Previous Lesson -- Next Lesson
٤ - إنشاء كنيسة فيلبي (١٦: ١١ - ٤٠)٠
أعمال الرسل ١٦:١٦-١٨
١٦ وَحَدَثَ بَيْنَمَا كُنَّا ذَاهِبِينَ إِلَى الصَّلاَةِ, أَنَّ جَارِيَةً بِهَا رُوحُ عِرَافَةٍ اسْتَقْبَلَتْنَا. وَكَانَتْ تُكْسِبُ مَوَالِيَهَا مَكْسَباً كَثِيراً بِعِرَافَتِهَا. ١٧ هَذِهِ اتَّبَعَتْ بُولُسَ وَإِيَّانَا وَصَرَخَتْ قَائِلَةً, هَؤُلاَءِ النَّاسُ هُمْ عَبِيدُ اللَّهِ الْعَلِيِّ الَّذِينَ يُنَادُونَ لَكُمْ بِطَرِيقِ الْخَلاَصِ. ١٨ وَكَانَتْ تَفْعَلُ هَذَا أَيَّاماً كَثِيرَةً. فَضَجِرَ بُولُسُ وَالْتَفَتَ إِلَى الرُّوحِ وَقَالَ, أَنَا آمُرُكَ بِاسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَنْ تَخْرُجَ مِنْهَا. فَخَرَجَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ٠
العالم ممتلئ بالشياطين، حتّى أنّ الرسول يوحنّا قال: العالم كلّه قد وُضع في الشرّير. ونرى سلطة الشياطين الماكرة اليومَ جهراً. وفي زمن يسوع تراكض الملبوسون المظلمون إلى النّور الأصيل، وصرخوا: ما لنا ولك أنت قدّوس الله. أتيتَ لِتُهلكنا. هكذا اجتذبت العرّافة بتأثير روح بولس ومحبّة رفقائه، فصرخت: انتبهوا يا أناس! هؤلاء الرِّجال رسل الله العلي الّذين يرشدونكم إلى الخلاص مِن الأرواح والموت٠
كانت العرَّافة معروفة في كلّ المدينة والنّاس يبتسمون لها، ويخافونها في الوقت نفسه. وكثيرون أصغَوا بانتباه لإعلاناتها، وسقطوا في قبضة الشيطان لأجل استفهامهم عن مستقبلهم مِن العرافة. أيّها الأخ ننصحك ألاَّ تذهب إلى عرَّافة أو شيخ ليشفياك، لأنّ إيمانك بهما يربطك بأرواحهما! استاءَ بولس مِن عبارات الملبوسة. لماذا؟ لقد اشمأزّ مِن الصوت الغريب الطالع مِن أعماقها، ولم يعتبر بولس كلامها دعاية صالحة لإنجيله، ولم يُرِدْ اجتذاب اهتمام المدينة كلّها لتبشيره بواسطة هذا الرّوح المضل٠
وعرف بولس أيضاً أن روح الشيطان ليس هو روح المسيح، إنّما هو أمكر الماكرين، وأكذب الكاذبين. فلم يَشأْ بولس قَطّ أن يسند تبشيره إلى روح العرافة، حتّى ولو أبرزت كثيراً مِن الحقائق في سبيل كذبها٠
فإلهنا ليس الإله العلي بين آلهة وأرواح وجنّ، بل هو الإله الواحد ولا إله غيره. في ذلك الزّمان، آمن العالم اليوناني بكثير مِن الآلهة والأرواح، فعنت دعاية الجارية خراب الإيمان بالله الوحيد في الإنجيل٠
وإضافةً إلى ذلك، لم يعرف روح الشيطان الله الوحيد في جوهره. فلم يعرفه أنّه الآب القدّوس، وأن ابنه يسوع المسيح يجلس عن يمينه مالكاً معه في وحدة الرّوح القدس على أساس الفداء بالصّليب. وأيضاً لم يعترف الرّوح الشرّير أنّ بولس ورفقاءه هم أبناء الله، وليسوا عبيده فقط، لأنّ الخلاص الحقّ لا يحرّرنا مِن الخطيئة والموت والشيطان فقط، بل يمنحنا التبنّي والولادة الثانية كأولاد الله٠
هكذا أنكر الرّوح الشرّير الله ولبّ الخلاص، رغم أنّه تكلّم عن الخالق وفدائه، جاعلاً مِنه أمراً مدهشاً، على عكس غاية المسيح الّذي يريد الهدوء والتأمّل، لأنّ بهما يتوب الإنسان، ويسمع كلام ربّه ويتأمّله بإيمانه فيخلص٠
وأدرك بولس استعباد البنت مِن الرّوح الشرّير، ورأى نفسها المعذّبة، واشمأزّ مِن نجاسة الشيطان وإضلاله الملايين، فرحم الرسول المسكينة، وطرد الرّوح الشرّير مِنها بأمره إيّاه بالخروج مِنها.لم يقدر بولس أن يُخرج الرّوح الشرّير باسمه هو، كما كان يفعل المسيح. كلا بل إِنَّ رسول الأمم اعترف أنّه عاجزٌ وغير مقتدر، وأنّ يسوع المسيح هو المخلّص الوحيد، فأمر الرّوح النجس أن يخرج باسم المسيح يسوع٠
وحقّاً فإنّ هذا الاسم الفريد يسوع معروفٌ في جهنّم. فالنّاس الأغبياء هم عميان ومتديّنون بتعصّب وجهل، ولا يعرفون حقيقة الله ولكن في كلمة بولس ظهر مَن هو الرّبّ الحقّ، أنّه يسوع المسيح الحيّ. فلم يستخدم بولس دعاية الشيطان إسناداً لتبشيره، بل أخرج بإنجيله الرّوح الشرّير مِن المعذّبة، وخلّصها في عمق نفسها٠
وحتّى الآن فإنّ لاسم يسوع قوّة عظيمة. ولكن ليس لنا أن نستخدم هذا الاسم حسب أهوائنا، بل ننتظر بتواضع إرشاد الرّوح القدس، لأنّ بولس لم يخرج في لقائه الأوّل بالفتاة الشيطان مِنها، بل بعد أيام كثيرة. وبعد صلوات متعدّدة استيقن أنّ يسوع نفسه أراد هذا الأمر، فتحقّق ذلك بجملة واحدة قاطعة: باسم يسوع. وحتّى اليوم يستطيع جماعة مِن المصلّين السالكين في حماية روحه إخراج الأرواح النجسة. فاحترس أيّها الأخ مِن أن تفعل شيئاً باسمك الشخصي، متلاعباً بأفكارك. ولا تستخدمَنَّ اسم يسوع كتجربة لتحقيق رغباتك، بل اخضع للإنجيل وروحه، فتر عظمة الرّبّ تتحقّق حولك وفيك٠
الصلاة: أيّها الرّبّ يسوع، نشكرك ونسجد لك لأنّك حرّرت المرأة الملبوسة مِن الرّوح الشرّير. أنت ما زلت حتّى اليوم ربّ الأرباب، وتحرّر أفراداً مِن قيود الشياطين وأكاذيبهم المفترية. افتح أعين الملايين، لكي يروا الأكاذيب الدينيّة الباطلة، ويخلصوا في قوّة اسمك الفريد٠
السؤال: ٨٠. ما هو الكذب الّذي كان في قول العرافة، وما هو الحقّ الّذي قاله بولس؟