Previous Lesson -- Next Lesson
الرسالة الى أهل رومية -- الرب برنا
دراسات في رسالة بولس الى اهل رومية
الجزءُ الأوَّل بِرُّ الله يَدينُ جميعَ الخطاةِ ويُبرِّر ويُقدِّس المُؤْمِنِيْنَ بالمَسِيْح (رومية ١: ١٨- ٨: ٣٩)٠'
رابعاً: قُوَّة الله تُحرِّرُنا مِن سلطة الخطيئة (رُوْمِيَة ٦: ١- ٨: ٢٧)٠'
٤- الشَّرِيْعَة تُحرِّض الخاطئ على الخطيئة (رُوْمِيَة ٧: ٧- ١٣)٠
رومية ٨:٧
٧ فَمَاذَا نَقُولُ. هَلِ النَّامُوسُ خَطِيَّةٌ. حَاشَا. بَلْ لَمْ أَعْرِفِ الْخَطِيَّةَ إِلاَّ بِالنَّامُوسِ. فَإِنَّنِي لَمْ أَعْرِفِ الشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ النَّامُوسُ لاَ تَشْتَهِ. ٨ وَلَكِنَّ الْخَطِيَّةَ وَهِيَ مُتَّخِذَةٌ فُرْصَةً بِالْوَصِيَّةِ أَنْشَأَتْ فِيَّ كُلَّ شَهْوَةٍ. لأَنْ بِدُونِ النَّامُوسِ الْخَطِيَّةُ مَيِّتَةٌ٠
سمع بُوْلُس في روحه قول أعدائه: "إن حرَّرتنا مِن الوحي الأعظم القُدُّوْس، فهل تعتبر الشَّرِيْعَة ناقصةً، أو ضعيفةً، أو مُخطئةً؟" فاختصر الرَّسُوْل جميع حججهم بالسُّؤَال: "هل شريعة الله خطيئة؟"، وأجابهم مُباشرةً قائلاً لهم: "إنَّ هذا القول لم يكن قطّ مِن بنات أفكاري، فمن المستحيل أن تكون وصايا الله شريرةً، لأنَّها تُرينا طريق الحَيَاة"٠
ولكنَّ بُوْلُس حدَّد كلامه بالحرف "بل"، قائلاً: "بل إنَّني لم أعِ الخطيئة لولا وجود الشَّرِيْعَة. لأنني بدونه كنت عائشاً في الخطيئة بلا مبالاة. مثلما تظهر الثمار للولد سائغةً وشهيَّةً في حديقة جاره، فيقطف منها دون أن يعرف أنَّ الأخذ منها ممنوعٌ، هكذا تظهر الخطيئة في البداية لذيذةً جميلةً، بل أمراً اعتياديّاً. وهذه هي أيضاً حالتنا الملتوية في خطايانا. فنحن نرى الأمور الملتوية والشريرة اعتيادية وصالحة، أمَّا الأمور الصالحة والمستقيمة فتظهر لنا مؤذيةً ومُستهجَنة٠
رومية ٩:٧-١١
٩ أَمَّا أَنَا فَكُنْتُ بِدُونِ النَّامُوسِ عَائِشاً قَبْلاً. وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَتِ الْوَصِيَّةُ عَاشَتِ الْخَطِيَّةُ, فَمُتُّ أَنَا, ١٠ فَوُجِدَتِ الْوَصِيَّةُ الَّتِي لِلْحَيَاةِ هِيَ نَفْسُهَا لِي لِلْمَوْتِ. ١١ لأَنَّ الْخَطِيَّةَ, وَهِيَ مُتَّخِذَةٌ فُرْصَةً بِالْوَصِيَّةِ, خَدَعَتْنِي بِهَا وَقَتَلَتْنِي٠
حيثما نرفع وصيَّةً، نُسبِّب عصياناً في قلب الإنسان. والرَّغبة في التَّعدي تتزايد على الدَّوام. لقد كتب بُوْلُس عباراته، بدءاً مِن الآية السابعة فصاعداً، بصيغة المتكلِّم المُفرَد، لأنَّه قد اختبر في ذاته أنَّ الإنسان، بدون معرفة الشَّرِيْعَة، يرى نفسه صالحاً، وكأن ليست ثمة خطيئة في نفسه، ظانّاً أنَّ الشَّر غير موجود في نفسه، وميتٌ في جسده. ولكن عندما دخلت وصيَّةُ الله حياتَه، وعى وعرف خطاياه، وسمع في ذهنه المطالبة بإنكار الشَّهوة وإماتتها، لأنَّ الشَّرِيْعَة تعني هجوم الله على الأنا الإنساني، حيث إنَّ نفسنا ليست إلاَّ اشتهاء وحب استطلاع. فكلّ التقاء بكلمة الله ووصيَّته يعني موتاً للذَّات٠
وهكذا يوضح الرَّسُوْل لنا، مرَّةً أخرى، أنَّه لا يوجد حلٌّ آخَر لفسادنا غير إماتة الأنا كلِّياً. فبهذه الإماتة الرُّوْحِيّة تَظهر الحقيقة الغريبة، وهي أنَّ الشَّرِيْعَة تُرينا الطَّريق إلى الحَيَاة، ولكنَّه يقودنا إلى الموت، وبالحريِّ إلى إنكار النفس، وحكم الله علينا بالموت والهلاك٠
يقول بُوْلُس إنَّ الخطيئة ظهرت لي في البداية جميلةً وجذَّّابةً. ولكنَّها قادتني إلى عصيان قَدَاسَة الله ونواميسه الطَّبِيْعِيّة، وبزينتها وبهرجتها أدخلتني جهنَّم. تلك هي كذبة الشَّيْطَان، ورياء القتَّال للنَّاس مِن البدء. فهو بكلام معسول وتسهيلات ماكرة يقودنا إلى الهلاك٠
رومية ١٢:٧-١٣
١٢ إِذاً النَّامُوسُ مُقَدَّسٌ, وَالْوَصِيَّةُ مُقَدَّسَةٌ وَعَادِلَةٌ وَصَالِحَةٌ. ١٣ فَهَلْ صَارَ لِي الصَّالِحُ مَوْتاً. حَاشَا. بَلِ الْخَطِيَّةُ. لِكَيْ تَظْهَرَ خَطِيَّةً مُنْشِئَةً لِي بِالصَّالِحِ مَوْتاً, لِكَيْ تَصِيرَ الْخَطِيَّةُ خَاطِئَةً جِدّاً بِالْوَصِيَّةِ٠
وقف بُوْلُس، الفقيه في علوم التَّوْرَاة، مرتعباً أمام الحقيقة أنَّ وحي الله القُدُّوْس في العَهْد القَدِيْم لم يُصلح الإنسان حقّاً، بل قسَّاه، وحرَّضه على فعل الشَّر، لأنَّ كلَّ ممنوعٍ يخلق معارضةً واحتجاجاً على منعه، فالصَّالح يُنشئُ شرّاً يؤدّي إلى الموت. وهنا صرخ بُوْلُس قائلاً: "لا.. إنَّ هذا التَّحليل خاطئٌ. بل إنَّ الصَّالح يُظهر الشَّر، ويُحرِّض على جعله شرّاً مضاعفاً، كي تُكشَف طبيعة الشَّر بالشَّرِيْعَة كاملةً، وتظهر عيوبها٠
الصلاة: أَيُّهَا الرَّبُّ، في قداستك وكمالك يَظهر فسادي ونجاستي. اغفر لي سطحيَّتي في التَّقوى، وانزع بحدَّة شريعتك عن وجوهنا كلَّ قِناعٍ مصنوعٍ من ريائنا، لكي نعرف ونعترف أنَّه لا توجد طريق أخرى لخلاص نفوسنا غير قبول موتنا في صليبك. ثبِّتْنا يا رب في هذا الموت إِلَى الأَبَدِ، لأنَّ شريعتك تديننا، وتُحْدِثُ فينا عصياناً طائشاً. إنني أُسلِّم نفسي لك، أَيُّهَا الرَّبُّ، لتُعالجها، وتُخلِّصها، وتَحفظها في الموت عن الأنا، وفي الحَيَاة الأَبَدِيَّة معك٠
السؤال ٤٢: كيف تصبح الشَّرِيْعَة الصالحة لنا سبباً للشَّر والموت؟