Home -- Arabic -- Revelation -- 146 (The song of the conquerorss)
Previous Lesson -- Next Lesson
شرح وتفسير للآيات الكتابية في سفر الرؤيا
الكتاب ٥ - المسيح الدجال وحمل الله (رؤيا ١٣: ١- ١٦: ٢١)٠
الجزء ٦.٥ - ترنيمة الظَّافرين (رؤيا ١٥: ١- ٤)٠
١ ثُمَّ رَأَيْتُ آيَةً أُخْرَى فِي السَّمَاءِ عَظِيمَةً وَعَجِيبَةً, سَبْعَةَ مَلاَئِكَةٍ مَعَهُمُ السَّبْعُ الضَّرَبَاتُ الأَخِيرَةُ, لأَنْ بِهَا أُكْمِلَ غَضَبُ اللَّهِ. ٢ وَرَأَيْتُ كَبَحْرٍ مِنْ زُجَاجٍ مُخْتَلِطٍ بِنَارٍ, وَالْغَالِبِينَ عَلَى الْوَحْشِ وَصُورَتِهِ وَعَلَى سِمَتِهِ وَعَدَدِ اسْمِهِ وَاقِفِينَ عَلَى الْبَحْرِ الزُّجَاجِيِّ, مَعَهُمْ قِيثَارَاتُ اللَّهِ, ٣ وَهُمْ يُرَتِّلُونَ تَرْنِيمَةَ مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ وَتَرْنِيمَةَ الْحَمَلِ قَائِلِينَ, عَظِيمَةٌ وَعَجِيبَةٌ هِيَ أَعْمَالُكَ أَيُّهَا الرَّبُّ الإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ. عَادِلَةٌ وَحَقٌّ هِيَ طُرُقُكَ يَا مَلِكَ الْقِدِّيسِينَ. ٤ مَنْ لاَ يَخَافُكَ يَا رَبُّ وَيُمَجِّدُ اسْمَكَ, لأَنَّكَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ, لأَنَّ جَمِيعَ الأُمَمِ سَيَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَكَ, لأَنَّ أَحْكَامَكَ قَدْ أُظْهِرَتْ٠
الرَّجل المصلِّي في بطمس: من الأرجح أنَّ الرَّائي بعدما رأى مقدَّماً دينونة الأرض في مرحلتين بدأ يسجد ويرفع الشُّكر ويُصلِّي ويتشفَّع. فبالنّسبة إليه لم تكن المسألة مسألة أسرار وبرامج وخلفيَّة لأحداث نهاية الزَّمان، بل صلَّى وتألَّم لأجل كنائسه في أَسِيَّا الصُّغْرَى التي كانت بحاجةٍ إلى راعيها المنفي مِن قبل سلطات الإِمْبرَاطُوْرِيَّة الرُّوْمَانِيَّة. كان يوحنَّا قد رأى في رؤياه الذِّئاب الضَّارية تدخل كنيسته وكيف حلَّت الصَّواعق والبَرَد بالكنيسة المتروكة، ولكن كان عليه أن يبقى صابراً في بطمس. لم يكن بوسعه أن يفعل شيئاً سوى أن يصلِّي ويؤمن ويرجو٠
كانت استجابة يسوع المسيح لألم يوحنَّا إعلان سلسلةٍ مِن الرُّؤى التي أودعها رسلَه لتعزية الأجيال القادمة وتعليمها. وعلى الرَّغم مِن أنَّ يوحنَّا كان منفيّاً ومحكوماً عليه بالخمول والقعود عن العمل إلاَّ أنَّ الرَّب أقام لخادمه منبراً استطاع منه أن يعظ جميع الأمم وجميع الأجيال القادمة، فأحيا بذلك وعداً قديماً: الَّذِينَ يَزْرَعُونَ بِالدُّمُوعِ يَحْصُدُونَ بِالاِبْتِهَاجِ. الذَّاهِبُ ذَهَاباً بِالْبُكَاءِ حَامِلاً مِبْذَرَ الزَّرْعِ, مَجِيئاً يَجِيءُ بِالتَّرَنُّمِ حَامِلاً حُزَمَهُ (مزمور ١٢٦: ٥- ٦)٠
رأى يوحنَّا في السَّماء علامة مبهمة عظيمة وشفَّافة. ظهر سبعة ملائكة رفيعي المقام لتنفيذ ضربات أحكام الدَّينونة السَّبعة الأخيرة إكمالاً لغضبه العادل٠
جماعة المرتِّلين بِجَانِبِ البَحْرِ الزُّجاجي: لاحظ الشَّيْخ الجَلِيْل أوَّلاً شيئاً كبحرٍ مِن زجاجٍ أمام عرش الله وقد امتدَّ سطحه السَّاكن إلى حدٍّ بعيدٍ في جميع الاتِّجاهات وأتاح التَّبصُّر فيما تفعله الأمم. بدا هذا البحر الهادئ كشاشةٍ كبيرةٍ لمركز مراقبةٍ حيث يمكن رصد كلِّ حركةٍ في الهواء حول الأرض نهاراً وليلاً. كان البحر الزُّجاجي صافياً كالزُّجاج ورائقاً وشفَّافاً. ولذلك كان ممكناً رؤية أمطار النَّار ونيران الغابات والمدن في جميع أنحاء العالم٠
وعلى حدود بحر الزُّجاج رأى يوحنَّا جوقةً عظيمةً مِن المرتِّلين ومعهم قيثارات الله. وقيل له: إنَّهم الغالبون الذين غلبوا ضد المسيح في الضَّعف العظيم مستهينين بموتهم واثقين فقط بنعمة حَمَل اللهِ الحافظة. فهم لم يسجدوا لابن الهلاك ولا حنوا رؤوسهم أمام صورته الشَّبيهة بالإنسان الآلي، ولا قبلوا علامته أو عدده. ورغم الاضطهادات والتَّجارب كلِّها لم يتسلَّط عليهم ابن التِّنين ولا النبي الكذَّاب ولا بابل الزَّانية لأنَّهم أحبّوا حَمَل اللهِ وأسلموا أنفسهم له. كان لهم ختم الرُّوْح القُدُس في قلوبهم. وإذ كانوا مولودين ثانيةً لم يُقتلوا بالسُّخرية أو الموت. لقد غلبوا العالم بإيمانهم بالآب والابن والرُّوْح القُدُس، وهم أحياء في المسيح إلى الأبد (١ يوحنَّا ٥: ٤- ٥)٠
كمكافأةٍ على انتصارهم الرُّوحي على ضدِّ المسيح الذي حقَّقوه دون أسلحةٍ أرضيَّةٍ، أُعطي المرتِّلون القيثارات السَّماوية مِن مخزن الله. كان المرتِّلون المذكورون سابقاً أمام عرش الله الذين عزفوا بمهارةٍ على قيثارات كهذه هم الشُّيُوخُ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ الذين حول عرش الرَّب الإله القدير (رؤيا ٥: ٨- ١٠) والملائكة الذين رافقوا المرنِّمين الْمِئَةَ وَالأَرْبَعَةَ وَالأَرْبَعِيْنَ أَلْفاً بعزفٍ لا نظير له (رؤيا ١٤: ٢- ٣)٠
لترانيم الشُّكر والظَّفَر التي يترنَّم بها الظَّافرون في الأَيَّام الأَخِيْرَة مضمونٌ مختلفٌ عن ترانيم العبادة السَّابقة، وهي متوازنةٌ بخصوص الحمد وأسبابه. رتَّل الغالبون ترنيمة موسى وترنيمة الخروف. ومن المحتمل أنَّهم يهود أرثوذكس متمسِّكون بشريعة موسى بالإضافة إلى يهود عصريين أو مسيحيين مِن جميع الأمم ممَّن مجَّدوا ابن الله المصلوب. وفي الجوقة تمَّ التَّغلب على الفصل بين اليهود والمسيحيين الذين من أمم نجسة. لقد كانوا واحداً في المسيح (أفسس ٢: ١١- ٢٢). كان الخروف قد وحَّدهم في ذاته، وفي روحه سجدوا لله٠
أعمال الله العظيمة: في الآية الأولى مِن ترنيمة الغالبين في الأَيَّام الأَخِيْرَة تُمجَّد أعمال الله العظيمة. إنَّهم يمجِّدون أعماله وليس انتصارهم، ولا يتكلَّمون عن ألمهم. يشهدون للأعمال العجيبة والمدهشة والتي لا تُستقصى التي عملها الله في المسيح بواسطة الرُّوْح القُدُس. إلهنا يعمل، ولا يجلس في السَّماء دون حراكٍ كبوذا الذي يضحك وهو جالسٌ في عرشه فوق بؤس شعبه. يُعلن يسوع: أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ (يوحنَّا ٥: ١٧). انتهت استراحة الله منذ سقوط خليقته الحبيبة والرائعة في الخطيَّة والعصيان والشَّر. وهو يعمل منذ ذلك الوقت وينشط ويُخلِّص ويُشارك في تاريخ الإنسان. والقوَّة التي تُدير أعماله هي محبَّته. العهدان القديم والجديد زاخران بالأفعال التي تصف أعمال الله في وقتٍ ما وفي أماكن خاصَّةٍ ولأشخاصٍ معيَّنين. فينبغي أن تقودنا حياة وأعمال يسوع وأعمال رسله في الرُّوْح القُدُس إلى التعبد له بشكرٍ وامتنانٍ. حتَّى في أيَّام ضد المسيح لا تنتهي أعمال الله، إذ يقول يسوع: هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ (متَّى ٢٨: ٢٠)٠
يخاطب الغالبون الله بالرَّب. وهذا يؤيِّد الحقيقة أنَّ غالبيَّة المرنِّمين مِن شعب العهد القديم، إذ إنَّ يهوه يُقال له (الرَّب) ٦٨٢٨ مرَّة في أسفار التَّوراة، وفي المزامير، وفي الأنبياء. هو إله العهد الذي كرَّس نفسه لأجل شعبه العنيد بأمانته الأبديَّة. ضربهم ونفاهم إلى بابل ولكنَّه لم يتخلَّ عنهم. وعندما أسلموا ابنه ليُصلَب شتَّتهم بين الأمم. ولكنَّه ظلَّ أميناً لهم حتَّى في الغرف التي أعدَّها هتلر للإعدام خنقاً بالغاز. فإيمانهم صار برَّهم٠
ويشهد المرتِّلون مِن العهد الجديد بدورهم ليسوع كربِّهم. نقرأ هذا اللَّقب ليسوع ٢١٦ مرَّة في العهد الجديد وهو يعني أنَّ حَمَل اللهِ قد ختم بدمه عهداً أبديّاً مع أتباعه. وهو يُنعم عليهم بالحياة الأبديَّة. سيعترف كُلُّ لِسَانٍ في نهايَةِ الزَّمانِ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللَّهِ الآبِ (فيلبي ٢: ١١)٠
العبارة "الله" هي في العبريَّة "إيلوهيم". ومعنى "إيل" القوَّة والقدرة (متَّى ٢٦: ٦٤)، أمَّا "هيم" فهي ضمير جمع؛ فمعنى "إيلوهيم" إذاً أنَّ القوَّة والقدرة ليستا شخصاً واحداً بل وحدة مِن جمع. ويرى المسيحيون في ذلك إشارةً خفيَّةً إلى الثَّالُوْث الأَقْدَس. أمَّا اليهود والمسلمون فيرون في صيغة الجمع هذه إجلالاً لاسم الجلالة في عبادتهم. نقرأ العبارة "إيلوهيم" ٢٦٠٠ مرَّة في العهد القديم، ولكنَّها ليست محدَّدةً بذاتها، بل تأخذ معناها مِن خلال الاسم "يهوه" كما هو مكتوبٌ في بداية الوصايا العشر: أَنَا (يهوه) الرَّبُّ إِلَهُكَ (سفر الخروج ٢٠: ٢)٠
يُضيف المرتِّلون، للتَّأكُّد مِن أنَّ ترنيمتهم لن يساء فهمها، صفةً ثالثةً ساميةً إلى اسم ربِّهم: فهو القادر عَلَى كُلِّ شَيءٍ. في السَّرَّاء يعبر هذا اللَّقب شفاهنا بسهولةٍ، أمَّا في الضَّرَّاء والضِّيقة والاضطهاد والتَّشهير والتَّعذيب والضَّعف والخطر والموت ليس لمؤمنٍ واحدٍ فقط بل لكنائس بأجمعها فسيُصبح هذا اللَّقب اعترافاً ضدَّ الواقع المنظور. مات الشُّهداء في كلِّ زمانٍ ومِن كلِّ أمَّةٍ لأجل يسوع لأنَّهم آمنوا أنَّ يسوع هو ابن الله القادر عَلَى كُلِّ شَيءٍ. نقرأ هذا الاعتراف أنَّ الله "إلهٌ قادرٌ عَلَى كُلِّ شَيءٍ" ثمان مرَّاتٍ في سفر الرؤيا (رؤيا ٤: ٨؛ ١١: ١٧؛ ١٥: ٣؛ ١٦: ٧، ١٤؛ ١٩: ٦، ١٥؛ ٢١: ٢٢) كشهادة ملحَّة مِن المؤمنين لانتصارٍ لا يفوقه انتصارٌ للحَمَل. إنَّ شهادتهم الباسلة لخالق وربِّ وديَّان العالم هي السِّلاح الذي سيُغلَب به ضد المسيح ونبيُّه المحتال وزانيته الدَّاعية إلى مزج الأديان٠
لو كانت جوقة المرتِّلين بِجَانِبِ البَحْرِ الزُّجاجي مكوَّنة مِن مسيحيين فقط مِن الأمم لكانوا قد خاطبوا الله كالآب القادر عَلَى كُلِّ شَيءٍ بواسطة قانون الإيمان النيقاوي. ومِن جهةٍ أخرى، في هذه الحالة، أنَّها مسألة قضاء وقصاص وكارثة بحيث يبدو مِن الملائم في هذه الحالة مخاطبة الله القادر عَلَى كُلِّ شَيءٍ كالرَّب والملك وليس كالآب٠
استقامة الله القادر عَلَى كُلِّ شَيءٍ وعدله: يمضي السَّطر التَّالي مِن هذه التَّرنيمة بتفصيلٍ أكثر، فطرق الله عادلةٌ وحقٌّ حتَّى في جميع الأحداث التي لا يُعرَف كنهها. الله أكثر استقامةً وعدلاً مِن معظم قضاة الأرض المستقيمين٠
على الرَّغم مِن أنَّ طواحين الله تطحن رويداً رويداً، ولكنَّها تطحن ناعماً ناعماً. على الرَّغم مِن أنَّه بصبرٍ يقف منتظراً، فهو بدقَّةٍ يطحن الكلَّ٠
اعترف أيُّوب المبتلى بالقروح الكريهة قائلاً: الْقَدِيرُ لاَ نُدْرِكُهُ. عَظِيمُ الْقُوَّةِ وَالْحَقِّ وَكَثِيرُ الْبِرِّ. لاَ يُجَاوِبُ (أيُّوب ٣٧: ٢٣)٠
لعلَّنا نرى عمق عدل الله على الصَّليب. يكره القدُّوس خطيَّة كلِّ إنسانٍ ولا بدَّ له مِن التَّكفير عنها لأجل العدالة بدون رحمةٍ. وَبِدُونِ سَفْكِ دَمٍ لاَ تَحْصُلُ مَغْفِرَةٌ (عِبْرَانِيِّيْنَ ٩: ٢٢). ويحبُّ الخالق خليقته السَّاقطة والمنجَّسة والمعاندة حبّاً عظيماً حتَّى إنَّه بابنه حمل جميع خطايا العالم ومات بدل جميع الناس. وهو يبقى عادلاً حتَّى عندما يُبرِّر الأشرار (رومية ١: ١٧) لأنَّه هو نفسه احتمل قصاصهم. إِنَّ اللَّهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحاً الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ... جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً, خَطِيَّةً لأَجْلِنَا, لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللَّهِ فِيهِ (٢ كورنثوس ٥: ١٩- ٢١)٠
أمَّا الذي يرفض أو ينكر أو يفتري على نعمة ملك الكون وتضحية ابنه الوحيد بحياته لأجلنا فعليه أن يتحمَّل قصاصه. وسيحلُّ عليه جام غضب الله. هذا هو حال كلِّ روح مضادٍّ للمسيحية وكلِّ زبانية عدوِّ الله. مَن لا يسجد للمصلوب سيقع عليه ظلُّ الصَّليب ويدينه. ينبغي أن نصلِّي أكثر لأجل أعداء المسيح كي نُنقذهم مِن الدَّينونة التي لا مفرَّ منها. علينا أن نشهد لحقِّ الفداء في المسيح لأجلهم كي لا يشتكوا علينا في يوم الدَّينونة قائلين إنَّهم لم يعرفوا شيئاً عن ذلك٠
ملك الأمم: يُخاطب المرتِّلون الرَّب كملك الأمم. تدلُّ العبارة "ملك" في نطاق اللغة الساميَّة إلى المالك القدير لجميع الدُّول والمدن والناس في مجال سلطانه. والملك لغويّاً هو مِن يُنسَب إليه كلُّ السُّلطان والتَّشريع والحكم. وبذلك إنَّ مخاطبة الرَّب كملك الكون تعني أنَّ للقادر عَلَى كُلِّ شَيءٍ الحقَّ في التَّعاطي مع النَّاس كما يشاء. هو خلقهم وهم يخصُّونه. هو مالكهم، ويجب عليهم أن يخضعوا له ويكونوا تحت تصرُّفه دون قيدٍ أو شرطٍ، شاءوا أم أبوا. هذا هو بالضَّبط مفهوم معنى الله في الإسلام. يجب أن يهلك كلّ مَن لا يَقبل وحيه٠
ولكنَّ ملكنا لطيفٌ ومتواضع القلب، إلهنا صبورٌ (متَّى ١١: ٢٨- ٣٠؛ زكريَّا ٩: ٩). هو المحبَّة متجسِّدة في شخصه (١ يوحنَّا ٤: ١٦). وهو أيضاً الرُّوح والنُّور والحقُّ (يوحنَّا ٤: ٢٤؛ ٢ كورنثوس ٣: ١٧؛ ١ يوحنَّا ١: ٥ وآيات أخرى). فهو يكشف كلَّ نجاسةٍ وكلَّ كذبٍ وكلَّ عصيانٍ. لا يبقى شيءٌ خفيّاً أمامه. ملكنا يُناضل في سبيل الحقِّ والعدالة (يوحنَّا ١٤: ٦؛ ١٧: ١٧). له جلال الله وكلُّ مجده وسموِّه وسلطانه (متَّى ١٦: ٢٧؛ ٢٤: ٣٠؛ ٢٥: ٣١؛ مرقس ٨: ٣٨؛ ١٣: ٢٦؛ لوقا ٩: ٢٦؛ ٢١: ٢٧ وآيات أخرى). فيليق بملوك جميع الأمم على الأرض أن يُنكروا أنفسهم ويَقبلوا ملك الملوك ويكرموه ويُقبِّلوه (مزمور ٢: ١٠- ١٢)٠
مَن لا يقبل ملك الملوك جميعاً يُقصي نفسه عن ملكوته فيُعلن الحرب على الملك الإله. مَن عساه يكون غبيّاً حتَّى يتمرَّد على ممثِّل الله المزوَّد بسلطانه؟ إنَّ تمرُّد الناس على ربِّهم يجري في عروقهم. يريدون أن يكونوا أحراراً ليعملوا ما يشاءون بدون الله، وهم بذلك يُهلكون أنفسهم٠
ضد المسيح ونبيُّه هما ممثِّلا ثورة الناس المكتملة التَّطور والشَّيطانية النُّفوذ ضدَّ خالقه، وهلاكهما محتومٌ٠
مخافة الله وتمجيده: يدعو السَّطر الثَّالث مِن ترنيمة الغالبين بِجَانِبِ البَحْرِ الزُّجاجي جميع المخلوقات إلى السُّجود لله القدير، ربّ وملك جميع الأمم٠
إنَّ سلطان الله بعد موت ابنه الكَفَّارِيّ مؤسَّسٌ على نعمةٍ لا حدود لها. والاستجابة الملائمة الوحيدة لذلك هي أن نُكرم الله ونشكره. فمَن يرتجف أمامه ويخافه مِن كلِّ قلبه ومِن كلِّ نفسه ومِن كلِّ قوَّته يعبده بضميرٍ صالحٍ ويُوْدِعه نفسَه وعائلتَه وكنيستَه. فكلُّ سجودٍ صادقٍ منَّا للرَّب يتضمَّن التَّسليم التَّام لإرادتنا وخططنا ووقتنا ومِلكنا. فتفحَّص إذاً نفسك: مَن تخصُّ؟ هل أنت عبدٌ لرغباتك وأحلامك وأهوائك؟ أو هل أنكرت نفسك وحملت صليبك وتبعتَ يسوع الذي هو مشيئة الله المتجسِّدة في إنسانٍ؟ كم يُخيفك المرض أو النَّاس أو الشَّياطين أو موتك؟ لا تخشَ أيَّ مخلوقٍ كان، فخالقك وربُّك قادرٌ عَلَى كُلِّ شَيءٍ. ما هو عمق إجلالك لله في قلبك؟ إنَّ وعي مخافة الله في وضعيَّة السُّجود هو الأساس الصَّحيح لمحبَّة الله مِن كلِّ قلوبنا، ومِن كل نفوسنا، ومِن كلِّ قوَّتنا. الذي لا يخاف الله يُحبُّه قليلاً. ينبغي أن نخاف الله ونحبَّه كي نمجِّد اسمه ولا نُخطئ. مَن يتذوَّق معنى قداسة الله كإشعياء الكاهن (إشعياء ٦: ١- ٧) يصبح منكسر القلب بسبب سموِّ الله وجلاله، ولكنَّه في الوقت نفسه يتحرَّر لتسبيح الله بعمقٍ على نعمته وأحكامه (لوقا ٥: ٨- ١٠)٠
هل فكَّرتَ جدِّياً كيف تقدر أن تمجِّد خالقك وربَّك وديَّانك ومخلِّصك وفاديك؟ يعيش الإنسان غير الرُّوحاني غالباً لأجل نفسه وفقاً لأفكاره ولتكريم ذاته. إنَّ هذه الأنانية المَرَضيَّة ستُغلَب بواسطة معرفة الله في قوَّة الرُّوْح القُدُس. ادرس طُرُق الرَّب في العهدين القديم والجديد فيُصبح هو مركز تفكيرك وغاية حياتك. إنَّ قوَّته وحقَّه ومحبَّته وكيانه وصبره كجدولٍ عظيمٍ يروي صحراء قلبك ويجعله مثمراً٠
يريد الله أن يحوِّلك إلى صورته (تكوين ١: ٢٧- ٢٨). ليس بكلامك وفكرك فقط ينبغي أن تُكرم الله القادر عَلَى كُلِّ شَيءٍ، بل يمكن كيانَك كلَّه أن يعكس محبَّته وسموَّه. علَّمنا يسوع أنَّ أوَّل طلبة في الصَّلاة الرَّبانية هي أن يتقدَّس اسم الآب. أن يولد له أولادٌ كثيرون كنجوم السَّماء. وبواسطة الرُّوْح القُدُس يحملون جينات الله الموروثة فيهم، ويُمجِّدون أباهم بواسطة الإيمان والمحبَّة والرَّجاء أكثر فأكثر. إن شئتَ أن تمجِّد الآب والابن في حياتك فاطلب نعمة روحه القدوس كي يحوِّلك إلى صورة أبيك السَّماوي وابنه. ضع نفسك كلِّياً تحت تصرُّفه لأنَّه مستحقٌّ ذلك. وجِّه حياتك كلَّها باتِّجاهه كما زهرة عبَّاد الشَّمس موجَّهةٌ دائماً نحو الشَّمس، وعِنْدَئِذٍ تحمل أشعَّة محبَّته ثمار روحه٠
يظهر امتياز تمجيد الله بواسطة جميع أعمالنا (متَّى ٥: ١٦, ٤٨) ليس في أوقات اليسر فقط، بل بخاصَّةٍ في الاضطهاد تحت التَّعذيب الوحشي والملاحقات. ففي الصين الشُّيوعية مثلاً تنمو الكنيسة المكبوتة بأقصى سرعةٍ٠
ليس الكلام وحده هو الذي يُمجِّد الثَّالُوْث الأَقْدَس، بل تُعبِّر الخدمة والمساعدة واحتمال الأعباء بنقاوة وغبطة وتلقائية في كثير مِن الأحيان بطريقة أقوى مِن كلامٍ كثيرٍ. إنَّ صبر القديسين خلال الاضطهاد هو عظةٌ في ذاته٠
مَن قُدُّوسٌ؟: بعدما مجَّد المرتِّلون بِجَانِبِ البَحْرِ الزُّجاجي بقيثاراتهم الرَّب كالملك القادر عَلَى كُلِّ شَيءٍ ومالك جميع النَّاس، ونطقوا بالأعمال العظيمة وشهدوا لإرشاده وأحكامه أنَّها طرقٌ عادلةٌ، يستغرقون في أسباب سجودهم٠
فيعترفون أنَّ الرَّب وحده قدُّوسٌ. ويتضمَّن هذا الاعتراف الابن والرُّوْح القُدُس لأنَّ جميعهم واحدٌ. فمحبَّتهم وتواضعهم ووداعتهم ونكرانهم للذَّات وصبرهم وأمانتهم هي سرُّ اتِّحادهم وانسجامهم الأبديَّين٠
لا يقيم في الله المُثَلَّث الأَقَانِيْمِ أيُّ ظلمٍ أو استكبارٍ أو كذب. الله وكلمته حقٌّ لا زيف فيه. ليس فيه غشٌّ ولا خداع. هو حقٌّ تامٌّ ومحبَّةٌ أبديَّةٌ٠
إلهنا بلا خطيَّةٍ وقدُّوسٌ وبارٌّ. عاش يسوع بيننا، ويحيا اليوم مع أبيه بدون مكرٍ لأنَّه طاهرٌ وقدُّوسٌ. روح الرَّب حقٌّ ومحبَّةٌ مقدَّسة. وهو يُحيينا بحياته ويُشركنا في قوَّته العظيمة التي لا تنقطع أبداً٠
إنَّ كون الله بلا لومٍ هو أحد أسرار وجوده وترس الحماية المشعُّ لمحبَّته. وخلوّه مِن أيِّ خطيَّةٍ أكثر إشراقاً ولمعاناً مِن البرق وهو يدين جميع المخلوقات. تُغطِّي الأربعة الحيوانات الحيَّة التي عند عرش الله وجوهها وأجسادها دائماً بأجنحتها كي لا تُقتَل وتُباد بقداسة الله؛ وهي تعترف نَهَاراً وَلَيْلاً بخلاصة إدراكها وفهمها قائلةً: قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ, الرَّبُّ الإِلَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيءٍ, الَّذِي كَانَ وَالْكَائِنُ وَالَّذِي يَأْتِي (رؤيا ٤: ٨)٠
وبما أنَّ الله قدُّوسٌ فهو يريدنا أن نكون قدِّيسين أيضاً. وكلمته أمرٌ لنا: كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ (لاويِّين ١١: ٤٤؛ ١٩: ٢؛ ١ بطرس ١: ١٦). بدون أن نتقدَّس بدم المسيح وروحه لن نرى الآب (عِبْرَانِيِّيْنَ ١٢: ١٤؛ متَّى ٥: ٨) لأنَّه لا يقدر أن يحتمل حياتنا المنجَّسة بالخطيَّة (١ يوحنَّا ١: ٥ وآيات أخرى)٠
في نور الله جميع الأديان والأصنام والأباطرة والرُّؤساء والباباوات والقسوس نجسون. حتَّى مريم لم تكن قدُّوسةً بذاتها. الناس كلُّهم يُخطئون ويكذبون وهم نجسون. قداسة الله وحدها قادرةٌ أن تُخلِّصنا وتُقدِّسنا، أن تُطهِّرنا وتحفظنا أنقياء طاهرين. يُقدِّسنا الله بالنِّعمة وحدها كي نمجِّد اسم الآب.٠
كانت معرفة قداسة الله قد تعمَّقت في المرتِّلين بِجَانِبِ البَحْرِ الزُّجاجي بواسطة الكثير مِن الألم والعذاب. فهُم عاشوا في وسط القذارة والنَّجاسة والخطيَّة والتَّجديف التي صبَّها عليهم روح ضد المسيح ونبيّه الكذَّاب. ولكنَّ الشُّهداء أغلقوا الباب في وجه التَّلوُّث، ولم ينفتحوا إلاَّ لقداسة الثَّالوث. وهكذا حُفظوا في يد المسيح وفي سلطان روحه٠
تبشير الأمم في الأَيَّام الأَخِيْرَة: مجَّد المرتِّلون بِجَانِبِ البَحْرِ الزُّجاجي الله المُثَلَّث الأَقَانِيْمِ ببيان إيمانٍ مدهشٍ كان مخالفاً كلِّياً للواقع على الأرض. شهدوا قائلين: جَمِيعُ الأُمَمِ سَيَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَكَ!
نختبر في أيَّامنا الحاضرة التَّقدم السَّريع لمزج الأديان المتعدِّد الثَّقافات الذي يهدف إلى مزج الأديان المتعارضة وإقامة روحيَّة جديدة لعالمٍ جديدٍ بدون الله. وما إذا كان هذا التَّطور سيتَّخذ شكل نظام اشتراكي أو ديمقراطي أو دكتاتوري أو ملكي تقليدي ليس أمراً محسوماً. ولأنَّ العالم قد أصبح متقارباً جدّاً كقريةٍ واحدةٍ والأمم ستصبح في صفٍّ واحدٍ سواء شاءت أم أبت، جعل التلفزيون والإنترنت وسيل مِن وسائل الإعلام المطبوع سم الدِّعاية غير النَّابعة مِن الله يقطر في جميع البيوت والقلوب٠
توجد اليوم ١٩٣ دولة تتضمَّن ١١٨٧٤ جماعة عرقيَّة ذات ٦٥٢٨ لغة، دون أن نأخذ بعين الاعتبار مزيج الشُّعوب في إسرائيل. وسوف يُمنع التَّبشير والإرساليات التبشيرية بحسب أنموذج زمن النِّعمة بصرامة أشد فأشد بوصفها غير مرغوب فيها باسم "الطُّمأنينة" و"السَّلام بين الأديان العالميَّة". في عهد ضد المسيح ستُتَّخذ إجراءات ضدَّ كلِّ مناداةٍ علنيَّةٍ بالإنجيل بوصفها جريمة سياسيَّة، وسيتمُّ التَّخلُّص مِن معظم المسيحيين النَّاشطين. ولكنَّ روح المسيح يهبُّ حيث يشاء وتسمع صوته ولكنَّك لا تستطيع أن تُخبر مِن أين يأتي ولا إلى أين يذهب (يوحنَّا ٣: ٨). وحتَّى في أشدِّ ضيقات الاضطهاد لن تتوقَّف أعجوبة تبشير الأمم. ستمتد الحياة الرُّوحية لتخترق الحواجز على نحوٍ لا يُقاوَم بالرَّغم مِن الحجاب المضاد للمسيحية التي يغطِّي الأرض٠
ولكن لا تزال عند الله إمكانيات أخرى لتنفيذ إرساليته العالمية عند انتهاء زمن النِّعمة. ستكون أحكام دينونة الله مدمِّرة ومحقِّقة أهدافها ومتقدِّمة باستمرارٍ حتَّى إنَّ الجماهير ستُدرك وتتحقَّق أنَّ جميع الأصنام والتَّعاويذ والأرواح والتَّمائم والضَّمانات، بل وجميع الأباطرة والزُّعماء والوجهاء أيضاً هم مجرَّد أصفار لا حول لها ولا قوَّة. حتَّى ابن الشِّرير ونبيُّه الكذَّاب سيقعان في حيرةٍ عظيمةٍ. ستفتح أحكام الرَّب المقبلة أعين أناسٍ كثيرين ليُدركوا عقم إيمانهم بالتَّقدُّم ويرفضوا المكاسب التكنولوجية أو علم التركيب الوراثي أو المحطَّات الفضائيَّة كونها غير منتِجة. ولسوف تُسحَق أنانية الإنسان وجبروته السَّاذج وبراعته وتُمرَّغ في التُّراب حين تهزُّ أحكام القادر عَلَى كُلِّ شَيءٍ أساس وجودنا٠
عِنْدَئِذٍ سيحاول كثيرون لا حصر لهم مِن الباقين أن يتوبوا، ليس حبّاً لله وحَمَله، ولا إيماناً به، بل بسبب الهلع والخوف المُطْبِق مِن قداسة وجلال ملك الأمم. سيتوب النَّاس ويسجدون له. والسُّجود للرَّب بسبب الكرب وبالخوف والارتعاد مِن الله هو مع ذلك أفضل مِن أيِّ تأليه أو عبادة للإنسان مضادة للمسيحية أو إلحاد ساذج٠
ينبغي أن نطلب بشجاعةٍ نعمة التَّوبة لأجل شعوبنا في الأَيَّام الأَخِيْرَة كي يهربوا "جميعاً" إلى الخالق والدَّيان القادر عَلَى كُلِّ شَيءٍ ويلتمسوا النّجاة مِن أحكام دينونته. وطالما أنَّ الباب المؤدِّي إلى الله مفتوحٌ جزئيّاً، فالغرض مِن عقوبات الله القادر عَلَى كُلِّ شَيءٍ هو توبة الأشرار. مَن يسجد لربِّ الأرباب سيشرب مِن ينبوع برِّه وقد يبرأ٠
إذاً ليس علينا أن نصلِّي مشكِّكين ونتفرَّس في الوقائع الحاضرة المضادة للمسيحية، بل أن ننضمَّ إلى المرتِّلين الحكماء بِجَانِبِ البَحْرِ الزُّجاجي. فهؤلاء الغالبون يشهدون ببسالةٍ وإصرارٍ لاجتماع الأمم "جميعها" للسُّجود إلى الله وحَمَله٠
تبرير أحكام الله: إنَّ وجودنا مبنيٌّ على الشَّريعة. ومقياس حياتنا هو الله. هو شريعتنا. تعني "الشَّريعة" أيضاً في اللُّغات السَّاميَّة "الحقّ". وقد شهد يسوع قائلاً: أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ (يوحنَّا ١٤: ٦). فشهد بذلك أنَّ بسلوكه الأخلاقي بلغ حُكم الله المقدّمة. كلام المسيح روحٌ وحياةٌ وحقٌّ. مَن "يأكل ويشرب" كلامه، مَن يستوعبه جيِّداً يتحوَّل إلى صورة محبَّته وصبره ووداعته٠
لقد علَّمنا موسى شريعة الرَّب المبنيَّة على محبَّة الله وقداسته. وشريعة موسى هذه كان يسوع قد مثَّلها وجسَّدها لنا في حياته وأتمَّها. يريد روح الحقِّ أن يحفر وصايا يسوع الخمسمائة الموجودة في الأناجيل الأربعة في ضمائرنا وينفِّذها في حياتنا٠
أمَّا مَن يُغلق ذهنه على كلمة يسوع وروحه باستمرارٍ فهو مُدانٌ وهو لا يؤمن بابن الله (يوحنَّا ٣: ١٨، ٣٦). إنَّه يرفض حكمه ومخلِّصه الوحيد مِن غضب الله. فيختار حكم الله العادل على خطاياه ويبقى تحت غضب الله القادر عَلَى كُلِّ شَيءٍ. لقد أبطل يسوع ذنب كلِّ إنسانٍ. أمَّا مَن يرفض موته الفدائي الأبدي الفعالية فهو يدين نفسه. ستفحص قداسة الله هؤلاء الناس المتقسِّين فحصاً دقيقاً وتحرقهم (يوحنَّا ١٦: ٧- ١١)٠
أحكام الله مبرَّرةٌ. أحكامه صائبةٌ. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ ما عدا يسوع. هو وحده يُنقذنا مِن حُكمنا ويُغيِّرنا إلى محبَّته مِن داخل قلوبنا وحكمته وحقِّه. بيسوع وحده نصبح أبراراً. به نكون ونبقى مقدَّسين. هو رجاؤنا٠
رأى المرتِّلون بِجَانِبِ البَحْرِ الزُّجاجي وأدركوا في عمق أحكام الله برَّه الذي لا يتغيَّر. سجدوا لله القادر عَلَى كُلِّ شَيءٍ بسبب أحكامه المقبلة. كانوا مقتنعين بأمانته وعقوباته وحكمه بطريقةٍ دفعتهم إلى تمجيده مقدَّماً بسبب قراراته المقدَّسة. كانوا قد اختبروا شرور وأكاذيب وجرائم ضد المسيح ونبيه الكذاب وتألَّموا منها، ولكنَّهم قاوموها. وأدركوا المرامي الخفيَّة للطغيان المضاد للمسيحية في جميع الأمم. بدا كأنَّ ابن الشِّرير سيغلب بواسطة خداع الجماهير وتغيير الشَّريعة. ولكنَّ الشُّهداء آمنوا بانتصار الخروف الموعود به وحقِّه الكريم. لذلك سبَّحوا مقدَّماً مؤمنين أنَّ أحكام الله عادلةٌ وشريعته ستسود٠
إنَّ حكم ضد المسيح قصير الأمد. بعدئذ ستحاول الأمم جميعاً مرتعبةً أن ترجع إلى خالقها وديَّانهها وتسجد له لأنَّ أحكامه لا عيب فيها وعادلة (مزمور ٨٩: ١- ٩)٠
الصلاة: أيها الآب الحنون العادل، نعظمك ونشكرك، لأن صبرك وإستقامتك تفوق عقولنا. أنت القدوس، ومسيحك سيدين الشعوب والأفراد بالحق والرحمة. أنت حاكم الشعوب ألتي خلقتها، وتستحق مع مسيحك تسبيح البشر وسجودهم. ولكن من يسجد لروح آخر يخطيء ويُدان. آمين٠
١٦٨. من هم المغنمون في السماء الذين يسبحون عظمة الله وقدرته؟