Previous Lesson -- Next Lesson
٥ - تأسيس كنيسة لسترة (١٤: ٨ - ٢٠)٠
أعمال الرسل ١٩:١٤-٢٠
١٩ ثُمَّ أَتَى يَهُودٌ مِنْ أَنْطَاكِيَةَ وَإِيقُونِيَةَ وَأَقْنَعُوا الْجُمُوعَ, فَرَجَمُوا بُولُسَ وَجَرُّوهُ خَارِجَ الْمَدِينَةِ, ظَانِّينَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ. ٢٠ وَلَكِنْ إِذْ أَحَاطَ بِهِ التَّلاَمِيذُ قَامَ وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ, وَفِي الْغَدِ خَرَجَ مَعَ بَرْنَابَا إِلَى دَرْبَةَ٠
ولقد سمع اليهود في المدن المجاورة بهذه الوقائع الغريبة، تراكضوا إلى لسترة، وأججوا نيران الاستياء في الشعب، وتفنّنوا بالاتهامات والحيل، وسمّوا الرسولين مضلّين ومخربين للتقاليد وخطراً على مستقبل المدينة، والجمهور الغاضب انحاز إلى المخادعين منضماً إلى صفّ وجهاء المدن الأخرى، الّذين كانوا يؤلّبونهم لقتل الرسولين، وتيقّنت الجماهير أخيراً أنّ بولس ليس إلهاً، بل إنسان مثلهم. فأحاطوا به ورجموه بالحجارة، وفرحوا أنّه لم يخرج مِنه بروق ولا رعود، وهو حقّاً إنسان ضعيف مثلهم، فهجموا عليه أكثر وأمطروه حجارة صخريّة، لأنّه تجاسر على ذم آلهتهم. وهكذا سقط بولس على الأرض مُدَمّىً ممزَّقاً كباطل مهيض، ومغطّى بحجارة كثيرة لم يهاجم الجمهور برنابا اللطيف، بل قصدوا بولس وحده بالطعن والإيذاء، لأنّه هو الّذي كان لولب الحركة والتبشير والشفاء، فقد أدركت جهنّم مَن يأتيها بالخطر، ولعل بولس آنئذ قد خطر له استفانوس، الّذي رُجم أمام أسوار أورشليم، وغفر ذنوب أعدائه مسلّماً روحه بين يدي يسوع الحيّ٠
ولمّا جَرَّرَت الجماهير بولسَ ككلبٍ ميتٍ أمامَ أسوار المدينة، وعادوا إلى بيوتهم متضعضعين مِن حوادث النهار، جاءه التلاميذ عند العِشاء وأحاطوا بجسده الدامي، وصلَّوا معاً مؤمنين بقدرة المسيح على الموت، كأنّما قوّة الله تتسرّب منهم إلى الجريح وجسده الميت، فقام بولس ولباسه ممزّق وثوبه مخرق مهلهل مبتلّ بالدّم والوسخ، فنظر إلى إخوته في المسيح صامتاً، ولم يهرب إلى البرّيّة الدامسة، بل رجع معهم إلى المدينة القاتلة، وسط الأعداء، لأنّه علم أنّ المسيح لم يتركه في الموت، بل أقامه مرّة أخرى للخدمة فثبَّتَ المؤمنين في محبّة الله، رغم جروحه الأليمة٠
وفي اليوم التالي ذهب برنابا وبولس، مشياً على الأقدام، إلى مدينة دربة القريبة. وكان بولس منهوك القوى ولا تزال جراحه مدماة، لكنّ قلبه تهلّل وسرّ، لأنّ المسيح أسّس كنيسةً حيَّةً في لسترة. فتعلّم التلاميذ هناك اسمَ يسوع بواسطة قدوة الرسل٠
أيّها الرّبّ يسوع المسيح: اسمك قدّوس، والشيطان يكره أتباعك، ويشاء أن يهلكهم. ساعدنا لندرك حقّك، ونُعلنه بحكمة، ونحبّ أعداءنا، ونبارك معذِّبيناونطلب تأسيس كنائسك في بلدتنا، آمين٠
٦ - الخدمة في دربة والعودة لتقوية الكنائس المؤسَّسة حديثاً (١٤: ٢١ - ٢٣)٠
أعمال الرسل ٢١:١٤-٢٣ ٢١ فَبَشَّرَا فِي تِلْكَ الْمَدِينَةِ وَتَلْمَذَا كَثِيرِينَ, ثُمَّ رَجَعَا إِلَى لِسْتِرَةَ وَإِيقُونِيَةَ وَأَنْطَاكِيَةَ, ٢٢ يُشَدِّدَانِ أَنْفُسَ التَّلاَمِيذِ وَيَعِظَانِهِمْ أَنْ يَثْبُتُوا فِي الإِيمَانِ, وَأَنَّهُ بِضِيقَاتٍ كَثِيرَةٍ يَنْبَغِي أَنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ. ٢٣ وَانْتَخَبَا لَهُمْ قُسُوساً فِي كُلِّ كَنِيسَةٍ, ثُمَّ صَلَّيَا بِأَصْوَامٍ وَاسْتَوْدَعَاهُمْ لِلرَّبِّ الَّذِي كَانُوا قَدْ آمَنُوا بِهِ٠
ممتلئين بقوّة الرّوح القدس، بشّر الرسولان المضطهدان أهل دربة، وهي مدينة صغيرة في آسيا الصغرى، وكثيرون مِن النّاس آمنوا بالمسيح تاركين الموت في الخطايا، داخلين حياة الله في البرّ والقداسة. وبهذا العمل تَمّم الرسولان أمر المسيح الّذي قال: دُفع إليّ كلّ سلطان في السّماء وعلى الأرض، فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمّدوهم باسم الآب والابن والرّوح القدس وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به، وها أنا معكم كلّ الأيام إلى انقضاء الدهر٠
وتأثّر الرسولان خصوصاً بمعنى الكلمات:"وعلّموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" لأنّ كنائِسَهُما كانت جديدة، وبدون كتاب مقدّس باللغة اليونانيّة، وبدون نظام للاجتماعات، وبدون خبرة في المناقشات مع الأعداء، فشابه الرسولان الأمّ الّّتي ولدت أطفالاً، واستلزم مفارقتهم، رغم أنّهم غير مستطيعين تغذية أنفسهم، ولا السعي لأجل سدّ إعوازهم، فاشتاق قلباهما لأولئك الأطفال الرّوحيين المتروكين. فلم يخافا خطر الموت، ورجعا بجرأة إلى المدن الّتي اضطهدا فيها سابقاً، فالمحبّة تغلب كلّ خوف وتطرده، لأنّها أعظم الدوافع في الإنسان٠
وعاد الرسولان إلى لسترة حيث جُرّم بولس، وهناك لم يبشّرا الجماهير عامة، بل قوّيا المؤمنين الّذين دعاهم المسيح مِن العالم نخبةً لملكوته. وبهذه الخدمة مارس الرجلان واجب بنيان النفوس بعد التبشير، ولم يتكلّما عن أحلام ورجاء متخيّل، بل شهدا لهم بكلّ وضوح، أنّه ينبغي أن ندخل ملكوت الله بضيقات كثيرة. انتبه لقد قالا (ينبغي) فلا تستطيع أن تدخل ملكوت الله بدون ضيقات، بل ستلاقي أمواج البغضة والكذب والعذاب والآلام لأجل المسيح، عربوناً لدخولك إلى رحاب النّعمة٠
وفهم الرسولان بعبارة ملكوت الله، مملكة أبي ربّنا يسوع المسيح الّّتي أصبحت ظاهرة في قوّة الابن، وكلّ المؤمنين ينتظرون مجيئه في المجد، وإعلان قدرته على الأرض، علماً أن كلّ مولود ثانيةً مِن الرّوح القدس، هو اليوم عضو في ملكوت الله، لأنّ يسوع المسيح اشترى لنا بدمه العضويّة والقداسة والتواضع والمحبّة. فهل دخلت إلى رحاب المسيح؟ وهل تترقّب ظهور ملكوت الآب عند مجيء مخلّصنا المسيح؟ فليس خلاص نفسك، ولا نموّ الكنائس العديدة، هو هدف ملكوت الله، بل ظهور مجد الآب والابن في شركة الّذين يعيشون في قوّة الرّوح القدس، فاطلبوا أولاً ملكوت الله وبرّه، فتزاد وتترتّب لك الأمور الأخرى تلقائيّاً.ولم يعظ الرسولان عن الإيمان والآلام والمجد فقط، بل نظّما الكنائس عمليّاً، واختارا على أساس اختباراتهما شيوخاً؛ وعيّنوهم لترؤس الاجتماعات، وتحمّل مسؤوليّة الفقراء والمرضى، حيث كانت حياتهم قدوة في القداسة والخلاص والعفة باتباع المسيح٠
وهكذا قوّى الرسولان الكنائس، واستطاعا أخيراً أن يتركا رعاياهما، وسلَّماهم إلى الراعي العظيم المسيح الّذي كان معهم كلّ الأيام. ولممارسة هذا التسليم، استعدّوا مصلّين وصائمين، وطلبوا ملء الرّوح القدس للمسؤولين الجدد في الكنائس، وآمنوا أنّ المسيح نفسه يحمل المسؤوليّة عن كنيسته. ولم يضع الرسولان قوانين وطقوساً وكتب ترانيم للكنائس، بل سلّما المجتمعين إلى يدي المسيح الحيّ، عالمين أنّه قادر أن يقدّس إلى التّمام كلّ الّذين ينجذبون إلى موكب انتصاره٠
الصلاة: يّها الرّبّ يسوع المسيح، أنت رأس كنيستك والرّاعي الأمين. فنطلب إليك لأجل كلّ حلقات جديدة للمؤمنين، أن تباركها، وتملأها بروح تواضعك، لكي لا تنقص قوّة ومحبّة ومعرفة، واستعداداً للتبشير. اغفر لتلاميذك كلّ الذنوب يوميّاً، وامنحهم شيوخاً مسؤولين يعملون إرادتك، في عفّة وحقّ وقدوة حسنة للآخرين٠
السؤال: ٧٠. ماذا عمل بولس وبرنابا في الكنائس الحديثة أثناء عودتهما إليها؟