Waters of Life

Biblical Studies in Multiple Languages

Search in "Arabic":
Home -- Arabic -- The Ten Commandments -- 06 Fourth Commandment: Remember the Sabbath Day, to Keep it Holy
This page in: -- Afrikaans -- ARABIC -- Armenian -- Azeri -- Baoule -- Bengali -- Bulgarian -- Cebuano -- Chinese -- English -- Farsi -- Finnish? -- French -- German -- Gujarati -- Hebrew -- Hindi -- Hungarian? -- Indonesian -- Kiswahili -- Malayalam? -- Norwegian -- Polish -- Russian -- Serbian -- Spanish -- Tamil -- Turkish -- Twi -- Ukrainian? -- Urdu? -- Uzbek -- Yiddish -- Yoruba

Previous Lesson -- Next Lesson

الموضوع ٦ -- الوصايا العشر في خروج ٢٠
حَاجِز الله الوَاقِي مِن سُقوطِ الإِنْسَان

٠٦ -- الوَصِيَّة الرَّابعة: اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْت لِتُقَدِّسَهُ



سفر الخروج ٢٠: ٨-١١
اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْت لِتُقَدِّسَهُ. سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ, وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابِعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ. لاَ تَصْنَعْ عَمَلاً مَا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذي دَاخِلَ أَبْوَابِكَ لأَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا, وَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ. لِذَلِكَ بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْت وَقَدَّسَهُ.


٠١.٠٦ - يومُ الرَّاحة لحمد الخالق

يوم السَّبْت عند اليهود رمزٌ مِن رموز علامات العَهْد مع الله. وقد ميّز هذا اليوم المختص لعبادة الرَّبّ بين شعب العَهْد القَدِيْم وبين سائر الشعوب. قدّس الشعب هذا اليوم الأخير في الأسبوع، فلم يعملوا فيه أعمال الأيام الأخرى، ولم يُشعلوا ناراً، ولم يقوموا برحلات طويلة، وارتدوا ملابس العيد الجَدِيْدة. وكان الفرح والسرور يعمّ هذا اليوم الَّذي فيه كانوا يجتمعون في دور العبادة ليقرأوا فقرات مِن التوراة بالتناوب، ويتباحثوا فيها في جوّ التَّرانيم الرُّوْحِيَّة.

ينبغي للمؤمنين، في يوم الرَّبّ، أن يلتفتوا نحو الله مدة أطول مما يصلُّون في أيام الأسبوع الأخرى، فيركِّزوا أَفْكَارهم وقلوبهم في خالقهم ومخلِّصهم ومعزِّيهم. عِنْدَئِذٍ تجعل قراءةُ الكِتَاب المُقَدَّس، وسماعُ العظة، والصَّلواتُ المشتركة مع ترانيم الحمد مِن هذا اليوم يوم التَّنفس للنَّفس في أيام السُّرعة والإرهاق. ويَهَبُ يوم التأمل هذا للجياع والعطاش إلى البرّ غذاءً روحياً كافياً لمسيرتهم عبر صحراء أيام الأسبوع التالي. ليس الإِنْسَان ولا راحته محور هذا اليوم بل الرَّبّ نفسه. وهكذا أصبح يوم السَّبْت اليوم المخصَّص للرب، للاحتفال أمام وجهه. لقد أفرز الرَّبّ هذا اليوم عن بقية الأيام وقدّسه وباركه. وهو هبة الخالق الفريدة لخلائقه.

يَهدف تقديس يوم السَّبْت إلى حمد الخالق، لأنّه خلق بكلمته القديرة السَّماوات والأرض، وصنع الشمس والنجوم والبحر واليابسة مع النباتات والأشجار، وبرأ الأسماك والطيور والحيوانات الصغيرة والكبيرة، وتوّج الخليقة بخلق الإِنْسَان على صورته. وكلُّ مخلوقٍ في هذه الخليقة هو معجزةٌ، وممتلئٌ بالحكمة والقوى في نظام خاص. لم يكتشف العُلَمَاء حتَّى يومنا هذا سوى القليل فقط مِن أسرار جسم الإِنْسَان، ومِن قدرة نفسه، ومِن سمو روحه، ناهيك بذلك سرّ الحَيَاة ومصدر النور. عجيبةٌ هي أعمال إلهنا. وإنْ كانت خليقته مجيدةً بهذا المقدار، فكم بالحريّ الخالق. لا تكفي صفةٌ مِن لغات البشر لتصف عظَمة مجده وقدرته الشاملة. إنّه يستحق السُّجود والتَّسبيح مِن كلّ خلائقه على الدوام.

لَمَّا حقَّق الله مقاصده في الخلْق استراح أخيراً، ليس لأنّه تَعِب مِن العمل، إذ لا يكلّ القدير ولا يتعب، لا ينعس ولا ينام. بل نظر بالحريِّ فاحصاً إلى عمله، وسُرّ بالعظائم المتعددة الَّتي خلقها، ووجدها حسنةً جدّاً. أمَّا نحن فيليق بنا أن نحمده ونشكره كلّ الأيام، وخاصَّةً في يوم الرَّبّ.


٠٢.٠٦ - ضرورة راحة يوم السَّبْت

يُشركنا الله يومَ السَّبْت في راحته السَّمَاوِيّة الَّتي خصّصها بنفسه بعد إتمام خلقه. ويمنحنا فرصةً للعبادة والسجود مع الصمت والحمد. إنَّ هذا الهدوء الخارجي والداخلي أمام ربنا سرٌّ مِن أسرار الحضارة وكيانها. لا يقدر أحدٌ أن يتعدى هذه الوَصِيَّة دون أن يُقاصَص. فالشعوب وأَنْظِمَة الحكم الَّتي حاولت إلغاء يوم الرَّبّ، كالاتحاد السوفياتي السابق أو الشركات الضخمة في الغرب، فقدت مع أتباعها راحة النفس ومحور الحَيَاة.

وكل الَّذين لا يهتمون بيوم الرَّبّ ينطلقون مسرعين بسياراتهم فلا يرون مجد الرَّبّ في خليقته، ولا حتَّى في أيام عطلتهم، بل يفقدون القدرة على التّأمُّل، فتتضاءل نتائج عملهم في أثناء الأسبوع. يحتاج الجميع، وحتَّى البهائم إلى يوم راحة. ولا تستطيع الخليقة أن تستعيد نشاطها دون أن تهدأ أمام الله خالقها. إنَّ تقديس يوم الرَّبّ هو أمر الله الَّذي لا يجوز مخالفته. لا تتكلّم هذه الوَصِيَّة عن ٣٥ أو ٤٠ ساعة عمل في الأسبوع، بل عن ستة أيام مِن العمل الشاق. أمَّا اليوم السابع فللرَّبّ. يُعلّمنا الكِتَاب المُقَدَّس أنَّ حياة البطالة والكسل هي بداية كل الرذائل، وأمَّا العمل اليَوْمِيّ فلا يُضِرُّ بإنسانٍ قَط. اقترح يَسُوْع أن نقف بين الحين والآخر، في طريق حياتنا لنتأمل زنابق الحقل والأزهار الأخرى كيف تنمو. كم مِن الوقت تحتاج الزهرة حتَّى تنمو أوراقها وإلى أن يظهر ثمرها. قِف وافتح عينيك. تعرَّف بِقِوى الخليقة ونواميسها. وعِنْدَئِذٍ تبصر خلفَها الخالقَ وصلاحَه الأبوي.

لقد أرشدنا يَسُوْع أن نقارن بَهاءَ الزهرة في لونها وشكلها بملابس أغنى الأَغْنِيَاء في العالم، لنُدرك أنَّ الملوك والأمراء أنفسهم لم يلبسوا ثياباً بهية كالأزهار والأعشاب الَّتي تذبل سريعاً وتسقط. والإِنْسَان نفسه أجمل مِن سائر المخلُوْقَات. لا يوجد على الأرض ما هو ألطف وأروع مِن وجه الإِنْسَان الَّذي يعكس بقيَّةً مِن مجد الله ومحبّته.

ليتنا نغيّر أسلوب حياتنا، ولا ننطلق مسرعين كل الوقت، بل نقف مِن حين إلى آخر أثناء مسيرتنا. يهزّنا مجدُ الخليقة للحمد والشُّكْر حتَّى تشمل عبادتنا لله وتمجيده حياتنا كلّها. لكنْ ما أحقر العديد مِن البرامج التلفزيونية، حيث تَظهَر أفلامُ القتل والجنس على الشاشة، في حين يُريد بهاءُ الخليقة في الرّبّيع والصَّيف والخريف والشِّتاء أن يفتح عيوننا لرؤية ذاك الَّذي خَلق ويحفظ الكلّ!

عندما أمر الرَّبّ بأن نقدس السَّبْت طلب منا حفظ هذا اليوم لنعيش أمامه. لا يكمل تقديس يوم الرَّبّ في الاستراحة، ولا في مجرَّد قراءة وسماع كلمة الله. إنَّما ينتظر الرَّبّ منا أن نلتفت نحوه ونقف أمامه لنستنير مِن جودته، ويريد أن يُغَيِّرنا بهذا اليوم ويجدِّدنا ويُنضِجنا روحياً. الله قدوس، ويشاء أن نتقدس بيومه. فلْنتقدَّم إلى نور محبّته ونَسْتَنِرْ كأرقام الفسفور بعد تعريضها لأشعَّة الشمس، ونعكس مجد القُدُّوْس ورحمته. نحتاج جميعنا إلى يوم السَّبْت لتقدّسنا نعمة الرَّبّ. لا تجديد بدون صمتٍ وهدوء.


٠٣.٠٦ - إساءةُ فَهْم يوم السَّبْت

لقد حمى يوم السَّبْت أعضاء العَهْد القَدِيْم مِن الانزلاق إلى الإلحاد أو تعدُّد الآلهة الَّتي كانت تعبدها بقيَّة الشعوب حولهم، وأعدَّهم لمجيء المَسِيْح مخلِّص العالم. ولكنْ لم يستطِع السَّبْت وحده أن يغيّر حافظيه أو أن يجدِّدهم أو ينجِّيهم مِن غضب الله الآتي. إذ يظهر الجميع أمام الله ضعفاء وناقصين وأشراراً. وليس في استطاعة الشَّرِيْعَة أن تصلح البشر. ولا يقدر حفظ يوم السَّبْت بدقَّة أن يحرّر التَّقي مِن ذنبه. غير أنَّ هذا اليوم يحمينا مِن الانزلاق الكلِّي إلى الإلحاد. لا نحتفل بيوم السَّبْت في العَهْد الجَدِيْد لنربح رضى الله، بل نشكره لأنّه خلقنا، والتفت إلينا بالمَسِيْح، ويهتمُّ بنا أَكْثَر مِمَّا يهتم الأب بأَوْلاَده. لهذا السبب نحبُّه ونكرمُه. فلا يُخلِّصُنا حِفظ الشَّرِيْعَة مِن الخطايا باجتهادنا الخاص وأعمالنا الصالحة، بل نعمة الله هي سِرُّ تجديدنا. مَن يُرد أن يتبَّرر بالشَّرِيْعَة يُدَن بها، ولكن مَن يمسك بيد المَسِيْح يَنجُ مِن الدَّيْنُونَة.

استراح الله في اليوم السابع وراقب أعماله، ورأى أنّها حسنةٌ جداً. إنما راحة الله المقدسة قد انتهت فجأةً حين عصاه الإِنْسَان وسقط سقوطاً. توقَّف الله عن راحته، ويعمل منذ ذلك الحين نهاراً وليلاً ليخلِّص خَلقه الضالَّ، معلناً: "أتعَبتني بآثامك" (إِشَعْيَاء ٤٣: ٢٤-٢٥). وأثبت يَسُوْع هذا الإعلان: "أبي يعمل حتَّى الآن وأنا أعمل" (يُوْحَنَّا ٥: ١٧). إنَّ الله مشغولٌ جداً بسببنا وسبب ذنوبنا العديدة. ولكن الحمد لله قد تمَّت نجاة الخطاة مِن اتهام الشَّرِيْعَة بذبيحة المَسِيْح الفريدة. مَن يؤمن بحَمَل اللهِ الوديع لا يرزح بعد تحت عبء الشَّرِيْعَة بل يتبرر نهائياً بقوَّة مصالحة دم المَسِيْح. مات يَسُوْع حقاً، ودُفِن قُبَيل بدء يوم السَّبْت. واستراح في يوم راحة الله في قبر رجل غني، وقام في اليوم الأول مِن الأسبوع مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ. وهكذا أتم يَسُوْع جميع متطلبات يوم السَّبْت. وأسَّس لنا بيوم قيامته رمز الخليقة الجَدِيْدة الَّتي تقوم على نعمة الله وفي قوَّة روحه بعيداً عن الحرف المميت في الشَّرِيْعَة.


٠٤.٠٦ - هل يحقّ للمَسِيْحيِّين أن يحتفلوا بيَوْم الأَحَد عوضاً عن يوم السَّبْت؟

يتَّهم اليهود والسَّبْتيُّون المَسِيْحِيِّيْن بأنّهم يخالفون الوَصِيَّة الرابعة، ويتنبَّأون بحلول غضب الله على أتباع المَسِيْح لأنّهم يحتفلون بيَوْم الأَحَد عوضاً عن يوم السَّبْت. وهنا يتحقق قول يَسُوْع بأنّه ربُّ السَّبْت أيضاً. لقد أتم ابن الله يوم السَّبْت وراحته عوضاً عنا، وأكمله وأنهاه بنظام أسمى. لم يُشرِّع يَسُوْع قَطّ قانوناً جديداً لتقديس أيَّامٍ أو أشهرٍ أو سنين معيَّنة، بل جدَّد المُؤْمِنِيْن به وقدَّسهم. ينبغي للمرء أن يعبد الله ليس في يوم السَّبْت والأعياد فحسب، بل في كلِّ يوم أيضاً. لذلك يقدِّس يَسُوْع الأشخاص وليس الأيام، إذ قال: "كلّ ما فعلتم فاعملوا من القلب كما للرَّبّ ليس للناس" (كُوْلُوْسِّي ٣: ١٧، ٢٣). فكل عمل يتم بإرشاد الرُّوْح القُدُس هو عبادة لِلَّه. وليس ثمَّة يومٌ أَقَلّ قيمةً مِن سِواه. برَّرنا يَسُوْع بدمه الثمين، وجدَّدنا بحلول الرُّوْح القُدُس، فخلق أناساً مقدَّسين، ولم يأتِ بأزمنة مقدَّسة. كان هدف مجيئه إلى العالم إتمام ما لم يقدر السَّبْت على إتمامه، وهو خَلْقُ أناسٍ جُدُد، وإصلاحُ الأشرار، وتحويلُ الأنانيين إلى خُدَّام.

تشمل ثورة يَسُوْع الرُّوْحِيَّة نواحي الحَيَاة كلّها. ولهذا اختار المَسِيْحِيُّون يَوْم الأَحَد، يوم قيامة يَسُوْع، ليحتفلوا فيه برمز العَهْد الجَدِيْد، وفي الوقت نفسه ليستريحوا ويتأمَّلوا نعمةَ الخليقة الأُوْلَى الجَدِيْدة معاً. لم يأمر يَسُوْع بحفظ يَوْم الأَحَد، ولم يَنْهَ عن حفظ يوم السَّبْت. لم يكن هدفه تعيين أيام وأعياد بل خلاص الخطاة. لقد منحنا في يوم القيامة بداية عصر جديد. فلا نعيش فيما بعد تحت الشَّرِيْعَة المشتكية علينا، بل في نعمة الرَّبّ المخلصة. وروح المَسِيْح الَّذي حلَّ فينا يحتوي على شريعة المَحَبَّة نفسها ويَمنحنا القوَّة لإتمامه أيضاً. فبَقي السَّبْت رمزَ العَهْد القَدِيْم، بينما أصبح الأحد علامةَ فَوز المَسِيْح والعصر الجَدِيْد.

لا يقدر بعض المُؤْمِنِيْن في البُلْدَان الإِسْلاَمِيّة أن يستريحوا يَوْم الأَحَد ولا يومَ السَّبْت. فيجتمعون يَوْم الجُمْعَة ويعرفون أن الرَّبّ نفسه معهم حسب وعده: "حيث يجتمع اثنان أو ثلاثة هناك أكون في وسطهم" (متَّى ١٨: ٢٠). فليس هدف يَسُوْع تعيين أيام للعبادة بل تقديس المُؤْمِنِيْن في كلّ مكان وزمان.


٠٥.٠٦ - الاحتفال بيَوْم الأَحَد

كيف يقدس المَسِيْحِيُّون يوم ربهم؟ تحثّهم المَحَبَّة لمخلصهم المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ على الاجتماع في أيام الآحاد وقراءة الكِتَاب المُقَدَّس وإقامة الصلوات المشتركة، وذلك ليحمدوا ربهم معاً، ويسبِّحوه لخلاصه، ويعيشوا في شركة القِدِّيْسِيْن. ينبغي لأَوْلاَدنا وضيوفنا والعامِلين معنا وحتَّى حيواناتنا الداجنة أن تشترك معنا في يوم الراحة وفي فرح القيامة الَّذي يَتَجَدَّد كلَّ يوم أحد ويتجلَّى في حياتنا. إنَّ أساس فرح المَسِيْحِيِّيْن أعمق مِن أساس فرَح اليهود. قال يَسُوْع: "كلَّمتُكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويكمل فرحكم" (يُوْحَنَّا ١٥: ١١، ١٧: ١٣). وكتب الرَّسُوْل بُوْلُس: "افرحوا في الرَّبّ كلّ حين، وأقول أيضاً افرحوا" (فيلبي ٤: ٤). "وأما ثمر الروح فهو محبَّةٌ، فرحٌ، سلامٌ" (غلاطية ٥: ٢٢). تُعيِّن هذه الآيات روحَ الاحتفال بيَوْم الأَحَد، كما تصِف روح العمل في أيام الأسبوع، وتوضح شعار العَيش في نطاق العَائِلَة المَسِيْحِيَّة.

هل يجوز لنا أن نشتغل في يَوْم الأَحَد؟ إنّ المَسِيْحِيِّيْن بَشرٌ كباقي الناس، ولهم أجسادٌ تتعب. لذلك يحتاجون إلى الراحة والاستجمام. وهم مخلُوْقَاتٌ عادية، وفي الوقت نفسه أَوْلاَد الله في الروح. يعيشون في الجسد على الأرض، ويعيشون روحياً مع المَسِيْح في السماء. فلا ينكرون يوم الراحة أمام وجه الرَّبّ. وإنما يَوْم الأَحَد ليس يوماً للشَّبع مِن النوم، بل يوماً لتمجيد الله الآب وحمده. يخصُّ هذا اليوم إلهنا، ولذلك نتجنَّب فيه كلَّ الأعمال غير الضرورية، ولكن لا نفرّ إذا رأينا ضرورة لأعمال المَحَبَّة والخدمات الَّتي تنجِّي أفراداً مِن الضيق والخطر. لا يتعلق برّنا بحرفية النَّامُوْس، بل بموت المَسِيْح الكَفَّارِيّ الَّذي زرع في قلوبنا فكر التضحية، ويحثنا على أعمال المَحَبَّة. أما الذهاب في يَوْم الأَحَد إلى العبادة الجُمْهُوْرية، والاجتماعات الرُّوْحِيَّة الأخرى، لسماع كلمة الله والشركة مع الإخوة والأخوات، فهو امْتِيَاز للمَسِيْحيِّين؛ ويبقى امْتِيَازاً عظيماً لهم. لا يكفي المُؤمِنَ الغذاء الروحي الَّذي يتناول يَوْم الأَحَد، بل يحتاج يَوْمِيّاً إلى تأملات في كلمة الله وصلوات عائلية، كما أنَّ الإِنْسَان لا يكتفي مِن وجبة واحدة لأسبوع كامل. فلو شبع مرة واحدة فقط لن يموت ولن يعيش حقاً، لأنّه يجب على الإِنْسَان أن يتناول الطعام يَوْمِيّاً لكي يتنشَّط ويعمل بسرور. هكذا يحتاج الإِنْسَان الروحي فينا للغذاء الروحي يَوْمِيّاً بغزارة، وإلا يضعف الإيمان والمَحَبَّة والرجاء. أمَّا يَوْم الأَحَد فيمنحنا فرصةً للترنيم المشترَك، وتأدية الصلاة الجماعيَّة وتبادُل الآراء مع أعضاء الكَنِيْسَة لنشعر بالوحدة المَسِيْحِيَّة. إنَّ المُؤْمِنِيْن معاً هم جسد المَسِيْح الروحي وثمرة قيامته. فهدفُ الخليقة الجَدِيْدة ليسَ المؤمنَ المنفردَ، بل شركة القِدِّيْسِيْن الَّتي تظهر خاصَّةً في أيام الأحد.

طوبى للمؤمنين الَّذين يزورون المرضى والعجزة والبؤساء في يَوْم الأَحَد، ولا يراقبون مشدودين عقرب خزان البنزين في سياراتهم ليروا إن كان الوقود يكفي لمسافة مائة كيلومتر أخرى. يَدفَعُنا روح الرَّبّ أن نخرج مِن بين جدران الكَنِيْسَة، وننطلق إلى الأموات في الذنوب والخطايا، وندعوهم إلى المَسِيْح ليقوموا مِن يأسهم وقساوتهم. فلا مفرّ مِن خدمة التَّبْشِيْر في أيامنا، كما لاَ بُدَّ مِنْ الخدمات الخيرية فرداً أو جماعة في يوم الرَّبّ.

يمنحنا يوم الأحد الوقتَ الكافي للصَّلاة، لنقدِّم الشُّكْر والحمد للرَّبّ، ونعترف بتقصيراتنا، ونبتهل لأجل أشخاص متعددين ينتظرون الابتهال منا. وإن وهب الرَّبّ أطفالاً لنا فنقضي وقتاً كافياً معهم ونرتِّل ترانيم مناسبة ليمتلئوا معنا بفرَح الأحد. ونطلب إلى يَسُوْع أن يتمِّم فينا الطلبات الثلاث الأُوْلَى مِن الصَّلاَة الرَّبّانِيَّة في أيام الأحد بالضبط.

مَن يحافظ على يَوْم الأَحَد يتبارك. لقد أعد الرَّبّ نِعَماً كثيرةً لكل مَن يقصد الامتلاء بروح المَسِيْح المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ.


٠٦.٠٦ - متاعب تدنيس يَوْم الأَحَد

يُرتكَب الإثم في العطل الأسبوعية، مع الأسف، أَكْثَر مِمَّا يُرتكب في أيام العمل. وتنطلق في أيام الأحد قافلات السيارات مخترقة المناطق الريفية، تقلق راحة الناس بضجيجها وتفسد الهواء بغازاتها. تُخصِّص محطات التلفزيون وقتاً قصيراً لكلمة الله، بينما تزداد برامج أفلام العنف والجنس والاِتِّصَال بالأَرْوَاح. يَشتغل كَثِيْرُوْن في يَوْم الأَحَد في البيت والحظيرة والبستان ويُنجزون أعمالاً لم تُنجَز في أيام العمل. في زمَن العَهْد القَدِيْم كان كل مَن يشتغل في يوم الراحة يُعاقَب بالموت. لو أنَّنا رأينا جميع الآثام الَّتي ترتكب في عطلة الأسبوع علناً أو خفية في مدننا وقرانا لانكسرت أنفسنا. إنَّ محبَّة الله وحدها قادرةٌ أن تصبر وتتأنَّى في انتظار التائبين.

هل نسينا ما يقوله الله عن الإِنْسَان الَّذي يدنِّس يومه؟ عندما نقرأ ما هو مكتوبٌ في سفر الخروج ٣١: ١٤-١٧ ندرك أية أهمية يضعها الرَّبّ للمحافظة على الهدوء أمام وجهه (سفر العدد ١٥: ٣٢-٣٦). ربما نضطر إلى تغيير أسلوب حياتنا، فلا نطلب من تلاميذنا أن يعملوا فروضهم البيتية في يَوْم الأَحَد. يُهدِّد الرَّبّ بالنار المدينةَ أو القرية الَّتي لا تقدِّس يَوْم الأَحَد للعبادة وللراحة (إِرْمِيَا ١٧:٢٧). لا يجوز التساهل في هذا المجال. ربما تكون الحروب العالمية والكوارث، ككارثة "تشرنوبيل"، دينونة الله لأجل إهمال يَوْم الأَحَد المتزايد في كل أنحاء العالم. "لا تضلوا. الله لا يُشمَخ عليه. فإن الَّذي يزرعه الإِنْسَان إيّاه يحصد أيضاً" (غلاطية ٦: ٧). لا يقدر أحدٌ أن يخرّب رحاب حماية الله ويخالف وصيته عمداً أو سهواً دون أن يعاقَب.

نكاد نيأس لو لم يكن يَسُوْع قد مات على الصَّلِيْب لأجل الجميع، ولو لم يكن قد حمل ذنوبنا بسبب تدنيس يَوْم الأَحَد، واحتمل العقاب مِنْ أَجْلِ معاصينا. ولكن موته فديةً عنا لا يمنحنا الحقّ بأن نحتقر يوم الرَّبّ. كان يَسُوْع وتلاميذه يقدِّسون يوم السَّبْت دوماً. عاش الابن لتمجيد أبيه دائماً. وظهر يَسُوْع بعد قيامته في اليوم الأول مِن الأسبوع ليحتفل مع تلاميذه بعيد العَهْد الجَدِيْد.


٠٧.٠٦ - المعنى الجَدِيْد لِلشَّرِيْعَةِ

يلاحظ المرء عندما يفكّر في تقديس السَّبْت كيف يستطيع أن يُساء فهم هذه الوَصِيَّة. لقد حُكم على يَسُوْع بالموت لأنّه شفى المرضى يوم السَّبْت، ولأنّه أعلن أنّه ابن الله. أبغضه المتدينون القساة، وترصّدوا له، واضطهدوه، وحاولوا مراراً أن يقتلوه، لقد فقدوا في تعصبهم لِشَرِيْعَةِ موسى المَحَبَّة لله والناس. كانوا أتقياء بالرياء، ولكنّهم صمّوا آذانهم عن نداء التوبة، وقسّوا قلوبهم في غيرتهم العمياء. لم يريدوا أن يغيّروا نيّتهم، ولم يقبلوا مِن الله كلمته أنّه أبوهم السَّمَاوِيّ. ولم يبالوا بالمريض في يوم السَّبْت. فانقلب تقديسهم للسبت بالمحرمات والأَنْظِمَة الكثيرة إلى رياء. فاضطر يَسُوْع أن يقول لهم: "يقترب إليَّ هذا الشعب بفمه، ويكرمني بشفتيه، وأما قلبه فمبتعد عني بعيداً. وباطلاً يعبدونني، وهم يعلّمون تعاليم هي وصايا الناس" (متَّى ١٥: ٨-٩).٠

ندرك في كفاح يَسُوْع لأجل إتمام هذه الوَصِيَّة أنَّ تقديس يوم الرَّبّ لا يتوقف على العمل أو عدم العمل، بل على موقف القلب الصحيح أمام الله. لقد واصل الرَّسُوْل بُوْلُس مسعاه لفهم الشَّرِيْعَة فهماً روحياً حقاً، لكنّهم لعنوه وضربوه ورجموه بالحجارة لأنّه نادى بحرية المُؤْمِنِيْن غير اليهود مِن شريعة العَهْد القَدِيْم، وشهد بحريتنا مِن شكوى الشَّرِيْعَة، لأننا بموت المَسِيْح متنا لِلشَّرِيْعَةِ. ليس لِلشَّرِيْعَةِ بعد حقٌّ وسلطةٌ علينا. أمَّا الرُّوْح القُدُس فقد وضع ينا نظام محبَّة الله. وهذه الشَّرِيْعَة الرُّوْحِيَّة المغروسة في قلوبنا تقدِّسنا وتدفعنا إلى حمد وحدة الثَّالُوْث الأَقْدَس بالفكر والقول والفعل. ومنذ ذلك الحين لا تضغط الشَّرِيْعَة علينا كحمل ثقيل، بل تعمل عملها فينا للتوبة والإيمان في قوَّة الرُّوْح القُدُس. المَسِيْح يقدِّس أناساً لا أياماً. وهكذا نتعلَّم في تفسير الوَصِيَّة الرابعة أنَّ معنى تقديس يوم الرَّبّ في العَهْد الجَدِيْد يختلف جذرياً عَنه في العَهْد القَدِيْم.


٠٨.٠٦ - يَوْم الجُمْعَة عند المُسْلِمِيْن

يرينا مَفْهُوْم السَّبْت والأحد بأن المُسْلِمِيْن بتعيينهم يَوْم الجُمْعَة كيوم اجتماعاتهم الدِّيْنِيَّة لم يدركوا معنى الوَصِيَّة الرابعة ولا إتمامها. لقد خطا مُحَمَّد خطوة إلى الوراء بعدما رفض اليهود والمَسِيْحِيُّون دعوته إلى دين الإسلام. فلم يتفق على يوم سبت مع اليهود ولا على يوم أحد مع المَسِيْحِيِّيْن. وفي محاولة تنظيم مذهبه الخاص رفض علامات العَهْدَين القَدِيْم والجَدِيْد، وعيّن يَوْمَ الجُمْعَة كيوم الاجتماعات الدِّيْنِيَّة للمُسْلِمِيْن. ليس لهذا اليوم أيُّ وعد في الكِتَاب المُقَدَّس، ولا علاقة له بخطة الخلاص، بل نشأ مِن الاحتجاج على الله وعلى مَسِيْحه، فلا يسانده الوحي ولا الشَّرع الإلهي.

يحتفظ المُسْلِمُون بحقِّهم الشّخصي في التّصرف بيوم الجمعة، إذ يستأنفون أعمالهم بعد الصَّلاة ويكسبون الأموال في يَوْم الجُمْعَة. كثيراً ما تنطبع خطب الجمعة الملقاة في المساجد بطابع سياسي. ولا يندر أن تليها مظاهرات المُسْلِمِيْن المصحوبة أحياناً بثورات الغضب. إنَّ تقديس يوم معيّن أو تقديس المصلّين مجهولٌ لدى المُسْلِمِيْن. وهكذا يُظهر الإسلام نفسه، بالنسبة لهذه الوَصِيَّة، تحت مستوى العَهْد القَدِيْم بدرجات. وهو لا يعرف الدَّيْنُونَة بسبب الشَّرِيْعَة ولا الخلاص منها بنعمة المَسِيْح.

أمَّا نحن فنشكر المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، لأنّه صنع عجائبه في أيام العمل وفي أيام السَّبْت أيضاً. قد قام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ في اليوم الأول من الأسبوع، وأعطى معنى جديداً لهذا اليوم. ليت كل يوم أحد يشرق كشمس على كلِّ أسبوعٍ مِن أسابيع حياتنا، مملوءاً بتطبيق كلمات ربنا المحيية:

٠"وصية جديدة أناأعطيكم،
أن تحبّوا بعضكم بعضاً.
كما أحبّبتكم أنا
تحبّون أنتم أيضاً بعضكم بعضاً.
بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي
إن كان لكم حبٌّ بعضاً لبعض."

(يُوْحَنَّا ١٣: ٣٤-٣٥).٠

www.Waters-of-Life.net

Page last modified on March 11, 2014, at 10:06 AM | powered by PmWiki (pmwiki-2.3.3)