Previous Lesson -- Next Lesson
٣ - التبشير في أَنطاكية الأناضول (١٣:١٣ - ٥٢)٠
أعمال الرسل ٢٦:١٣-٤٣
٢٦ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ بَنِي جِنْسِ إِبْرَاهِيمَ, وَالَّذِينَ بَيْنَكُمْ يَتَّقُونَ اللَّهَ, إِلَيْكُمْ أُرْسِلَتْ كَلِمَةُ هَذَا الْخَلاَصِ. ٢٧ لأَنَّ السَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ وَرُؤَسَاءَهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا هَذَا. وَأَقْوَالُ الأَنْبِيَاءِ الَّتِي تُقْرَأُ كُلَّ سَبْتٍ تَمَّمُوهَا, إِذْ حَكَمُوا عَلَيْهِ. ٢٨ وَمَعْ أَنَّهُمْ لَمْ يَجِدُوا عِلَّةً وَاحِدَةً لِلْمَوْتِ طَلَبُوا مِنْ بِيلاَطُسَ أَنْ يُقْتَلَ. ٢٩ وَلَمَّا تَمَّمُوا كُلَّ مَا كُتِبَ عَنْهُ, أَنْزَلُوهُ عَنِ الْخَشَبَةِ وَوَضَعُوهُ فِي قَبْرٍ. ٣٠ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. ٣١ وَظَهَرَ أَيَّاماً كَثِيرَةً لِلَّذِينَ صَعِدُوا مَعَهُ مِنَ الْجَلِيلِ إِلَى أُورُشَلِيمَ, الَّذِينَ هُمْ شُهُودُهُ عِنْدَ الشَّعْبِ. ٣٢ وَنَحْنُ نُبَشِّرُكُمْ بِالْمَوْعِدِ الَّذِي صَارَ لآبَائِنَا ٣٣ إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَكْمَلَ هَذَا لَنَا نَحْنُ أَوْلاَدَهُمْ, إِذْ أَقَامَ يَسُوعَ كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ أَيْضاً فِي الْمَزْمُورِ الثَّانِي, أَنْتَ ابْنِي أَنَا الْيَوْمَ وَلَدْتُكَ. ٣٤ إِنَّهُ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ, غَيْرَ عَتِيدٍ أَنْ يَعُودَ أَيْضاً إِلَى فَسَادٍ, فَهَكَذَا قَالَ, إِنِّي سَأُعْطِيكُمْ مَرَاحِمَ دَاوُدَ الصَّادِقَةَ. ٣٥ وَلِذَلِكَ قَالَ أَيْضاً فِي مَزْمُورٍ آخَرَ, لَنْ تَدَعَ قُدُّوسَكَ يَرَى فَسَاداً. ٣٦ لأَنَّ دَاوُدَ بَعْدَ مَا خَدَمَ جِيلَهُ بِمَشُورَةِ اللَّهِ رَقَدَ وَانْضَمَّ إِلَى آبَائِهِ, وَرَأَى فَسَاداً. ٣٧ وَأَمَّا الَّذِي أَقَامَهُ اللَّهُ فَلَمْ يَرَ فَسَاداً. ٣٨ فَلْيَكُنْ مَعْلُوماً عِنْدَكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ, أَنَّهُ بِهَذَا يُنَادَى لَكُمْ بِغُفْرَانِ الْخَطَايَا, ٣٩ وَبِهَذَا يَتَبَرَّرُ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ مِنْ كُلِّ مَا لَمْ تَقْدِرُوا أَنْ تَتَبَرَّرُوا مِنْهُ بِنَامُوسِ مُوسَى. ٤٠ فَانْظُرُوا لِئَلاَّ يَأْتِيَ عَلَيْكُمْ مَا قِيلَ فِي الأَنْبِيَاءِ, ٤١ اُنْظُرُوا أَيُّهَا الْمُتَهَاوِنُونَ وَتَعَجَّبُوا وَاهْلِكُوا, لأَنَّنِي عَمَلاً أَعْمَلُ فِي أَيَّامِكُمْ, عَمَلاً لاَ تُصَدِّقُونَ إِنْ أَخْبَرَكُمْ أَحَدٌ بِهِ. ٤٢ وَبَعْدَمَا خَرَجَ الْيَهُودُ مِنَ الْمَجْمَعِ جَعَلَ الأُمَمُ يَطْلُبُونَ إِلَيْهِمَا أَنْ يُكَلِّمَاهُمْ بِهَذَا الْكَلاَمِ فِي السَّبْتِ الْقَادِمِ. ٤٣ وَلَمَّا انْفَضَّتِ الْجَمَاعَةُ, تَبِعَ كَثِيرُونَ مِنَ الْيَهُودِ وَالدُّخَلاَءِ الْمُتَعَبِّدِينَ بُولُسَ وَبَرْنَابَا, اللَّذَيْنِ كَانَا يُكَلِّمَانِهِمْ وَيُقْنِعَانِهِمْ أَنْ يَثْبُتُوا فِي نِعْمَةِ اللَّهِ٠
بَدأَ بولسُ الجزءَ الرَّئيسيَّ مِن عظته، بمخاطبة قلبيّة لأبناء إبراهيم وطلاّب الله، وشهد لهم أنّ رسالة الخلاص مرسلة إليهم مباشرةً، فكلّ الأنبياء حتّى يوحنّا المعمدان ترقّبوا تحقيق مواعيد الله. أمّا الخلاص فقد صار متحقّقاً وتاماً ومستعدّاً أن يتحقّق في المستمعين٠
لم يصمت بولس عن رفض أمّته ليسوع، ولم يخبئ حكم الظلم للمجلس الأعلى اليهودي في أورشليم، بل سمّى تمرّدهم وعصيانهم وظلمهم جهالة، وهي في الوقت نفسه ذنب وإجرام وتعدّ كبير، لأنّهم لم يطيعوا صوت الرّوح القدّوس، فتمّم المجلس الأعلى بحكمه الشرّير نبوّات الأنبياء، إذ سلّم يسوع ليدَي الوالي الروماني، وحرّض الشعب على طلب صلبه، حتّى خضع الوالي لصوت الأمّة الهادر. فاهتمّ بولس اهتماماً كبيراً أن يبرهن للمستمعين، أنّ يسوع لم يمت إتماماً لرغبات اليهود، بل إتماماً للنُّبوَّة، لأنّه لا يتم شيء في العالم بلا إرادة الله. فالصّليب يرينا أنّ النّاس أصبحوا رغم إتمام مشيئة الله خاطئين، لأنّهم كانوا دائماً يعارضون محبّة الله٠
ولكنّ الله لم تتناه إمكانيته وقدرته، لمّا قتل النّاس مخلّص العالم، بل في موته خصوصاً قد عظم انتصار العلي الّذي أقام يسوع مِن القبر، وقد ذكّر بولس في عظته، أربع مرّات، أنّ إقامة يسوع هي عمل الله العظيم. فلم يمت المصلوب مجرماً، بل كان متجاوباً مع الله دائماً، لأنّه قدّوس؛ ومَن بقي بلا خطيئة لن يموت. فقيامة المسيح مِن بين الأموات هي حجر الزاوية المتين في رسالة بولس، وبولس شاهدٌ بأنَّ يسوع ظهر أياماً كثيرة لتلاميذه، الّذين هم بدورهم شهود العيان لحقيقة الجسد الرّوحي للمسيح٠
وعلى أساس القيامة أوضح بولس، مِن العهد القديم، أنّ لله ابناً أزليّاً قدّوساً مجيداً. فكان الله أبا يسوع، وثبت أميناً له، وأخرجه مِن القبر، ورفعه مكاناً عالياً إلى مجده. كلّ هذه النبوّات السامية سمعها داود الملك النّبي، ولكنّه لم ينلها لنفسه، بل إِنَّهُ فسد في قبره، وتفتت تَفتُّتاً ومثلما أثبت بطرس في عيد العنصرة قبل ذلك إتمام النبوّات في المزمور 16: 10 وأعمال الرسل 2: 27 في يسوع المسيح، هكذا شهد بولس في أنطاكية أنّه يستحيل على قدّوس الله الفساد، لأنّ قداسته لا تقبل فساداً٠
وحيث إِنَّ حياة الله وقداسته كانتا ساكنتين في الإنسان يسوع، لذلك فالمقام مِن بين الأموات هو في الوقت نفسه ينبوعٌ لكلّ مواهب الله الأخرى. وهكذا شهد الرسول أنّ يسوع الحيّ يغفر خطايانا، وليس إنسان يتبرّر بحفظ النواميس. ولكن مَن يلتصق بيسوع الظافر يتبرّر. وهذا الالتصاق بيسوع لا يعني إلاّ الإيمان. فمَن يؤمن بالمسيح، يتبرّر ويتقدّس، ويحيا إلى الأبد. فهل ثَبتَّ فيه حقّاً؟
إِنَّ هذا الإنجيل يتطلّب القرار إمّا بالقبول أو بالرفض، ويسبب إمّا الخلاص أو القساوة، الحياة الأبديّة أو الموت الزؤام. وقد كرز بولس مسبقاً أنّ كثيرين مِن مستمعيه سوف لا يؤمنون بكلماته، لأنّها تظهر لهم مستحيلة. ولكن هذا حقّاً ما أنبأ به النّبي حبقوق 1: 5 أنّ الله سيعمل عملاً عظيماً يفوق عقل الإنسان وقدرة قلبه، حتّى إنّ كثيرين لا يؤمنون بما عمل الله حقيقة٠
وفي نهاية الاجتماع، ناشد المؤمنون مِن الأمم الرَّسولَين أن يرجعا إليهم في السبت القادم، ويكلّماهم مرّة أخرى عن رسالة الخلاص الّّتي حرّكت أذهانهم، وشوَّقتهم كثيراً. وبعض اليهود والأتقياء رافقوهما إلى بيتهما، وتكلّموا معهما ساعات طويلة عن الخلاص بالنّعمة، لأنّ الرسولين أَكَّدا منذ البداية أنّ النّعمة هي أساس الخلاص، لأنّ الإنجيل ليس ناموساً (شريعة) تشريعيّاً متطلّباً مِن الإنسان أعمالاً مِن تلقاء نفسه لا يقدر على إتمامها فيفشل، إِنَّ الإنجيل يشهد لنا بعمل الله الّذي يُقدّمُ الغفرانَ وقوّةَ المسيح وحياتَه، مجّاناً، لكلّ الّذين يؤمنون بيسوع مِن كلّ قلوبهم٠
الصلاة: أبانا الّذي في السماوات، نشكرك لأنّك أقَمتَ ابنَك يسوع مِن بين الأموات، وغفرت لأجله كلّ خطايانا. ثبّتنا في ابنك، واملأ أذهاننا برسالة خلاصك، لنشهد بقدرتك وعملك وانتصارك.آمين٠
السؤال: ٦٦. بماذا كرز بولس عن قيامة يسوع؟ وما هي البشارة الّّتي علّقها على قيامته؟