Previous Lesson -- Next Lesson
متى - توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير متى
الجزء الثاني المسيح يعلّم ويخدم في الجليل (متى ٥: ١-١١: ١)٠
٣- إرسال التلاميذ الاثني عشر للتبشير ( ٩: ٣٥- ١١: ١)٠
٣. أساليب نشر ملكوت السموات (المجموعة الثانية لكلمات المسيح ) (١٠: ٥- ١١: ١)٠
ب)الأخطار والعذاب في سبيل التبشير ( ١٠: ١٦-٢٥)٠
متى ١٠: ٢١-٢٣
٢١
وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ، وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلَى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ، (٢٢) وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي. وَلكِنِ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهذَا يَخْلُصُ. (٢٣) وَمَتَى طَرَدُوكُمْ فِي هذِهِ الْمَدِينَةِ فَاهْرُبُوا إِلَى الأُخْرَى. فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ لاَ تُكَمِّلُونَ مُدُنَ إِسْرَائِيلَ حَتَّى يَأْتِيَ ابْنُ الإِنْسَانِ
(ميخا٧: ٦، متى١٦: ٢٨؛ ٢٤: ٩-١٣، أعمال٨: ١)٠
رسم يسوع أمام تلاميذه أربعة أطر، يضيق كل واحد على أتباعه، وهم: عامة الناس، والمحكمة الدينية ثم السلطة المدنية وأخيراً العائلة الخاصة. ما آلم أن يبغض الإخوة أخاهم أو أختهم لأجل الإيمان بيسوع، ويتحول الوالدان المحبوبان أعداء للمفدي الذي فتح قلبه للمسيح ٠
شاهد أب مؤمن في إحدى البلدان الدكتاتورية أن إبنه أخذ يتقلّب في فراشه مضطرباً وهو نائم، فسأله الأب وهو بين النوم واليقظة عمَّا يُزعجه؟ تمتم الصبي قائلا: إن قائد فرقة الشبيبة أجبره أن يتجسس على والديه، ويخبره بكل ما يقولانه وهما على مائدة الطّعام٠
كتبت إحدى طالبات الطب، أن أباها يبغضها لأنها تخلت عن دين أجدادها، لكن في نفس الوقت يحبها لأنها تسلك داخل البيت وفي حياتها العملية بتواضع ومحبة وطهارة. على العكس من ذلك، فإن أبوها يحب أخاها لثباته على دين الآباء، ويكرهه في الوقت ذاته لإنغماسه في كل النجاسات. فطلبت منا الطالبة أن نعينها بصلواتنا، لكي تستطيع السلوك في القداسة، وتشهد من خلال صمتها، لأنها ممنوع عليها أن تناقش أو أن تجادل ولي أمرها٠
إن بغضة الأقوياء والمجتمع تصل إلى قمتها إذا حكم البلاد طاغية من الطغاة المضادين لروح المسيح، يستخدم كل وسائل الدعاية للإستسلام لشهواته ولحزبه. نجد في تاريخ الكنيسة أمواجاً من الإضطهادات التي أودت بحياة كثيرين وسفكت دماء الأبرياء برهاناً على محبة أتباع يسوع لربهم. فتأكدوا أنه حي لا يفصلهم شيء عن محبته. جميعنا نتعرّض لأوقات حرجة، لأن المسيح الكذاب مقبل علينا، ليوحد الشعوب والأديان ضد المسيح الحقيقي، وفي زمن حكمه المحدود يسيطر على جميع المسيحيين ويذبحهم أفواجاً. عندئذ سيظهر من يثبت في المسيح بأمانة ومن يتعلم من روحه الصبر وقوة الإحتمال، ويحب أعداءه ويباركهم ويرحم المندفعين من الشياطين٠
لقد ابتدأ خلاصنا على الصليب، وتحقق ساعة الولادة الثانية، ويتم في الآلام كما قال الرسول: "بضيقات كثيرة ينبغي أن تدخلوا إلى ملكوت الله" ٠
إن المسيح لا يدعو كل شاهد من شهوده أن يموت شهيداً، بل أوصى تلاميذه للهروب إلى مدينة أخرى إذا طُردوا من الأولى، ويكونوا هناك شهوداً. شهد يسوع للمخلصين أن المدن التي يمكنهم الإلتجاء إليها لا تنتهي حتى يأتي. فيجوز للتلاميذ في أوقات الخطر الشديد، بل ينبغي أن يغيروا مقرهم ومسكنهم لنجاتهم حينما يفتح لهم الرب بعنايته باب النجاة. وأن من ينتقل قد يجاهد مرة أخرى. ليس أمراً معيباً إن كان جنود المسيح يتركون الميدان، شرط أن لا يتركوا الإيمان ومبادءهم. يجوز لهم أن يبتعدوا عن الخطر، شرط أن لا يهربوا من الخدمة٠
لاحظ عناية المسيح بتلاميذه في إعداده أمكنة للإعتزال فيه، إو التحصن فيها، إذا أن تلك العناية ترتب أن لا يقوم الإضطهاد في كل الأمكنة في وقت واحد. إن حَمِيَ وطيس الإضطهاد في هذه المدينة وجدوا راحة في الأخرى. والفرص التي يقدمها الله لنا ينبغي أن نستخدمها ولا نحتقرها، لكن ينبغي على الدوام أن لا نخرج عن هذه القاعدة: أن لا نلجأ للوسائل الخاطئة غير الشرعية للنجاة، إن أمكن ذلك، وإلا كانت باباً لم يفتحه الرب٠
لم يكن المسيح قد تكلم عن موته وقيامته حتى هذه المناسبة، حيث شرح لهم عن مجيئه الثاني كهدف تاريخ البشر، واضعاً أمامهم قبل كل شيء رجاءً عظيماً. فليست الآلام والموت والقيامة هي هدف المسيحيين، بل ظهور يسوع في المجد، إذ يغلب كل الممالك، ويضع أعداءه موطئاً لقدميه. عندئذ يظهر من كان من أتباعه كاهناً مبتهلاً لأجل أصدقائه وأعدائه. هذا سيملك مع يسوع القائل: «طوبى للودعاء لأنهم يرثون الأرض»٠
الصلاة: أيها الملك الآتي القدوس، اغفر لي الجرأة الناقصة وقلة الإيمان وعدم الصبر واغلب فيَّ كلَّ بغضة وشبهها لإعداد ملكوتك. علمني أن أدرك خطتك الخلاصية لكي أستعد للتألم واشهد لإسمك جهراً. أرشدني متى يجب علي أن أصمت أو أهرب من يد الأعداء لكي أعلن إسمك في مكان آخر. اجعلني متعلقاً بقيادتك وبارك معذبي ومضطهدي، واملأ مبغضي بنعمتك. تعال سريعاً أيها الرب يسوع. قوِّ كل مؤمن يتألم اليوم لأجل إسمك أو يلقى حتفه في سبيلك٠
السؤال ١٠٣ : كيف نغلب أمواج الإضطهادات؟