Waters of Life

Biblical Studies in Multiple Languages

Search in "Arabic":

Home -- Arabic -- Revelation -- 193 (The Coming of Christ as the Judge of Antichrist))

This page in: -- ARABIC -- Armenian -- Bulgarian -- English -- French? -- German -- Indonesian? -- Polish? -- Portuguese -- Russian -- Yiddish

Previous Lesson -- Next Lesson

رؤيا يوحنا اللاهوتي - ها أنا آتي سريعاً

شرح وتفسير للآيات الكتابية في سفر الرؤيا

الكتاب ٧ - نَعَمْ. أَنَا آتِي سَرِيعًا انتصار المَسِيْح في مجيئه الثَّاني وانبثاق العالَم الجَدِيْد (رؤيا ١٩: ١١- ٢٢: ٢١)٠

الجزء ٢.٧ - عودة المَسِيْح بحسب رؤى الرَّسُوْل يُوْحَنَّا عن آخر الزَّمان (رؤيا ١٩: ١١- ٢١)٠

١- مجيء المَسِيْح كديَّانٍ لضدِّ المَسِيْح (رؤيا ١٩: ١١- ١٦)٠


رؤيا يوحنا اللاهوتي ١٩: ١١- ١٦

١١ ثُمَّ رَأَيْتُ السَّمَاءَ مَفْتُوحَةً وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ وَالْجَالِسُ عَلَيْهِ يُدْعَى أَمِينًا وَصَادِقًا وَبِالْعَدْلِ يَحْكُمُ وَيُحَارِبُ. ١٢ وَعَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ وَعَلَى رَأْسِهِ تِيجَانٌ كَثِيرَةٌ وَلَهُ اسْمٌ مَكْتُوبٌ لَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُهُ إِلاَّ هُوَ. ١٣ وَهُوَ مُتَسَرْبِلٌ بِثَوْبٍ مَغْمُوسٍ بِدَمٍ وَيُدْعَى اسْمُهُ كَلِمَةَ اللهِ. ١٤ وَالأَجْنَادُ الَّذِينَ فِيْ السَّمَاءِ كَانُوا يَتْبَعُونَهُ عَلَى خَيْلٍ بِيضٍ لاَبِسِينَ بَزًّا أَبْيَضَ وَنَقِيًّا. ١٥ وَمِنْ فَمِهِ يَخْرُجُ سَيْفٌ مَاضٍ لِكَيْ يَضْرِبَ بِهِ الأُمَمَ وَهُوَ سَيَرْعَاهُمْ بِعَصًا مِنْ حَدِيدٍ وَهُوَ يَدُوسُ مَعْصَرَةَ خَمْرِ سَخَطِ وَغَضَبِ اللهِ الْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. ١٦ وَلَهُ عَلَى ثَوْبِهِ وَعَلَى فَخْذِهِ اسْمٌ مَكْتُوبٌ مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ

يأتي الرَّبُّ لينتصر: الملك آتٍ! ابن الله راكبٌ فرساً أبيض تتبعه جند السَّماء. مجد الله وسلطانه متمركزان في المَسِيْح، المسيَّا الموعود٠

رأى يُوْحَنَّا الرَّائي صورةً لمجيء المَسِيْح الثَّاني مختلفةً عن تلك التي كان يَسُوْع قد أعلنها لتلاميذه بحسب متَّى ومرقس ولوقا. ففي رؤيا يُوْحَنَّا لا يظهر الرَّب على سحاب السَّماء ولا تتقدَّمه علامة ابن الإنسان، أي برقٌ مِن الشَّرق إلى الغرب. لا يُكرِّر يُوْحَنَّا أيّاً مِن الأخبار القَدِيْمة عن مجيء المَسِيْح الثَّاني في الإنجيل، بل يفترضها مقدَّماً ويُكملها. لا يُبرز الجانب الخلاصي لمجيء المَسِيْح الثَّاني، بل يشهد للدَّيَّان المقاتل "الهلياند"(١)الذي يتقدَّم جيشه في المعركة بخطىً واسعةٍ على رأس إسفين القتال ويأخذ الحمل الرَّئيسي للقتال على عاتقه٠

يصف يُوْحَنَّا مجيء المَسِيْح الثَّاني على نحوٍ مختلفٍ عمَّا يتصوَّره كثيرٌ مِن المَسِيْحيِّين. بعدما اعتمد يَسُوْع في نهر الأردن، لم يبدأ الكرازة والشِّفاء فوراً، بل قاده الرُّوْح القُدُس إلى البرِّية كي يغلب رئيس الشَّياطين ومجرِّب البشريَّة كلِّها في ضعف الصَّوم الجسدي (متَّى ٤: ١- ١١). ظهر يَسُوْع ليقاتل وينتصر في تلك الأيَّام كما في عودته. وكذلك ينبغي لنا ألاَّ نضطجع هناك في غيبوبةٍ كمَسِيْحيِّين ضيِّقي التَّفكير، بل أن نوجِّه تفكيرنا إلى صراعٍ روحيٍّ في قوَّة المَسِيْح (أفسس ٦: ١٠- ٢٠). يعيش أتباع المَسِيْح جميعاً في منطقة الصِّراع مع الشِّرير، سواء في الدِّفاع الواقي أو في الهجوم التَّبشيري. وعدوُّ الله الماكر لا ينام. فهو يهاجم الكنيسة مِن الخارج والدَّاخل. ولكنَّ المَسِيْح هو المنتصر في تلك الأيَّام، وفي يومنا هذا، وعند عودته. وعلى خلفيَّة جهاد الشَّيْطَان العديم الرَّحمة ضدَّ الله ومَسِيْحه يمكننا أن نُدرك على نحوٍ أفضل مجيء المَسِيْح كمستعدٍّ للمعركة في سفر الرُّؤْيَا. لا يظهر يَسُوْع كحَمَل ذبيحة مذبوح ينزف حتَّى الموت. كما أنَّه لا يظهر كعريسٍ ماضٍ ليجد عروسه الكنيسة ويأخذها إلى البيت، بل يأتي المَسِيْح ثانيةً كربٍّ ومحاربٍ ومنتصرٍ، يُدمِّر بسلطانه عالم الشَّيْطَان٠

ليست صورة المسيا المنتصر مجهولةً في الكتاب المقدَّس. فبولس، على سبيل المثال، تنبَّأ بهلاك ضدِّ المَسِيْح على يد المسيَّا الآتي (٢ تَسَالُوْنِيْكِي ٢: ١- ١٢). ونقرأ في سفر الرُّؤْيَا عن غضب حَمَل اللهِ على جميع الذين يرفضون الخلاص المُنْجَز والمعدَّ لهم أيضاً (رؤيا ٦: ١٦- ١٧). طرد يَسُوْع الشَّياطين بحركةٍ مِن إصبعه الصَّغيرة (لوقا ١١: ٢٠). والله يضع أعداء الرَّب المقام موطئاً لقدميه (مَزْمُوْر ١١٠: ١). إنَّ انتصار المَسِيْح النِّهائي مقدَّرٌ سلفاً (يُوْحَنَّا ١٦: ٣٣). الرَّب آتٍ لينتصر٠

كان ضدُّ المَسِيْح ونبيُّه، ضمن إطار رؤيا يُوْحَنَّا لجام الغضب السَّادس (رؤيا ١٦: ١٢- ١٦) قد جمعا ملوك العالم وجيوشهم للمعركة الأخيرة ضدَّ الله ومَسِيْحه. ولكنَّ الربَّ لم يظهر في الوقت الذي ارتآه ابن الشِّرير وأعدَّه. وبحسب وصف جام الغضب السَّابع (رؤيا ١٦: ١٧- ٢١) أعطى يَسُوْع ضدَّ المَسِيْح إنذاراً أخيراً، وزلزل الأرض تحت قدميه بزلزلةٍ عظيمةٍ وأهلك جيشه المحتشد بواسطة وابلٍ مِن البَرَد العظيم. ولكنَّ رئيس الشَّياطين برئ مِن خزيه سريعاً. وهو ربُّ الكذب وقادرٌ على أن يُحرِّف كلَّ هزيمةٍ إلى انتصارٍ مجيدٍ. ومع ذلك ثمَّة أمرٌ واحدٌ مؤكَّدٌ: المَسِيْح آتٍ ليسحق تمرُّد البشر على الله. في الرُّؤْيَا ١٩: ١١- ٢١ يتمُّ وعد المَزْمُوْر ٢: ١- ١٢). ويمكن أن يساعدنا هذا المَزْمُوْر على فهم رؤى يُوْحَنَّا ومستقبلنا على نحوٍ أفضل٠

يستخدم يُوْحَنَّا الشَّيخ المنفيُّ في سفره مقاطع مِن العَهْد القَدِيْم وتعابير مراراً وتكراراً كي يطبع عودة المَسِيْح في أذهان المَسِيْحيِّين مِن اليهود واليهود الذين لجأوا إلى آسيا الصُّغرى. ولكنَّ سفر الرُّؤْيَا مع ذلك لا يُمثِّل ارتداداً إلى اليهوديَّة، بل يحاول بالأحرى دمج اليهود في العَهْد الجَدِيْد بواسطة وعود الأنبياء والمَزَامِيْر: وَسَتَنْظُرُهُ كُلُّ عَيْنٍ وَالَّذِينَ طَعَنُوهُ (رؤيا ١: ٧)٠

السَّماء المفتوحة: في نهاية الزَّمان تدخل الآخرة وجودَنا. في هذه الرُّؤْيَا لم تُفتَح السَّماء قليلاً، ولم يؤخَذ يُوْحَنَّا في هذا الوقت بالرُّوْح إلى باب السَّماء، بل تُفتَح أبواب السَّماء الآن على مصاريعها. لا يأتي ابن الله بالنِّعمة والرَّحمة، لأنَّ صبر القدُّوس قد نفد. يستوجب برُّه الدَّيْنُوْنَة الأخيرة على ابن الشِّرير وأتباعه. انتهت الإنذارات بالأبواق مع أحكام الدَّيْنُوْنَة المعلِّمة (رؤيا ٨: ٦- ١١: ١٤).تبدأ الآن الدَّيْنُوْنَة الأخيرة مع إبادة ضدِّ المَسِيْح وأنبيائه الكذبة٠

ليس الله محبَّةً وجودةً فحسب، بل هو أيضاً قدُّوسٌ وعادلٌ. ويمكن رؤية صفات الله المختلفة هذه وآثارها في تاريخ شعبه المختار. إنَّ أحكام دينونة إله العَهْد هي التي قادت إسرائيل (عام ٧٢٢ ق. م.) إلى الأسر الأشوري واليهود (عام ٥٨٧ ق. م.) إلى الأسر البابلي. وتبع رفض المَسِيْح والرُّوْح القُدُس مِن معظم شعبه خراب أُوْرُشَلِيْم والهيكل الثَّاني (عام ٧٠ م.) وتشتُّت إسرائيل بين الأمم (عام ١٣٢ م.). وكان لهذه الدَّيْنُوْنَة الأخيرة، النَّفي مِن وطنهم، أن تدوم ١٨٠٠ سنة. تمثِّل العقوبات الشَّديدة مِن الله لشعب عهده، بالنِّسبة إلى العالم والمَسِيْحيَّة، كتابةً واضحةً على الجدار٠

الله قاسٍ ومكابرٌ على نفسه حتَّى إنَّه ضحَّى بابنه الوحيد وجعله يُقتَل كي يخلِّصنا نحن الخطاة مِن دينونته. ويلٌ لمَن يرفض هذا "العرض المجَّاني" لمحبَّة الله أو يُجدِّف، لأنَّ السَّماء ستسقط على رأسه" وفق ما يُنسَب إلى أقوال الألمان والغاليِّين القدماء٠

وإذا فرسٌ أبيض: استهلَّ يُوْحَنَّا وصفه لرؤياه الجَدِيْدة بعبارته "وإذا" اللاَّفتة للنَّظر. يُذكِّرنا ظهور الفرس الأبيض بفارس الرُّؤْيَا الأوَّل الذي دخل أيضاً على فرسٍ أبيض (رؤيا ٦: ١- ٢). بَيْدَ أَنَّ هذا الفارس لم يكن المسيَّا الحقيقي، بل ضدّ المَسِيْح المسلَّح الذي أراد أن يسرق المشهد مِن المَسِيْح الآتي، فبدا شبيهاً له. بدأ المَسِيْح الكذَّاب يُحرِّض العالم على المَسِيْح الحقيقي وقاد الجماهير بالسِّلاح إلى البؤس والجوع والحروب والكوارث. مرَّةً تلو الأخرى يحاول المحتال الماكر أن يُحصِّن البشرية ضدَّ تأثير المَسِيْحيَّة الحقيقيَّة ويملأها بروح مضادَّة للمَسِيْحيَّة ويربطها به٠

دخل المَسِيْح الحقيقي أيضاً حلبة تاريخ العالم راكباً على فرسٍ أبيض كي يتحدَّى أعداءه الأبالسة ويُبيدهم. ليَسُوْع السُّلطان أن يركب فرساً أبيض لا عيب فيه لأنَّه هو وحده الله والملك الذي ليست فيه خطيَّةٌ. فقداسته وبرُّه ضمانةٌ له للانتصار على ابن الكذَّاب والقاتل من البدء (يُوْحَنَّا ٨: ٤٤- ٤٥). المَسِيْح آتٍ على فرسٍ أبيض ليُنفِّذ حكم الإبادة بحقِّ مضِلِّ الجماهير المسكونة به٠

قال يُوْحَنَّا أيضاً: وَإِذَا فَرَسٌ أَبْيَضُ لأنَّه كان حاضراً حين دخل يَسُوْع أُوْرُشَلِيْم على حمارٍ وضيعاً وفقيراً. كان ابن الله، في ذلك الوقت، قد تخلَّى عن جلاله ومجده ليموت كفديةٍ نيابيَّةٍ عن جميع الخطاة. لم يشأ أن يربح الجماهير لنفسه بالقوَّة والمجد، بل أن ينادي كلَّ واحدٍ يريد أن يُنادى بتواضعٍ ومحبَّةٍ ونكرانٍ للذَّات. بدون صلبٍ لأنانيَّتنا لن نوجَد في موكب المسيَّا الآتي. عندما يعود سيأتي راكباً على فرسٍ أبيض برهاناً لانتصاره وجلاله وغلبته. لن يكون متنكِّراً بعد كما كان في مجيئه الأوَّل. وسيُرى على الفرس الأبيض على نطاقٍ واسعٍ وفي كلِّ مكانٍ. ولن يخشى القنَّاصة الذين سيكونون قادرين على رؤيته وحصانه مِن بعيدٍ، لأنَّه آتٍ كمنتصرٍ لا يُقاوَم متسربلاً بسلطان الله٠

يزعم الإسلام أيضاً أنَّ لمحمَّد دابَّةً خياليَّةً تُدعَى "البُرَاق"، وهذه الكلمة مشتقَّةٌ مِن البَرْقِ، لأنَّ هذه الدَّابة، كما يزعمون، قادرةٌ على الطَّيران بسرعة البرق، وأنَّ محمَّد امتطاها فحملته خلال بضع ثوانٍ مكَّة إلى أُوْرُشَلِيْم، برهاناً على أنَّه قد رُحِّب به هناك مِن قبل إبراهيم وموسى ويَسُوْع واعتُرف به مِن قبل سفراء الله الرَّئيسيين هؤلاء. ولكنَّ عائشة، زوجة محمَّد، قالت في وقتٍ لاحقٍ إنَّه كان نائماً طوال تلك اللَّيلة في الغرفة نفسها معها وأنَّ سفرته تلك كانت في الرُّوْح فحسْب٠

أمينٌ وصادقٌ: نجد في الرُّؤْيَا الأخيرة أربعة أسماء مختلفة تُطلَق على المَسِيْح الآتي. فاسمٌ واحدٌ لا يكفي لوصف ملء سمات وقوَّة يَسُوْع. الاسم الأوَّل الذي يُطلَق على راكب الفرس الأبيض هو "أمينٌ وصادقٌ". عرَّف يَسُوْع نفسه لقائد كنيسة اللاودكيين بالشَّاهد الأمين الصَّادق (رؤيا ٣: ١٤). وشهد يُوْحَنَّا أيضاً لأمانة يَسُوْع بوصفها الصِّفة الأولى والممتازة لشخصيَّته (رؤيا ١: ٥)٠

باح يَسُوْع بسرِّ أبوَّة الله (متَّى ١١: ٢٥- ٢٧) كما ورد مائتي مرَّة في العَهْد الجَدِيْد. وحتَّى أمام المجلس الأعلى "السَّنهدريم" لم يُنكر كونه ابن الله ولذلك صُلِب. وأظهر للنَّاس خطاياهم وفسادهم والدَّيْنُوْنَة الآتية. دعا يَسُوْع الشَّيْطَان بالشِّرير (متَّى ٦: ١٣) ولم يمتنع عن إعلان مجيئه هو ديَّاناَ لجميع الأمم. فكان أميناً في شهادته حتَّى موته، حتَّى موته على الصَّليب. ولذلك هو الشَّاهد الأمين والصِّدق بشخصه٠

إنَّ العبارة "صدق" في اللُّغات الشَّرقية هي مرادفٌ أيضاً للحقيقة والحقِّ. فيَسُوْع هو أيضاً مثلنا الأعلى وشريعتنا ومثالنا. وسيُقاس كلُّ إنسانٍ به. هو وحده الطَّريق والحقُّ والحياة. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ به (يُوْحَنَّا ١٤: ٦). ومِن المهمِّ قطعاً في عصرنا هذا القائم على المجتمع المتعدِّد الثَّقافات والتَّوفيق بين المعتقدات الدِّينية المتعارضة أن نعود إلى الحقِّ الكتابي. فالمصلوب المقام هو أساس الحقِّ الإلهي والواقع الأزلي الذي لا يزول أبداً. ويَسُوْع هو أيضاً يهوه الرَّب الذي يُدعى اسمه: أهيه الذي أهيه، أنا مَن أنا، وسأكون مَن أكون". لا يتغيَّر يَسُوْع المَسِيْح، بل يبقى أميناً. هو نفسه آمين الله. وبه تتمُّ وعود الكتاب كلُّها (٢ كُوْرِِنْثُوْس ١: ٢٠)٠

بالعدل يحكم: يَسُوْع هو البارُّ ويبقى بارّاً بسبب فديته النِّيابية عنَّا، حتَّى عندما يُبرِّر خطاةً أشراراً بالإيمان به فحسْب (رومية ١: ١٧). أمَّا كلُّ مَن لا يَقبَل نعمة التَّبرير (بالإيمان وحده) الممنوحة له يحكم على نفسه بالدَّيْنُوْنَة، لأنَّ يَسُوْع سيدينه بحسب أعماله، وفقاً لإنجيله وشريعته ومثاله. قَدْ أَعْطَى الآبُ كُلَّ الدَّيْنُوْنَة لِلاِبْنِ (يُوْحَنَّا ٥: ٢٢- ٣٠)٠

يشرح يَسُوْع هذه الحقيقة كما يلي: اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ (يُوْحَنَّا ٥: ٢٤؛ انظر أيضاً ٣: ١٨- ١٩). أمَّا كلُّ مَن لا يؤمن بابن الله فيتقسَّى على الإنجيل، أو حتَّى يُمزِّقه باستكبارٍ، فسيُدان بحسب أعماله وأقواله ونيَّاته. وفي هذه الحالة سيظهر أنَّ كلَّ برٍّ ذاتيٍّ هو خطأٌ وخداعٌ ذاتيٌّ. فكلُّ مَن لا يؤمن بابن الله لن تكون له حياةٌ أبديَّةٌ، بل يسقط أعمق فأعمق في الهلاك. وَهَذِهِ هِيَ الشَّهَادَةُ أَنَّ اللهَ أَعْطَانَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً وَهَذِهِ الْحَيَاةُ هِيَ فِي ابْنِهِ. مَنْ لَهُ الاِبْنُ فَلَهُ الْحَيَاةُ وَمَنْ لَيْسَ لَهُ ابْنُ اللهِ فَلَيْسَتْ لَهُ الْحَيَاةُ (١ يُوْحَنَّا ٥: ١١- ١٢)٠

عَيْنَاهُ كَلَهِيبِ نَارٍ: نجد الوصف المؤثِّر لعيني يَسُوْع "كلهيب نارٍ" ثلاث مرَّاتٍ في سفر الرُّؤْيَا. المرَّة الأولى التي يُستعمل فيها هذا التَّعبير في رؤيا يَسُوْع المَسِيْح هي حين يُقدِّم نفسه ليُوْحَنَّا كديَّان العالم (رؤيا ١: ١٤). والمرَّة الثَّانية التي نجد فيها هذه السِّمة المميِّزة ليَسُوْع هي في الرِّسالة إلى كنيسة ثياتيرا (رؤيا ٢: ١٨) حيث مُنحَت وسيطة أرواح متمرِّسة الإذن مِن راعي الكنيسة بإطلاع الكنيسة على أعماق الشَّيْطَان. لذلك اشتعل غضب حَمَل اللهِ وأومضت عيناه بغضبٍ شديدٍ. كان قد فدى المؤمنين في ثياتيرا وفتح الطَّريق إلى الآب بذبيحة ذاته، أمَّا الآن فقد أضلَّت عابدة الشَّيْطَان هذه الكنيسة المشتراة بالدَّم إلى معرفة الشَّيْطَان والتَّكريس له. لذلك اشتعل غضب المَسِيْح فأتت أحكام دينونته ضربةً تلو الأخرى (رؤيا ٢: ٢٠- ٢٤)٠

مكتوبٌ في (رؤيا ١٩: ١٢) أنَّ الدَّيان العادل كان على وشك إهلاك ابن الشِّرير لأنَّه أضلَّ أعداداً هائلةً لعبادة الشَّيْطَان وابنه. وكان يَسُوْع قد أعتق هؤلاء النَّاس جميعاً بدمه مِن سوق نخاسة الخطيَّة، ومِن خوفهم مِن الموت؛ بَيْدَ أَنَّ ابن الشَّيْطَان أفلح في شحن الجماهير بالحماس بواسطة عجائبه الاستعراضيَّة وإقامته الكاذبة لأشخاصٍ أموات. حتَّى المَسِيْحيِّين واليهود السَّطحيين الطَّيبين سقطوا في شركه. لذلك اتَّقدت عينا يَسُوْع غضباً. امتداد الخطيَّة والضَّلال والتَّجديف جاوز حدَّه، فجاء ليُحارب ويشنَّ حرباً على ابن الشَّيْطَان وجيوشه. كان على يَسُوْع أن يقضي على وقاحة البشر وعجرفتهم بلا ريبٍ٠

لا مهرب مِن عيني المَسِيْح المتَّقدتين كلهيب نارٍ. إنَّ شعاع عينيه يحمل حزمةً ضوئيَّةً تخترق الفولاذ والحجر كنور كشَّافٍ حادٍّ. ما مِن كهفٍ أو تمويهٍ يحمي مِن عيني المَسِيْح المتَّقدتين كلهيب نارٍ. وهو لن يكشف فحسب عن كلِّ خطيَّةٍ وسوء نيَّةٍ وكذبٍ للإنسان، بل سيَنفذ إلى الفلسفات اللاَّمعة والأديان المنافقة المتظاهرة بالتَّقوى ويدينها بوصفها إيحاءات شيطانيَّة لأنَّها بمثابة تهديدٍ لملكوته وتحاول تقويضه. وستتلاشى كلُّ ذريعةٍ على شفتي الإنسان أمام ومضة عينه الثَّاقبة. وعِنْدَئِذٍ لا تُجدي التَّمتمة بالأعذار بعد، ولا سبيل سوى التزام الصَّمت والانحناء والاعتراف بالخطايا٠

مَن لا يتوب اليوم كلِّياً ويعترف لله بكلِّ نجاسته وأكاذيبه وتجاربه وشروره ستخترقه نظرة يَسُوْع وتدينه عندما يأتي. إذا كان أشعَّة إكس قادرةً على إظهار الأشياء الخفيَّة، فكم بالحريِّ تقدر ومضة عينيه المتَّقدتين كلهيب نارٍ التي تخترق كلَّ شيءٍ أن تكشف وتدين وتحرق كلَّ ضلالةٍ للاَّهوت المعاصر في عظاتٍ متحرِّرةٍ ونظير ذلك سيحدث للكتب المثيرة. في حضور قداسته سنظهر نجسين وفاسدين وضالِّين. دمه وحده هو رجاؤنا في يوم الدَّيْنُوْنَة، والنِّعمة الممنوحة منه تبقى أساس برِّنا. بهذه المعرفة في الذِّهن تضرَّع الشَّاعر الغنائيُّ "يوهان لودفيغ كونراد ألندورف" إلى يَسُوْع في أغنيته "يا ربّ، اعتن بي..." أن يدينه تماماً:

صلاة: أيها الربّ يسوع المسيح، نسجد لك، لأنك تأتي كالديان والمقاتل لتغلب المسيح الدجال ونبيه الكذاب. وخطايانا كلها مكشوفة ومعروضة أمام عينيك علانية إن لم نعترف بها قدامك نادمين سابقا. ونشكرك لغفرانك الشامل لنا وهو رجاءنا الوحيد في يوم الدين المقبل علينا. وإن وجدت عيناك بعد شيئاً مِن استحواذٍ خفيّ،ٍ فأرجوك، يا ربّ، أن تمحقه. آمين٠

:سؤال

٢٣٣. ماذا يعني إسم المسيح "الأمين والصادقً؟


١) ملحمة "هلياند" كتبت بالعامية الألمانية في القرن التَّاسع وتُرجمت عام 1830٠

www.Waters-of-Life.net

Page last modified on November 28, 2012, at 12:52 PM | powered by PmWiki (pmwiki-2.3.3)