Previous Lesson -- Next Lesson
٢ - العاصفة البحريّة وانكسار السفينة عند جزيرة مالطة (٢٧: ١٤ - ٤٤)٠
أعمال الرسل ٢٧:٢٧-٣٧
٢٧ فَلمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الرَّابِعَةُ عَشَرَةُ, وَنَحْنُ نُحْمَلُ تَائِهِينَ فِي بَحْرِ أَدْرِيَا, ظَنَّ النُّوتِيَّةُ نَحْوَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَنَّهُمُ اقْتَرَبُوا إِلَى بَرٍّ. ٢٨ فَقَاسُوا وَوَجَدُوا عِشْرِينَ قَامَةً. وَلَمَّا مَضَوْا قَلِيلاً قَاسُوا أَيْضاً فَوَجَدُوا خَمْسَ عَشَرَةَ قَامَةً. ٢٩ وَإِذْ كَانُوا يَخَافُونَ أَنْ يَقَعُوا عَلَى مَوَاضِعَ صَعْبَةٍ, رَمَوْا مِنَ الْمُؤَخَّرِ أَرْبَعَ مَرَاسٍ, وَكَانُوا يَطْلُبُونَ أَنْ يَصِيرَ النَّهَارُ. ٣٠ وَلَمَّا كَانَ النُّوتِيَّةُ يَطْلُبُونَ أَنْ يَهْرُبُوا مِنَ السَّفِينَةِ, وَأَنْزَلُوا الْقَارِبَ إِلَى الْبَحْرِ بِعِلَّةِ أَنَّهُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ يَمُدُّوا مَرَاسِيَ مِنَ الْمُقَدَّمِ, ٣١ قَالَ بُولُسُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ وَالْعَسْكَرِ, إِنْ لَمْ يَبْقَ هَؤُلاَءِ فِي السَّفِينَةِ فَأَنْتُمْ لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنْجُوا. ٣٢ حِينَئِذٍ قَطَعَ الْعَسْكَرُ حِبَالَ الْقَارِبِ وَتَرَكُوهُ يَسْقُطُ. ٣٣ وَحَتَّى قَارَبَ أَنْ يَصِيرَ النَّهَارُ كَانَ بُولُسُ يَطْلُبُ إِلَى الْجَمِيعِ أَنْ يَتَنَاوَلُوا طَعَاماً, قَائِلاً, هَذَا هُوَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ عَشَرَ, وَأَنْتُمْ مُنْتَظِرُونَ لاَ تَزَالُونَ صَائِمِينَ, وَلَمْ تَأْخُذُوا شَيْئاً. ٣٤ لِذَلِكَ أَلْتَمِسُ مِنْكُمْ أَنْ تَتَنَاوَلُوا طَعَاماً, لأَنَّ هَذَا يَكُونُ مُفِيداً لِنَجَاتِكُمْ, لأَنَّهُ لاَ تَسْقُطُ شَعْرَةٌ مِنْ رَأْسِ وَاحِدٍ مِنْكُمْ. ٣٥ وَلَمَّا قَالَ هَذَا أَخَذَ خُبْزاً وَشَكَرَ اللَّهَ أَمَامَ الْجَمِيعِ, وَكَسَّرَ, وَابْتَدَأَ يَأْكُلُ. ٣٦ فَصَارَ الْجَمِيعُ مَسْرُورِينَ وَأَخَذُوا هُمْ أَيْضاً طَعَاماً. ٣٧ وَكُنَّا فِي السَّفِينَةِ جَمِيعُ الأَنْفُسِ مِئَتَيْنِ وَسِتَّةً وَسَبْعِينَ.٠
أربعة عشر يوماً في خطر الأمواج، ذلك وقت طويل، ونصف شهر على سفينة متأرجحة، كأنّما هو الأبديّة، ومَن يفقد اتجاهه وينظر إلى عيني الموت، فإنّه يموت ميتات كثيرة. لكنّ بولس صلّى وآمن واطمأن، لأنّه لم يفقد اتجاهه إلى فوق، وعقرب بوصلته اتّجه نحو الله دائماً، وضميره كان مستريحاً ومطهَّراً بدم المسيح وبِرِّه٠
وفجأةً في منتصف الليل أحس البحّارة بِبَرٍّ قريب، وقاسوا العمق سريعاً، فإذا به يتناقص بالتَّتابع كثيراً، فخافوا أن تتحطّم السفينة على الصخرة، فَأَلقوا المراسي إلى القعر لتتمهّل في سيرها، وأنزلوا القارب ليفرّوا به ناجين بأنفسهم. ما أبشعها مِن خيانة! وأدرك بولس الخبير حيلة البحّارة، وأخبر الضابط الّذي لم يتأخّر عن الأمر بقطع حبال القارب، فسقط مبتعداً عن السفينة. لقد أخبر الملاك بولس أنّ الجميع سيخلصون، وليس بعضهم؛ فالشَّيطان حاول، بخداع البحّارة، أن يبطل خطّة الله. وتلك الخديعة قد فشلت فشلاً ذريعاً بسبب انتباه الرسول٠
وبعدئذ أدرك بولس أنّهم باتوا بحاجة إلى قوّة جسديّة ونشاط بدني فيلزمهم الأكل، والعون كان قريباً فلا حاجة للاستمرار بالصّيام، فاقترح بولس أن يأكل الجميع جيداً في الليل المدلهم ودويّ العاصفة المخيفة، وظهر مِن هذا أنّ بولس صارت له مكانة الزعيم الرّوحي في السفينة، فسلطانه وتأنّيه وإيمانه وجرأته أثّرت في الجميع، فتطلّعوا إليه بانتباه، لمّا أعلن انتهاء الصِّيام، فكسر الخبزَ، وصلّى أمام الجميع، وشكر الله وسط العاصفة لنعمته، فاندفعوا يأكلون الطعام بشهيّة، بعد الجوع الشديد، مؤمنين أنّ الله سيخلّصهم وقد أكّد لهم بولس باسم ربّه، أنّه لا تسقط شعرة مِن رؤوسهم، رغم أنّ السفينة آنئذ كانت متخلخلة تتلاعب بها الأمواج، وقد دخلتها المياه مِن بعض جوانبها. لكنّ إيمان الرَّسول نما رغم نمو الصعوبات وتزايدها، وكان وعد المسيح له أهمَّ مِنَ الضيق الذي واجهه٠
ولمّا ثبت بولس سليماً فزع أهل الجزيرة، ووشوش بعضهم بعضاً أنّه إله، لقد زارنا أحد الآلهة. وحقّاً كلّ مؤمن بالمسيح هو ابن الله، ليس مِن الآلهة السَّخيفة التي تصوَّرها اليونانيون والرومان، بل إنّه ممتلئ مِن الرّوح القدس ملتصق بالمسيح، حتّى أنّ الله الآب يتكلّم بواسطته، ويمنحه مِن حياته الأبديّة. فالشيطان علم بدقّة لماذا أراد إهلاك بولس. لقد كان بولس المقدام في تبشير المسكونة، وأراد إخضاع عاصمة العالم للمسيح، ومِنها ينطلق التبشير لبقيّة الأرض، وهذا التقدّم إلى روما تجنّدت ضدّه كلّ قوى جهنّم: المجلس اليهودي، والولاة المتغطرسون، والأرواح المضادة، والعاصفة المميتة، والبحر الهائج، والأفعى السّامة. إنّما المسيح هو المنتصر، وليس أحد يقدر أن يمنع تقدّم موكب انتصاره٠
أعمال الرسل ٣٨:٢٧-٤٤
٣٨ وَلَمَّا شَبِعُوا مِنَ الطَّعَامِ طَفِقُوا يُخَفِّفُونَ السَّفِينَةَ طَارِحِينَ الْحِنْطَةَ فِي الْبَحْرِ. ٣٩ وَلَمَّا صَارَ النَّهَارُ لَمْ يَكُونُوا يَعْرِفُونَ الأَرْضَ, وَلَكِنَّهُمْ أَبْصَرُوا خَلِيجاً لَهُ شَاطِئٌ, فَأَجْمَعُوا أَنْ يَدْفَعُوا إِلَيْهِ السَّفِينَةَ إِنْ أَمْكَنَهُمْ. ٤٠ فَلَمَّا نَزَعُوا الْمَرَاسِيَ تَارِكِينَ إِيَّاهَا فِي الْبَحْرِ, وَحَلُّوا رُبُطَ الدَّفَّةِ أَيْضاً, رَفَعُوا قِلْعاً لِلرِّيحِ الْهَابَّةِ, وَأَقْبَلُوا إِلَى الشَّاطِئِ. ٤١ وَإِذْ وَقَعُوا عَلَى مَوْضِعٍ بَيْنَ بَحْرَيْنِ, شَطَّطُوا السَّفِينَةَ, فَارْتَكَزَ الْمُقَدَّمُ وَلَبِثَ لاَ يَتَحَرَّكُ. وَأَمَّا الْمؤَخَّرُ فَكَانَ يَنْحَلُّ مِنْ عُنْفِ الأَمْوَاجِ. ٤٢ فَكَانَ رَأْيُ الْعَسْكَرِ أَنْ يَقْتُلُوا الأَسْرَى لِئَلاَّ يَسْبَحَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فَيَهْرُبَ. ٤٣ وَلَكِنَّ قَائِدَ الْمِئَةِ, إِذْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُخَلِّصَ بُولُسَ, مَنَعَهُمْ مِنْ هَذَا الرَّأْيِ, وَأَمَرَ أَنَّ الْقَادِرِينَ عَلَى السِّبَاحَةِ يَرْمُونَ أَنْفُسَهُمْ أَوَّلاً فَيَخْرُجُونَ إِلَى الْبَرِّ, ٤٤ وَالْبَاقِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَلْوَاحٍ وَبَعْضُهُمْ عَلَى قِطَعٍ مِنَ السَّفِينَةِ. فَهَكَذَا حَدَثَ أَنَّ الْجَمِيعَ نَجَوْا إِلَى الْبَرِّ٠
وفي الفجر أدركوا بفرح أنّ الله لم يرشدهم إلى منطقة صخريّة على الشاطئ بأمواج ضاربة هائجة مميتة، بل قادهم نحو خليج صغير هادئ وشاطئه رملي لطيف؛ فتشجّعوا لأنّ القادر على كلّ شيء، قاد سفينتهم المتراقصة وسط هيجان العناصر إلى جزيرة مالطة، ولم تنكسّر السفينة قبل الوصول. وأخذت الريح تقودهم في النهاية نحو الشاطئ الضحل المياه، وفجأة حدثت صدمة عظيمة، لأنهم اصطدموا بكثيبٍ رمليٍّ، فانغرز مقدّم السفينة في الرمل بشدّة، بينما انكسرت مؤخّرتها مِن عنف الصدمة وتلاطم الأمواج، فدخلها الماء كشلالات أنهر، فرفع العساكر سيوفهم سريعاً لقتل الأسرى، لأنّهم إن تركوهم يفلتون مِن بين أيديهم، فسيُلقَون هُم إلى الأسود بدلاً منهم. وهكذا أراد الشيطان حتّى آخر لحظة إبطال خلاص بولس، ومنع وصول الإنجيل إلى روما٠
ولكنّ المسيح استخدم الضابط الإنسانيّ يوليوس الّذي راقب بولس في الأيام الماضية الصعبة وضيقاتها الهائلة، فوثق بنبوّة الرسول أَنَّ البَرَّ الّذي أمامهم هو جزيرةٌ، فلا يستطيع أحد الأسرى الهروب مِنها، فأمر بعدم قتل السجناء، ونظّم بانتباه طريقة إنزال جميع المسافرين عند انفجار السفينة، فسبح البعض إلى الشاطئ، وتمسّك بعضهم الآخر بألواح خشبيّة، ولم يغرق أحَدٌ في الأمواج المتعالية، فالجميع البالغ عددهم 276 شخصاً وصلوا إلى البرّ سالمين، ووقفوا على الصخور مبتلّين، مرتجفين مِن البَرْدِ وعظَّموا الله لخلاصهم٠
ولقد أتمّ المسيح وعده لبولس، ومنح لأجله الحياةَ للضابط، والربّان، وصاحب السفينة، وكلّ ركّابها وسجنائها. وبنجاة بولس ورفيقيه، لوقا وأرسترخس، نجت نصوص ومخطوطات إنجيل لوقا وسِفر الأعمال، الّّتي كانت مخيّطة ضمن جلد، لا تتسرّب إليه المياه. فأراد المسيح ونفّذ إرادته، أن يصل الرسول والإنجيل إلى روما. ولا أحد يقدر أن يمنعه مِن تحقيق إرادته الخلاصيّة٠
الصلاة: أيّها الرّبّ القدير، نشكرك لأنّك خلَّصت بولس وكلّ رُكاب السفينة مِن الغرق في البحر. فنؤمن أنّك تحفظنا نحن أيضاً مِن الغرق في الدينونة الأخيرة والتجارب الّتي تسبقها. ساعدنا لنحمل إنجيلك بقلوبنا وألسنتنا وسط بحر الشّعوب الهائج، ليخلص كثيرون ويطمئنُّوا رغم الهجومات الجهنّمية٠
السؤال: ١٢١. ما هي الحوادث الثلاث الّّتي خلّص المسيح بواسطتها الرسول ورفاقه؟