Previous Lesson -- Next Lesson
متى - توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير متى
الجزء الثاني المسيح يعلّم ويخدم في الجليل (متى ٥: ١-١١: ١)٠
٤- عدم إيمان اليهود وعداوتهم ليسوع (متى١١: ٢- ١٨: ٣٥)٠
٢- النمو الروحي لملكوت السموات (المجموعة الثالثة لكلمات المسيح) ( ١٣: ١-٥٨)٠
ب) مثل الزارع ( ١٣: ١-٢٣)٠
متى ۱۳: ۲٤-۳۰ و ۳٦- ٤۳
۲٤
قَالَ لَهُمْ مَثَلاً آخَرَ: يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَاناً زَرَعَ زَرْعاً جَيِّداً فِي حَقْلِهِ. (۲۵) وَفِيمَا النَّاسُ نِيَامٌ جَاءَ عَدُّوُهُ وَزَرَعَ زَوَاناً فِي وَسَطِ الْحِنْطَةِ وَمَضَى.(۲٦) فَلَمَّا طَلَعَ النَّبَاتُ وَصَنَعَ ثَمَراً، حِينَئِذٍ ظَهَرَ الّزَوَانُ أَيْضاً. (۲۷) فَجَاءَ عَبِيدُ رَبِّ الْبَيْتِ وَقَالُوا لَهُ: يَا سَيِّدُ، أَلَيْسَ زَرْعاً جَيِّداً زَرَعْتَ فِي حَقْلِكَ؟ فَمِنْ أَيْنَ لَهُ زَوَانٌ؟. (۲۸) فَقَالَ لَهُمْ: إِنْسَانٌ عَدُّوٌ فَعَلَ هذَا فَقَالَ لَهُ الْعَبِيدُ: أَتُرِيدُ أَنْ نَذْهَبَ وَنَجْمَعَهُ؟ (۲۹) فَقَالَ: لاَ! لِئَلاَّ تَقْلَعُوا الْحِنْطَةَ مَعَ الّزَوَانِ وَأَنْتُمْ تَجْمَعُونَهُ. (۳۰) دَعُوهُمَا يَنْمِيَانِ كِلاَهُمَا مَعاً إِلَى الْحَصَادِ، وَفِي وَقْتِ الْحَصَادِ أَقُولُ لِلْحَصَّادِينَ: اجْمَعُوا أَّوَلاً الّزَوَانَ وَاحْزِمُوهُ حُزَماً لِيُحْرَقَ، وَأَمَّا الْحِنْطَةَ فَاجْمَعُوهَا إِلَى مَخْزَنِي
(متى۳: ۱۲؛ ۱۵: ۱۳، رؤ۱٤: ۱۵)٠
حِينَئِذٍ صَرَفَ يَسُوعُ الْجُمُوعَ وَجَاءَ إِلَى الْبَيْتِ. فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ: فَسِّرْ لَنَا مَثَلَ زَوَانِ الْحَقْلِ (۳۷) فَأَجَابَ: اَلّزَارِعُ الّزَرْعَ الْجَيِّدَ هُوَ ابْنُ الإِنْسَانِ.(۳۸) وَالْحَقْلُ هُوَ الْعَالَمُ. وَالّزَرْعُ الْجَيِّدُ هُوَ بَنُو الْمَلَكُوتِ. وَالّزَوَانُ هُوَ بَنُو الشِّرِّيرِ. (۳۹) وَالْعَدُّوُ الَّذِي زَرَعَهُ هُوَ إِبْلِيسُ. وَالْحَصَادُ هُوَ انْقِضَاءُ الْعَالَمِ. وَالْحَصَّادُونَ هُمُ الْمَلاَئِكَةُ. (٤۰) فَكَمَا يُجْمَعُ الّزَوَانُ وَيُحْرَقُ بِالنَّارِ هكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ هذَا الْعَالَمِ: (٤۱) يُرْسِلُ ابْنُ الإِنْسَانِ مَلاَئِكَتَهُ فَيَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ الْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي الإِثْمِ، (٤۲) وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأََسْنَانِ.(٤۳) حِينَئِذٍ يُضِيءُ الأََبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ. مَنْ لَهُ أُذُنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ
(دانيال۱۲: ۳، متى۲٤: ۳۱، يو۸: ٤٤، ۱كور۳: ۹)٠
العالم كله حقل الله، ففي كل الشعوب يزرع المسيح زرعه. ليس هذا الزرع تعليماً ولا كتاباً ولا كلاماً، بل أناساً معيَّنين. فكل مولود من الروح القدس يشبه حبة الزرع في يد المسيح، يلقيها إلى حقله. وينبغي أن يموت هذا روحيا لأخلاقه الفاسدة وأمنياته الخاصة حتى تأتي قوة الله فيه بثمر كثير، فبدون إنكار النفس لا يكون غلال من خُدَّامه٠
إن كل ما يوجد في العالم من زرع جيّد هو آت من يد المسيح، وهو الذي زرعه. فالحقائق التي يكرز بها، والنعم التي تغرس، والنفوس التي تقدس، هذه كلها زرع جيد، وكلها منسوبة للمسيح. والخدام آلات في يد المسيح ليزرعوا زرعاً جيداً، هم يخدمون بمعرفته وتحت إرشاده، ويتوقف نجاح أتعابهم على بركته فقط٠
وفي مَثَل الزوان كشف المسيح قصد الشيطان في إفساد زرع الله. فالزوان يمثِّل المولودين من روح الشيطان، الذين ألقاهم الشرير وسط المولودين من كلمة الله. وكثيراً ما تعيش الفئتان معاً في عائلة واحده، أو صف مدرسي واحد. فيتشابكون بأفكارهم العلمية والحضارية. ولا يكون واضحاً أول الأمر من هو لإبليس ومن هو لله، لكن مع الوقت تظهر ثمار الأرواح بوضوح، لأن المحبة والبغضة والتواضع والكبرياء لا تستمر ساكنة في فرد واحد، فمصدر كل منها مختلف. من الواجب علينا تمييز الأرواح، لكن المسيح منعنا من الفصل السريع، لأن هذا عمل الملائكة في الدينونة الأخيرة٠
وإلى ذلك الحين علينا احتمال الزوان بصبر. حتى ولو أضرّ بنا. وبما أن الزوان يغتصب من القمح مكاناً وقوة، فابن الإنسان المجيد سيرسل في نهاية الأزمنة ملائكته ليفصلوا بين البشر بعدل تام. هنا نجد صفات الخطاة، المرائين وكل الدنسين والأشرار٠
هم بنو إبليس، لأنه هو الشرير. ومع أنهم لا يعترفون باسمه إلا أنهم يحملون صورته، يتممون شهواته، ومنه يتلقون تعليمهم. هو يحكم عليهم، ويعمل فيهم (أفسس۲: ۲، يوحنا۸: ٤٤) وهم زوان في حقل هذا العالم. لا يصنعون خيراً، بل يصنعون شراً وأذى. هم غير نافعين في ذواتهم ومؤذين للزرع الجيد، سواء بإغراءاتهم أو باضطهاداتهم. هم حشائش في الحديقة، لهم نفس الأمطار، ونفس الشمس، والتربة، التي يتمتع بها الزارع الجيد، ولكنهم غير نافعين لأي شيء٠
يحترق أبناء المعصية كفاعلي الإثم، وأبناء الله يظهرون في جوهرهم، ويشرقون في سلامهم. فما أجمل الوعد: «حينئذ يضيء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم». تأمل في كل حرف من هذه الآية، ترجع منكسراً متواضعاً إلى إلهك لتصبح بذرة جيدة٠
عندما يأتي الشيطان أشر ما عنده يبذل أقصى جهده لإخفاء نفسه، لأن مقاصده تتعطل إن شُوهد وهو يديرها. إن الزوان لم يظهر إلا بعد أن طلع النبات وصنع ثمراً، حينئذ ظهر الزوان أيضاً. فهنالك قدر عظيم من الشر مخفي في قلوب البشر، وهو يظل مخفي طويلاً تحت ستار التدين، لكنه لا بد أن يظهر أخيراً. والزوان، كالزرع الجيد، يظل مدة تحت الثرى، ثم يظهر نبتاً صغيراً، ومن العسير تمييزها عن بعضها. لكن حينما يأتي وقت الإمتحان، حينما يأتي وقت الثمر، حينما يأتي وقت عمل الخير الذي يقتضي مقابلة الصعوبات واقتحام الأخطار، عندئذ تستطيع التمييز بين المخلصين والمرائين، حينئذ تستطيع أن تقول "هذه حنطة وذلك زوان"٠
إن المسيح سوف لا يدين خدامه الأمناء النشيطين إذا ما اختلط الشر بالخير، المراؤون بالمخلصين في حقل الكنيسة، ولهذا ينبغي أن لا يوبخهم البشر. لا بد من مثل هذه العثرات، ونحن غير مسؤولين عنها إن كنا نقوم بواجبنا ولم نحصل على النتيجة المرغوبة. إنهم لا يلامون وإن ناموا، على أن لا يحبوا النوم، كذلك لا يلامون إن زرع الزوان، على شرط أن لا يكونوا هم الذين زرعوه أو سقوه أو سمحوا به٠
ليس من المتيسر لأي إنسان التمييز بكل دقة بين الحنطة والزوان، فإنه قد يخطئ. لذلك اقتضت حكمة المسيح ونعمته أن يفضل بالأحرى السماح ببقاء الزوان عن أية طريقة أخرى تعرض الحنطة للخطر. صحيح أن الأشرار الفاجرين ينبغي توبيخهم وتجنبهم، وأن بني الشرير الظاهر شرهم ينبغي منعهم من بعض الفرائض الخاصة. إلا أنه قد تقرر خطأ بعض التأديبات أو يبالغ في تطبيقها، فتسبب إيلاماً للكثيرين من الأتقياء الحقيقيين: لذلك ينبغي مراعاة كل الحيطة والإعتدال في توقيع التأديبات الكنسية وفي استمرارها لئلاَّ تداس الحنطة إن لم تحصد في أوانها٠
الصلاة: أيها الآب السماوي، نحن بطبيعتنا أبناء أرواح نجسة. غيِّر مجرى تفكيرنا فنُطهَّر ونمتلئ بروحك. نريد أن نكون أولاد محبتك، متواضعين عاملين خُدَّاماً لجميع الناس، ليروا فضائلك الأبوية فينا، ويحمدوك لأجل سلوكنا الموهوب لنا٠
السؤال۱۳۳: كيف يتم حصاد الله؟