Waters of Life

Biblical Studies in Multiple Languages

Search in "Arabic":

Home -- Arabic -- Ephesians -- 011 (The spiritual diagnosis of Paul for the Hellenistic saints in Ephesus)

This page in: -- ARABIC -- English -- German -- Indonesian -- Turkish

Previous Lesson -- Next Lesson

أفسس - امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ

تأملات، صلاوات واسألة الرسول يولس الى اهل افسس

الجزء ١ - صلوات الرَّسول في مستهل رسالته لأجل الكنائس في أفسس وما حولها (أفسس ١: ٣- ٢٣)٠

أ - صلوات الرَّسول في مستهل رسالته لأجل الكنائس في أفسس وما حولها (أفسس ١: ٣- ١٥)٠

تشخيص بولس الرُّوحي للقدِّيسين الهلينيين في أفسس (أفسس ١: ١٣- ١٤)٠


أفسس ١: ١١
١: ١٣ "الَّذِي فِيهِ أَيْضاً أَنْتُمْ, إِذْ سَمِعْتُمْ كَلِمَةَ الْحَقِّ, إِنْجِيلَ خَلاَصِكُمُ, الَّذِي فِيهِ أَيْضاً إِذْ آمَنْتُمْ خُتِمْتُمْ بِرُوحِ الْمَوْعِدِ الْقُدُّوسِ, الَّذِي هُوَ عَرْبُونُ مِيرَاثِنَا, لِفِدَاءِ الْمُقْتَنَى, لِمَدْحِ مَجْدِهِ" (أفسس ١: ١٣- ١٤)٠

بعدما حدَّد بولس تفرُّد وامتيازات اليهود المَسِيْحِيّين في تجمعات الكنائس المنزلية في العاصمة الإقليمية لأَسيَا الصُّغْرَى، بدأ يدوِّن تحليله للمؤمنين اليونانيين والرومان كلهم في نطاق عبادة وحمد أبي يسوع المسيح. بدأ هذا بالصيغة نفسها كما في وصف اليهود المَسِيْحِيّين: "فيه". هذه هي علامة وهويَّة المَسِيْحِيّين الحقيقيين في جميع الأزمان وجميع القارات. إنهم ليسوا بعد مستقلين أو متروكين لحياة وحشة وتخلٍّ، بل قد سلَّموا أنفسهم كلياً للرب يسوع. صاروا متَّحدين ومتجسِّدين "فيه". يعيشون في مجتمعه. ينبغي لكل قارئٍ للرسالة إلى أهل أفسس أن يطرح على نفسه السؤال: هل يصح هذا التشخيص عليه هو أيضاً؟ إذا كان الجواب "كلا" فالتغير الكامل والتوبة النصوح والإيمان بالفادي أمورٌ ضروريَّةٌ. أمَّا إذا كان الجواب "نعم" فليطفح الشكر والسجود فيه ليعكسا بريق فرح قلبه بهذا الامتياز العظيم٠

شرح بولس كيف ينبغي لمثل هذا التغيير الروحي الكامل أن يؤدي وظيفته، وكيف صارت "الكينونة في المسيح" في القديسين في أفسس. كتب لهم أنَّ سرَّ إيمانهم مرتبطٌ بكلمة الحق التي سمعوها منه ومِن شهود المسيح الآخرين. وهو بقوله هذا لم يُشر إلى فلسفات أفلاطون أو أرسطو بل دلَّهم مباشرةً على حق يسوع المسيح الذي هو تجسيد كلمة الله الخلاقة والفادية. فيه تصبح الشريعة الجديدة منظورة. محبَّته القدسيَّة تمثِّل المعيار الصحيح لجميع البشر لأن ليس أحدٌ صالحاً في ذاته، لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ. فوق ذلك يبرهن صليب المسيح حقيقة محبة الله لجميع الخطاة، وأنَّه قدَّم ابنه الوحيد لأجلهم ليخلصهم مِن الدينونة الآتية. إنَّ مَن يفهم هذه الحقائق ويؤمن بها ويقدم الشكر لأجلها يوضَع "في المسيح" وينال منه حياته الجديدة والأبديَّة٠

سمَّى بولس رسالته "إنجيل الخلاص". ليس مِن المؤكَّد أن يكون أحد الأناجيل اليونانية الأربعة قد وصل عاصمة أسيا الإقليمية هذه وصار معروفاً في وقت زيارة بولس إياها. لذلك كان لكلام "الرسول الصغير" تأثير رسالة مخلِّصة مِن السماء. وصف إعلانه "بالإنجيل الذي يأتي بالخلاص". كانت العبارة اليونانية Euanggelion "إنجيل" مستعملة قبلاً في منطقة شمال شرق المتوسط قبل المسيح. وفي زمن بولس استعملت لإعلانات خاصة مِن مقر الإمبراطور الرُّوماني. إذا أنجب القيصر ولداً، أو إذا حقَّق جيشه نصراً، كان مثل هذا الحدث يُعمَّم في أماكن عامَّةٍ على وقع ضرب الطبول والنفخ في الأبواق؛ وبالتالي لم يكن "الإنجيل" يتضمن أيَّ فلسفةٍ تُناقَش، بل تقريراً لواقعة تاريخيَّة تبعث السُّرور إلى نفوس الجميع. استعمل الرَّب يسوع ورسله هذه العبارة ليوضحوا الصفة المفرحة لرسالتهم الطيبة، أي أنَّ ابن الله المولود مِن العذراء مريم قد فدى العالم السَّاقط مع أبيه الذي في السَّماء. لهذا السَّبب سمَّى بولس إعلانه "إنجيل خلاصكم" في رسالته إلى القديسين في أفسس. وترجمه مارتن لوثر "إنجيل بركتكم". فصياغته إذاً مرتبطةٌ بالحقيقة أنَّ القديسين قد تطعَّموا "بالمسيح" وأنَّهم يبقون محفوظين "فيه"٠

يتحقَّق العمل الروحي لإنجيل المسيح، الذي يخلِّص، بواسطة الإيمان به. ويُظهر هذا الإيمان ذاته بثقة متنامية بربِّنا ومخلِّصنا. ومن ثمَّ يؤدي إلى تسليم الماضي والحاضر والمستقبل إليه. يصبح المؤمن مرتبطاً بربِّه ومخلِّصه بواسطة عهد غير مكتوب، يشمل كل الزمان والأبدية. بدون علاقة إيمان بيسوع المسيح لا يوجد غفران خطايا، ولا ملجأ فيه، ولا سلام مع الله. ولهذا السَّبب لا تعرف ديانات العالم الأخرى أيّ فداءٍ بالنِّعمة، أو خلاص للقلب، أو أيَّ رجاءٍ ما للحياة الأبدية. يشبه الإيمان المَسِيْحِيّ وصل القابس الكهربائي بالمقبس، فبواسطة هذا التماس يجري التيار الكهربائي محدثاً النور والحرارة والدَّفع٠

صاغ الدَّكتور مارتن لوثر هذا المعنى الروحي للإيمان بدقَّةٍ في كتابه أصول الإيمان: "أعتقد بأنني لا أقدر بتفكيري وقوَّتي أنا أن أومن بيسوع المسيح ربِّي، أو أن آتي إليه؛ لكنَّ الرُّوْح القُدُسقد دعاني بالإنجيل، ونوَّرني بمواهبه، وقدَّسني، وحفظني في الإيمان الحقيقي، كما يدعو الكنيسة المَسِيْحِيّة كلها على الأرض ويجمعها وينوِّرها ويُقدِّسها، ويحفظها مع يسوع المسيح في الإيمان الحقيقي الواحد"٠

فالإيمان إذاً لا يعني مجرَّد تقديم قبول عقلي ليسوع المسيح بعد دراسة الإنجيل، بل أكثر مِن ذلك بكثير يؤدي إلى قبول قوَّته ونوره ومحبَّته وروحه القدُّوس٠

وصف بُوْلُس الرَّسُوْل سير الأحداث هذا بالختم بمعنى سمة تتعذَّر إزالتها (٢ كُوْرِنْثُوْس ١: ٢٢؛ أفسس ٤: ٣٠؛ رؤيا ٧: ٣). بالنسبة إلى حزقيال، كان هذا الختم مِن قبل ملاك بمثابة سمة واقية لجميع الذين أنَّوا وتنهَّدوا على الرَّجاسات التي كانت تحدث حتَّى يعبر غضب الله ودينونته عنهم (حزقيال ٩: ١- ١١). أمَّا باقي الرجال كلهم المتدينين في المظهر فهلكوا بعد هذه الرُّؤيا٠

لا يخص المَسِيْحِيّون أنفسهم بعد، بل قد أصبحوا خاصَّة الله وابنه يسوع المسيح: "لاَ تَخَفْ لأَنِّي فَدَيْتُكَ. دَعَوْتُكَ بِاسْمِكَ. أَنْتَ لِي" (إشعياء ٤٣: ١؛ ٤٤: ٢٢). لقد تولَّى الرَّب يسوع قيادة وتوجيه وحماية الذين سلَّموا أنفسهم له. وأكَّد هذا السِّر في خطبته التصويرية بخصوص الرَّاعي الصَّالح: "خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي, وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي. وَأَنَا أُعْطِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً, وَلَنْ تَهْلِكَ إِلَى الأَبَدِ, وَلاَ يَخْطَفُهَا أَحَدٌ مِنْ يَدِي" (يُوْحَنَّا ١٠: ٢٧- ٢٨)٠

لهذا السَّبب ينبغي ألاَّ نخشى أو نقلق كوننا مختومين بالرُّوْح القُدُس، لأنَّه ليس سوى حلول هذا الرُّوح في الذين يؤمنون بالمسيح. وهو الذي يُنتج الولادة الثَّانية الرُّوحية ويعطي المؤمن الحقَّ في أن يكون له نصيبٌ في الحياة الأبديَّة. لهذه الغاية مات المسيح على الصَّلِيْب حتَّى ننال حياة الآب والابن (يُوْحَنَّا ٣: ٣، ٥، ١٤- ١٨؛ ٥: ٢٤؛ ٨: ١٢؛ ١١: ٢٥- ٢٦؛ ١٤: ٦). ليس شعورنا هو الحاسم، بل إيماننا. مَن يعهد بنفسه وحياته ليسوع يقبل روحه القدوس، سواء شعر بذلك أو لم يشعر. إنَّ الثقة بقبول الروح تأتي بالنسبة للبعض فيما بعد، وأحياناً بعد فترةٍ مِن امتحان إيمانه٠

في جميع الأحوال، ينبغي ألاَّ نتردَّد بخصوص الإيمان، لأنَّه "إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ فَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ" (رومية ٨: ٩) و"لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ, يَسُوعُ رَبٌّ إِلاَّ بِالرُّوْح القُدُس" (١ كُوْرِنْثُوْس ١٢: ٣). الكنيسة وأعضاؤها بدون الرُّوْح القُدُسأشبه بغرفة كبيرة مجهزة بمصابيح ومراوح ومدافئ ولكن بدون كهرباء. "فِي الْقِدْرِ مَوْتٌ" (٢ ملوك ٤: ٤٠) بالرَّغم مِن كل الأثاث اللازم والطُّقوس الرُّوحية٠

لم يقدِّم بُوْلُس الرَّسُوْل هذه الحقائق للقادة الروحيين لرعية أفسس كعقيدة، بل كصلاة شكر لأجلهم. كتب شاهداً بجملة شرطية: "لأنكم آمنتم، حل الرُّوْح القُدُسفيكم". إنَّ تعاقب هذه الأحداث كما هي جارية يؤدي إلى اختبار روحي ثمين في رعاية ونصح النفوس. وفي النهاية يؤدي إلى عبادة الآب والابن٠

إذا كان لدى أحد الانطباع بأنَّه يفتقر إلى قوَّة ونعمة الرُّوْح القُدُسفإنَّنا نشجِّعه على الإيمان والرَّجاء والثِّقة. لقد مات المسيح حتَّى تقبل الرُّوْح القُدُس. قبل أن يقدِّم يسوع ذاته عن كل شرنا وخبثنا، كان ثمَّة جبلٌ مِن الخطايا كسدٍّ مرتفع بيننا وبين الله القدُّوس. وهذا ما أرجأ وأخَّر مجيء بركته وروحه الصالح. أمَّا الآن وبعد أن حمل يسوع خطايا العالم وكفَّر عنها تماماً، يستطيع روح النِّعمة أن يَدخل جميعَ الباحثين عنه والتَّائبين. وبما أنَّ يسوع أتمَّ صفحاً عاماً عن جميع الناس في جميع الأزمان، لا تحتاج هذه الحقائق إلاّ إلى تصديقها وقبولها. عِنْدَئِذٍ يبدأ عمل نعمة الله وقوته في المؤمنين٠

في يوم الخمسين، قال بطرس الرَّسول لجميع الطالبين المستعجلين والذين غمرتهم الدهشة: "تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا, فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوْح القُدُس. لأَنَّ الْمَوْعِدَ هُوَ لَكُمْ وَلأَوْلاَدِكُمْ وَلِكُلِّ الَّذِينَ عَلَى بُعْدٍ, كُلِّ مَنْ يَدْعُوهُ الرَّبُّ إِلَهُنَا. وَبِأَقْوَالٍ أُخَرَ كَثِيرَةٍ كَانَ يَشْهَدُ لَهُمْ وَيَعِظُهُمْ قَائِلاً, اخْلُصُوا مِنْ هَذَا الْجِيلِ الْمُلْتَوِي" (أَعْمَال الرُّسُلِ ٢: ٣٨- ٤٠)٠

في مناسباتٍ عديدةٍ شجَّع الرَّب يسوع أتباعه على قَبول روح الآب والابن: "وَأَنَا أَقُولُ لَكُمُ, اسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ, وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ, وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ. فَمَنْ مِنْكُمْ, وَهُوَ أَبٌ, يَسْأَلُهُ ابْنُهُ خُبْزاً, أَفَيُعْطِيهِ حَجَراً. أَوْ سَمَكَةً, أَفَيُعْطِيهِ حَيَّةً بَدَلَ السَّمَكَةِ. أَوْ إِذَا سَأَلَهُ بَيْضَةً, أَفَيُعْطِيهِ عَقْرَباً. فَإِنْ كُنْتُمْ وَأَنْتُمْ أَشْرَارٌ تَعْرِفُونَ أَنْ تُعْطُوا أَوْلاَدَكُمْ عَطَايَا جَيِّدَةً, فَكَمْ بِالْحَرِيِّ الآبُ الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ, يُعْطِي الرُّوْح القُدُسلِلَّذِينَ يَسْأَلُونَهُ" (لوقا ١١: ٩- ١٣)٠

إذا كانت ثمَّة خطيئةٌ في حياتك تعوق مجيء الرُّوْح القُدُس، فاعترف بخطيئتك هذه ليسوع بكل صراحةٍ ومُت عن استكبارك. اطلب إلى يسوع النعمة والغفران كي يمنحك الروح المُعزِّي اليقين بمغفرة خطاياك. وهو عِنْدَئِذٍ يُنير المصباح السَّماوي في نفسك فتعترف قائلاً: الله القدوس أبي والرَّب يسوع مخلِّصي. تجرَّأ على الإيمان بهذا. كن كمن يمارس القفز الحر مِن الطائرة. اقفز إلى نعمة الله المثلث الأقانيم فتجد أنَّ نعمته ستحملك تماماً كما تحمل المظلةُ المظليَّ٠

شهد بولس أيضاً أنَّ ختم المؤمن ليس لاهوته، بل هو وعدٌ حقيقيٌّ في العهدين القديم والجديد عَلَى حَدٍّ سَوَاء. ارتكب الملك داود في شهوته الزنى والقتل، حتَّى انتصب الغضب والدَّينونة قدَّام عينيه. وفي يأسه صرخ مصلِّياً (مزامير ٥١: ١٠- ١١) الصَّلاة التي قد خلَّصت منذ ذلك الحين مئات الخطاة:

"قَلْباً نَقِيّاً اخْلُقْ فِيَّ يَا اَللَّهُ وَرُوحاً مُسْتَقِيماً جَدِّدْ فِي دَاخِلِي. لاَ تَطْرَحْنِي مِنْ قُدَّامِ وَجْهِكَ, وَرُوحَكَ الْقُدُّوسَ لاَ تَنْزِعْهُ مِنِّي"

جاء جواب الله لحزقيال النَّبي: "وَأُعْطِيكُمْ قَلْباً جَدِيداً, وَأَجْعَلُ رُوحاً جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ, وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْمٍ. وَأَجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ, وَأَجْعَلُكُمْ تَسْلُكُونَ فِي فَرَائِضِي وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي وَتَعْمَلُونَ بِهَا" (حزقيال ٣٦: ٢٦- ٢٧)٠

أعلن الله خطة خلاصه للنبي يوئيل (٢: ٢٨) وأنَّه لن يسكب روحه على المختارين فقط، بل عَلَى كُلِّ بَشَرٍ. كل مَن يفتح قلبه لروحه يختبر الزخم الإلهي وعطية نعمه وبركاته:

"أَسْكُبُ رُوحِي عَلَى كُلِّ بَشَرٍ, فَيَتَنَبَّأُ بَنُوكُمْ وَبَنَاتُكُمْ, وَيَحْلَمُ شُيُوخُكُمْ أَحْلاَماً, وَيَرَى شَبَابُكُمْ رُؤىً. وَعَلَى الْعَبِيدِ أَيْضاً وَعَلَى الإِمَاءِ... وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَدْعُو بِاسْمِ الرَّبِّ يَنْجُو"

:فوق ذلك أعلن الرَّب ليُوْحَنَّا المعمدان قمَّة الوعود كأعلى جبل في هيمالايا

عندما نَظَرَ يُوْحَنَّا يَسُوعَ مُقْبِلاً إِلَيْهِ, قال: "هُوَذَا حَمَل اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ. هَذَا هُوَ الَّذِي قُلْتُ عَنْهُ يَأْتِي بَعْدِي, رَجُلٌ صَارَ قُدَّامِي, لأَنَّهُ كَانَ قَبْلِي... إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ, لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ, ذَاكَ قَالَ لِي, الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرّاً عَلَيْهِ, فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوْح القُدُس" (يُوْحَنَّا ١: ٢٩- ٣٣). بهذه الإعلانات تنبَّأ يُوْحَنَّا المعمدان بموت يسوع الكفاري عن جميع النَّاس، إضافةً إلى مجيء الرُّوْح القُدُس. لهذه الغاية شهد أنَّ روح الله ليس كريحٍ هبَّت مِن مكانٍ ما، بل إنَّ يسوع نفسه هو الذي يُعمِّد بالرُّوْح القُدُس. لا روح قدس بدون حَمَل اللهِ. فقط بعد إتمام الكفارة البديلية استطاع روح الله أن يحل في الذين آمنوا بيسوع٠

يفترض أنَّ وعود يسوع بخصوص مجيء روح التعزية وروح الحق لم تكن قد ترجمت إلى اليونانية أو دُوِّنَت في زمن بولس. فهذه لم تظهر إلاَّ بعد موت رسول الأمم حين أُرشد البطريرك يُوْحَنَّا إلى المجيء في أفسس التي كانت في ذلك الوقت مركز المَسِيْحِيّة. هناك كتب إنجيله بروح يسوع (يُوْحَنَّا ١٤: ١٦، ٢٦- ٢٧؛ ١٦: ٧- ١١، ١٣- ١٤)٠

نقرأ أيضاً كيف كان الطبيب لوقا قادراً على تأكيد وتدوين عدَّة أقوال ليسوع بخصوص مجيء الرُّوْح القُدُس، شاهداً لها في سفريه: "هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ, وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ, وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ, مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ. وَأَنْتُمْ شُهُودٌ لِذَلِكَ. وَهَا أَنَا أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي. فَأَقِيمُوا فِي مَدِينَةِ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَنْ تُلْبَسُوا قُوَّةً مِنَ الأَعَالِي" (لوقا ٢٤: ٤٦- ٤٩)٠

"وَفِيمَا هُوَ مُجْتَمِعٌ مَعَهُمْ أَوْصَاهُمْ أَنْ لاَ يَبْرَحُوا مِنْ أُورُشَلِيمَ, بَلْ يَنْتَظِرُوا مَوْعِدَ الآبِ الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي, لأَنَّ يُوْحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ, وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوْح القُدُس, لَيْسَ بَعْدَ هَذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ. أَمَّا هُمُ الْمُجْتَمِعُونَ فَسَأَلُوهُ, يَا رَبُّ, هَلْ فِي هَذَا الْوَقْتِ تَرُدُّ الْمُلْكَ إِلَى إِسْرَائِيلَ. فَقَالَ لَهُمْ, لَيْسَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا الأَزْمِنَةَ وَالأَوْقَاتَ الَّتِي جَعَلَهَا الآبُ فِي سُلْطَانِهِ, لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوْح القُدُسعَلَيْكُمْ, وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ"

كونه مجموعاً معهم أوصاهم ألاَّ يغادروا أورشليم، بل ينتظروا وعد الآب "الَّذِي سَمِعْتُمُوهُ مِنِّي, لأَنَّ يُوْحَنَّا عَمَّدَ بِالْمَاءِ, وَأَمَّا أَنْتُمْ فَسَتَتَعَمَّدُونَ بِالرُّوْح القُدُس, لَيْسَ بَعْدَ هَذِهِ الأَيَّامِ بِكَثِيرٍ... لَكِنَّكُمْ سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوْح القُدُسعَلَيْكُمْ, وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ" (أَعْمَال الرُّسُلِ ١: ٤- ٨)٠

وفي سجوده للآب أراد الرَّسول أن يوضح للمؤمنين بالمسيح في أفسس أنَّ ختمهم بالرُّوْح القُدُسلم يكن بالتَّأكيد أيَّ تلفيقٍ مِن عنده. إنَّه لا يرتكز على حقنة أدرينالين مِن أدمغتهم، بل على وعودٍ عديدةٍ مِن أبيهم الذي في السّماء. وطمأنهم إلى أنَّ عطية الرُّوْح القُدُسكانت وديعةً أو عربون ميراثهم الرُّوحي الذي سيستلمونه فيما بعد في مجد المسيح. عِنْدَئِذٍ فقط يتم الفداء الذي كان الرَّب يسوع قد بدأه على الصَّلِيْب. إنَّ معاناة يومنا والألم الذي في أجساد كثيرين مِن القدِّيسين لا يزالان ينتظران غلبةً نهائيَّةً، غلبةً قد وُعدنا بها عند مجيء المسيح الثَّاني وقيامة الأموات. وحتَّى ذلك الحين، تكون تعزيتنا هي امتياز كوننا الخاصة الأبدية لمخلصنا الذي اشترانا بدم ذاته مِن سوق نخاسة الخطيئة والموت. إنَّ مَن يؤمن بهذه الحقيقة ويحيا بها يمدح الآب والابن بوحي وقيادة الرُّوْح القُدُس. فأين شكرنا لنعمته المجيدة؟

أملى بولس مدحه الذي قرأناه في الآيات ١: ٣- ١٤ لأجل فداء القديسين في أفسس وفي العالم كله بواسطة موت يسوع المسيح الكفَّاري "بجملةٍ واحدةٍ" باليونانية. حتَّى في أثناء إقامته الجبريَّة فاض مِن فمه تسبيح الله في قلبه. يرى بعض المفسِّرين أنَّ هذه أطول جملة في الكِتَاب المُقَدَّس. "عندما يمتلئ القلب يطفح الفم"٠

صلاة: أبانا الذي في السَّماء، نحمدك لأنَّ لنا امتياز قراءة إنجيل يسوع المسيح. نشكرك لأجل الإيمان الذي وهبتنا إيَّاه بذلك، وكذلك لأجل ختمنا بالرُّوْح القُدُس. بسبب ذلك نلنا قوَّةً لنكرِّس حياتنا لك قربان سجودنا لك. أعطِ أصدقاءنا وعائلاتنا أيضاً النِّعمة ليولدوا ثانيةً، آمين٠

:الأسئلة
١- ماذا كان معنى العبارة "إنجيل" euaggelion في وقتٍ ما، وما معناها اليوم؟
٢- ما هي العلاقة بين الإيمان بالمسيح والختم بالرُّوْح القُدُس؟
٣- ما هو عربون ميراثنا الرُّوحي، وماذا سيكون هذا الميراث؟

www.Waters-of-Life.net

Page last modified on February 03, 2018, at 04:45 PM | powered by PmWiki (pmwiki-2.3.3)