. وُصف إثم إسرائيل، حين لم يقبلوا خدام الله الأنبياء الذين أرسلهم إليهم أنه أشنع من إثم سدوم، فكم يكون إثمهم أشنع إذ أرسل إليهم ابنه، وروح كلمته المتجسد٠
احترس قبل أن تترك العصاة وامتحن نفسك، لئلا تكون سبباً لنفورهم وعصيانهم، بسوء التفاهم أو بسبب خشونتك وعدم حكمتك. ارجع إلى نفسك أولا وتب حتى لا تكون عثرة للآخرين٠
أثبت المسيح من خلال هذه الكلمات حقيقة يوم الدين، وأعلن إنجيله كالطريق الوحيد للخلاص من هذا اليوم المرعب، من يرفض ويعاكس أهل الإنجيل يختار لنفسه غضب الله في يوم الدينونة الحال عليه٠
الصلاة: أيها الآب القدوس، قد دعانا ابنك لنكون صانعي سلام. فأرشدنا إلى سلوك حكيم بحذر، واغفر لنا أعمال طيشنا. وامنحنا أصدقاء وإخوة مخلصين. وافتح في كل حي من مدينتنا مركزاً لبشارتك، لتخرج منه مياه حية إلى الصحراء المميتة٠
السؤال ١٠١ : من الذي يقبل سلام الله؟