Previous Lesson -- Next Lesson
٣ - فصل الشتاء في مالطة (٢٨: ١ - ١٠)٠
أعمال الرسل ١:٢٨-٦
١ وَلَمَّا نَجَوْا وَجَدُوا أَنَّ الْجَزِيرَةَ تُدْعَى مَلِيطَةَ. ٢ فَقَدَّمَ أَهْلُهَا الْبَرَابِرَةُ لَنَا إِحْسَاناً غَيْرَ الْمُعْتَادِ, لأَنَّهُمْ أَوْقَدُوا نَاراً وَقَبِلُوا جَمِيعَنَا مِنْ أَجْلِ الْمَطَرِ الَّذِي أَصَابَنَا وَمِنْ أَجْلِ الْبَرْدِ. ٣ فَجَمَعَ بُولُسُ كَثِيراً مِنَ الْقُضْبَانِ وَوَضَعَهَا عَلَى النَّارِ, فَخَرَجَتْ مِنَ الْحَرَارَةِ أَفْعَى وَنَشِبَتْ فِي يَدِهِ. ٤ فَلَمَّا رَأَى الْبَرَابِرَةُ الْوَحْشَ مُعَلَّقاً بِيَدِهِ, قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ, لاَ بُدَّ أَنَّ هَذَا الإِنْسَانَ قَاتِلٌ, لَمْ يَدَعْهُ الْعَدْلُ يَحْيَا وَلَوْ نَجَا مِنَ الْبَحْرِ. ٥ فَنَفَضَ هُوَ الْوَحْشَ إِلَى النَّارِ وَلَمْ يَتَضَرَّرْ بِشَيْءٍ رَدِيءٍ. ٦ وَأَمَّا هُمْ فَكَانُوا يَنْتَظِرُونَ أَنَّهُ عَتِيدٌ أَنْ يَنْتَفِخَ أَوْ يَسْقُطَ بَغْتَةً مَيْتاً. فَإِذِ انْتَظَرُوا كَثِيراً وَرَأَوْا أَنَّهُ لَمْ يَعْرِضْ لَهُ شَيْءٌ مُضِرٌّ, تَغَيَّرُوا وَقَالُوا, هُوَ إِلَهٌ٠
فلا يُحبُّ الشَّيطانُ الله ولا أولادَه مطلقاً، بل يريد إبادتهم ومنع إيمانهم، ولكنّ عناية المسيح تحفظنا ليلاً نهاراً، كما كتب الرسول بولس: إِنَّ محبَّة المسيح تحصرنا٠
هكذا اختبر المساكين لطفَ الله أوَّلاً، لمّا نزلوا إلى الشاطئ. فلم يسلبهم سكان الجزيرة الخاضعون لسلطة قرطاجة آنذاك ويقتلوهم، بل قدّموا إليهم إحسانات أكثر مِن العادة، فجمعوا وسط المطر والعاصفة كومة مِن الحطب كبيرة، وأشعلوها لتدفئتهم، وبولس نفسه انحنى وجمع قضباناً لتظلّ النّار متّقدة. لكن الشيطان المغيظ مِن خلاص الرسول ونجاته مِن أشداق اليم، أرسل حيَّة سامَّة نشبت مِن لهيب النار ولدغته في رسغه، غارزةً أنيابها في كفّه بشدّة، حتّى أنّها لم تستطع نزع نابها مِن جسمه بعدَما لدغته. فأخذها بولس بقوّة وألقاها إلى النار، لتحترق رمزاً لمصدر الشيطان ومجيئه وعودته نهائيّاً إلى نار غضب الله٠
شاهدَ سُكَّانُ الجزيرة بارتعابٍ الحيَّةَ تتلوَّى على يد بولس، فقالوا: إِنَّ غضبَ الله لحقه، لأنَّهُ هَربَ مِن عُقوبةِ البحر الهائج فالتقفه الحنش دينونةً لذنوبه، وترقّبوا أن يتلوّى بولس بأوجاع جسده الّذي تسرّب إليه السم، أو أَنْ يتورّم ذراعه وجسمه تماماً. ولكنَّ رسول الأمم بقي مطمئنّاً، ووثق بوعد المسيح أنّ مرسليه سيدوسون الحيّات والأفاعي، ولا يُصيبهم مكروه، لأنّ قوّة المسيح تعمل فيهم٠
ولمّا ثبت بولس سليماً فزع أهل الجزيرة، ووشوش بعضهم بعضاً أنّه إله، لقد زارنا أحد الآلهة. وحقّاً كلّ مؤمن بالمسيح هو ابن الله، ليس مِن الآلهة السَّخيفة التي تصوَّرها اليونانيون والرومان، بل إنّه ممتلئ مِن الرّوح القدس ملتصق بالمسيح، حتّى أنّ الله الآب يتكلّم بواسطته، ويمنحه مِن حياته الأبديّة. فالشيطان علم بدقّة لماذا أراد إهلاك بولس. لقد كان بولس المقدام في تبشير المسكونة، وأراد إخضاع عاصمة العالم للمسيح، ومِنها ينطلق التبشير لبقيّة الأرض، وهذا التقدّم إلى روما تجنّدت ضدّه كلّ قوى جهنّم: المجلس اليهودي، والولاة المتغطرسون، والأرواح المضادة، والعاصفة المميتة، والبحر الهائج، والأفعى السّامة. إنّما المسيح هو المنتصر، وليس أحد يقدر أن يمنع تقدّم موكب انتصاره٠
أعمال الرسل ٧:٢٨-١٠
٧ وَكَانَ فِي مَا حَوْلَ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ ضِيَاعٌ لِمُقَدَّمِ الْجَزِيرَةِ الَّذِي اسْمُهُ بُوبْلِيُوسُ. فَهَذَا قَبِلَنَا وَأَضَافَنَا بِمُلاَطَفَةٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ. ٨ فَحَدَثَ أَنَّ أَبَا بُوبْلِيُوسَ كَانَ مُضْطَجِعاً مُعْتَرىً بِحُمَّى وَسَحْجٍ. فَدَخَلَ إِلَيْهِ بُولُسُ وَصَلَّى, وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ فَشَفَاهُ. ٩ فَلَمَّا صَارَ هَذَا, كَانَ الْبَاقُونَ الَّذِينَ بِهِمْ أَمْرَاضٌ فِي الْجَزِيرَةِ يَأْتُونَ وَيُشْفَوْنَ. ١٠ فَأَكْرَمَنَا هَؤُلاَءِ إِكْرَامَاتٍ كَثِيرَةً. وَلَمَّا أَقْلَعْنَا زَوَّدُونَا بِمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ.٠
دعا بوبليوس رئيس الجزيرة الضابط مع جنوده وأسراه لينزلوا عنده، واعتنى بهذا العدد الكبير بضيافة عظيمة. وبعدئذ أصابَ مرضٌ مُعدٍ والدَ بوبليوس الكريم، فأشرف على الموت، ولكنّ بولس شاكراً للمحسن اعتناءَه بهم، تقدّم إلى بيت أبيه وشفاه باسم المسيح يسوع. فطلبة البارّ تقتدر كثيراً في فعلها، إذ يثبت بدون خطيئة. فبإرادة المسيح يقدر المؤمنون أن يشفوا الأمراض بوضع الأيادي على المرضى، وحقّاً فقد جرت قوّة الله مِن الرسول إلى الضَّعيف فشُفي حالاً٠
وهذه المعجزة كانت مدهشة لأهالي الجزيرة، فالخبر تسرّب مِن بيت إلى بيت بسرعة، فتهلّل النّاس مفكّرين أن الآلهة الصَّالحة زارتهم، فجلبوا كلّ المرضى إلى بولس ولوقا الطبيب وأرسترخس، الّذين صلَّوا معاً وشفَوا باسم المسيح الكلّ. ومِن هذه الخدمات،اختبر الرجال الثلاثة إكرامات كثيرة، فتركوا الجزيرة مزوَّدين بكلّ احتياجاتهم. وممّا لا شكّ فيه، أنّ بولس بشّر أيضاً في هذه الجزيرة بقدر ما أمكنه ذلك باللّغة البربريّة وبقدر ما سمح له القائد، لأنّ الشفاءاتِ المسيحيّةَ كُلَّها ليست سحراً واتصالات بقوى غامضة، بل آيات ظاهرة تدلّ على يسوع المسيح وسلطانه٠
السؤال: ١٢٢. ماذا تعني الحيّة الّّتي عضت بولس؟ وماذا تفهم مِن الشفاءات الحاصلة في جزيرة مالطة؟