Previous Lesson -- Next Lesson
متى - توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير متى
الجزء الثاني المسيح يعلّم ويخدم في الجليل (متى ٥: ١-١١: ١)٠
١- الموعظة على الجبل عن دستور ملكوت السماوات٠
(المجموعة الأولى لكلمات يسوع)٠
٤. خلاصة دستور ملكوت السموات (٧:٧ –٢٧)٠
ت) الطريقان (٧: ١٣، ١٤)٠
متى ٧: ١٣-١٤
١٣
اُدْخُلُوا مِنَ الْبَابِ الضَّيِّقِ، لأَنَّهُ وَاسِعٌ الْبَابُ وَرَحْبٌ الطَّرِيقُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلاَكِ، وَكَثِيرُونَ هُمُ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ مِنْهُ! (١٤) مَا أَضْيَقَ الْبَابَ وَأَكْرَبَ الطَّرِيقَ الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْحَيَاةِ، وَقَلِيلُونَ هُمُ الَّذِينَ يَجِدُونَهُ! ٠
(متى١٩: ٢٩، لو١٣: ٢٤، أعمال١٤: ٢٢)٠
يدعوك الله لتتقدم إليه. لكن أين هو باب السماء؟ قال المسيح: «أنا هو الباب». وليس أحد يدخل إلى الفردوس إلا إذا التجأ إلى محبة الله المتجسد في يسوع. هو الذي حمل خطاياك. فيه تستطيع القدوم إلى الله خالياً من ذنوبك. وبدون التخلص من خطاياك لا تستطيع المرور من الباب الضيق. ينبغي علينا أن نأتي معترفين بخطايانا ليجعل منا مطهَّرين قدّيسين. فالصليب هو الباب الداخلي المؤدي إلى السماء٠
في الطريق الواسع الرحب تجد الكثير من الحرية. فالباب مفتوح على مصراعيه ليغري السالكين في رفاهية تستطيع الدخول من هذا الباب بكل شهواتك، دون أن تجد ما يصد رغباتك أو ملذاتك. تستطيع أن تسلك "في طريق قلبك وبمرأى عينيك" (جامعة١١: ٩) لأنه واسع جداً. إنه طريق رحب لأنه لا توجد فيه حواجز تصد السالكين فيه، وهم يتجولون بكل حريّة. طريق رحب لأن فيه مسالك كثيرة، وفيه يجد المرء حرية الإختيار بين طرق خاطئة كثيرة، كل منها عكس الأخرى، لكنها كلها مسالك في هذا الطريق الواسع ٠
كثيرون سيدخلون من هذا الباب ويسلكون في هذا الطريق. إذا تبعنا الكثيرين كان ذلك لفعل الشر، وإذا سرنا مع الأكثرية سرنا في الطريق الخاطئ. إنه لأمر طبيعي أن نميل للسير مع التيار، ونتصرف كما تتصرف الأغلبية، لكن هل نرضى لأنفسنا بأن نُدان معهم، ونذهب إلى جهنم معهم لأنهم لا يريدون الذهاب إلى السماء معنا؟ إذا كان الكثيرون يهلكون فيجب أن نكون نحن أكثر حرصاً ٠
ليس الطريق لاتباع يسوع هيناً، بل يتطلب انتباهاً كبيراً على الدوام. فان اجتزت بترنم سلسلة الجبال الفاتحة أفواه أوديتها، من اليمين والشمال، لتبتلع العابرين، لا تخف في سيرة حياتك الخطرة بل اتبع قائدك يسوع مرتبطاً به بحبل الإيمان، كي لا تسقط في الهاوية، بل تتوصل إلى العلي، هدف حياتك ٠
قليلون هم أتباع المسيح، لأن الناس لا يعرفون أن طريق محبته جميلة، فيسرعون في طرق الشهوات والأمنيات الكاذبة، مفتخرين وعاصين الله ومتجولين في صراطهم العريض إلى أسفل الهاوية ظانين أنهم على صلاح واستقامة وهدى وأنهم ليسوا بحاجة إلى مخلص رحيم. ليس للناس الذين يحيون بدون الله أي فرح او حق أو سرور داخلي، فيبطرون ويسكرون ويزنون، وإذا طريقهم يوصلهم مباشرة إلى الهلاك الأبدي٠
إلى أين أنت ذاهب؟ أي طريق تسلك؟ هل الطريق المؤدية إلى الله أم إلى الشرير؟ لا تسرع في الإجابة لأن الأتقياء الفريسيين، في زمن المسيح، فكروا متأكدين أن بطاقة الدخول إلى السماء جاهزة في جيوبهم. إنهم تركوا التدخين وهجروا الخمر وارتدوا ملابس محتشمة، وصلوا بلا انقطاع، وصاموا أياما وليالي معدودات ثم قدموا عطايا وقرابين وشهدوا بأصوات مرتفعة. رغم كل ذلك لم تُغنهم هذه العبادات الظاهرية بل كانوا أقرب الناس إلى جهنم الملتهبة. إنهم لم يُدركوا ذنوبهم وركضوا غير تائبين، فغرقوا في الإستكبار المبين. لقد أحضر لهم الشيطان صاروخا من بِرِّهم الذاتي فهوى بهم الى السعير، فتقدّموا مطمئنين إلى فم جهنم المفتوحة وبئس المصير٠
إن تجديد الحياة هو "الباب" الذي ندخل منه إلى هذا الطريق الذي به نبدأ حياة الإيمان والتقوى. بالتجديد نهجر حياة الخطيئة وندخل إلى حياة النعمة. هذا "باب ضيق" لأنه من العسير الحصول عليه، ومن الصعب اجتيازه، كممر بين صخرتين. ينبغي أن يكون هنالك قلب جديد وروح جديدة، وأن يوضع حد للأشياء العتيقة. ينبغي أن تتغير ميول النفس، وأن تهجر العادات الفاسدة، وأن نتخلى عما ألفناه طوال أيامنا. ينبغي أن نسبح ضد التيار، وأن نجاهد ضد مقاومات كثيرة من الداخل ومن الخارج. إنه أيسر أن يقاوم المرء ضد العالم من أن يقاوم ضد نفسه. مع ذلك ينبغي أن يقف هذا الموقف. إنه "باب ضيق" لأننا ينبغي أن ننحني، وإلا تعذر علينا اجتيازه، ينبغي أن نكون كالأولاد الصغار، أن نذل كبرياءنا، أن ننكر ذواتنا، أن ننبذ العالم، أن نخلع الإنسان العتيق أن نكون راغبين في ترك كل شيء من أجل تمتعنا بالمسيح. الباب ضيق للجميع، لكنه أضيق للبعض مما هو للآخرين، أضيق للغني،و للذي بقي طويلاً متحاملاً ضد الديانة. الباب ضيق لكن شكراً لله لأنه ليس مغلقاً في وجهنا، أو مقفلاً أو محروساً بلهيب سيف متقلب كما سيحصل له قريباً (متى٢٥: ١٠)٠
نجد هنا الأمر واضحاً كل الوضوح، فالحياة والموت، الخير والشر، مقدمة أمامنا، والطريقان والنهايتان. والآن تأمل في الأمر ملياً بلا تحزب واختر لنفسك اليوم الطريق الذي تسلكه. يوضح الأمر نفسه بنفسه ولا يحتاج لأي مناقشة. لن نجد إنساناً عاقلاً يختار بمحض إرادته السلوك إلى المشنقة لأن الطريق إليها ناعم معبّد، أو يرفض السلوك إلى القصر أو العرش لأن الطريق إليهما خشن وقذر. مع ذلك لا يزال الكثيرون يرتكبون هذه السخافات فيما يتعلق بأرواحهم. إذن فلا تتوانوا ولا تترددوا، بل ادخلوا من الباب الضيق، واقرعوا بالصلوات المخلصة المستمرة وبالجهود المتواصلة، فتجدوا أنه يفتح لكم الباب. صحيح أننا لا نستطيع الدخول أو استمرار السير في الطريق دون مساعدة النّعمة المقدمة إلينا مجاناً، ولا يمكن أن يحرم منها الذين يطلبونها ويخضعون لها. إن التجديد عمل شاق، لكنه لازم، وشكراً لله لأنه ليس مستحيلاً إذا اجتهدنا (لو١٣: ٢٤)٠
وأنت يا أخي، هل مُتَّ مع المسيح على صليبه، وقمت بقيامته إلى جدة حياته، منتظراً مخلصك بفرح عظيم؟ أم مازلت تعيش لذاتك ولشهواتك، ولم تدرك بعد نجاساتك وما ينتظرك من عذاب؟ تعال إلى يسوع، إنه هو الباب المؤدي إلى الله، وليس من طريق آخر إلا هو٠
الصلاة: أيها الآب العظيم، أنت المحبة المقدسة. اغفر لي كل اهتمامي بنفسي وإهمالي للآخرين. ساعدني للالتجاء إلى ابنك المصلوب ليحررني من ثقل أحمالي، فأسير مع كل أولادك في دروب القداسة، تابعين رئيس سلامنا وآتين إليك رغم المخاوف والتجارب، لأن ابنك ارتبط بنا في عهده الجديد٠
السؤال ٨٠ : لماذا يكون الباب والطريق المؤديان إلى الله ضيِّقان؟٠