Previous Lesson -- Next Lesson
متى - توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير متى
الجزء الثاني المسيح يعلّم ويخدم في الجليل (متى ٥: ١-١١: ١)٠
٣- إرسال التلاميذ الاثني عشر للتبشير ( ٩: ٣٥- ١١: ١)٠
٢. دعوة التلاميذ الاثني عشر (١٠: ١-٤)٠
متى ١٠: ١-٤
١
ثُمَّ دَعَا تَلاَمِيذَهُ الاثْنَيْ عَشَرَ وَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً عَلَى أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ حَتَّى يُخْرِجُوهَا، وَيَشْفُوا كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ. (٢) وَأَمَّا أَسْمَاءُ الاثْنَيْ عَشَرَ رَسُولاً فَهِيَ هذِهِ: اَلأَّوَلُ سِمْعَانُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ بُطْرُسُ، وَأَنْدَرَاوُسُ أَخُوهُ. يَعْقُوبُ بْنُ زَبْدِي، وَيُوحَنَّا أَخُوهُ. (٣) فِيلُبُّسُ، وَبَرْثُولَمَاوُسُ. تُومَا، وَمَتَّى الْعَشَّارُ. يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى، وَلَبَّاوُسُ الْمُلَقَّبُ تَدَّاوُسَ. (٤) سِمْعَانُ الْقَانَوِيُّ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيُّ الَّذِي أَسْلَمَهُ ٠
(مر٣: ١٣-١٩؛ ٦: ٧، لو٦: ١٢-١٦؛ ٩: ١)٠
طلب المسيح من تلاميذه قبل تعيينهم للخدمة أن يصلّوا ليرسل الله فعلة إلى حصاده. فالرب يدعوك قبل كل نشاط وحركة إلى الصلاة، لأن من لا يصلي لأجل الضالين ويحبهم ويزورهم، لا يستطيع أن يكون مبشراً للمسيح، فلا مواهبك ولا شهاداتك العلمية تؤهلك لخدمة الرب، بل صلواتك وإيمانك وغيرتك على خلاص الكثيرين هي تمهيد لتحقيق الدعوة٠
كان المسيح طيلة ذلك الوقت محتفظاً بالإثنى عشر تحت الإختبار. رغم أنه يعرف ما في الإنسان، وعرف كل ما كان بهم، إلا أنه سلك هذا الطريق ليكون قدوة لكنيسته٠
إن الخدمة مهمة خطيرة، لذلك ينبغي أن يختبر الخادم بعض الوقت قبل أن يُعهد إليه بها، كما ينبغي أن لا توضع يد على الخادم بتسرع، بل ليوضع تحت الفحص والإختبار، "لأن خطايا بعض الناس تتقدمهم وأما البعض فتتبعهم" (١تيموثاوس٥: ٢٢و٢٤)٠
دعا المسيح سفراءه من هؤلاء المصلّين التائبين على يد المعمدان والمستعدين، الذين تبعوا يسوع منذ مدة، وتعلّموا منه الوعظ والشفاء، وأخذوا منه القوة الروحية. فمن يقصد خدمة الوعظ من دون دعوة المسيح يقدم تعليماً فارغاً، ويضر نفسه وكنيسته بافكار صادرة عن عقله الجاف. لكن من يرسله المسيح فله سلطان لقيادة كثيرين إلى التوبة، وتجديد القلوب، ولا يمجد اسمه الخاص بأعماله بل يعطي المجد كله لمخلصه يسوع، المقام من بين الأموات، والذي يعمل بواسطة عبيده البطالين كأنه حاضر فيهم. شفى الرسل المرضى، وأقاموا الموتى، وأخرجوا الشياطين، ليس بقوتهم وباسمهم الخاص، بل باسم المسيح الحي٠
فسِرُّ أعمال الرسل هو التفسير الحقيقي لدعوة المسيح. امتحن نفسك هل أنت مدعو من المسيح للخدمة أم أنك تخدم بسبب عدم إتقانك لأي وظيفة أخرى وفشلك فيها؟ انتبه فالرب لا يحب المتطفلين على الخدمة وغير المدعوين لها. صل لكي تنال الإرشاد والدعوة من الرب، فالحصاد كثير والفعلة قليلون. اطلب من رب الحصاد الآن وبكل إيمان أن يرسل فعلة إلى حصاده٠
المسيح هو الملك المشرف على ملكوته. اختار سفراءه وأرسلهم حسب تخطيطه. لم يختبرهم بطريقة بشرية، بل بحكمته الفائقة. فمن يظهر عظيماً في هذا العالم هو وضيع أمام الله. ومن يبدو صغيراً بسيطاً قدام الناس يملأه الله بقدرته الإلهية٠
لم يكن تلاميذ المسيح من الفئة المثقفة أو المتعلمة، بل كانوا مثل كل الناس، كان بعضهم من صيادي السمك، اختبروا التعب والعمل المضني والشاق وسط العواصف وخطر أمواج الحياة العملية. كلنا نتغذى روحياً من قوة المسيح وتلاميذه إلى يومنا هذا، لأنهم حملوا إنجيله وقوته إلى العالم فخلصنا بخدمتهم ونعيش من شهادتهم وتضحياتهم٠
لبث هؤلاء التلاميذ مع المسيح كطلبة. وعلاوة على انتفاعهم بكرازته العامة فإنه كان يعطيهم دروساً خاصة. لقد فتح لهم الكتاب المقدس، وفتح ذهنهم لفهمه. وأعطى لهم أن يعرفوا أسرار ملكوت السماء، التي أعلنت إليهم بغاية الوضوح٠
إن الذين يريدون أن يعلِّموا عليهم أن يتعلَّموا أولاً. ينبغي أن يأخذوا لكي يعطوا، ينبغي أن يكونوا قادرين أن يعلموا آخرين أيضاً. ينبغي أن تعطى إليهم حقائق الإنجيل أولاً قبل أن يُرسلوا ليكونوا خدام الإنجيل. إن إعطاء الناس سلطاناً للكرازة وهم غير قادرين على ذلك ليس إلا استهزاء بالله وبالكنيسة، ذلك مثل "من يُرسل كلاماً عن يد جاهل" (أمثال ٢٦: ٦). وقبل أن يرسل المسيح تلاميذه علَّمهم. أُرسل هؤلاء المعلمون وهم خلو من كل المظاهر الخارجية لتزكيتهم. كانوا خالين من الثروة، من العلم وألقاب الشرف. كان مظهرهم وضيعاً جداً. لذلك كان لا بد من أن يعطوا سلطاناً غير عادي لتمييزهم عن الكتبة٠
إن تأملنا أسماء التلاميذ وعلاقتهم بيسوع، نرى ثلاث حلقات متداخلة. أولها نخبة من أربعة تلاميذ وهم المقرّبون من يسوع، الذين أطلعهم على الأسرار الروحية وخفايا قلبه. وثانيها أربعة من التلاميذ، عرفناهم حسب أخلاقهم، واعتبر البشير متى نفسه من هذا الفريق بل سمى نفسه العشار. والحلقة الثالثة وهي الأبعد عن المحور، مؤلفة من أربعة تلاميذ، لم نعرف إلا أسماءهم فقط، ما عدا يهوذا الاسخريوطي الخائن. هناك حكمة في دعوة الاثني عشر، لأن عددهم يرمز إلى ثلاثة في أربعة، الدال على مزج السماء بالأرض. والمسيح حمل أسماءهم الاثني عشر دائماً في قلبه، كما كان يحمل رئيس الكهنة أسماء الأسباط الاثني عشر من شعبه في اللوحة الموضوعة على صدره. هكذا يحملك المسيح أيضاً اليوم، إذا انكسر قلبك وتجددت، فيرسلك الرب إلى الحصاد الوفير٠
إن يهوذا الأسخريوطي يذكر دائماً في النهاية، كما يذكر مقترناً بوصمة العار هذه "الذي أسلمه"، الأمر الذي يدل على أن المسيح عرف من البدء مقدار تعاسته، وأن به شيطاناً، وأنه سوف يسلمه. ومع ذلك اختاره المسيح بين الرسل لكي لا يكون أمراً مدهشاً للكنيسة إذا ارتكبت أقبح الرذائل يوماً ما وسط أقدس مكان. إن مثل هذه الصخور كثيراً ما وجدت في ولائمنا، ووجد الزوان وسط الحنطة، والذئاب وسط الخراف. على أنه لا بد أن يأتي اليوم الذي يُكشف فيه السر، ويُعزل المراؤون. ثم إن وجود يهوذا بين الإثني عشر رسولاً لم يحقر من شأن الرسولية ولم يقلل من قيمة زملائه طالما كان شره مختفياً ولم يظهر بعد٠
أما المسيح، فقدّم له كل الإمكانيات الصالحة. منح لعدوه عدة فرص ليتخلّى عن شره، ويرجع إلى صوابه، ويتوب عن خطاياه، الأمر الذي يظهر أن المسيح أحب الجميع حتى الذين يريدون به شراً ويتربصون لقتله٠
الصلاة: أيها الآب السماوي، نشكرك لأنك دعوتنا بإنجيلك إلى البنوة، وطهّرت قلوبنا بدم المسيح، وملأتنا بمحبة روحك. فهذه المحبة تدفعنا نحو الضالين اليائسين، ويحملنا ابنك بشفاعته أثناء خدمتنا. لذلك نلتمس منك إرشاد روحك القدوس، وحكمة فائقة، وطاعة مباشرة، وقوة وافرة، ومحبة دائمة لكل سفرائك في عالمنا، لكي نستطيع جمع الحصاد والإتيان إليك فرحين٠
السؤال ٩٩ : ما هو مضمون التفويض الذي فوَّض به يسوع تلاميذه؟