Previous Lesson -- Next Lesson
١٨ - نصيحة غمالائيل وجَلْد الرسل (٥: ٣٤ - ٤٢)٠
أعمال الرسل ٥: ٥:٣٤-٤٢
٣٤ فَقَامَ فِي الْمَجْمَعِ رَجُلٌ فَرِّيسِيٌّ اسْمُهُ غَمَالاَئِيلُ, مُعَلِّمٌ لِلنَّامُوسِ, مُكَرَّمٌ عِنْدَ جَمِيعِ الشَّعْبِ, وَأَمَرَ أَنْ يُخْرَجَ الرُّسُلُ قَلِيلاً. ٣٥ ثُمَّ قَالَ لَهُمْ, أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِسْرَائِيلِيُّونَ, احْتَرِزُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ جِهَةِ هَؤُلاَءِ النَّاسِ فِي مَا أَنْتُمْ مُزْمِعُونَ أَنْ تَفْعَلُوا. ٣٦ لأَنَّهُ قَبْلَ هَذِهِ الأَيَّامِ قَامَ ثُودَاسُ قَائِلاً عَنْ نَفْسِهِ إِنَّهُ شَيْءٌ, الَّذِي الْتَصَقَ بِهِ عَدَدٌ مِنَ الرِّجَالِ نَحْوُ أَرْبَعِمِئَةٍ, الَّذِي قُتِلَ, وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَبَدَّدُوا وَصَارُوا لاَ شَيْءَ. ٣٧ بَعْدَ هَذَا قَامَ يَهُوذَا الْجَلِيلِيُّ فِي أَيَّامِ الاِكْتِتَابِ, وَأَزَاغَ وَرَاءَهُ شَعْباً غَفِيراً. فَذَاكَ أَيْضاً هَلَكَ, وَجَمِيعُ الَّذِينَ انْقَادُوا إِلَيْهِ تَشَتَّتُوا. ٣٨ وَالآنَ أَقُولُ لَكُمْ, تَنَحَّوْا عَنْ هَؤُلاَءِ النَّاسِ وَاتْرُكُوهُمْ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ هَذَا الرَّأْيُ أَوْ هَذَا الْعَمَلُ مِنَ النَّاسِ فَسَوْفَ يَنْتَقِضُ, ٣٩ وَإِنْ كَانَ مِنَ اللَّهِ فَلاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَنْقُضُوهُ, لِئَلاَّ تُوجَدُوا مُحَارِبِينَ لِلَّهِ أَيْضاً. ٤٠ فَانْقَادُوا إِلَيْهِ. وَدَعَوْا الرُّسُلَ وَجَلَدُوهُمْ, وَأَوْصَوْهُمْ أَنْ لاَ يَتَكَلَّمُوا بِاسْمِ يَسُوعَ, ثُمَّ أَطْلَقُوهُمْ. ٤١ وَأَمَّا هُمْ فَذَهَبُوا فَرِحِينَ مِنْ أَمَامِ الْمَجْمَعِ, لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. ٤٢ وَكَانُوا لاَ يَزَالُونَ كُلَّ يَوْمٍ فِي الْهَيْكَلِ وَفِي الْبُيُوتِ مُعَلِّمِينَ وَمُبَشِّرِينَ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ٠
آمن الفريسيون بوجود الملائكة، وقيامة الأموات، وإمكانيّة رؤية الله في دنيانا. فلمّا سمعوا أن الرُّسل تحرّروا مِن السجن المغلق فزعوا، لأنّهم لم ينكروا إمكانيّة إقامة يسوع وتدخّله في المجتمع. فقام زعيم الفريسيين غمالائيل، المعلّم العَلاَّمَة الفقيه الواسع الاطِّلاع، الّذي صار بعدئذ معلِّماً لبولس أيضاً وَتكلَّم مُهدِّئاً المجمع الأعلى الهائج غضباً، وما كان غمالائيل متأكّداً هل يد الله عاملة مع الرسل؟ وهل هؤلاء الرجال مُرسَلون مِن العلي حقاً؟ لأنّ هذا المعلّم الفقيه تفرّس فيهم، فلم ير شراسة ولا وقاحة، بل رجولة ومحبّة واستقامة ولم يظهروا كأصحاب بدع أو أشرار. فنصح بحكمته زملاءه في المجمع الأعلى أن يتريّثوا فلا يحكموا عليهم بالموت قتلاً، لأنه لم يشأ أن يسفك دم بريء مرّة أخرى، لكيلا يقف المجمع عن جهل ضدّ إرادة الله٠
إنّ غمالائيل لم يؤمن بيسوع المسيح، ولم يقرّر قبول دعوة الرسل. ولكنّ الرّبّ الحيّ استخدم معلّم النَّاموس (الشَّريعة) المتواضع ليحفظ في هذه السَّاعة الحاسمة رسله ويبقيهم شهوداً لقيامته. وللعجب، إِنَّ هذا العالِم العلاّمة لم يستخدم التوراة للاستشهاد بها وتقوية حجّته، بل أرشد الحضور إلى حقائق اختباريّة. فالزُّعماء السِّياسيون أو مؤسِّسو البدع يسخّرون أتباعهم، ولكن إن لم تكن القوّة فيهم مِن الله فإِنَّ أتباعهم يتبدَّدون بعد موت الزعماء. فالله وحده يعطي في ملكوته البداية والاستمرار والنهاية، كما أن المسيح هو رئيس الإيمان ومكمله. وحكم غمالائيل يمكّننا اليوم أن نستدلّ على ألوهيّة يسوع بطريقة اختباريّة، لأنّ حركته لم تتبدّد بعد موته، بل تقوّت جدّاً، وشملت نصف العالم. ولم يحصل إجماع مِن الأعضاء السبعين في المجمع الأعلى. ولم يشعر عدد كبير مِنهم براحة الضمير للموافقة على قتل جماعي لهؤلاء الاثني عشر رجلاً مستقيماً. فوافقوا على الانتظار. ولكنَّ المغتاظين ورئيس الكهنة تشوّقوا للانتقام والقصاص الصارم، وأجبروا المجمع على الحكم بالجلْدِ على كلّ مِن هؤلاء الأبرياء فاعلي الخير، أربعين جلدة إلاّ واحدة على ظهورهم العارية. فأخرج الحرّاس المتهمين الّذين لم يعترضوا، بل احتملوا العار صامتين مصلّين، بينما كانت تلسع ظهورهم السياط الجلديّة بأمر حكم المجمع الأعلى الظالم. لقد احتملوا هذا العار بفرح، لأنّهم لم يتألَّموا لأجل ذنوبهم الشخصيّة، بل لأجل اسم يسوع المسيح وحده. والرّبّ قد قال لهم سابقاً: طوبى لكم إذا عيّروكم وطردوكم وقالوا عليكم كلّ كلمة شرّيرة مِن أجلي كاذبين. افرحوا وتهلّلوا لأنّ أجركم عظيم في السماوات٠
ماذا كانت نتيجة هذه الجلسة الحاسمة؟ إنّ ذِكر اسم يسوع بقي بين اليهود حتّى اليوم ممنوعاً وغير مرغوب فيه. ولكن الّذي ينطق به، لا يُقتل أو يُضطهد. فكان للكنيسة استراحة لمدة ما، فبشَّروا باسم يسوع جهراً، رغم المنع، وظل سيف الخطر مع ذلك فوق رؤوسهم. وبعد الجَلد تقدّم الرسل بفرح وجرأة إلى ساحة الهيكل واستمرّوا بشهادتهم عن المسيح المقام المنتصر، رغم أنّ ظهورهم كانت مفلعة دامية. فأدرك الشعب أنّ زعماء أُمَّتهم كرهوا اسم يسوع كالسابق، وأنّ كلّ مؤمن به عُرضةٌ للاضطهاد. ولكن هذا الخطر فرّق التبن عن القمح، وجعل المؤمنين ثابتين رصينين والرّبّ زاد النّعمة فيهم يوميّاً، وكان الرسل يزورون البيوت باستمرار، ويعلمون المؤمنين ويثبتّونهم في التوراة والمزامير والأَنبياء ويفسّرون لهم كلمات يسوع الّّتي سمعوها مِنه وجمعوها جزئيّاً. وفي الوقت نفسه، فتش الرُّعاة عن خرافهم الضّالة، وبشّروا الجماهير في الهيكل، مقدّمين لهم الخلاص الكامل في المصلوب وتبلور مضمون رسالتهم في اسمين: أنّ يسوع هو المسيح وأنّ المصلوب هو المُقام مِن بين الأموات، وأنّ الناصري المرفوض هو الملك الإلهي المالك اليوم في السماوات عن يمين الآب. فلم يخف الرسل، بل شهدوا أنّ يسوع المسيح هو الرجاء الوحيد لكلّ النّاس٠
الصلاة: أيّها الرّبّ الحيّ، قد ضُربت لأجل محبّتك، ورسلك تبعوك. اغفر لي جبني وانقسام قلبي، وعلّمنِي الشُّكر لمحبتك، وقدنا إلى تعليم المؤمنين بالحكمة، وإلى تبشير الجهلاء بالقوّة.آمين٠
السؤال: ٣١. ماذا يعني حكم المجلس الأعلى بالنسبة لاستمرار كنيسة المسيح؟