Waters of Life

Biblical Studies in Multiple Languages

Search in "Arabic":

Home -- Arabic -- Ephesians -- 004 (The recipients)

This page in: -- ARABIC -- English -- German -- Indonesian -- Turkish

Previous Lesson -- Next Lesson

أفسس - امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ

تأملات، صلاوات واسألة الرسول يولس الى اهل افسس

بركة بُوْلُس الرَّسُوْلية (أفسس ١: ٢)٠


أفسس ١: ٢
"٢ "نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ٠

استهلَّ بولس معظم رسائله بمثل هذه التَّحية الرَّسولية. فوحَّد الرِّسَالَة الرسولية ببضع كلمات. وبهذه الطريقة أوضح من البداية موضوع وفحوى رسائله. وشهد لكل مستلم أي رسالة روحية كان يرغب في أن يقدِّم٠

نعمةٌ لكم

يستطيع كل مَن يقرأ قصص الخليقة (تكوين ١: ١- ٢، ٧؛ ١٥- ٢٥؛ ٣: ١- ١٩) أن يُدرك أنَّ الله خلق الَّرجل والمرأة في شبهه هو وأنَّ خليقته كانت حسنةً جدّاً. لكنَّه يمنعهما مِن التجربة مع الشر آمراً إياهما ألاَّ يقبلاها وإلاَّ فسدا بها. لكن عندما عصيا أمره طردهما مِن الجنَّة. فصارا ملحدَين حتَّى إنَّ أحد ولديهما قام ليقتل أخاه (تكوين ٤: ١- ١٢). لقد عمَّ بؤس الغرور البارد إلى أقصى حدٍّ العالم كلَّه بالغاً أيَّامنا هذه بالذات٠

لكنَّ الله أرسل ابنه الوحيد إلى العالم ليُخلِّص البشر الفاسدين (يُوْحَنَّا ٣: ١٦) الذي حمل خطيَّة الإنسان الحقير الفاسد على عاتقه وقاسى قصاصه على الصَّلِيْب. تبرَّر الهالكون بدون أيِّ استحقاقٍ تعويضي مِن أنفسهم، سواء عرفوا وأدركوا ذلك أم لم يعرفوه ويدركوه. صارت نعمة الله الغنية متاحةً مجاناً لجميع الخطاة. صارت فرصتهم العظمى لمرة واحدة فقط لأنَّ الناس كلهم أصبحوا أشراراً. لكنهم بالنعمة جميعهم مبرَّرون. والمؤسف أنَّ هذه الحقيقة المثيرة لا يؤمن بها إلا القليل. مع ذلك كل مَن يتمسك بهذا السر ويؤمن بالنعمة الممدودة له ينال التطهير التام لضميره. وفوق ذلك يختبر تعزية وقوة الرُّوْح القُدُس. يمكننا اليوم أن نكلِّم كل مَن نلقاه في الشارع أو في البيت ونؤكِّد له أو لها: إنَّ الله يُحبُُّك. وقد فتح لك بِرَّ النِّعمة بواسطة يسوع المسيح. استلم ما يخصُّك، فتصبح شخصاً سعيداً مطمئناً إلى الأبد في محبة إلهك٠

وصف بولس هذا السر في مناسبات عديدة. قال لأهل رومية: "لأَنَّهُ لاَ فَرْقَ. إِذِ الْجَمِيعُ أَخْطَأُوا وَأَعْوَزَهُمْ مَجْدُ اللَّهِ, مُتَبَرِّرِينَ مَجَّاناً بِنِعْمَتِهِ بِالْفِدَاءِ الَّذِي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رومية ٣: ٢٣- ٢٤)٠

وأكَّد للمؤمنين في كُوْرِنْثُوْس: "أَيْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ فِي الْمَسِيحِ مُصَالِحاً الْعَالَمَ لِنَفْسِهِ, غَيْرَ حَاسِبٍ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ, وَوَاضِعاً فِينَا كَلِمَةَ الْمُصَالَحَةِ. ٢٠ إِذاً نَسْعَى كَسُفَرَاءَ عَنِ الْمَسِيحِ, كَأَنَّ اللَّهَ يَعِظُ بِنَا. نَطْلُبُ عَنِ الْمَسِيحِ, تَصَالَحُوا مَعَ اللَّهِ. ٢١ لأَنَّهُ جَعَلَ الَّذِي لَمْ يَعْرِفْ خَطِيَّةً, خَطِيَّةً لأَجْلِنَا, لِنَصِيرَ نَحْنُ بِرَّ اللَّهِ فِيهِ" (١ كُوْرِنْثُوْس ٥: ١٩- ٢١)٠

يتحقَّق في كل مَن يُدرك هذه الحقائق ويؤمن بها تبرير الإيمان المجاني فيه. لقد تبرَّر للأبدية كلها كُرمى لمحبَّة الله وابنه. من البداية أكَّد بولس هذا شخصياً للذين أرسل إليهم الرِّسَالَة في أفسس، ومضى يشجِّعهم على أن يعلنوا أكثر "حق التبرير" هذا لمَن حولهم٠

سلام الله أبينا لكم

أعطى يسوعُ تلاميذه وعداً أساسياً: "سَلاَماً أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ. لَيْسَ كَمَا يُعْطِي الْعَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا. لاَ تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ وَلاَ تَرْهَبْ" (يُوْحَنَّا ١٤: ٢٧). أورث المسيحُ تلاميذَه سلام وراحة قلبه. بعد تطهيرهم من جميع خطاياهم كان عليهم أن ينالوا قوَّة الرُّوْح القُدُس. وكان سلامهم الحاضر في السماء جزءاً من ثماره الأبدية التي كان عليهم أن ينالوها (غلاطية ٥: ٢٢)٠

لهذه الغاية اعترف بولس قائلاً: "وَسَلاَمُ اللَّهِ الَّذِي يَفُوقُ كُلَّ عَقْلٍ يَحْفَظُ قُلُوبَكُمْ وَأَفْكَارَكُمْ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ" (فيلبي ٤: ٧)٠

تبقى ثمَّة هديَّةٌ لأتباع المسيح تتجاوز حدود تفكيرهم. السلام الذي يرتاح مطمئناً في خالق كل شيءٍ يحلُّ فيهم عندما يبقون في عالم المسيا الروحي. ينبغي أن يُزال عنهم قلق يومنا وعمرنا والخوف اللاواعي من الموت والدينونة الأخيرة ليس لأنهم صالحون أو كاملون في أنفسهم، بل لأنهم قبلوا غفران خطاياهم بواسطة نعمة يسوع المسيح وبرِّه. بواسطة الإيمان بمخلصهم يسوع يبدأون العيش، انطلاقاً مِن هنا على الأرض، في سلام السَّماء٠

في عَشِيَّة أحد الفصح بعد قيامته مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ حين ظهر يسوع فجأةً لتلاميذه في غرفةٍ مغلقةٍ حيَّاهم قائلاً لَهُمْ: "سَلاَمٌ لَكُمْ" (يُوْحَنَّا ٢٠: ١٩) لم ينتهرهم بسبب عدم إيمانهم أو فرارهم عشية يوم الجمعة. لقد كان قد كفَّر عن ذنبهم على الصَّلِيْب وشجَّعهم على الإيمان بسلامهم مع الله. كانت الكفارة العظمى مع الخالق القدير قد تمَّت. وبدأ سلام الله يجري في المؤمنين بيسوع. لكنَّ التلاميذ لم يكونوا سريعين جداً لفهم ما رأوا وسمعوا. لذلك كرَّر القائم مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ تحيَّته: "سَلاَمٌ لَكُمْ" (يُوْحَنَّا ٢٠: ٢١) مضيفاً إلى تحيَّته هذه المرة عبارةً مثيرةً: "كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا" (يُوْحَنَّا ٢٠: ٢١). ينبغي أن يشبه كل واحدٍ مِن أتباعه شاحنةً محمَّلةً سلاماً، ليس لهم فقط ليستمتعوا به، بل ليُمرروه أيضاً للآخرين التوَّاقين إليه٠

كانت هذه التَّحية مِن القائم مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ أيضاً بمثابة دعوة لتلاميذه: ينبغي ألاَّ يكونوا عُنُداً في إرغام إرادتهم العنيدة. وفوق ذلك كان عليهم أن يغفروا للآخرين وأن يعيشوا معهم بتواضع ووداعةٍ. وهذا يشكل الوصية الأساسية في شريعة المسيح: "وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ, أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضاً بَعْضُكُمْ بَعْضاً. بِهَذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي, إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضاً لِبَعْضٍ" (يُوْحَنَّا ١٣: ٣٤- ٣٥)٠

ما مِن سلام دائم بدون غفران تام لأخطاء الآخرين. ولا يمكن أن يحدث هذا إلاَّ عندما يدفعنا روح الله إلى التوسل المتواضع والاعتذار. لم يقُل يسوع عبثاً: "طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ, لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللَّهِ يُدْعَوْنَ" (متَّى ٥: ٩)٠

الإله القَادِر عَلَى كُلِّ شَيْءٍ هو أبونا

تتواصل البركة الرسولية وتنوِّر لنا أسباب وشروط قبول هذه النِّعمة الفعالة والسلام الدائم أبدياً. مَن هو الله؟ في الترجمة اليونانية للعهد القديم "السبعينية" تُستخدم العبارة "ثيوس Theos" لترجمة العبارة العبرية "إلوهيم Elohim". إنَّ "إلوهيم" جمعٌ في صيغتها ولا تمثِّل اسماً لله، بل إشارة عامَّة إلى وجود الله وألوهيَّته. وكذلك أيضاً العبارة اليونانية "ثيوس" لا تشهد لأيِّ إلهٍ محدَّدٍ، بل تشير فقط إلى وجود خالق لا يُسبَر غَوره٠

هذه هي محنة ومرض التوفيق بين المعتقدات الدينية المتعارضة حيث يتكلم معظم الأديان عن وجود كائن أعلى بينما يسلِّمون بطريقة غير مباشرة بأنهم لا يعرفون حقاً العلي والأزلي، بل يكتفون بالظن والحدس بشأنه (يُوْحَنَّا ١: ١٨). يذهب بعض المثاليين إلى ما هو أبعد مِن ذلك فيحاولون أن يُقرِّبوا هذه الأديان بعضها إلى بعض، بل وأن يوحِّدوها، وهذا كله لصالح تأمين السلام في العالم. لكنَّ هذا لا يخدم سوى التمهيد لحكم ضد المسيح الآتي (رؤيا ١٣: ٣- ٨)٠

كان بولس غاضباً وحزيناً عَلَى حَدٍّ سَوَاء في أثينا بوجود الآلهة والأصنام الكثيرة لليونانيين، حتَّى إنَّه حاول، مستخدماً الإشارة إلى مذبحٍ "لإلهٍ مجهولٍ" أن يوعي فلاسفتهم لمن في الحقيقة قد خلق وفدى العالم والوجود كله (أَعْمَال الرُّسُلِ ١٧: ٢٣). تابع الرسول إلى الأمم في رسالته إلى أهل أفسس محاولته ملء المفهوم الفارغ للَّقب "ثيوس" باسم الله الحقيقي. ودعاه "أبانا" بمعنى وتعليم المسيح وفي "الصلاة الربانية"٠

نجد في أسفار العهد الجديد التي تعالج كلام المسيح حوالي ٢٠٠ آية تشهد أنَّ الخالق القدُّوس وربَّ العهد القديم هو "أبو يسوع المسيح" و"أبونا". لا تظهر العبارة "أبونا" سوى مرة واحدة فقط وذلك في صلاة المَسِيْحِيّين الأوَّلية (متَّى ٦: ٩ قارن لوقا ١١: ٢). كان ليسوع بولادته الامتياز والحق في مخاطبة الخالق ورب الكون "بأبيه". شارك أتباعه حقه وامتيازه وأمرهم أن يخاطبوا أيضاً الله القدير كأبيهم. وهذه دعوةٌ مثيرةٌ تُحطِّم كل شكلٍ يمكن تصوُّره مِن أشكال الطقوس الدينية الدُّنيوية. مَن نحن حتَّى يمكننا أن نقول "أبانا" لله؟

منذ نيلنا الغفران والتبرير مِن خطايانا بدم المسيح لا تبقى ثمَّة خطيةٌ تفصلنا عن القدوس المثلث الأقانيم. بإعطائه روحه القدوس ليحل فينا لم يتبنَّنا شرعياً فحسب، بل أعطانا أيضاً الجوهر الروحي اللازم لنخاطبه مباشرةً "كأبينا". يُرشدنا العهد الجديد في آياتٍ عديدةٍ إلى هذا الحدث الصَّانع لعهدٍ جديدٍ٠

اعترف بولس قائلاً: "لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللَّهِ. إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضاً لِلْخَوْفِ, بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ, يَا أَبَا الآبُ.. اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللَّهِ" (رومية ٨: ١٤- ١٦)٠

بافتتانٍ شهد يُوْحَنَّا الرسول قائلاً: "اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللَّهِ. مِنْ أَجْلِ هَذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ, لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ. أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ, الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللَّهِ, وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ, لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ" (١ يُوْحَنَّا ٣: ١- ٢)٠

فوق ذلك أمر يسوع المسيح أتباعه قائلاً لهم: "وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ, أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ, وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ, لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ, فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ, وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ... فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ" (متَّى ٥: ٤٤- ٤٥، ٤٨)٠

إنَّ مَن يقرأ باهتمامٍ ويتأمَّل هذه الآية الأخيرة يمكن أن يُصاب بصدمةٍ حقيقيَّةٍ. مَن يريد أن يقول أو حتَّى يظن أنه كامل كما الله كاملٌ؟ لا تقول الآية إنَّه ينبغي أن نكون كاملين كما الله كاملٌ، بل أن نكون كاملين كما أنَّ أبانا الذي في السماوات هو كاملٌ. كل مَن لهم أب قد أخذوا أيضاً عوامل وراثية منه. لا يمكننا في ذواتنا ومِن أنفسنا أن نصبح كاملين أو أن نتجرأ على أن نفكر هكذا، بل إنَّ عطايا الآب الرحيمة، وغفرانه، وتبريره لنا، وحلول روحه القدوس تقودنا إلى الطريق الصحيح لأجل اسمه. بالنعمة نُعطى مِلأه وكماله٠

سعيدٌ هو الشخص الذي يعرف أنَّ الله أبوه. إنَّ هذا المؤمن يعرف أنَّ القدير يعرفه ويحبُّه ويهتمُّ به وهو دائماً بجانبه. هذا الشخص ليس وحيداً أبداً وليس بلا رجاءٍ أبداً. حتَّى الموت قد غُلب لأجله لأنَّ أبانا خالدٌ ويعطي أولادَه حياته الأبدية٠

شهد بولس في بركته الرسولية أنَّ هذه النعمة الغافرة والمبررة والسلام الإلهي مِن أبينا الذي في السماوات قد أتيا إلينا. وهذا الإدراك يوقظ فينا رغبةً للشكر على الدوام ويُحْدِث عبادةً في قلوبنا. لكنَّ بولس تابع ليضيف أنَّ ملء البركة يأتي، بالطريقة نفسها بالضبط، مِن يسوع المسيح ابن أبينا السَّماوي٠

لماذا نعترف أنَّ يسوع المسيح هو "الرَّب"؟

إنَّ الملاك الذي ظهر ليلاً للرُّعاة على تلال بيت لحم قال لهم: "لاَ تَخَافُوا. فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ, أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ" (لوقا ٢: ١٠- ١١). كان يسوع حتَّى قبل ولادته ربَّ الأرباب، بصرف النَّظر عن الحقيقة أنَّه وُلد في مغارةٍ مستعملة كإسطبل ومضجعاً في مذودٍ للحيوانات. به صار يهوه، ربُّ العهد القديم، إنساناً ليُخلِّصنا نحن الخطاة مِن نجاستنا وكربنا٠

ظلَّ مجد يسوع خفيّاً بالنسبة إلى معظم الناس في أيامه. أتباعه فقط هم الذين أدركوا جلال ربِّهم وشعروا به عندما طرد الشَّياطين مِن المسكونين (متَّى ١٥: ٢١- ٢٨؛ مرقس ٥: ١- ٢٠)، وهدَّأ العاصفة بأمرٍ منه (متَّى ٨: ١٨، ٢٣- ٢٧)، ومشى على ماء بحر الجليل (متَّى ١٤: ٢٣- ٣٣)، وشفى جميع المرضى الذين أتوا إليه (متَّى ٤: ٢٣- ٢٥؛ مرقس ٣: ٧- ١٢؛ لوقا ٦: ١٧- ١٩)، أشبع خمسة آلافٍ مِن خمسة أرغفة وسمكتين بصلاته الشَّاكرة (متَّى ١٤: ١٣- ٢١)، وأقام اثنين مِن الموت (مرقس ٥: ٢١- ٢٤؛ ٣٥- ٤٣؛ لوقا ٧: ١١- ١٥؛ يُوْحَنَّا ١١: ٣٢- ٤٥). هزَّت قدرته الكلية ومحبَّته بشدَّةٍ وأيقظت قلوب الذين أتوا ليؤمنوا به. بدأوا يُدركون: يسوعُ رَبٌّ٠

بعد موته على الصَّلِيْب الذي صالحنا مع الله القدوس، ظهر لبطرس التائب. واعترف التلاميذ الآخرون مذهولين: "إِنَّ الرَّبَّ قَامَ بِالْحَقِيقَةِ" (لوقا ٢٤: ٣٤). وظهر عدة مراتٍ لتلاميذه وفي النِّهاية شهد لهم قائلاً: "دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ" (متَّى ٢٨: ١٨)٠

منذ ذلك الحين فصاعداً توضَّح في الكنيسة للمولودين ثانيةً أنَّ "يسوع هو الرَّب". إنَّ توما التلميذ النَّزَّاع إلى الشَّك بعدما زال شكُّه مضى حتَّى أبعد مِن ذلك وخاطب يسوع بقوله: "رَبِّي وَإِلَهِي" (يُوْحَنَّا ٢٠: ٢٨)٠

عندما ظهر يسوع لشاول مضطهِد كنيسته بمجدٍ باهرٍ على طريق دمشق، سقط شاول على الأرض وسمع صوته يقول له: "شاول، شاول، لماذا تضطهدني؟" فأجاب: "مَن أنت يا ربُّ؟" فقال الرَّب: "أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ" (أَعْمَال الرُّسُلِ ٩: ٤- ٥). في ذلك الوقت لم يكن شاول قد آمن بالمصلوب الذي قد قام. لكن عندما رآه في مجده بات واضحاً جداً له مَن كان واقفاً أمامه: "الرَّب" بنفسه٠

بعدما نُفي يُوْحَنَّا التلميذ إلى جزيرة بطمس القاحلة ظهر له الرب في مجده: شهد يُوْحَنَّا قائلاً: "فَالْتَفَتُّ لأَنْظُرَ الصَّوْتَ الَّذِي تَكَلَّمَ مَعِي. وَلَمَّا الْتَفَتُّ رَأَيْتُ سَبْعَ مَنَايِرَ مِنْ ذَهَبٍ, وَفِي وَسَطِ السَّبْعِ الْمَنَايِرِ شِبْهُ ابْنِ إِنْسَانٍ, مُتَسَرْبِلاً بِثَوْبٍ إِلَى الرِّجْلَيْنِ, وَمُتَمَنْطِقاً عِنْدَ ثَدْيَيْهِ بِمِنْطَقَةٍ مِنْ ذَهَبٍ. وَأَمَّا رَأْسُهُ وَشَعْرُهُ فَأَبْيَضَانِ كَالصُّوفِ الأَبْيَضِ كَالثَّلْجِ, وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ. وَرِجْلاَهُ شِبْهُ النُّحَاسِ النَّقِيِّ, كَأَنَّهُمَا مَحْمِيَّتَانِ فِي أَتُونٍ. وَصَوْتُهُ كَصَوْتِ مِيَاهٍ كَثِيرَةٍ. وَمَعَهُ فِي يَدِهِ الْيُمْنَى سَبْعَةُ كَوَاكِبَ, وَسَيْفٌ مَاضٍ ذُو حَدَّيْنِ يَخْرُجُ مِنْ فَمِهِ, وَوَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَهِيَ تُضِيءُ فِي قُوَّتِهَا. فَلَمَّا رَأَيْتُهُ سَقَطْتُ عِنْدَ رِجْلَيْهِ كَمَيِّتٍ, فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَيَّ قَائِلاً لِي, لاَ تَخَفْ, أَنَا هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ, وَالْحَيُّ. وَكُنْتُ مَيْتاً وَهَا أَنَا حَيٌّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ. وَلِي مَفَاتِيحُ الْهَاوِيَةِ وَالْمَوْتِ" (رؤيا ١: ١٢- ١٨). تصف لنا شهادة البطريرك يُوْحَنَّا الفريدة هذه كيف يسوع هو اليوم رب. كلّ مَن يثق به يظل أبد الدَّهر في محبَّته٠

بشَّر بولس سنتين إلى ثلاث سنوات وردَّ على الأسئلة وجرَّد النقاد وشرح الإنجيل كل مساءٍ في قاعة تيرانس المدرسية المستأجرة. وفي محاضراته التي فاقت السبعمائة محاضرة لجمهوره المهتم مِن العاصمة الإقليمية وجوارها شارك في أكثر مما أمكننا أن نأمل مناقشته في هذه المقدمة. وفي رسالته الوداعية لهم مِن السجن، ربما مِن رومة، لخَّص جميع محاضراته في بركته الرسولية الواحدة. فلا يبقى لنا إذاً إلاَّ أن نعترف: "مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ" (رؤيا ٢: ٧)٠

:صلاة
أبانا الذي في السماوات، نسجد لك بواسطة ابنك يسوع المسيح لأنَّك أعلنتَ لبُوْلُس الرَّسُوْل البركة الرسولية حتَّى يمكنه أن يَعِدَنا بالنعمة التامة والسلام الأبدي منك ومِن الرَّب يسوع المسيح. نرجو منك أن تدع هذا الامتياز يصبح حقيقةً في الكثير مِن الرجال والنساء والشبان الطالبين حولنا. آمين٠

:الأسئلة
١١. ماذا تعني نعمة يسوع المسيح لك؟
١٢. لماذا يفوق سلام الله كلَّ عقلٍ؟
١٣. كيف لنا أن نملك الامتياز أن نخاطب الله القَادِر عَلَى كُلِّ شَيْءٍ "كأبينا"؟
١٤. ماذا يؤهِّلنا للاعتراف بأنَّ "يسوع المسيح ربٌّ"؟

www.Waters-of-Life.net

Page last modified on February 03, 2018, at 04:44 PM | powered by PmWiki (pmwiki-2.3.3)