Home -- Arabic -- Revelation -- 107 (The Mystery of God in the Words of Jesus)
Previous Lesson -- Next Lesson
شرح وتفسير للآيات الكتابية في سفر الرؤيا
الكتاب ٤ - ليأتي ملكونك (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ١٠: ١- ١١: ٢)٠- - الشاهدان الذين سيحضرون في الايام الاخيرة وطرد ابليس من السماء
:الجزء ٣.٤ - سرُّ الله في اكتماله وعلاقة ملكوت الله بكنيسة يَسُوْع المَسِيْح٠
٢- كشف سرِّ الله في كلام يَسُوْع بخصوص ملكوت أبيه
إنَّ كلَّ مَن يتمعَّن في الأناجيل يسمع مليّاً يَسُوْع يتكلَّم مائة مرَّة تقريباً عن "ملكوت السَّماوات"، أو "ملكوت أبيه"، أو ببساطةٍ "الملكوت". لقد أتى يَسُوْع كإلهٍ ملكٍ ليبسط يده على ملكوت أبيه٠
قليلون يفهمون أسرار ملكوت السَّماوات: كان يَسُوْع عالماً أن ليس جميع النَّاس كانوا قادرين على فهم ما يقوله لهم. ولكنَّ البعض أدرك عاجلاً أو آجلاً حقيقة ملكوت الله وملكه. فأعلن يَسُوْع لهؤلاء الأتباع بكلِّ وضوحٍ "قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا لأُِولَئِكَ فَلَمْ يُعْطَ" (متَّى ١٣: ١١؛ مرقس ٤: ١١؛ لوقا ٨: ١٠)٠
"وَلَكِنْ طُوبَى لِعُيُونِكُمْ لأَِنَّهَا تُبْصِرُ، وَلآذَانِكُمْ لأَِنَّهَا تَسْمَعُ. ١٧ فَإِنِّي الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ أَنْبِيَاءَ وَأَبْرَارًا كَثِيرِينَ اشْتَهَوْا أَنْ يَرَوْا مَا أَنْتُمْ تَرَوْنَ وَلَمْ يَرَوْا. وَأَنْ يَسْمَعُوا مَا أَنْتُمْ تَسْمَعُونَ وَلَمْ يَسْمَعُوا" (متَّى ١٣: ١٦- ١٧؛ لوقا ١٠: ٢٣- ٢٤ إلخ.)٠
لماذا فهم تلاميذ يَسُوْع إِعْلاَنَاته فيما أكثريَّة شعبه لم تفهمه؟ ما الذي جعل أتباعه مختلفين عن بقيَّة السَّامعين؟
كان تلاميذ يَسُوْع الاِثْنَا عَشَر وأتباعه الأقربون قد تابوا بواسطة يوحنَّا المعمدان، وأدركوا خطيَّتهم أمام الله، وكعلامةٍ لتطهيرهم اعتمدوا في نهر الأردن. فخافوا الله ودينونته، ولم يثقوا باستقامتهم وشرفهم وجودتهم، بل سلموا نفوسهم إلى رحمة ديَّانهم. كانت قلوبهم وأذهانهم قد حُرِثَتْ، ولم يكن على يَسُوْع سوى أن يزرع بذرة الإِنْجِيْل الصَّالحة فيهم ليصنع منهم أناساً جدداً٠
إنَّ معرفة سرِّ يَسُوْع المَسِيْح وقبول حقِّه بأمانةٍ يأتيان دَائِماً بالنِّعمة. "وَلَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ يَسُوْع رَبٌّ إِلاَّ بِالرُّوْح القدُس" (١ كُورنْثوْس ١٢: ٣)، وهذا الرُّوح يصرخ فينا قائلاً: "يَا أَبَا الآبُ" ويشهد مع روحنا أنَّنا أولاد الله (رومية ٨: ٩- ١٠؛ ١٤- ١٦). وعلى كلِّ مَن يرغب في فهم أسرار ملكوت الله أن يطلب جدِّياً عطيَّة الرُّوْح القدُس مثلما أمر يَسُوْع (لوقا ١١: ٩- ١٣)٠
لا يقدر أحدٌ أن يفهم ملكوت الله بذكائه أو منطقه الخاص إنْ لم يقرأ كلام الإِنْجِيْل بروح الصَّلاة ويثق به بقلبٍ مفعمٍ بالشُّكر. يقول يَسُوْع بوضوحٍ: "مَنْ لاَ يَقْبَلُ مَلَكُوتَ اللهِ مِثْلَ وَلَدٍ فَلَنْ يَدْخُلَهُ" (لوقا ١٨: ١٧)٠
ولنيقوديموس ممثِّل المجلس الأعلى لليهود (السّنهدريم)، أوضح الرَّب بجلاءٍ: "إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللَّهِ" (يوحنَّا ٣: ٣)٠
يقول "يوهان ألبرخت بنغل" عن هذا في نثره: "تأتي الولادة الرُّوحية بالإيمان بابن الله (١ يوحنَّا ٥: ١). فلا تَسْتَهِن بعمل الإيمان، فهو ولادةٌ مِن فوق؛ ولا تَسْتَثْقِل الولادة الثانِية فهي توجَد بالإيمان."٠
بدون تجديد أذهاننا، وبدون استنارة روحيَّة لقلوبنا، نقرأ نصوص الكتاب المقدَّس ولكنَّنا لا نفهمها. يُشجِّعنا "مارتن لوثر" بواسطة تفسيره للمادَّة الثالِثة مِن الإيمان قائلاً: "لقد دعانا الرُّوْح القدُس بواسطة الإِنْجِيْل، فنوَّرنا بعطاياه، وقدَّسَنا وأيَّدَنا بالإيمان القويم، مثلما دعا وجمع وأيَّد العالم المَسِيْحِيّ أجمع على الأَرْض بالإيمان القويم الوحيد."٠
على كلِّ مَن يُريد إدراك سر الله أن يدفن اعتقاده الهرطقيَّ بالمذهب العقلي الحديث، وثقته بقوَّة العلم الكلِّية الانتشار. إنَّ عليه أن ينفتح لوحي الله الذي في الكتاب المقدَّس٠
ملكوت الله أبديٌّ: إنَّ التَّعبير الوحيد الذي يربط آيات العَهْد القَدِيْم العشرين التي تشهد لملكوت الله بعضها ببعض هو: إنَّ ملكوت الله أبديٌّ. لا نهاية لملكوت الله فهو ثابتٌ مِن الأزل إلى الأبد، لا يهلك ولا ينقطع عن الوجود. الله نفسه ضمن أبديَّة ملكوته، وهكذا ابتهج داود قائلاً: "مُلْكُكَ مُلْكُ كُلِّ الدُّهُورِ, وَسُلْطَانُكَ فِي كُلِّ دَوْرٍ فَدَوْرٍ" (مزامير ١٤٥: ١٣)٠
اختصر دانيال رؤياه اللَّيلية باعتراف الإيمان الأبدي نفسه (دانيال ٧: ٢٧). وكذلك الملك نبوخذنصَّر بعدما عاد إليه عقله اعترف بصيغة الإيمان هذه (دانيال ٤: ٣٤). وحتَّى الإمبراطور الفارسي "داريوس" أكَّد هذه الحقيقة الرُّوحية عندما شهد كيف أُخرج دانيال مِن جبِّ الأُسود (دانيال ٦: ٢٦)٠
انطلاقاً مِن الطَّبيعة الأَبَدِيَّة لملكوت الله نجد أنَّه لم يُخلَق، ولم تكُن له بدايةٌ؛ بل هو ملكوتٌ روحيٌّ، كما أنَّ الرُّوْح القدُس لا يشيخ ولا يموت أبداً. وهو، بوصفه ملكوتاً إلهيّاً خالداً، مُفعَمٌ بالحياة والقوَّة والنُّور؛ ولو لم يكُن كذلك لانتهى وجوده (رومية ٦: ٢٣). فملكوت السَّماوات يتمتَّع بالطَّبيعة الإلهيَّة، وهو لم يُخلَق، بل انبثق مِن الله٠
إنَّ ملكوت الله المثلَّث الأقانيم مملوءٌ محبَّةً وحقّاً، وليس فيه كبرياءٌ بل خضوعٌ طوعيٌّ ووداعةٌ وشجاعةٌ على الخدمة (متَّى ١١: ٢٩؛ ٢٠: ٢٨؛ رومية ٥: ٥؛ ١ يوحنَّا ٤: ١٦). وأبو يَسُوْع المَسِيْح ليس محتالاً، بل هو نقيض ذلك الإله الذي يوصف في بعض الأديان بأنَّه "خير الماكرين" و"الجبَّار المتكبِّر"٠
يجب على كلِّ مَن يفهم ملكوت الله أن يعترف بخطاياه أمام الله القدُّوس وأن يسمح لنفسه أن يتغيَّر بواسطة روح المَسِيْح؛ فالروُّح الغريب لا يليق بملكوت الله. يجب أن تمتلئ قلوبنا وأذهاننا المتغيِّرة جوهريّاً بأجواء السَّماء ليُصبح فرح الرَّب قوَّتنا (إِرْمِيَا ١٥: ١٦؛ يوحنَّا ١٥: ١١؛ ١٦: ٢٤؛ ١٧: ١٣؛ غَلاَطِيَّة ٥: ٢٢؛ فِيْلِبِّيْ ٤: ٤- ٧)٠
يقول القرآن إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ، بل المذعنين فحسب (سُورَةُ القَصَصِ ٢٨: ٧٦). أي ليست ثمَّة أجواء سماويَّةٌ بهذا المعنى لا في الجنَّة ولا على الأَرْض٠
الصَّلاة: نعظّمك أيُّها الرَّبّ يسوع، لأنك ابتدأت خدماتك بالدعوة الصريحة "قد اقترب ملكوت السماوات، فتوبوا وآمنوا بالإنجيل"(مرقس ١: ١٥). أنت مَلكنا، ونحن مُلكك. طهّرنا بدمك الكريم، وقدّسنا بروحك القدّوس، ليتحقّق ملكوتك فينا، وتنشئ شعبك المولود ثانية مِن محبّتك. أحفظنا فيك، لكي لا نفسد ونموت روحيّاً٠
السؤال : ١٠٧ ما هو سرّ ملكوت الله؟