Previous Lesson -- Next Lesson
متى - توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير متى
الجزء الثاني المسيح يعلّم ويخدم في الجليل (متى ٥: ١-١١: ١)٠
١- الموعظة على الجبل عن دستور ملكوت السماوات٠
(المجموعة الأولى لكلمات يسوع)٠
٢. مسؤولياتنا اتجاه الناس (٦: ١- ١٨)٠
ت) الصلاة الربَّانية (٦: ٩- ١٣)٠
اعترف تلاميذ المسيح بأنهم لا يعرفون كيف يصلون لله كما يحق للعهد الجديد، لم يكن الروح القدس قد انسكب بعد في قلوبهم. فتقدموا إلى يسوع طالبين منه نموذجا للصلاة، فرحمهم وأشركهم في صلاته الخاصة العظيمة٠
متى ٦: ٩
٩
فَصَلُّوا أَنْتُمْ هكَذَا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ، لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ،
(حزقيال٣٦: ٢٣، لو١١: ٢-٤)٠
لم يعلّمنا المسيح أن ننطق باسم الله ولا ندعوه بالرب القدير أو السيد ولا إله الرحمان الرحيم. كل هذه الألقاب موجودة في الأديان الأخرى، لكنه علّمنا الاسم الفريد لله، الذي يلخص غنى العهد الجديد بكلمة واحدة «أبانا». بديهي أننا غير مستحقين أن ندعو الله أبانا، ولا نستطيع أن نتقدم إليه تلقائياً، لكن المسيح نزل من السماء مولوداً من الروح القدس، وأشركنا في امتيازه الخاص، وأدخلنا في حقوقه، وحمل خطايانا عوضاً عنَّا لنصير مستحقين أن نكون نحن أولاد الله شرعاً بالتبني، وروحياً بالولادة الثانية٠
من يتأمل كلام الرب يسوع المذكور في الإنجيل، يلاحظ بدهشة أنه في صلواته وأحاديثه مع تلاميذه، استعمل غالباً في كلامه عن الله، كلمة "آب" أو "أبي" أو "أبانا" تقريباً ١٨٧ مرة. لكنه حين كان يخاطب أعداءه أو يطرد الشياطين من الملبوسين كان يذكر اسم الله فقط. ولمَّا حجب أبوه وجهه عنه وهو معلَّق على الصليب صرخ: «إلهي إلهي، لماذا تركتني؟». في تلك الساعة كان يحمل في جسده خطايا العالم، فتحوَّل حنان أبيه إلى غضب ملتهب، لأنه ظهر كديَّان أزلي، ودان ذنوبنا في ابنه عوضاً عنَّا٠
رغم أن الآب حجب وجهه عنه، فقد كافح يسوع مؤمناً، وتمسك بأبوّة الله، وصلى أخيراً قائلاً: «ياأبتاه، في يديك أستودع روحي». ومنذ ذلك الوقت يسكب الروح القدس علينا، لنصرخ بفرح: «أبانا الذي في السماوات» ويعلن هذا الروح سر أبوة الله للمؤمنين. لذلك نسبحه ونشكره بغبطة وحمد، لأن الآب السماوي سامحنا ومنح لنا الحياة الأبدية وأدخلنا إلى أسرته ودعانا أحبّاءه، وقبلنا خداما في ملكوت محبته. فليس علينا أن نخاف من الله مثل بقية الوثنيين، لأنه صار لنا حق القدوم إلى القدوس بدم المسيح في قوة الروح القدس ٠
إن أهم طلبة عند المسيح هي تقديس إسم الآب. فنحن متأكدون أن الآب السماوي قُدوس في ذاته، ولا يحتاج إلى تكملة قداسته بواسطتنا، إلا أنه أشركنا في هذا الإمتياز. لذلك نسبحه ونعظمه ونخدمه بفرح وسرور٠
إنها أسمى غاية يمكن ان نهدف إليها، وهي الغاية الأولى والرئيسية التي ينبغي أن تتركز عليها كل طلباتنا. ينبغي أن تكون كل طلباتنا الأخرى خاضعة لهذه الغاية ومتمشية معها. "أيها الآب مجد ذاتك" في إعطائنا خبزنا كفافنا وفي مغفرة خطايانا وهكذا. إن كل شيء منه وبه فينبغي أن يكون له ومن أجله. في الصلاة ينبغي أن تتجه أفكارنا وأشواقنا نحو مجد الله الآب. كانت غاية الفريسيين الرئيسية من صلواتهم تمجيد إسمهم، أما نحن فإننا ينبغي أن تكون غايتنا الرئيسية تمجيد إسم الآب. فلتتركز طلباتنا نحو هذه الغاية ولنسترشد بها "امنح لي كذا وكذا من اجل مجد إسمك، وحسبما يتفق مع مجد إسمك"٠
يرغب كل أب في هذه الدنيا، أن يعيش أبناؤه باحترام، يقدمون خدمات مهمة للمجتمع ويرفعون من قيمة ومكانة العشيرة. هكذا يتمنى المسيح أن نكرم أبانا السماوي بسلوكنا المقدس، ونأتي بثمار روحه، عندئذ يُمجد حتى غير المؤمنين أبانا الذي في السماوات على أبنائه وبناته المحترمين٠
بما أن كل أب لا يصير كذلك إلا إذا كان عنده أولاد، نطلب هذه الطلبة أن يولد لأبينا السماوي أولاداً روحانيين شبيهين بالندى أثناء إشراق الشمس. فليتقدس إسمه الأبوي إذا عشنا في قداسة وبر ومحبة٠
الصلاة : أيها الآب، اسمك أحلى في حلقنا من العسل المُصفَّى. كنا خطاة وأصبحنا أولادك. نشكرك لمحبتك ولنعمة ابنك ولرحمة روحك القدوس. لأننا أصبحنا بفدائك الثابت أبناءك بالحق والجوهر. ضع على قرانا ومدننا اسمك الأبوي، لكي يولد لك اليوم أولاد كثيرون، فيتعظم اسمك الأبوي القدو٠
السؤال ٦٥ : كيف نقدس اسم الآب؟٠