Waters of Life

Biblical Studies in Multiple Languages

Search in "Arabic":
Home -- Arabic -- The Ten Commandments -- 05 Third Commandment: Do Not Take the Name of God in Vain
This page in: -- Afrikaans -- ARABIC -- Armenian -- Azeri -- Baoule -- Bengali -- Bulgarian -- Cebuano -- Chinese -- English -- Farsi -- Finnish? -- French -- German -- Gujarati -- Hebrew -- Hindi -- Hungarian? -- Indonesian -- Kiswahili -- Malayalam? -- Norwegian -- Polish -- Russian -- Serbian -- Spanish -- Tamil -- Turkish -- Twi -- Ukrainian? -- Urdu? -- Uzbek -- Yiddish -- Yoruba

Previous Lesson -- Next Lesson

الموضوع ٦ -- الوصايا العشر في خروج ٢٠
حَاجِز الله الوَاقِي مِن سُقوطِ الإِنْسَان

٠٥ -- الوَصِيَّة الثَّالِثَة: لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلا



سفر الخروج ٢٠: ٧
لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلاً, لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً.


٠١.٠٥ - إسم الله

لا يستطيع الإِنْسَان أن يعيش بدون خالقه، فقد خُلِقْنا على صورة الله، ولكنَّنا تركناه. ومنذ ذلك الوقت ونحن تائهون على غير هدى في صحارى الدُّنيا، نبحث عن أصلنا المفقود، ونشتاق إلى وطننا المستتر. وقد اختلق المرء الضال، منذ ذلك الوقت، آلاف الآلهة البديلة الَّتي عكست وجوهُها المخيفة مخاوفَه وتشوّقَه. ويصرف الإِنْسَان الأموال الباهظة على الحُجُب وقراءة الكف والفنجان والطَّوالع الَّتي لا تمنحه تعزية ولا حماية. ويقبّل المسلم الحجرَ الأسود باحترامٍ، كأنَّه روح قادم مِن السماء، ويَسجد البوذيون أمام تمثال بوذا الذَّهبي المبتسم للمسَاكين والسُّذَّج.

كان مِن المفروض أن ينتهي بحث الضَّالِّيْن وتَيْهُهُم منذ زمن العَهْد القَدِيْم نهائياً، لأنَّ الله اقترب مِن البشر، وأخبرهم باسمه الخفيّ وهو: "أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكَ". وكان ظهورُ الله في العلّيقة المتَّقدة إظهاراً تاريخياً. لأنَّ الرَّبّ أظهر نفسَه وأعلن اسمَه. وقد سبَّب ظهورُه مستوىً أعلى لمعرفة الله. يحتوي كتابا العَهْد القَدِيْم والجَدِيْد على اسْتِعْلاَناتٍ متعددةٍ لله، ويجد القارئ في الكِتَاب المُقَدَّس ٦٣٨ اسماً وصفةً لله الواحد في الثَّالُوْث. وكل صفة تكوّن اسماً جديداً في اللغات الساميَّة. فليس الله صالحاً فحسب، بل إنّه الصَّالح الَّذي فيه كل الصَّلاح. وهو ليس قدُّوساً فحسب، بل هو القُدُّوْس الممتلئ قَدَاسَة. وكل اسم مِن هذه الأسماء يُشير إلى شعاع مِن أشعَّة مجده . أمَّا الاسم الَّذي يفوق في العَهْد القَدِيْم جميعَ أسماء الله الأخرى ويُلخِّصها فهو الرَّبّ . يتكرَّر هذا الاسم ٦٢٢٠ مرَّة في أسفار العَهْد القَدِيْم. ومعنى اسمه القدير الأمين الحاكم القُدُّوْس وسيِّد التَّاريخ الَّذي، لا ولن يتغيّر في أمانته.


٠٢.٠٥ - الرَّبّ في العَهْد الجَدِيْد

لقد تجسَّد الرَّبّ نفسُه في العَهْد الجَدِيْد في شخص يَسُوْع الناصري. ويعترف المَلاَئِكَة والرسل وجماعات المُؤْمِنِيْن كلُّهم بالإجماع أنَّ "يَسُوْع هو الرَّبّ". ولكن لم يجعل يَسُوْع اسمَه هدفاً للتَّعظيم، بل أكرم دائماً أباه السَّمَاوِيّ، وعلَّمنا أن نُصلِّي: "أبانا الَّذي في السَّماوات. ليتقدَّس اسمك". نطلب في هذه الطلبة أن يُكرَّم اسم الآب ويمجَّد ويُقدَّس قَبْل أسماء الله الأخرى. وقد رفعَنا اسْتِعْلاَن الله الآب في ابنه المَسِيْح إلى مستوى أعلى مِن جميع مستويات معرفة الله. فكان يَسُوْع التَّواضع المتجسِّد بحدّ ذاته، وأكمل المصالحة بين القُدُّوْس والخطاة بموته على خَشَبَة العار. "لذلك رفّعه الله وأعطاه اسماً فوق كلّ اسم. لكي تجثو باسم يَسُوْع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كلّ لسان أنَّ يَسُوْع المَسِيْح هو ربٌّ لمجد الله الآب" (فيلبي ٢: ٩-١١). ومنذ ذاك الوقت يمجِّد الرُّوْح القُدُس الاسمَ الأصيلَ يَسُوْع وهو"الرَّبّ". ويؤكِّد لنا هذا الرُّوْح حقيقة الوحدة المتكاملة والَّتي لا تنحلّ بين الله الآب والابن والرُّوْح القُدُس، فوحدة المَحَبَّة تَصِف جوهر إلهنا على أكمل وجه.


٠٣.٠٥ - ماذا تعني معرفة اسم الله؟

مَن يأتِ إلى مدينة غريبة ويحمل معه عنواناً ساري المفعول يَفرح ويَطمئن، لأنّه يقدر أن يتّصل بالأصدقاء هاتفياً ويزورهم ويطلب مساعدتهم. طوبى لِمَن يعرف اسم الله الحَقِيْقِيّ، ويملك "رقم هاتف السماء وهو مزمور٥٠: ١٥ ادعني في يوم الضِّيق أنقذك فتمجِّدني". إنَّ ربَّنا الحيَّ في السماء، ولا ينام، وينتظر مكالمتنا الرُّوْحِيَّة بالترقب. تؤدِّي كلّ مقابلة روحيَّة مع الله القُدُّوْس تلقائياً إلى معرفةٍ أوضَح لتورّطنا في الإثم وإحساسنا بالغُربة والتَّيَهَان وخباثتنا الخفيَّة. ويُظهِر سمو قداسته استقامتَنا السطحية، ويُنْزِل إِنْسَانِيّتنا الوهميَّة إلى مستوى حقيقتها الدُّنيا. يُشجِّعنا لطفُ الله على الاعتراف بخطايانا الواقعية، ويَكشِف تواضُعُه كبرياءَنا السَّامَّة. تمنح معرفةُ اسم الله المُذَلِّين إمكانيةَ الاِتِّصَال الشَّخصي به، وهو يُعزِّينا في يقين غفرانه. الله يدعونا لنأتي إليه ونتكلم معه. وتقود شركتُنا معه إلى ولاء أشمل وثقة أكبر.

يُثبِّتُنا إيماننا المتزايد بالله الآب في الوَصِيَّة الثَّالِثَة إذ يقول: "أنا الرَّبّ إلهك". ويدلُّنا ضمير الملكية في هذا الوعد على أنَّ الله القُدُّوْس يرتبط بمخلُوْقَاته المذنِبين الخائبين الفاشلين، ويَضمن لهم الأمانة والحماية بواسطة إيمانهم به. ويمنحُنا، بحسب أسفار العَهْد الجَدِيْد، الاندماج في أسرة أبينا السَّمَاوِيّ في نطاق الميثاق المعقود، ويُبشِّرنا بِضَمّنا إلى جسد المَسِيْح الرُّوحي، ليكون يَسُوْع الرأس، ونكون نحن الأعضاء العاملين. ويريد الله الآب أن يكون مع أَوْلاَده في روح وفكر واحد، ويعمل بواسطتهم في العالم الرديء. وهو يمنحهم السلطان في رحمته بأن يَتَكَلَّموا ويعملوا باسمه


٠٤.٠٥ - النُّطق الباطل باسم الله

نعيش في عالم قد تأثَّر باسْتِعْلاَنات الله في الكِتَاب المُقَدَّس. ويعرف نصف البشر اسم الله، ولكنَّ القليلين وضعوا ثقتهم التَّامة به. مَن لا يعش في حضرة الله يواجه خطر النطق باسمه باطلاً، ذلك الاسم الَّذي نطق به كَثِيْرُوْن بلا مبالاة كأنّهم يصرفون نقوداً بلا قيمة. يُعرِّض، حتَّى المَسِيْحِيُّون المولودون ثانيةً، أنفسهم لخطر إحزان الرُّوْح القُدُس بأقوالهم التافهة، إذ ينطقون باسم الله بدون إمعانٍ وتفكير. تُريد الوَصِيَّةُ الثَّالِثَة أن تحذِّرنا جميعاً مِن النُّطق باطلاً بالاسم المعلَن الَّذي اؤْتُمِنَّا عليه.

مِن الغريب أنَّ الكثير مِن غير المُؤْمِنِيْن ينطقون باسم الله باستمرار وبدون مبالاة أو إدراك، بقولهم مثلاً:·يا الله، والله أو غير ذلك. إنّهم يشبهون أَوْلاَداً يلعبون بجهاز الهاتف فيختارون رقماً ولكنّهم لا يَتَكَلَّمون مع صاحب الرقم المختار الراكض إلى الهاتف. وإذا تكرّرت عملية الأَوْلاَد هذه يغضب صاحب الرقم المختار. إنَّ الله يَسمع اسمه كلَّما ردّدَتْهُ ألسنتُنا، ويَعلم أَفْكَار قلوبنا عند النُّطق باسمه؟ يدل النُّطق باسمه، بدون تفكير، على أننا قلّما نقضي حياتَنا أمام وجه الله.


٠٥.٠٥ - النُّطْق باسم الله عند المُسْلِمِيْن

مِن المفروض على المسلم أن ينطق باسم الله مراراً، لأنّه يعتقد أنَّ ذكر اسم الله يُبرِّر مَن يعترف به، ويُظْهِره بمَظهر الإِنْسَان الصادق، الأمين، الموثوق به، المستقيم في معاملاته مع الآخرين. ويعتقد المسلم أنّه كلَّما أَكْثَرَ مِن النُّطق باسم الله كَثُرَتْ مغفرة خطاياه. ومِن هذا الظَّن نشأت تلك العادة السَّطحية الَّتي تُثبِّت النُّطق باسم الله باطلاً في الإسلام، مع العلم أنّه لا توجد للمسلم علاقةٌ شخصيةٌ بالله. فيُشبِه حديثُه مع الله تمتمةَ عبدٍ لسيِّدهالمُتَعالي، مِن دون أن يعلم هل تنازل سيّده و معه أم لم يسمعه.

وكذلك صلواته الَّتي يجب عليه أن يؤدّيها خمس مرّات في اليوم هي طقوسٌ تُفرَض عليه حرفياً، فيردِّدُها كثرثرة دون إمعان الفِكر. ويجب على المصلِّي أن يُردِّد الفاتحة، الصلاة الرَّئِيْسِيّة، مِراراً كلَّ يومٍ في سياق نِظام الصَّلوات الخمس. ويقرأ الفاتحة ألف مليون مسلم في جميع أنحاء العالم باللّغة العربية مع أنَّ أكثر مِن ٨٠٠ مليون منهم لا يفهمون هذه اللّغة، مِمَّا يَجْعَل الفاتحة صَلاةً باطلةً، وتلاوةً دون تفكير. مع العلم أنَّ الصَّلاَة الرَّبَّانِيَّة أيضاً تُرَدَّد في بعض الكَنَائِس بدون تفكير أثناء العبادَة الجَمَاعيَّة.


٠٦.٠٥ - صَلَواتٌ مشكوكٌ فيها، ومُباحَثاتٌ لا قيمة لها

ليس المُسْلِمُون وحدهم هم الَّذين يردّدون صلواتهم دون تفكير، بل ثمَّة مَسِيْحيون لا حَصْرَ لهم يمارسون الصَّلاة دون تفكير، ولا سيَّما هؤلاء الَّذين يتغنّون بصلواتهم في ما يُشبه غناءَ الأمِّ لتهدئة طفلها عند الرقاد. فمَن يتجاسر أن يدعو الله بدون أن ينتظر منه جواباً؟ مَن يجرؤ على التكلم مع الله وتفكيره منصرفٌ إلى أمور تجارية أو أخرى تافهة ؟ لو أتيحَت لنا الفرصة لنقابل رئيس الدولة شخصياً، ونتكلم معه على انفراد، لفَكَّرْنا مُسبقاً في كل كلمة نقصد أن نقولها ووزنَّاها في عقولنا. هل الله في قلوبنا أقلُّ شأناً مِن الإِنْسَان؟ إِنَّ كُلَّ مَن يُصَلِّي دون تفكير يحتقر الله.

إنَّ اللاهوتيِّين عُرْضَةٌ، أكثر مِن سواهم، لخطر مخالفة الوَصِيَّة الثَّالِثَة، وبالتَّالي إحزان روح الله، لأنّهم يتأمَّلون الكِتَاب المُقَدَّس، ويتباحثون في صفات الله وأعماله العجيبة وكأنّهم يتباحثون في دروس علمية دون شعور بحضوره. لا يمكن أن يَجري حَديثٌ موضوعيٌّ حَول الله، لأنَّ اللهَ ليس فكرةً أو مادَّةً. إنَّه شَخصٌ حَيٌّ، حاضرٌ معنا، وشاهدٌ مستمعٌ لكلّ أحاديثنا. إنَّه يعرف أَفْكَارنا مِن بعيد. وكلُّ دراسةٍ لاهوتيَّةٍ تخلو مِن مخافة الله وإجلاله وتوقيره هي في الواقع انتهاكٌ سافِرٌ للوَصِيَّة الثَّالِثَة.


٠٧.٠٥ - التَّكَلُّم الرَّديء باسم الله

ويلٌ لمن يحرّف كلام الله عمداً ويسخر منه وينكِّت عليه. إنّه يسيء استعمال الاسم الَّذي يفوق كل الأسماء ولا يعيش في مخافة الله. لذلك ينبغي لنا ألاَّ نضحك مع الآخرين عندما يستهزئ أحدٌ بكلام الله، بل أن نحذّر المستهزئين وندافع عن كرامة الله. لقد أدرك مؤلفو الكتب والأفلام تأثير الكلمات الدِّيْنِيَّة العميق، فاستخدموا ألفاظاً مثل "الإثم" و"الجحيم" أو "الهلاك" بمعانٍ أخرى محرَّفة عن معانيها الأصليَّة. وسترتد كلماتهم إليهم لتدينهم.

لا يندر أن يشتم الغاضبون في غيظهم الآخرين، ويستخدموا في انفعالهم كلماتٍ مثل "الله" أو "يَسُوْع"، أو أسراراً مقدسة، فيلعنوا وينطقوا بالهلاك والحَقَائِق الدِّيْنِيَّة دون أن يفكّروا بذلك. مرَّ قسٌّ بعامل بِناء فسمعه يشتم ويلعن، فسأله: "هل تصلِّي دائماً هكذا بصوت عالٍ ؟" فتلعثم العامل ودمدم قائلاً: "ما كنتُ أصلِّي". فقال القس له: ·"ولكني سمعتك تدعو اللهَ باسمه، وهو سيُجيبك حقّاً". وعندها وقف العامل مذهولاً.

كم مِن الشتائم تُقذَف في وجوه الناس، بل وفي وجوه الأقارب أحياناً! وخَلْف هذه الشَّتائم يَكمُن بُغضٌ وحقدٌ وضغينة! يَعتبر يَسُوْع توجيه الشَّتائم بمثابة قَتْل مُتَعَمَّد، إذ إنَّها تُدنِّس صورة الله في الإِنْسَان.


٠٨.٠٥ - تهديد الله بالقصاص الصارم

تتضمَّن الوَصِيَّةُ الثَّالِثَة العبارةَ الخطيرة: "يعاقِب الله حتماً مَن ينطق باسمه باطلاً". ورغم هذا التحذير يلفظ البعض اسم الله لتغطية عمل رديء، ويستخدم اسمه فِيْ سَبِيْلِ الظلم بوعي وقصد. ويلٌ لمن ينطق باسم الله باطلاً ليستر الكذب والرياء. فكُلُّ مَن يُغطِّي الخداع باسم الله ويُظهره كأنه حقٌّ يرتكب خطيئة خبيثة. قلَّمَا يثق أحدٌ بالآخر في هذه الأيام، لأنَّ ذكر اسم الله، حتَّى في القَسَم، لا يتضمَّن الصَّدق في الكلام. لقد حرَّم يَسُوْع كلّ قَسَم طائش، وهو يطلب منَّا أن ننطق بالصِّدق التام في كل حين، إذ قال: "ليكن كلامكم نعم نعم لا لا وما زاد عن ذلك فهو مِن الشِّرِّيْر".(متَّى ٥: ٣٧). مَن يحلف كذباً لا يكذب على الناس فحسب، بل على الرَّبّ أيضاً. يقع القَسَم المنكر تحت طائلة تحذير الوَصِيَّة الثَّالِثَة وهو: "يُعاقِب الرَّبّ الَّذي ينطق باسمه باطلاً". لذلك يؤكّد لنا الكِتَاب المُقَدَّس: "رأس الحكمة مخافة الرَّبّ" (مزمور١١١: ١٠). نحتاج جميعنا إلى سلوك المخافة أمام الرَّبّ لئلاً نقع في معصية.

مَن يعرف الله واسمه، ولا يدعوه في وقت الضيق، ولا ينتظر منه جواباً أو هدىً، بل يُسرِع إلى العرّاف الَّذي ينطق باسم الله باطلاً، ويدَّعي أنّه يكشف أسرار الماضي والحاضر والمستقبل، هو مكروهٌ عند الرَّبّ (تثنية ١٨: ٩-١٢) الَّذي أعلن: "النفس الَّتي تلتفت إلى الجان وإلى التوابع لتزني وراءهم أجعل وجهي ضد تلك النفس وأقطعها من شعبها" (لاويين٢٠: ٦). ومِن ضمن هذه المحرَّمات نجد محاولة استشارة الموتى والأجداد، وكذلك الاِتِّصَال بالأَرْوَاح والجن. تَفصل هذه السَّيئات الإِنْسَان عن ربه، وتفتح قلبه لمصادر وحي إِبْلِيْس. ويَعتبر الرَّبّ هذه الخِيَانَة مثل الزنى، أي كَمَنْ يخون زوجته الأمينة مع امرأة أخرى، ويستخدم مال زوجته المخلصة لممارسة الزنى مع الأخرى. لذلك يدعو الرَّبّ مثل هذه الممارسات "الزنى الروحي" (لاويين٢٠: ٦)، ويدعو الَّذين يفعلون مثل هذا جيلاً شريراً فاسقاً.

يحمل الأفراد في أفريقيا وآسيا حُجُباً لتقيهم مِن الشرّ وتساعدهم عند الخطر. يشترونها بأثمانٍ باهظةٍ، ويثقون في حمايتها. كذلك تُكتب رسائل لمرافقة التجّار وتوفيقهم في أسفارهم، وتُعطى رسائل أخرى للشبان لتقرب لهم العرائس. والشعوب الَّتي تتعاطى هذه الخزعبلات لم تعرف الله حقاً. وتُعرَض في بعض البُلْدَان ممارسة السحر وفنون الشعوذة والاِتِّصَال بالأَرْوَاح على شاشة التلفزيون كعَرض تقليدي أو فنّ حديث، ونَعتبر هذه التَّعَالِيْم والإرشادات هجوماً شيطانياً على الجَمَاهِيْر السُّذَّج. وعندما نشاهد هذا الإضلال يبدو لنا كأنَّ أبواب الجحيم قد انفتحت. يحذِّرنا الرَّبّ بكلّ وضوح مِن هذه الأخطار. فمَن يتعاطى هذه المُحرَّمات يكون قد انفصل عن ربّه، وانضم إلى أعدائه. يَقسو قلب الضَّال لأنَّ نفسه قد ارتبطت بمَن وثق به. وكذلك الشِّفاء بالسِّحر والاِتِّصَال بالأَرْوَاح لا يُجدِيان نفعاً، بل يجلبان معهما حِمْلاً فوق حِمْل، وقيوداً صارمةً ثقيلة. يَسُوْع وحده القدير أن يحرّر هؤلاء المقيّدين. مَن يقرأ الأبراج وخطوط كفّ اليد، ويمارس تحريك المائدة لاستحضار الأَرْوَاح، ويبلَع المسامير الحديدية والمصابيح الكهربائية في أعياد الأَصْنَام يتبع طريقَ الجحيم. توجد في الهند فنادق عديدة يَنتظر فيها عرّافون مستعدُّون أن يقرأوا الطَّوالع اليَوْمِيّة لِكلِّ نزيل. ويحمل بعض الأَوْلاَد الصِّغار في الشرق الأوسط خرزة زرقاء لتحميهم مِن النَّظرات والأعين الشِّرِّيْرة الحاسدة، وكذلك تُرسَم على الشّاحنات وسيارات الركاب صورة عين يخترقها سهمٌ لحماية السيارة مِن أعيُن الحُسَّاد. يُعلّق البعض حُجُباً في سياراتهم، وسنابك١ فوق أبواب بيوتهم، وينقرون على الخشب ليُبعدوا عنهم المصائب. هذا كلّه مكروهٌ عند الرَّبّ، لأنَّ الإِنْسَان يؤمن هُنا بسلطة القوَّات الأخرى أَكْثَر مِمَّا يؤمن بعناية الخالق. ويتقيَّد أناسٌ كهؤلاء بسلاطين هذا الدهر.

١ جمع سنبك، وهو طرف الحافر.


٠٩.٠٥ - المُجَدِّف على الله

يذهب الإِنْسَان في النطق باسم الله باطلاً إلى أبعد الحدود عندما يشتم الله ومَسِيْحه عمداً، فينضم إلى صفوف المتمرّدين على اسم الآب والابن والرُّوْح القُدُس. إنَّ الشَّيْطَان هو عدوُّ الله الأصيل. مَن يجدِّف على الرَّبّ عندما يقع تحت سيطرة الشياطين وينقاد بها إلى أسفل، تتدفق الأَرْوَاح النَّجسة مِن وعيه الباطني ومِن فمه مثلما تتدفق الأقذار مِن الجحيم. مَن يَنظر إلى عين مجدِّف يُذعَر مِن وَهدة البغض والخبث في قلبه. ومَن يقرأ رسائل طويلةً يُشتَم فيها المَسِيْح وأتباعه يَشعر برائحة الجحيم تنفخ في وجهه. نقرأ في سفر اللاَّوِيِّيْن ٢٤: ١٤-١٦: "أخرِجْ الَّذي سبّ إلى خارج المحلّة، فيضع جميع السامعين أيديهم على رأسه ويرجمه كلّ الجماعة".. كلّ مَن سبّ إلهه يحمل خطيئته. ومَن جدّف على اسم الرَّبّ فإنَّه يُقتَل. يرجمه كل الجماعة رجماً.

نحتاج إلى تواضع وحذر عندما نتكلّم أو نحكم على مجدِّف. كثيراً ما عَمِي المسكونون بالأَرْوَاح الشِّرِّيْرة إلى حدٍّ ما. ظانين أنّهم يخدمون الله، ولكنّهم يحاربونه ويحاربون مَسِيْحَه بعنف (يُوْحَنَّا ١٥: ١٩-٢١ ، ١٦: ١-٣). حَكم النُّواب المحترمون والشيوخ الحكماء على يَسُوْع بالموت، مُدّعين أنّه جدّف على الله، لأنّهم لم يدركوا، رغم عبقريتهم، أنَّ يَسُوْع هو ابن الله الحي. فجدّفوا، في غيرتهم على الله، على مَسِيْحه القُدُّوْس، وبصقوا في وجهه، وضربوه على رأسه. لم يُدرك زعماءُ شعب العَهْد القَدِيْم ربَّهم الحاضر بينهم، ولم يَقبلوه، بل رفضوه وصلبوه و ما زالوا ينكرونه حتَّى اليوم.

يظنُّ المُسْلِمُون، مثلهم مثل بني يعقوب، أنّهم يجدِّفون على الله إن آمنوا ببنوَّة المَسِيْح وصلبه. لقد ورث قرّاء القُرْآن بُغضَ اليهود المتعصّب. ويحارِب متديّنوهم وحدةَ الثَّالُوْث الأَقْدَس، حتَّى بات حقدهم على ابن الله المَصْلُوْب حقداً عميقاً. ويتميَّز تجديفهم الجهنّمي على الله الآب والابن والرُّوْح القُدُس بالغَيظ والكراهية. أمَّا الهندوسية فترفض، بطريقةٍ أخرى، سلطان المَسِيْح الفريد، وتحسبه كواحد مِن الآلهة الكثيرة عندهم.

لقد وصل عصيان البشر في وجه الله إلى تجديف أبعَد، حتَّى اتّحد مَسِيْحيون مرتدُّون عن الإيمان إلى عبادة الشَّيْطَان، وفي أثناء هذه العبادة يقيمون الحفلات الماجنة ويسفكون دم الذبائح، ويعبدون الشَّيْطَان كأنّه الله. لقد حرّفوا الصَّلاَة الرَّبَّانِيَّة لفظاً ومعنىً بعبادتهم للشَّيطان. وها هو سلطان الظلمة يمدّ يده إلى كلّ مَن يَرفض خلاص الله في المَسِيْح. أمَّا نحن فنجد في المَسِيْح الملجأَ الَّذي لا يَقدرُ الجحيمُ أن ينفذ إليه. يقول لنا الراعي الصالح: "خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها فتتبعني. وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحدٌ مِن يدي. أبي الَّذي أعطاني إياها هو أعظم مِن الكلّ، ولا يقدر أحدٌ أن يخطف مِن يد أبي. أنا والآب واحدٌ" (يُوْحَنَّا ١٠: ٢٧-٣٠).٠

يَقبل ويتعاطى العَديد مِن كبار السياسيين والفنانين والرياضيين والصِّحافيِّين التعامل مع الأَرْوَاح واهبين أنفسهم لها. فيتسابقون في الذهاب إلى العرّافين المشهورين ويأملون أن يوسّعوا نطاق نفوذهم بقوى السحر. ويستخدمون اسم الله مِراراً شكلياً، ولكنّهم يحاربون الرَّبّ قصداً أو مِن غير قصد. حين كتب "نيتشه": "الله ميت" كان عقله قد أصابه الذّهول، فانتفض غضباً على خالقه ومخلّصه، وأصابه مسٌّ مِن الشَّيْطَان. أمَّا اليوم فيعيش مليون "نيتشه" يجدِّفون ويزعمون أنّه لا يوجد إلهٌ. إنّهم يخدعون أنفسَهم ويُسارعون إلى الهلاك في غياهب جهلهم. كلُّ إلحادٍ هو تجديفٌ على الله، والإيمان بالفناء هو خداعُ النفس للنفس.

وجد اليهود جواباً خاصّاً للوصيَّة الثَّالِثَة. لأنّهم خافوا أن ينطقوا باسم الله الفريد خطأً أو سهواً، لذلك أضافوا إلى كلمة "يهوه" حروف العلّة مِن اسم آخر لله "أدوناي"، فتكوّنت على هذا النحو كلمة "يهوفا" بالعبرية مِن اسمين مختلفين. وإنَّ كلمة "يهوفا" ليست، في الواقع، اسماً أصليّاً لله، وليست مكتوبةً في الكِتَاب المُقَدَّس، بل هي اسمٌ مستعارٌ مطوّرٌ مِن لفظة "يهوه" . وقادهم الخوف مِن تعدي الوَصِيَّة الثَّالِثَة، والرُّعب مِن القصاص إلى شبه التَّحريف، هذا مع العلم أنّهم لم يُحرِّفوا التوراة والأنبياء بتاتاً، بل حموا اسم الله وأنفسَهم مِن النطق به باطلاً. وهنا يتبادر إلى أذهاننا السُّؤال: هل مِن الأفضل ألاّ ننطق باسم الله بتاتاً؟ وألا نتكلم عن الرَّبّ؟ وكيف ننطق باسم الله حقّاً كي لا نقع تحت دينونة؟


١٠.٠٥ - النطق الصَّائب باسم الله

لا تمنع الوَصِيَّة الثَّالِثَة الاعتراف بالله بل تقدِّم لنا الوعد العظيم:·لا تنطق باسم الرَّبّ إلهك باطلاً، إذا كنت تلفظه بالإيمان والمَحَبَّة والشُّكْر. ليترقّب الرَّبّ شهادة إيمانك بالأمانة لينفّذ بواسطتها المغفرة والتجديد في أصدقائك عملياً. ويتضمَّن اسمه كلّ القوَّة غير المحدودة. قال الرَّسُوْل بطرس للرجل الأعرج: "باسم يَسُوْع المَسِيْح قُم وامش". واعترف بعدها أمام رؤساء الشعب والشيوخ: "باسم يَسُوْع المَسِيْح وقف هذا أمامكم صحيحاً" (أَعْمَال الرُّسُل٣: ٦ ، ١٦ ، ٤: ١٠).٠

يجدر بنا أن نعترف باسم الله الآب والابن والرُّوْح القُدُس بالمجاهرة والحكمة. ألَّف اللاهوتي "شلَتّر" - الَّذي حفظ نصوص العَهْد الجَدِيْد كلّها باللّغة اليونانية عن ظهر قلب - عند نهاية حياته أعلن كتاباً بعنوان "هل نعرف يَسُوْع؟" . ينبغي ألاَّ نتبجّح، بل أن نفهم ربنا فهماً أفضل. فلنتعمَّقْ في كلمته مُصلِّين، ونتمعَّن في الكِتَاب المُقَدَّس سامعين. وعندها يُكلِّمنا الله بواسطة كلمته المغروسة في قلوبنا مباشرةً. إنّ حِفْظ آيات وفصول كاملة مِن العَهْدين القَدِيْم والجَدِيْد غيباً يُساعدُنا على أن نشهد للمَسِيْح بحقٍّ وصواب، لأنَّ كلمة الله تحتوي على قوَّة السماء وحكمة الرُّوْح القُدُس. طوبى لِمَن يملأ شعورَه الباطني وذاكرتَه بكلمة الله. تُلهمنا أيضاً اختبارات المُؤْمِنِيْن وسِيَر حياتهم أن نفهم اسم الله وعملَه بطريقةٍ أفضل، وتُقوَِي إيماننا. نَسعد عندما نتأمَّل في كلمة الله، ونُسعِد أصدقاءَنا بشهادة إيماننا. مَن يصغي إلى كلمة الله لا يعيش بَعد وحده، بل يعرف ربَّه أكثر فأكثر، ويستطيع أن يَتَكَلَّم معه، لأنّه يعرف اسمه الأبوي، ويستحق أن يلفظ هذا الاسم بالإيمان. يُكلِّمنا أبونا السَّمَاوِيّ بالكِتَاب المُقَدَّس، ونجيبه في صلواتنا. يا له مِن امْتِيَاز نمتاز به! إذ يجوز لنا أن نُخبِر خالق الكون بهمومنا وخطايانا وضيقاتنا وأمراضنا. وهو يصغي إلينا. وعنده مشورةٌ أفضل مِن مشورة طبيب وعالم نفس. يحبّنا أَكْثَر مِمَّا يحبّنا أبونا الأرضي. ويغفر ذنوبّنا كلِّيّاً لأجل موت يَسُوْع، ويمنحنا قوَّة الحَيَاة الأبدية بحلول روحه القُدُّوْس فينا.


١١.٠٥ - الحمدُ لله

هل نحمد الله العظيم ونشكره بالقلب الصافي واللسان المستقيم؟ لنتذكَّر أنَّ القدير هو أبونا، وابنه مُنجِّينا، والرُّوْح القُدُس مُعزِّينا وقُوَّتنا. ولا تنطبع عبادتنا بطابع خوف المتذلل المضطرب، بل بفرح الأَوْلاَد وسرورهم المنعم عليهم. يُشبه شكرُ المفديين تسبيحَ حمد المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ في الذنوب والخطايا لأنّهم قد ابتدأوا يعيشون أبداً بسبب التبرير المعَدِّ لهم في موت المَسِيْح النيابي عنهم. فمَن لا يقدر أن يرنم مع جوقة الترنيم يرنم وحده على انفراد، ومَن لا يقدر أن يرنم بفمه الخاص ليرنم في قلبه. فكل مَن ينطق باسم الآب والابن والرُّوْح القُدُس بثقة أثناء صلاته وترانيمه يُكرِّم إلهنا الواحد ويُسرّه بحمده.

كل مَن لا يعرف الله، أو قد تقسَّى قلبه بعناده أو تحميل ضميره بخطايا مستترة، يليق به أن يَقبل نصيحة الرَّسُوْل بطرس: "كل مَن يدعو باسم الرَّبّ يخلص" (أَعْمَال الرُّسُل ٢: ٢١). يحق لنا أن نتكلم مع الله نفسه مباشرةً باسم يَسُوْع. وهو يجاوبنا. اقترب مِن الله لأنّه اقترب منك. يؤكِّد لنا اسمُ الله "أبونا" أنَّ كل البركات السَّمَاوِيّة معَدَّة لنا. واسمُ يَسُوْع يهزُّ أركان الجحيم، لأنّه انتصر نهائياً على الخَطِيْئَة والموت وإِبْلِيْس. ويمجِّد الرُّوْح القُدُس ابنَ الله لأنّه باسمه يمنحنا الحَيَاة الأبدية والمَحَبَّة الإِلَهِيَّة وقوَّته الخاصة. ويَهَبُ لنا أيضاً الاطمئنانَ والطهارة في الفرح والسلام. وكما أنَّ الشمس تبث إلى الأرض أشعَّتها الَّتي لا تحصى ولا تُعَد، كذلك يعطي اسم الله الواحد في الثَّالُوْث نعمة فوق نعمة. فمَن هو الَّذي لا يَشكر الآب ويُسبِّح الابن ويصلِّي في قوَّة الرُّوْح القُدُس؟ انفتح لروح ربّك المعزي فتتعلَّم الصَّلاة المستجابة والتَّسبيح المقبول عند الآب. اشكُرهُ واحمَدْهُ لأنّه أحبَّك، وفداك، وأحياكَ إلى الأبد.


١٢.٠٥ - شهادة الإيمان للآخرين

مَن يستطيع أن يصمت متى طفح الفم بالشُّكْر والتسبيح؟ مَن يقدر أن يحتفظ بالخلاص لنفسه متى عرف أنَّ الله يريد أن جميع الناس يخلصون؟ لقد أمرنا يَسُوْع بالتَّبْشِيْر. لا يخطر على بالنا تبشير الهالكين بل الرَّبّ نفسه يشاء ويأمرنا بأن نشهر اسمه في القرى والمدن، في البُلْدَان والقارات. لأنّه ينبغي أن يُعلَن انتصارُ يَسُوْع المَسِيْح وعظمته في كلّ مكان. كتب الرَّسُوْل بطرس: "كونوا مستعدين دائماً لمجاوبة كل مَن يسألكم" (١ بطرس٣: ١٥). وحذَّرنا يَسُوْع: "كُلّ مَن يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضاً به قدام أبي الَّذي في السَّماوات. ولكن مَن ينكرني قدام الناس أنكره أنا أيضاً قدام أبي الَّذي في السَّماوات".(متَّى ١٠: ٣٢-٣٣).٠

عندما تعب الرَّسُوْل بُوْلُس وكَلَّ مِن تهجّمات أعداء الله قال له الرَّبّ برؤيا في الليل: "لا تخف بل تكلّم ولا تسكت. لأني أنا معك ولا يقع بك أحدٌ ليؤذيك. لأن لي شعباً كثيراً في هذه المدينة" (أَعْمَال الرُّسُل١٨: ٩-١٠). وعندما دعاه لخدمته أَكَّد له: "منقذاً إيّاك مِن الشعب ومِن الأمم الَّذين أنا الآن أرسلك إليهم، لتفتح عيونهم كي يرجعوا مِن ظلمات إلى نور، ومن سلطان الشَّيْطَان إلى الله، حتَّى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيباً مع المقدَّسين" (أَعْمَال الرُّسُل٢٦: ١٧-١٨).٠

قال يَسُوْع عشية يوم القيامة للتلاميذ الخائفين والمضطربين الَّذين أغلقوا الأبواب على أنفسهم: "كما أرسلني الآب أرسلكم أنا . ولما قال هذا نفخ وقال لهم: اقبلوا الرُّوْح القُدُس. مَن غفرتم خطاياه تُغفر له. ومَن أمسكتم خطاياه أُمسكت" (يُوْحَنَّا ٢٠: ٢١-٢٣). كل مَن يحفظُ هذه الآيات ويقبلُها مؤمناً ينال قوَّةً وإرشاداً للتبشير الفعَّال الحكيم بين الوثنيين المتدينين والملحدين، ليدركوا أنَّ الرَّبّ أعدَّ لهم نصيباً في الخلاص الأبدي مجاناً.


١٣.٠٥ - العمل باسم الرَّبّ

عندما يَتَكَلَّم الرَّبّ إلينا بكلمته، ونجاوبه نحن في الصلاة وتسبيح الحمد، ونعترف باسمه القُدُّوْس قدَّام الأصدقاء والأعداء، نختبر السلطة الَّتي تنبعث مِن هذا الاسم. شَفى الرسُلُ باسم يَسُوْع مرضى، وأخرجوا شياطين، وأقاموا موتى. وهدّأ يَسُوْع نفسُه العاصفةَ في البحر بكلامه وأكثرَ الخبز القليل بشكره. غفرَ الخطايا للتائبين ووهبَ الحَيَاة الأبدية لأتباعه. وقد اعترف يَسُوْع: "أبي يعمل حتَّى الآن وأنا أعمل" (يُوْحَنَّا ٥: ١٧). فلسنا نحن نتكلم باسمه فحسب، بل هو أيضاً يَعمل بواسطتنا. وحيث يسكن الآب والابن بالرُّوْح القُدُس في قلب المؤمن يَعمل الله العجائب والمعجزات في حياته، رغم ضعف أَوْلاَده. فلا يعملها الإِنْسَان بل الرَّبّ نفسُه يحقِّقها.

تقوم الشهادة الفعَّالة بالرَّبّ الحيّ والعمل باسمه على سيرة أتباعه المُتَوَاضِعة. لا نقدر أن نلعن باللسان مراراً وباللسان نفسه نحمد الله. يحثنا الرُّوْح القُدُس على السلوك الطاهر، ويقدِّسنا لأنّه القُدُّوْس. عيّن يَسُوْع الكلمات للطلبة الأُوْلَى في الصَّلاَة الرَّبَّانِيَّة لتقديس اسم الآب بأفواهنا وفي سلوكنا. فتصبح صلاتنا كذباً وشهادتنا غير صادقة إن كانت حياتنا تنكر قوَّة الله ولا تشهد لمحبّته بتواضعنا.

حقاً، قد نخطئ ضدَّ إرادتنا مراراً، فتنكسر أمام القُدُّوْس لأن خطايانا وتقصيرنا ليست أموراً تافهة أمام الله. إنّه يتألّم مِن جرّاء ضعفنا الظاهر، ولكنَّ الرُّوْح القُدُس يُنهِض التائب ويعزيه، ويؤكّد له أنَّ دم يَسُوْع يطهّره مِن كلّ إثم. وكلمة الآب تشجِّعنا على الإيمان. وهكذا نحيا باسم الله الواحد في الثَّالُوْث، ونختبر تقديسنا بفضل صبره ومحبّته الفائقة.

هل تعرف اسم الله؟ وهل اسمه على لسانك؟ وهل يسكن الرَّبّ قلبك؟ عِنْدَئِذٍ تنطق باسم الآب والابن الرُّوْح القُدُس بهيبة ومحبَّة. ويحميك الرَّبّ الحيّ مِن النطق باسمه باطلاً، ويقودك إلى حمده بالَّتهلُّل وإلى تسبيحه ببهجة.

www.Waters-of-Life.net

Page last modified on March 11, 2014, at 10:05 AM | powered by PmWiki (pmwiki-2.3.3)