Waters of Life

Biblical Studies in Multiple Languages

Search in "Arabic":

Home -- Arabic -- Colossians -- 019 (Intercession of Paul for the Church in Colosse)

This page in: -- ARABIC -- Chinese -- English -- French -- German -- Portuguese -- Spanish -- Turkish

Previous Lesson -- Next Lesson

كولوسي – المسيح الذي فيك، هو رجاء المجد

دراسات في رسالة بولس الى اهل كولوسي

الجزء الأول أركان الإيمان المسيحي (كُوْلُوْسِّيْ ١: ١- ٢٩)٠

٣- ابتهال الرسول بولس لأجل كُوْلُوْسِّيْ (كُوْلُوْسِّيْ ١: ٩- ١١)٠


الحيّ الَّذي يستحقّ الرَّبّ

بعد رفض البرّ الموهوم المبني على الشريعة ودفاع الإيمان المبني على (الأنا) الصالح، طلب رسول الأمم من المولودين ثانية أن يسلكوا في حياتهم كما يحقُّ للرَّب شاكرين نعمته. لم يكتب بولس بهذه الكلمات شريعة جديدة بل صلّى ثانية لأجل الكنائس في جبال الأناضول أن يمنحهم القدّوس الثالوث النُّضج الروحي في حياتهم ليقدّس سلوكهم اسم الآب دائماً. أوضح الرسول امتياز تقديس الله المجيد بأمثلة عديدة، فشجّع مستلمي رسالته: عيشوا حتَّى يسرّ الله أبوكم ويطمئن فيكم. امتنعوا عن كلّ كذب ونجاسة وكبرياء وحساسية زائدة وثقة بالمال، وتمسّكوا بشرفكم حتَّى ينضج فيكم التواضع ووداعة المسيح، وتظهر في حياتكم الطهارة وصدق كلماتكم، وتنمو قوّة الله وثمار الروح القدس فيكم. يُقدِّم أتباع المسيح بهذه الطريقة أعمالاً صالحة أكثر مِن جميع المتمسّكين بالشريعة. إنَّهم لا يقدّمون أعمالهم الصالحة لتبرير أنفسهم وإنشاء خلاصهم بل بالعكس كشكر لأنّهم خلصوا حقاً بالنعمة. لقد قلب بولس بهذه الكلمات هدف ونيّة الأعمال الصالحة قلباً جذريّاً. فهذه الأعمال الصالحة لا تبني خلاص الخطاة، بل إنَّ ثمار الرُّوح القدس هي الدليل الواضح والبرهان الأكيد على إظهار الحياة الرُّوحية في المقدّسين بالنّعمة٠

انموا في معرفة الله

لئن كان بولس يكتب أوّلاً عن معرفة مشيئة الله فقد قدَّم لمستلمي رسالته لبّ القضيّة حتَّى يعرفوا الله بالذات. لم يعلّمهم علماً لاهوتياً جديداً، بل طلب إلى الآب السماوي أن يعلن للكنيسة في كُوْلُوْسِّيْ مَن هو وماذا يفعل. لم يفسّر بولس عقيدة معرفة الله هذه بكلماتهم هم، بل طلب إلى الله أن يعلن ويحقّق هذه الأسرار المستترة لحلقات المصلّين عنده وللكنيسة في كُوْلُوْسِّيْ. حقاً ليست معرفة الله سوى نعمة، فهي ليست نتيجة عقلية أو اجتهاداً تقيّاً. كان يسوع يصلّي:" أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ, لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هَذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. ٢٦ نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ, لأَنْ هَكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ. ٢٧ كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي, وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الاِبْنَ إِلاَّ الآبُ, وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الاِبْنُ وَمَنْ أَرَادَ الاِبْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ" (متَّى ١١: ٢٥- ٢٧)٠

ويقول بولس إثباتاً لهذا الإعلان: "لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ, أَرْسَلَ اللَّهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ, مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ (شريعة موسى), لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ (الشريعة), لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ. ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ, أَرْسَلَ اللَّهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخاً, يَا أَبَا الآبُ" (غلاطية ٤: ٤- ٧). وشهد بولس لكنيسة في روما:" إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضاً لِلْخَوْفِ, بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ, يَا أَبَا الآبُ.. ١٦ اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللَّهِ" (رومية ٨: ١٥ و ١٦)٠

مَن يتعمّق في نصوص الكتاب المقدّس هذه يستطيع الإدراك أنّ معرفة الله ليست أفكاراً وتعاليم وعلماً فحسب، بل هي كيان روحيّ وقدرة مغيّرة. يجعل إنجيل المسيح مِن الخطاة أولاد الله، لأنّ الأزلي المتعالي هو أبونا. نجد بين أسماء الله وصفاته البالغ عددها (٣٥٠) في الكتاب المقدّس أنَّ اسم الآب هو خلاصة هذه الأسماء. وإن أراد أحد أن يدرك المعاني الغنية لهذا الاسم الجديد المعلن بالمسيح فليصلِّ الصَّلاة الربّانية ويؤمن بما يصلّي ويعمل ويختبر ما يقوله فينمو إلى غنى مجد الآب والابن بواسطة الروح القدس. لقد تكلّم يسوع مئتي مرّة في أقواله المدوّنة في الإنجيل عن الآب. أمَّا الرّوح فيصرخ فينا: يا أبا الآب. آمين٠

متقوِّين لكلّ صبر وأناة

ختم بولس صلاته الشاكرة والمبتهلة لأجل الكنيسة البعيدة بثلاث طلبات روحيّة٠

أوَّلاً طلب للكنيسة في كُوْلُوْسِّيْ تقوية سماوية. قال يسوع لتلاميذه: ستنالون قوَّة الرُّوح القدس (أَعْمَال الرُّسُلِ ١: ٨). فالإنجيل يمنح قوَّة مِن العلى. الله نفسه هو القوَّة الأصلية. (إيل: معناه قوة وقدرة). ودُفع إلى يسوع كلّ سلطان في السماء وعلى الأرض (متَّى ٢٨: ١٨). والروح القدس هو قوَّة الله نفسه. لذلك طلب بولس للكنيسة المنعزلة تقويتها بكلّ قوَّة في وحدة الثَّالُوْث الأَقْدَس. تفوق هذه الطلبة الروحية عقل الإنسان، ولا نستطيع أن ندرك عمقها وطولها وقدرتها. وتعني ضمناً حلول وحدة الثَّالُوْث الأَقْدَس في أتباع المسيح وأعماله الإلهية بواسطة إيمانهم (يوحنا ١٤: ٢٣؛ و٢٠: ٢٢و٢٣؛ أَفَسُس ٦: ١٠؛ يوحنا الأولى ٥: ٤و٥ألخ)٠

ينبغي أن نغيّر تفكيرنا ولا نفتش عن المثل العليا والأفكار الجذابة والكلمات الرنّانة، بل نهتم بعمل قوَّة الله؛ وهذا أهم مِن جميع العلوم والشهادات. لم يكتفِ بولس الموقوف في سجن الاستجواب بطلب جميع القوى السماوية لكنيسة الله، بل شجع الذين لا يعرفهم شخصياً على أن يتمسّكوا بقدرة القدير غير المحدودة لكي يملأ الكنيسة المنفردة بسلطانه المجيد. واستطاع بولس أن يكتب هذا الطلب لأنّه اعتبر وجوده في سجن الاستجواب معيَّناً مسبقاً مِن الله الذي وضع هذا الثقل على عنقه لكي يتعلّم الصبر ويجد وقتاً كافياً للصَّلاة لأجل أقربائه الروحيين وللكنائس في المستقبل. يكتب بولس رسائل مقوّية لهم لينشئ مِن الصمت المفروض عليه صرخة عالية مدوّية في أرجاء العالم لتمجيد يسوع. لقد آمن بولس بقدرة المسيح غير المحدودة والمجيدة كما رآه أمام دمشق بجلاله٠

وإلى هذا الرَّبّ البهي طلبت الفرقة التي حول بولس تحقيق قوّته ومدّ الكنيسة بطاقة إلهيّة. مَن يتعمّق في هذا الأسلوب لتقوية الكنائس يسأل نفسه كيف ينبغي أن يدرّب طلاب اللاهوت في كنائسنا عملياً. لا يعني العلم التفصيلي نيل القوَّة، بل بالعكس تغيّرنا قوَّة الله إلى خدّامه المتواضعين الحكماء، كما أنّ الرَّب نفسه ظهر خادماً وحاملاً أثقال العالم (متَّى ٢٠: ٢٨)٠

وبدرجة أخرى طلب بولس وزملاؤه مِن ملك السماوات أن يمنح كنيسة كُوْلُوْسِّيْ كلّ صبرٍ وأناةٍ. لو تكلّم بولس عن الصبر والأناة عامّة لكان إرشاده مفهوماً. إنّما الفرقة المصلّية حول بولس طلبت كلّ صبرٍ وطول أناةٍ كما عاشهما المسيح. لذلك يعني طلبهم حلول ابن الله في قلوبهم حتَّى يُغيِّر تواضعه ووداعته أتباعه ويُقدِّساهم ويُنضِجا فيهم جميع ثمار الرُّوح القدس (متَّى ١١: ٢٩، أَفَسُس ٣: ١٤و٢٣)٠

تعني كلمة الصبر في اللغة اليونانية أن حمالاً يحمل حملاً ثقيلاً لا يستطيع التنفس إذا صعد جبلاً. وتعني عملياً أن لا نبغض زميلاً أرعناً في الخدمة، بل نكرمه. وأن لا نرفض أعضاء معارضين في الكنيسة بكبريائهم وعنادهم، بل نصلّي لأجلهم، ونحتملهم، ونباركهم، حتَّى يتغيّروا رويداً في قوَّة المسيح٠

تدلّنا عبارة كلّ صبرٍ وطول أناةٍ أخيراً على محبّة الله الآب ورحمته للخطاة والمؤمنين الذين يعيشون في ثورة روحية ضدّه ويخدعون أنفسهم بقداستهم الكاذبة، وصبره عليهم جميعاً. فإلهنا صبور. وقد فسّر يسوع هذا الامتياز بمثَل الأب وابنَيه الضَّالَّين. لقد انتظر الأب سنواتٍ رجوع ابنه الضال البعيد، وعندما اقترب هذا خجلاً بلباسه المهترئ ركض أبوه إليه وعانقه وقبّله ووضع عليه رداء البرّ. لكنَّ الأب لم يُكلِّم ابنه الضَّال إلا بعد اعترافه بآثامه. عِنْدَئِذٍ بدأ احتفال الفرح لأنّ الأب قال إنَّ ابنه الضال قد وُجد والميت قام بواسطة حبال محبّة الأب وصبره. ومِن ثمَّ الأب إلى ابنه الثاني التقي الذي استاء مِن أخيه اللص ولم يرد أن يستقبله. وبذل هذا جهده لإقناع التقي المتكبر بمسامحة أخيه وقبوله كما قبله هو (لوقا ١٥: ١١- ٢٤). إنَّ هذا النوع مِن صبر الله الآب هو الذي طلبه الرسول وفرقته لأجل الكنيسة في كُوْلُوْسِّيْ، فأتمّوا بطلبتهم قول المسيح: كونوا رحماء كما أنّ أباكم هو رحيم. (لوقا ٦: ٣٦). ووضع بولس النقاط على الحروف، إذ طلب إلى الله أن يمنح الكنيسة في كُوْلُوْسِّيْ كلّ صبر وأناة بفرح. فيحدث أن بعض المؤمنين يغلبون حقدهم على أعدائهم ويحتملونهم بصبر طويل، ولكنَّهم يظلُّون عابسين. فطلب بولس اكتمال صبر المؤمنين في كُوْلُوْسِّيْ كهبة مِن الله، ممَّا يشير إلى قول المسيح: طوبى لكم إذا عيّروكم وطردوكم وقالوا عليكم كلّ كلمة شرّيرة مِن أجلي كاذبين. افرحوا وتهلّلوا لأنّ أجركم عظيم في السماوات. (متَّى ٥: ١١و ١٢)٠

الصَّلاة: أيُّها الآب السماوي نشكرك لأنّك تسمح لنا أن نسمّيك (أبانا) بواسطة ابنك يسوع المسيح. قدّسنا في قوَّة روحك لكي تتغير صيغة حياتنا، ونخدمك بكلّ صبر وطول أناة كأولاد محبّتك في الحقّ. آمين٠

السؤال ١٩: كيف تستطيع أن تعيش مستحقاً لله؟

www.Waters-of-Life.net

Page last modified on July 12, 2023, at 12:11 PM | powered by PmWiki (pmwiki-2.3.3)