Previous Lesson -- Next Lesson
١٥ - النهضة الانتعاشيّة والشّفاءات الكثيرة (٥: ١٢ - ١٦)٠
أعمال الرسل :٥ ١٢-١٦
١٢ وَجَرَتْ عَلَى أَيْدِي الرُّسُلِ آيَاتٌ وَعَجَائِبُ كَثِيرَةٌ فِي الشَّعْبِ. وَكَانَ الْجَمِيعُ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ فِي رِوَاقِ سُلَيْمَانَ. ١٣ وَأَمَّا الآخَرُونَ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ يَجْسُرُ أَنْ يَلْتَصِقَ بِهِمْ, لَكِنْ كَانَ الشَّعْبُ يُعَظِّمُهُمْ. ١٤ وَكَانَ مُؤْمِنُونَ يَنْضَمُّونَ لِلرَّبِّ أَكْثَرَ, جَمَاهِيرُ مِنْ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ, ١٥ حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا يَحْمِلُونَ الْمَرْضَى خَارِجاً فِي الشَّوَارِعِ وَيَضَعُونَهُمْ عَلَى فُرُشٍ وَأَسِرَّةٍ, حَتَّى إِذَا جَاءَ بُطْرُسُ يُخَيِّمُ وَلَوْ ظِلُّهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ. ١٦ وَاجْتَمَعَ جُمْهُورُ الْمُدُنِ الْمُحِيطَةِ إِلَى أُورُشَلِيمَ حَامِلِينَ مَرْضَى وَمُعَذَّبِينَ مِنْ أَرْوَاحٍ نَجِسَةٍ, وَكَانُوا يُبْرَأُونَ جَمِيعُهُمْ٠
ما كان القدّيسون في شركتهم أنانيين عائشين لأنفسهم، متبخّرين بعضهم مِن بعض برياء المديح. كلاّ، بَل كانوا مفعمين بالرّحمة، وتألمّوا لضيقات أمّتهم طالبين تدخّل يد الله؛ فلم يبشّروا فقط، بل شفوا أيضاً؛ ولم يخدموا الله بافواههم فقط، بل بأيديهم وعضلاتهم أيضاً٠
وللعجب أنّهم لم ينطلقوا بقدرتهم الشخصيّة، ولم ينظّموا مؤسّسة خيريّة، وما جمعوا أموالاً للمساكين. كلاّ إنّهم قد أعطوا مِن قوّة الله الموهوبة لهم، فأصبحت خدمتهم آية مشيرة إلى تمجيد يسوع، وحصلت آيات كثيرة وعجائب عديدة، عملها يسوع بواسطتهم. وهذه كلّها كانت استجابة لصلواتهم المذكورة في الأصحاح 4: 24-30 فمدّ الله يده، وانتصر برسله على الأمراض والشياطين والضيقات. فكان ملكوته مقبلاً على نحوٍ ظاهرٍ وملموس. لم يَبْنِ المؤمنون كنيسة مصنوعة مِن حجارة، ولم يكونوا بحاجة إلى بيت مقدّس لله، لأنّ قلوبهم كانت المكان الّذي سكنه الله. فاجتمعوا في بيوتهم حلقات صغيرة، أو التقوا سويّاً في دور الهيكل الواسع، حيث علّم يسوع الشعب سابقاً. وهناك رتَّلوا وتكلّموا وصلّوا معاً، وأصبحت جماعتهم معروفة لدى الشعب كلّه ومحبوبة ومكرّمة، لأنّه لم يشتك أحد منهم على الآخر، بل عرفوا بعضهم بعضاً بالرّوح القدس، واشتاقوا لتلاقيهم دائماً٠
وللعجب لم تتراكض إِليهم ألوف مِن النّاس لعلمهم أنّه يوجد في حوزة الرسل صندوق مليء بالمال للتوزيع على الأعضاء المحتاجين، ولم يأتوا إليهم لاختبارهم قوّة الله الجارية مِن خدّامه مجّاناً. كلاّ بل بقيت الجماهير مراقبة على الحياد وفي قلوبها رهبة، لأنّهم شعروا أنّ في هؤلاء المؤمنين يسكن الله، ومَن لم يكن مستعداً ليموت لأنانيته حالاً، بقي بعيداً عن شركة القدّيسين ما عدا جماعات الرّجال والنساء، الّذين آمنوا واهتدوا وأتوا بعزم وثبات إلى كنيسة المسيح، فتجدّدوا ولبسوا قوّة واطمئناناً في الرّبّ٠
جرت العادة عند العبرانيين أن يحسبوا الرِّجال فقط دون النساء. ولكنّ البشير لوقا يؤكّد بأهميّة أنّ جماهير مِن النساء قد تبعن رسل المسيح، واختبرن قوّة الرّوح القدس وخلاصه. فإيمانهنَّ لم يكن تصديقاً متفلسفاً، بل اشتراكاً في خلاص الله وقوّته الحالة فيهنّ٠
وازداد جريان قوّة الرّوح القدس في تلك الأيام، حتّى حدثت عجائب، كما في أيام يسوع (مرقس 6: 56) الّذي في زمنه كان المرضى يوضعون على الطريق، لكي يلمسوا ثوبه إذا مرّ في القرى والمدن، فيشفون لإيمانهم بيسوع. ونظير ذلك حدث في زمن بطرس الذي صار ظِلُّه ممتلئاً قوّة، لأنّ الرّوح القدس فاض مِنه. فإنّ محبّة المسيح هي جوّ روحيّ ملموس تُشفى فيه نفس الإنسان٠
لم تبق حركة هذه النهضة مجهولة في القرى والمدن اليهوديّة، بل أتى أناس مِن الجوار بمرضاهم وملبوسيهم بالأرواح الشرّيرة، ليشفيهم الرسل. هكذا تحقّق الجزء الثاني مِن أمر المسيح لتبشير العالم، لأنّه كان على الرسل أن يبتدئوا في أورشليم، وبعدئذ ينشرون الإنجيل في اليهوديّة. وقد شفى الرسل بسلطان المسيح جميع المرضى. وهذه الكلمة (جميعهم) لم تصدر مِن أخبار قسيس أو كاهن أو أسقف، بل كتبها طبيب خبير، الّذي علم بدقّة القوى والأمراض المفسدة، والأرواح المجنّنة، الّّتي تعمل في النّاس. ولكنَّ قوّة المُقام مِن بين الأموات، تغلّبت بواسطة الكنيسة الحيّة على كلّ خراب إبليس في العالم. وهكذا رافق التلاميذ ربّهم في موكب انتصاره. وحتّى اليوم يحرّر المسيح كثيرين مِن قيود الخطيئة، وأربطة الشياطين والأمراض المؤلمة، شرط أن يلتصق المؤمنون بشركة المحبّة، ويصلّوا معاً كهيكل الله، ويخضعوا لإرشاد الرّوح القدس بالمحبّة والحقّ. فهل تحقّقت كنيسة المسيح عندكم؟ ادرس سِفر أعمال الرسل وأخباره بالتفصيل، لأنّ يسوع المسيح، هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد٠
الصلاة: باركي يا نفسي الرّبّ، وكلّ ما في باطني ليبارك اسمه القدّوس. باركي يا نفسي الرّبّ، ولا تنسي كلّ حسناته، الّذي يغفر جميع ذنوبك، الّذي يشفي كلّ أمراضك، الّذي يفدي مِن الحفرة حياتك، الّذي يكلّلك بالرحمة والرأفة، الّذي يُشبع بالخير عمرك، فيتجدّد مثل النسر شبابك.آمين٠
السؤال: ٢٨. ما هو سرّ العمل الخيري في الكنيسة الأولى؟