Waters of Life

Biblical Studies in Multiple Languages

Search in "Arabic":
Home -- Arabic -- The Ten Commandments -- 03 First Commandment: You Shall Have no Other Gods Before Me
This page in: -- Afrikaans -- ARABIC -- Armenian -- Azeri -- Baoule -- Bengali -- Bulgarian -- Cebuano -- Chinese -- English -- Farsi -- Finnish? -- French -- German -- Gujarati -- Hebrew -- Hindi -- Hungarian? -- Indonesian -- Kiswahili -- Malayalam? -- Norwegian -- Polish -- Russian -- Serbian -- Spanish -- Tamil -- Turkish -- Twi -- Ukrainian -- Urdu? -- Uzbek -- Yiddish -- Yoruba

Previous Lesson -- Next Lesson

الموضوع ٦ -- الوصايا العشر في خروج ٢٠
حَاجِز الله الوَاقِي مِن سُقوطِ الإِنْسَان

٠٣ -- الوَصِيَّة الأُوْلى: لاَ يكُنْ لَكَ آلِهَة أُخْرَى أَمَامِي



سِفْرُ الخروج ٢٠: ٣
لاَ يكُنْ لَكَ آلِهَة أُخْرَى أَمَامِي.


٠١.٠٣ - عِبادةُ الأَصْنَام اليَوم

قلَّما يَجِد مَن يعيش في بلد صناعي عبادةَ الأَصْنَام الَّتي تُعبَد فيها عادةً التماثيل الخشبية أو الحجرية أو الذهبية. ولكن مَن يأتي إلى آسيا وأفريقيا يكتشف تماثيل كثيرةً ويرى مَن يعبدها بخوفٍ ووقار.

طُبِعَت في مجلّة الخطوط الجوّية الهندية صورة "دوركا" إِلهة الحرب، فرسموها بأذرعها الست تهلك بها كلّ معتدٍ. وتُرى حولها رؤوسٌ مقطوعةٌ مبعثَرةٌ. ومَن يقترب منها، رغم مهارتها في القتال، يحترق بلهيب النَّار الخارج مِن فمها. تَقتل أعداءها وهي تبتسم.

ويرى السَّائح في فنادق الهند تماثيل فِيَلَة منحوتة بفنٍّ بديعٍ رَمزاً للإله "جناباتي". ويضع الهندوس مِن وقت لآخَر أمامَها الزهور العطرة. وفي أيام الأعياد الخاصَّة تزيّن أكاليلُ الزهور تماثيلَ الفِيَلة البالغة طابقَين أو ثلاثة طوابق في الارتفاع، ويُسار بها بين الجَمَاهِيْر في الشوارع، وتُطرَح بعد مسافة في النهر أو البحر ليأتي انحلالها لصيادي السمك بغنيمة وفيرة مِن السَّمك وليمنع حدوث فيضانات عند هبوب العواصف.

وفي أثناء عيد معيّن تُساق آلاف الأبقار ثلاث مرّات إلى داخل هيكل الهندوس وترشّ بالماء المكرَّس لئلا تُصاب بداء الفم والحوافر، ولتُعطي حليباً أوفر، ولئلا تنقص قوَّة جرّها. وبَعد رشّها بالماء المقدّس تُدهَن قرونها بألوانٍ ساطعةٍ علامةً على تكريسها.

وكُلُّ مَن يزور وادي "لدخ" وراء جبال "هملايا"، أو يسافر إلى بلدان بوذية أخرى يواجِه تماثيل مذهَّبة ومبتسمة لبوذا، ينحني أمامها العابدون بكلّ إجلال ويبايعون بوذا البدين الرصين. لا يزال ثلث البشر تقريباً يعيش في قيود هذه العبادات. ويؤمن هؤلاء العابدون بسلطة أَصْنَامهم وبحضور الأَرْوَاح في التماثيل، فأصبحوا خاضعين لها. وتأسر العادات والتقاليد الَّتي لا تحصى ولا تُعَدُّ الجَمَاهِيْر العديدة مِن الناس في إندونيسيا وأفريقيا. وتَسحر عبادةُ الأجداد بنوعٍ خاصٍّ الأجيالَ الكثيرة. أمَّا مَن اختبر سلطة يَسُوْع، فقد تجرَّد مِن خوف الأَرْوَاح ومِن عبادة الأَصْنَام ومِن الارْتِبَاطَات بكشف الغيب لأنّه سلّم حياته كلّها له. عِنْدَئِذٍ لا يحتاج فيما بعد إلى حجاب، ولا إلى لآلئ زرقاء، ويرفض الأَصْنَام الميّتة لأمنه وحمايته، لأنّه متدرّعٌ ومحميٌّ مِن كل تأثير للأَرْوَاح الشِّرِّيْرة. لقد نجَّانا أبونا السَّمَاوِيّ مِن جميع المخاوف، ويحمينا مِن تغلغل الجنِّ في حياتنا، ويحرِّرنا مِن كلّ تأثير السحر، ودم يَسُوْع المَسِيْح ابن الله هو الحماية التامة ضدَّ كلِّ قوَّةٍ شرّيرة. وكلّ ما يُكتب ويُقال مِن كلمات اللَّعن، باسم سلطات الظلمة، ضدَّ أتباع يَسُوْع، يتحطَّم على صخرة اسم ربّنا الَّذي يظلّ الحصنَ الحصينَ لكلِّ مَن يلجأ إليه.


٠٢.٠٣ - الأَصْنَام الحَدِيْثة

وللأسف فقد انتشرت في البُلْدَان الصِّناعية صياغةٌ حديثةٌ لعبادة الأَصْنَام. يَعتمد الإِنْسَان هناك على الآلات التّكنولوجيَّة المتطوِّرة أَكْثَر مِمَّا يثق بالله الحي. ويركب سيارته واثقاً بأنَّ المكبح (الفرامل) يُؤدِّي واجبه تلقائياً عندما ينطلق بسيارته بسرعة فائقة على الطُّرقات المعبَّدة بالإسفلت. لقد أصبحت السيارة صنماً للعصريِّين. كان العبرانيون قديماً يرقصون حول العجل الذهبي، أمَّا المدنيَّة الحَدِيْثة فَتَدور حول السيارة المتلألئة. يَخدم المالك سيارته، ينظِّفها ويلمِّعها ويُصغي إلى صوت المحرك أَكْثَر مِمَّا يهتم بالناس حوله. ويضحي الإِنْسَان اليوم لسيارته بوقتٍ كافٍ، ويصرف عليها أَكْثَر مِمَّا يصرف على المساكين الَّذين حوله. هل أصبح الإِنْسَان العصري عبداً للتّكنولوجيا المغرية؟ تتدفّق الجَمَاهِيْر لرؤية سباق السيارات، وتنساب إلى الحفلات الرياضية، ولكن القليلين يجلسون في مقاعد المعابد ويشاركون في العبادة الجُمْهُوْرية.

لقد حذرنا يَسُوْع مِن محبَّة المال ومِن خطر الغنى وقال:·لا يقدر أحدٌ أن يخدم الله والمال، لأنّه إمَّا أن يحبّ الواحد ويبغض الآخر، أو يرفض الله ويلازم المال . فالبخل والحسد أصل كلّ الشرور. ومرور جمل مِن ثقب إبرة أيسر مِن أن يدخل غني إلى مَلَكُوْت الله. تتجانس الاشْتِرَاكِيّة والرَأسمَالِيّة، إذ يملك أتباع الرَأسمَالِيّة الغنى، ويريد أتباع الاشْتِرَاكِيّة أن يستحوذوا على الغنى عينه بالحيلة والعنف. فيدور الرقص حول العجل الذهبي في الشرق والغرب على قدم وساق. لا تضلّوا! الله لا يُشمَخ عليه. لا يقدر أحد أن يخدم الله والمال. بقي يَسُوْع فقيراً وقنوعاً. ويحذّرنا رسله بشدّة مِن الغنى قائلين: "أمَّا الَّذين يريدون أن يكونوا أَغْنِيَاء فيسقطون في تجربة وفخّ". (١تِيْمُوْثَاوُس ٦: ٩ ، متَّى ٦: ٢٤، ١٩: ٢٤).٠

أمَّا الصَّنَم الأشدُّ مِراساً الَّذي يتسلَّط على مختلف الحَضَارَات والدِّيَانَات، سرّاً وعلناً، فهو الأنانية الضخمة . يظنُّ كلُّ إنسان بأنَّه هو الأفضل والأجمل والأهمّ والأعظم. وإنْ كان لا يفكِّر بهذا مباشرةً، فإنّه يرغب شعورياً أن يكون كذلك

يعيش كلُّ واحد متخيِّلاً أنّه محور العالم. سُئِلَت بنتٌ عمرها ثلاث سنوات مرَّةً: "أية مهنة تريدين أن تختاري؟" فأجابت: "أريد أن أصبح تمثالاً لامعا"ً . "لماذا؟" فأجابت الصغيرة على الفور: "كي يرفع كلّ واحد بصره إليَّ". تسري الكِبْرِيَاء والأنانية في عروقنا. وهذا الموقف هو بعكس روح المَسِيْح المُتَوَاضِع. لذلك ينبغي أن تموت أنانيتُنا الضخمة. قال يَسُوْع: "كيف تقدرون أن تؤمنوا وأنتم تقبلون مجداً بعضكم مِن بعض؟ تعلّموا مني، لأني وديعٌ ومُتَوَاضِع القلب. فتجدوا راحةً لنفوسكم . فإنَّ مَن أراد أن يخلّص نفسه يهلكها. ومَن يهلك نفسَه مِنْ أَجْلِي يجدها" (متَّى ١١: ٢٥-٣٠، ١٦: ٢٤-٢٦، يُوْحَنَّا ٥: ٤٤).٠


٠٣.٠٣ - التَّغَلُّب على عِبادَة الأَصْنَام

لماذا يُعتبَر النَّهي عَن عبادة آلهة أخرى إلى جانب الله أولى الوَصَايَا؟ حقّاً، لا يوجد إلهٌ سوى الله. كلّ عظماء هذا العالم وكباره هم زمنيُّون تافهون. إنّهم في أفضل الحالات أناسٌ نوابغ، ولكنَّ مصيرهم الموت. الله وحده حيٌّ إلى الأبد. إنَّه خلَقَنا، فله وحده المجد والإكرام. هو محور الكون. وينبغي لنا أن ندور في فلكه، وليس هو في فلكنا. ينبغي أن تتحطَّم "دوّارة أنانيتنا" يَوْمِيّاً لنتحرَّر منها، ونضع أنفسنا تحت تصرف الله. فلا يجوز أن يكون حسابُنا المصرفي وصحَّتنا وموهبتنا أساسَ حياتنا. كلّ شيء يزول، أمَّا الله فهو أزلٌّي. هو أساسُ حياتنا.

أحبَّ إبراهيمُ إسحقَ وريثَه الشَّرعي المنتظَر حبّاً جمّاً، وكاد إسحق يصبح بالنسبة إليه محورَ تفكيره وأهمَّ مِن الله. وعندها امتحن الرَّبّ عبده، وطلب منه تقديم ابنه الحبيب ذبيحةً له، وكان إبراهيم مستعداً أن يفعل المستحيل ويقدم ابنه ذبيحةً ويعطي مجداً للرب وحده. فرفض الله، في اللحظة الأخيرة، ذبحَ حامل الوعد، وقدَّم حمَلاً وديعاً عوضاً عنه. إلاّ أنَّ الرَّبّ لم يوفِّر على إبراهيم الصِّراع الداخلي، بل بالعكس، فقد تمجد الله عند انْفِصَال الأب نفسياً عن ابنه الحبيب، وأحبّ الرَّبّ أكثر مِن محبّته لابنه.

ينبغي أن نفحص أنفسَنا مِن حين إلى آخَر لنرى إن كانت هنالك أَصْنَام كبيرةٌ أو صغيرةٌ قد انسلّت بيننا وبين الرَّبّ، وأضرّت علاقتنا به، كالكتب والحِلَى والصُّوَر والذّكريات والهوايات والعادات والحقوق والأموال والمَنَازِل والأملاك الزِّراعية وأشياء أخرى، وحتَّى الناس أنفسهم الَّذين يأسرون قلوبنا أحياناً.

ويَظهر إغراء عبادة الأَصْنَام بنوعٍ خاصٍّ عندما تؤلّه الجَمَاهِيْر زعماء الدَّولة في الشرق والغرب، في الشمال والجنوب. لقد سبى "نابليون" و"أتاتورك" و"هتلر" و"ستالين" و"عبد الناصر" و"الخميني" وغيرهم عقولَ الملايين. لكنَّ تماثيلهم وأنصابهم التّذكاريَّة وكتبهم قد دُمِّرَت وأُحرِقَت بعد وفاتهم بقليل. وإنَّ ثقة الناس العمياء بأمثالهم مِن البشر دعَت النبي إِرْمِيَا إلى التَّحذير: "ملعونٌ الرجل الَّذي يتّكِل على إنسانٍ ويجعل البشرَ ذِراعَه" (إِرْمِيَا ١٧: ٥).٠

تُبالغ الجَمَاهِيْرُ في مَدْح نجوم السِّينما وأبطال الرياضة، كأنّهم آلهةٌ، وتُهلِّل لهم الصحافة والتلفزيون. ويتصرف المشاهدون في الملاعب أحياناً وأثناء إحياء حفلات الموسيقى الحَدِيْثة، تصرُّفَ المسحورين، ويَسْتَسْلِمون لاختلال العَقل الجَمَاهِيْري. فهل يُعتبر احترام الناس وخدمتهم خطيئة؟ كلا، ولكن مَن يحبّ إنساناً أكثر مِن الله ويثق بمخلوق أَكْثَر مِمَّا يثق بخالقه، يقترف الخِيَانَة الرُّوْحِيَّة. لقد ارتبط الله بنا، على الدوام، بعَهدٍ أبدي. لذلك يُسمِّي المَسِيْح النَّاسَ "جيلاً فاسقاً وزانياً" لأنّهم لا يحبّون الله مِن كل قلوبهم ولا يحترمونه ولا يثقون به ثقةً تامَّة.

تنتشر عبادة الأَصْنَام القَدِيْمة والحَدِيْثة بجميع أشكالها، لأنَّ الفراغ الَّذي تركه الارتداد عن الله في قلوب الكَثِيْرِيْن لا بُدَّ أن يُملأ. ولكنَّ الرَّبّ إلهٌ غيورٌ، يريد وحده أن يمتلك قلوبَنا كاملةً. وهو ليس مستعداً أن يكتفي بخمسين أو بثمانين في المائة مِن ولائنا ومحبّتنا له. يريد أن يمتلكنا كُلِّياً وأبداً، وإلا فَلا. لذلك يجب أن تزول الأَصْنَام القَدِيْمةُ والحَدِيْثةُ مِن حياتنا، وأن يَتَجَدَّد التفاتُنا نحو الله مِن أساسه. فامتحِنْ نفسَك: ما هي الأَصْنَام المخفيَّة في حياتك، وماذا تفعل لإبادتها؟


٠٤.٠٣ - هَل يُخالِفُ الإيمانُ المَسِيْحيُّ الوَصِيَّةَ الأُوْلَى؟

يوافق اليهود والمُسْلِمُون إلى حَدٍّ بعيد على التَّفسير المَسِيْحي لِلْوَصَايَا العشر، ولكن بعد ذلك تبدأ المقاومة العنيفة لأنّهم يتّهمون المَسِيْحِيِّيْن بالمَفْسَدَة والاحتقار ويقولون: "أيُّها المَسِيْحِيُّون، أنتم الكُفَّار الَّذين تخالفون الوَصِيَّة الأُوْلَى والعظمى. وأنتم الَّذين تجدِّفون على الله إذْ تدّعون أنّه يوجد ثلاثة آلهة، وواحدٌ منهم مات على الصَّلِيْب." فاليهود والمُسْلِمُون، على حدٍّ سواء، يتّهمون المَسِيْحِيِّيْن بالكفر، والتَّجديف على الله، وعبادة الأَصْنَام، بسبب إيمانهم بوحدة الثَّالُوْث الأَقْدَس.

بماذا أجاب يَسُوْع نفسُه على هذا الاتهام؟ تعرَّض يَسُوْع يَوْمِيّاً للهجمات الَّتي تنبع مِن القلوب المتحجِّرة والمنطق غير الروحي. وقد فسّر يَسُوْع علاقته بالله لأتباعه بكلّ وضوحٍ: "أنا والآب واحد" (يُوْحَنَّا ١٠: ٣٠). لم يقُل "أنا والآب اثنان"، بل "واحد" فقط. وبعد ذلك قال: "أنا في الآب، والآب فيَّ". وقُبَيْلَ إلقاء القَبض عليه صلّى لأجل أتباعه: "ليكونوا واحداً كما أننا نحن واحد" (يُوْحَنَّا ١٧: ٢٢). تشهد هذه الكلمات بسر وحدة الثَّالُوْث الأَقْدَس. وتجتمع صيغة الجمع هنا مع صيغة المفرد. لقد شهد يَسُوْع بوحدته التامة مع أبيه. ولا يمكن إدراكُ هذه الحقيقة الرُّوْحِيَّة حسابياً.·"ليس أحد يقدر أن يقول: "يَسُوْع رب" إلاّ بالرُّوْح القُدُس" (١كُوْرِنْثُوْس١٢: ٣) لأنّها حقيقةٌ روحيَّةٌ وجوهرٌ أزليٌّ. ومَن لا ينفتح لروح الله لا يقدر أن يدرك الرُّوحانيَّات.

قال يَسُوْع: "إن أحبَّني أحدٌ يحفظ كلامي، ويحبُّه أبي وإليه نأتي، وعنده نصنع منزلاً" (يُوْحَنَّا ١٤: ٢٣). لقد وعد يَسُوْع أتباعَه بهذا الإعلان أن يسكن الرُّوْح القُدُس فيهم، وأكّد لهم في الوقت نفسه اتّحاده بأبيه السَّمَاوِيّ اتحاداً كاملاً وحلولهما في قلوب أتباعه.

لا يؤمِن المَسِيْحِيُّون بثلاثة آلهة منفصلين، بل بإلهٍ واحدٍ أعلنَ نفسَه كالآب والابن والرُّوْح القُدُس. فهُم لا يخالفون، باعترافهم بوحدة الثَّالُوْث الأَقْدَس، الوَصِيَّةَ الأُوْلَى بل يُتمِّمُونها. قد دخل روح الرَّبّ إلى قلوبنا بسبب مصالحتنا مع الله في موت يَسُوْع، ويُشجِّعنا هذا الروح الأمين أن ندعو الله أبانا، ونقدِّس اسمه الأبوي، ونؤمن بيَسُوْع ربنا ونتمسَّك به "لأنَّ محبَّة الله قد انسكبت في قلوبنا بالرُّوْح القُدُس المعطى لنا" (رومية ٥: ٥). وتُخفى وحدة ثالوث الله على كلّ فردٍ لم يولد ثانيةً بواسطة الرُّوْح القُدُس، ولم يُرِدْ أن يتوصّل إلى هذه الحقيقة الخالدة.

لا يُهاجِم القُرْآن وحدة التثليث، كما يؤمن بها المَسِيْحِيُّون، لكنَّه يُهاجم تثليثاً خاطئا.ً فالتثليث الَّذي يهاجمه القُرْآن هو "الآب والأم والابن" كما نقرأ في (سورة المائدة ٥: ١١٦). يهاجِم القُرْآن اعتبارَ الله هو المَسِيْح ابن مريم (المائدة ٥: ١٧و٧٢). ويهاجم اعتبارَ الله ثالثَ ثلاثة (المائدة ٥: ٧٣). ولكنَّ وحدة التثليث المَسِيْحي تَعتبر الله صاحبَ الوحدانية الجامعة، فهو واحدٌ في ثالوث. لأنَّ الآب هو الموجودُ بذاته، وهو الناطقُ بكلمته، وهو الحيُّ بروحه. فثالوثُنا ليس "الآب والأم والابن"، كما أنّ ثالوثنا لا يعني أن الله هو المَسِيْح ابن مريم، بل إنّ الله هو الآب والابن والرُّوْح القُدُس، الإلهُ الواحِد.


٠٥.٠٣ - ماذا يقول كتاب العَهْد القَدِيْم عن وحدة ثالوث الله؟

نَجِد في العَهْد القَدِيْم إشاراتٍ عديدةً إلى وحدانية الله في الثَّالُوْث الأَقْدَس. وحتَّى القُرْآن لا يقدر أن ينكر الشَّهادة بوجوده.

نقرأ في مزمور٢: ٧، ١٢ وحي الله الموجه إلى المَسِيْح منذ ألف سنة قبل ولادته: "أنت ابني. أنا اليوم ولدتك" ... وتحذيره للبشر: "قبّلوا الابن لئلاّ يغضب فتبيدوا من الطريق".

ونقرأ في إِشَعْيَاء ٧: ١٤ منذ ٧٠٠ سنة قبل ولادة المَسِيْح: "ها العذراء تحبل وتلد ابناً وتدعو اسمه عمانوئيل ومعناه الله معنا".

وفي إِشَعْيَاء ٩: ٦ نجد الوعد العظيم: "يولد لنا ولدٌ ونُعطى ابناً وتكون الرياسة على كتفه، ويُدعى اسمه عجيباً مشيراً إلهاً قديراً أباً أبدياً رئيسَ السَّلام". تشهد هذه الكلمات الفريدة في العَهْد القَدِيْم بألوهية المَسِيْح ووحدته الكاملة بالله الآب.

لقد وعد الله داودَ، بحسب سفر صموئيل الثاني ٧: ١٢-١٤ أنَّ أحد أبنائه يَخرج مِن أحشائه ويكون ابن الله. ومنذ ذلك الحين يُلقِّبُ أبناءُ العَهْد القَدِيْم المَسِيْح "بابن داود". نقرأ الآية المدهشة في مزمور١١٠: ١ "قال الرَّبّ لربي، اجلس عن يميني، حتَّى أضع أعداءك موطئاً لقدميك". هل هناك ربَّان؟ كلا. لأنَّ هذه الآيات كلّها تشهد بالوحدة التامة المطلقة القائمة بين الله الآب والابن والرُّوْح القُدُس.

يمكن إدراك هذا السرّ بالرّجوع إلى الأصحاح الأوَّل مِن الكِتَاب المُقَدَّس، حيث يَتَكَلَّم الله بصيغة الجمع: "نَعمل الإِنْسَان على صورتنا كشبهنا" (تكوين ١: ٢٦).٠

فالشَّهادة بوحدة الثَّالُوْث الأَقْدَس ليسَت مِن اختلاق المَسِيْحِيِّيْن، بل هي حقيقةٌ أعلنها الله بوضوح قبل ألف سنة مِن ميلاد المَسِيْح. فمَن يستطيع أن يُقاوِم الوَحي؟


٠٦.٠٣ - إشاراتٌ في القُرْآن إلى ألوهيَّة المَسِيْح

ليست أسفار موسى الخمسة والمزامير وكتب الأنبياء وحدها تشهد بوحدانية الله الآب والابن والرُّوْح القُدُس، بل القُرْآن نفسه يحتوي على آيات مقتبسة مِن الشَّهادة المَسِيْحِيَّة الأُوْلَى. وكلُّ مسلمٍ يَقرأ القُرْآن باستقامَة وبذهنٍ منفتِح يقتنعُ، بواسطة قراءة السُّوَر عن ولادة المَسِيْح العجيبة مِن مريم العَذراء، أنَّ المَسِيْح حُبِل فيها بكلمة الله بدون تدخُّل رجل. لقد نفخ الله مِن روحه في العذراء، فوُلِد المبارَكُ فيها (الأنبياء ٢١: ٩١؛ التَّحريم ٦٦: ١٢).٠

تَشهد السُّوَر آل عمران ٣: ٤٥ والنساء ٤: ١٧١ ومريم ١٩: ٤٣ أنَّ المَسِيْح هو كلمةُ الله وروحٌ منه. وهذه الآياتُ هي الصَّدى الإِسْلاَمِيّ لكلمة الإِنْجِيْل حسب البشير يُوْحَنَّا: "والكَلِمَة صار جسداً وحلَّ بيننا، ورأينا مجده..." (يُوْحَنَّا ١: ١٤).٠

نقرأ في البقرة ٢: ٨٧ و٣٥٢ والمائدة ٥: ١١٠ أنَّ الله أيَّد المَسِيْح بروح القدس، ليخلق مِن الطين كهيئة طير، ويُبرئ الأكمه والأبرص، ويُخرج الموتى بإذنه. يُمكننا أن نجد هنا وَصفاً لوحدة الثَّالُوْث بصورة غير مباشرة، كوحدة التعاون بين الله والمَسِيْح والرُّوْح القُدُس. فلماذا الثَّورة على الله ومَسِيْحه؟

نقرأ في سورة مريم ١٩: ٢١ عن المَسِيْح: "ولنجعله آية للناس ورحمة منَّا". وتظهر الأعجوبة أن الله يَتَكَلَّم في القُرْآن "بصيغة الجمع". ويُسمّى المَسِيْح رحمة مِن الرحمن الرَّحِيْم، أي الجوهر الأصلي مِن الجوهر الإلهي.

تُشير الآيات العديدة في كتاب العَهْد القَدِيْم وفي القُرْآن إلى وحدة الثَّالُوْث، وتُشجِّع العابدين أن يشتركوا مع المَلاَئِكَة في تعظيم الله قائلين: "قُدُّوْسٌ قُدُّوْسٌ قُدُّوْسٌ ، ربُّ الجنود. مجدُه ملء كلّ الأرض" (إِشَعْيَاء ٦: ٣). وتُرينا إعادةُ كلمة "قدوس" ثلاثَ مَرَّات أنَّ الآبَ قُدُّوْسٌ والابن قُدُّوْسٌ والرُّوْح القُدُس قُدُّوْسٌ. وهُم واحدٌ في قَدَاسَة شاملةٍ.


٠٧.٠٣ - الإيمان بألوهيَّة المَسِيْح

لم يُغالِ الرسل عندما شهدوا بالإجماع بألوهية المَسِيْح، لأنَّ اعترافهم سبَّب خطر الموت عليهم. ولكن رغم ذلك أعلن الرَّسُوْل بُوْلُس: "المَسِيْح هو صورة الله غير المنظور" (كُوْلُوْسِّي ١: ١٥). واعترف الرَّسُوْل يُوْحَنَّا: "رأينا مجده مجداً كما لوحيد مِن الآب مملوءاً نعمة وحقاً" (يُوْحَنَّا ١: ١٤). وشهد الرَّسُوْل بطرس: "أنت هو المَسِيْح ابن الله الحي" (متَّى ١٦: ١٦).٠

لقد أوجز مجمع نيقية إيمانَ المَسِيْحي بأنَّ المَسِيْح "إلهٌ مِن إله، نور مِن نور، إله حقّ مِن إله حقّ، مولود غير مخلوق، ذو جوهر واحد مع الآب" .

إنَّ المُسْلِمِيْن واليهود هم الَّذين يضَعون حداً لحرّية الله وقدرته بعقيدتهم المتصلّبة. فمَن يقدر أن يرفض إعلان الله عَن كيانه كما هو كائن؟ مَن يحقُّ له أن يمنع القدير إنْ أراد أن يكون له ابنٌ يرسله إلى العالم ليخلِّص الخطاة؟ الله حرّ. وهكذا كان المَسِيْح موجوداً قَبل الخلق، وصار إنساناً ليصالح العالم مع الله، وليعود السلام بين الرَّبّ والبشر العصاة. صار المَسِيْح إنساناً لأجل خلاص العالم، وعاش بدون خطيئة، ليرفع خطيئة العالم. يشير يُوْحَنَّا المعمدان إلى هذه التضحية الإِلَهِيَّة بقوله: "هوذا حَمَل اللهِ الَّذي يرفع خطيئة العالم" (يُوْحَنَّا ١: ٢٩).٠

ونِلنا نتيجةً لتبريرنا حقَّ التبني أن ندعو الله "أبانا" منذ مغفرة خطايانا. لقد أوجدَ المَسِيْح خلاصاً لجميع الناس، وليس للمَسِيْحيين وحدهم، بل للهندوس والبوذيين واليهود والمُسْلِمِيْن والملحدين على حَدٍّ سواء. فهو يهب الحَيَاة الأبديةَ لكلِّ مَن يثق به ويقبله مخلِّصاً وربّاً. يقودنا الابن إلى الآب ويجذبنا الآب إلى الابن. لقد أعلن الله نفسُه، عند معمودية يَسُوْع في نهر الأردن، السِّرَّ العظيمَ: "هذا هو ابني الحبيب الَّذي به سُررت" (متَّى ٣: ١٧). فمَن يستطيع أن يَمنَع إعلان الله الجليل ووَحْيَه الصَّادِق؟


٠٨.٠٣ - ما هو قَصد الوَصِيَّة الأُوْلَى؟

الهدف مِن الوَصِيَّة الأُوْلَى ليس إلاَّ محبّتنا لله. عبَّر موسى عن هذا الامْتِيَاز بأهم وصية: "تحبّ الرَّبّ إلهك مِن كلّ قلبك ومِن كلّ نفسك ومِن كلّ قوَّتك" (تثنية ٦: ٥). إمَّا أنْ نحبّ الله ونحيا معه في انسجام روحه، أو أنْ نُبغضه ونعيش بعكس إرادته. ومَن يحبّ الله يفكِّر به، ويصغي إليه، ويَعمل ما يرضيه، ويعيش لأجله، ويشتاق إليه كالعروس الَّتي تشتاق إلى عريسها، فتقرأ رسائله مراراً. ولكن مَن أصرَّ على كبريائه، وأراد أن يكون بنفسه إلهاً صغيراً، وأدار ظهره للقدير، ينسى كلامَه، ويعمل ما لا يُرضي الله، يقسو قلبُه، ويقع أخيراً في الغضب الأخير. أمَّا مَن ينفتح لروح الله، وينال مغفرة يَسُوْع لجميع خطاياه، فيتزوّد بقوَّة الرُّوْح القُدُس، ويتحوَّل إلى صورة أبيه، لأنّه يصلِّي يَوْمِيّاً أن يتقدس اسمُ الآب في حياته وفي بيته؛ ومَن يحبّ الله، ويتَّجه إليه، ينال منه نعمةً فوق نعمة، ويختبر تطهير ضميره يَوْمِيّاً، ويعيش في حرية أَوْلاَد الله وفي خدمته الرُّوْحِيَّة. ويُخرِج محبّو الله باسم المَسِيْح الأَصْنَام مِن حياتهم، فيثبتون في سِرِّ العَهْد الجَدِيْد وهو: "الله محبَّةٌ، ومَن يثبت في المَحَبَّة، يثبت في الله، والله فيه" (١يُوْحَنَّا ٤: ١٦).٠

www.Waters-of-Life.net

Page last modified on March 11, 2014, at 10:03 AM | powered by PmWiki (pmwiki-2.3.3)