Home -- Arabic -- Revelation -- 120 (The Mystery of God in the Words of Jesus)
Previous Lesson -- Next Lesson
شرح وتفسير للآيات الكتابية في سفر الرؤيا
الكتاب ٤ - ليأتي ملكونك (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ١٠: ١- ١١: ٢)٠- - الشاهدان الذين سيحضرون في الايام الاخيرة وطرد ابليس من السماء
الجزء ٤.٤ - البوق السَّابع (١١: ١٤- ١٨)٠
٢- سجود الأَرْبَعَة وَالعِشْرِيْنَ شَيْخاً لله (رؤيا يوحنا ١١: ١٦- ١٨)٠
الأنبياء والملوك الصِّغار والكبار: لا يتحدَّث الأَرْبَعَة وَالعِشْرُونَ شَيْخاً عن نوع الأجر الذي يعد الله به الإنْسَان، بل عمَّن يمكنه أن يتوقَّع هذا الأجر. المذكورون هنا أوَّلاً هم الأنبياء خدَّام الرَّب الذين ينقلون إلى الآخَرين مشيئة الله حتَّى وهم كارهون أحياناً (إِشَعْيَاء ٦: ٩- ١٣؛ إِرْمِيَا ١: ٦؛ ٩: ١- ٥؛ ١٥: ١٠؛ ٢٠: ٧- ١٠، ١٤- ١٨؛ حزقيال ٢: ١- ١٠؛ ٣: ١٧- ٢١؛ عاموس ٣: ٨). مَن هو النَّبي بحسب الكتاب المقدَّس؟ يتلقَّى النَّبي بواسطة الكلمة أو في رؤيا إعلاناً مباشراً مِن الله. وتصبح رسالة قداسة الله ومجده المعيار لحياته وكلامه. لذلك يستطيع النَّبي أن يُدرك قلب الإنْسَان (إِرْمِيَا ١٧: ٩) فلا يتكلَّم بعد بسطحيَّةٍ بشريَّةٍ، بل يُسمِّي الخطيئة "خطيئة" ويشهد لغضب الله على كلِّ إثمٍ، ولأنَّه لا يخضع إلى الأوهام الدُّنيوية يكشف الله له الأحداث المقبلة. قضى كثيرٌ مِن الأنبياء نحبهم قتلاً وتعذيباً لأجل أمانتهم (متَّى ١٤: ١- ١١؛ عِبْرَانِيِّيْنَ ١١: ٣٦- ٤٠)٠
كان محمَّد باحثاً عن الحقيقة. فهو لم ير الله أو يسمعه، بل افترض أنَّ الملاك جبريل هو الذي كان يوحي له. لقد روى ما كان قد سمعه مِن المَسِيْحِيّين وغيرهم عن نهاية العالم، وبواسطته أصبح خمس البشر يعتقدون أنَّ ما رواه بطريقته هو النُّبوَّة الصَّادقة والصَّحيحة. يُحذِّرنا يَسُوْع إلى أقصى حدٍّ مِن تصديق النُّبوءات غير الصَّحيحة مشيراً إلى أنبياءٍ كذبة يُضلُّون كثيرين (متَّى ٢٤: ١١؛ يوحنَّا ٥: ٤٣؛ ٢ بطرس ٢: ١؛ ١ يوحنَّا ٢: ١٨- ٢٣؛ ٤: ١- ٥)٠
بمعزلٍ عن الأنبياء، يذكر الأَرْبَعَة وَالعِشْرُونَ شَيْخاً السَّاجدون القدِّيسين أيضاً بوصفهم متسلمي أجر الله. فللقدِّيسين ينتمي أنبياء العَهْد القَدِيْم (دانيال ٩: ٢٧) والمقدَّسون مِن العَهْد الجَدِيْد الذين وضعوا أنفسهم كلياً تحت تصرُّف الله. فهم خاصَّته ويقفون على الدَّوام في خدمته. لقد ماتوا عن أنفسهم وعن شرفهم، ويقاومون الأصوات الشِّريرة فيهم وحولهم. هم "قدِّيسون عند الرَّب" وليسوا قدِّيسين في "أنفسهم"؛ وينالون الامتياز أن يُحسبوا بلا خطيئة بسبب النِّعمة وحدها، لأنَّهم يعيشون ليل نهار بقوَّة دم المَسِيْح المطهِّرة (١ يوحنَّا ٢: ١- ٢؛ عِبْرَانِيِّيْنَ ٩: ١٤؛ ١٠: ١٤). إنَّه مقدَّسون بواسطة الرُّوْح القدُس الذي يدفعهم إلى عمل أعماله المقدَّسة (رومية ٨: ١٤). ويعلم القدِّيسين ويدركون، لأنَّهم يعيشون أمام الله في نوره الثاقب (١ يوحنَّا ١: ٥- ١٠)، أنَّهم بحسب طبيعتهم خطاةٌ كبارٌ. ولكنَّ محبَّة يَسُوْع تطوِّقهم وتحفظهم في الإيمان والمحبَّة والرَّجاء (رومية ٨: ١- ٣٩)٠
وفوق ذلك يُسمِّي الشُّيوخ السَّاجدون اليونانيِّين الأتقياء بمتسلمي الأجرة الذين كباحثين عن الحقيقة قد انضمُّوا إلى المجامع اليهوديَّة في الدُّول المجاورة للبحر الأبيض المتوسِّط. ثمَّة ساجدون كثيرون في دياناتٍ مختلفةٍ، يخافون الله رغم عدم معرفتهم إيَّاه ويكرمونه ويلتمسون مشيئته. فالإِنْجِيْل غريبٌ عنهم لأنَّنا لم نأخذه إليهم. خاف قائد المئة الرُّوْمَاني كورنيليوس الله وكذلك ليديا بائعة الأرجوان، وطلبا خلاصهما مِن كلِّ القلب (أعمال ١٠: ١- ٤٨؛ ١٦: ١١- ١٥). وفي الأَبَدِيَّة سنُفاجأ كم مِن اليهود والمسلمين والهندوس والبوذيِّين والشُّعوب التي مِن دولٍ لا تؤمن بالله سيكونون مِن المقرَّبين مِن المَسِيْح، هؤلاء الذين تحمَّلوا الهزء والاضطهاد والموت مِن أجله. ينبغي أن يحثَّنا شوق المعتزل إلى معرفة الله على المزيد مِن الخدمة، وأن يجبرنا على أن نطلب يوميّاً قيادة الروح لنجد جميع الذين يطلبون الله وسلامه. لا يزال للرب المَسِيْح عددٌ غفيرٌ مِن النَّاس في عالمنا الفاسد الذي يندفع بسرعةٍ قصوى وتهوُّرٍ نحو نهايته٠
وأخيراً يتكلَّم الشُّيوخ، في سجودهم لله، عن الصِّغار والكبار الذين سيستلمون معاً أجرة الله. عندما يتحدَّثون في الشَّرق عن "الصِّغار" يُفكِّر المرء ليس بالأولاد فقط، بل بالخدَّام والعبيد والنِّساء والأجانب. أمَّا "الكبار" فيعنون بهم الشُّيوخ المكرَّمين وأرباب العمل والرِّجال والمسؤولين في المجتمع. "فالصِّغار" و"الكبار"، المتعلمون وغير المتعلمين، الفقراء والأغنياء، العبيد والأحرار، المؤمنون مجدَّداً بالمَسِيْح والنَّاضجون سيؤخذون جميعاً بالطَّريقة نفسها بالنِّعمة إلى حلقة الذين سيُكافأون. إنَّ صرخة أرملة فقيرةٍ منكوبةٍ هي في المَسِيْح أقوى مفعولاً مِن صلوات أصحاب المقام الرَّفيع. لقد وعد الله أن يكافئ أوَّلاً الصِّغار قبل الكبار لأنَّ الكبار قد نالوا شرفهم في العالم٠
المحكمة الجنائيَّة: إنَّ دينونة الله لا تأتي بالمكافأت والتَّكريمات فقط، بل بالدَّمار الرَّهيب والخراب والعذاب الشَّديد أيضاً. لقد سجد الشُّيوخ لله وعرفوا أنَّه سيأتي بالخراب على الذين يُخرِّبون الأَرْض. وفي ذلك كلِّه قيل القليل عن الجانب السَّلبي لهذه الدَّيْنُوْنَة، بَيْدَ أَنَّ هذا الكلام يحمل مغزىً عظيماً٠
'+مَن هم الذين يخرِّبون العالم؟ إنَّ هذه العبارة تستهدف فوق كلِّ شيءٍ الذين يعبدون الأصنام والآلهة الكاذبة إلى جانب النَّتائج التي يُسفر عنها ذلك، كما تعني أيضاً الذين يؤلِّهون الجنس البشريَّ والذين يثقون بالعلم والمال. إنَّ كلَّ مَن يدفع الله المثلَّث الأقانيم مِن مركز حياته وعائلته وشعبه وثقافته يشبه شخصاً يقطع التَّيار الكهربائي عن مصباحه ليلاً. كلُّ واحدٍ متروكٌ ليتلمَّس طريقه في الظَّلام المفاجئ. إنَّ جميع المضِلِّين الذين يضعون مكان الإله الحيِّ آلهةً أو أرواحاً أو استثماراتٍ ماليَّةً أخرى في قلوب النَّاس هم أعداء يجرُّون الناس إلى الظَّلام. إنَّ كلَّ خدعة تعدُّد ثقافات هي أسَمُّ مِن "السِّيانيد" لأنَّها تنزع ابن الله المصلوب مِن وسط الفكر وفي النِّهاية تقود الجماهير إلى الموت الرُّوحي. لقد أراد المضِلُّ أن يوقِف يَسُوْع عن السَّير في طريق الصَّلِيْب. وفي البرِّية حاول أن يُجرِّبه بجعله يُعِيْن نفسه، أو بإغرائه على جعل نفسه عظيماً، فكان جواب يَسُوْع له واضحاً لا لبس فيه: "اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ، لأَِنَّهُ مَكْتُوبٌ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ" (تثنية ٦: ١٣؛ متَّى ٤: ١٠). وعندما استخدم الشَّيطان في وقتٍ لاحقٍ بطرس ليحاول أن يثنيه عن الصَّلِيْب كان جوابه هو نفسه: "اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ، أَنْتَ مَعْثَرَةٌ لِي لأَِنَّكَ لاَ تَهْتَمُّ بِمَا لِلَّهِ لَكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ" (متَّى ١٦: ٢٣). إنَّ كلَّ مَن يناضل فِيْ سَبِيْلِ وضع أيِّ مزيجٍ لا يكون الصَّلِيْب فيه بعد الأساس والمركز هو مفسدٌ ومخرِّبٌ. والتَّعاليم القائمة على التَّوفيق بين الأديان والفلسفة الإنْسَانيَّة تخرب روح التَّوبة ومحبَّة المَسِيْح، والنَّتيجة هي إلحادٌ مطلَقٌ. وكلُّ مَن يرفض ألوهيَّة المَسِيْح هو ضدُّ المَسِيْح (١ يوحنَّا ٢: ٢٢- ٢٣؛ ٤: ١، ٥)٠+'
وإذا ابتعد النَّاس عن مركز الفداء فهم في الغالب ينفتحون على توقٍ شديدٍ إلى القوَّة الاقتصاديَّة والسِّياسيَّة إلى جانب نضالٍ لأجل الحماية. البشريَّة وموارد الأَرْض الطَّبيعية تفسد معاً بإهمالٍ، وتلوُّث البيئة يتَّخذ نسباً هائلةً. عالَمٌ ملحِدٌ يُدمِّر نفسه (رومية ١: ١٨- ٣٢)، والتَّزايد السُّكاني المتضخِّم باستمرارٍ يزيد شقاء أهل الأَرْض التي تضيق بسكَّانها، ونهاية زمان الأَرْض تقترب على نحوٍ يتعذَّر اجتنابه٠
كلُّ شكلٍ مِن أشكال الإلحاد مخرِّبٌ للأخلاق. وحيثما يفقد ملك الفضائل كلِّها، وهو مخافة الله، ستصبح جميع مظاهر الحياة فاسدةً على نحوٍ مثيرٍ للاشمئزاز. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً, لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ (مزامير ١٤: ١- ٣). لقد خرجوا جميعاً عن الطَّريق، فأصبحوا معاً بطَّالين (رومية ٣: ١٢). الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعًا (رومية ٣: ١٢)٠
لقد أراد عدوُّ الله أن يفسد ابن الله ويجعله مفسِداً ( متَّى ٤: ١- ١١). ولكنَّ يَسُوْع قاوم التَّجربة، وعكس الأدوار، وبواسطة الرُّوْح القدُس طرد الشَّياطين التي صرخت بخوفٍ: "أَتَيْتَ لِتُهْلِكَنَا، أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ قُدُّوسُ اللهِ" (مرقس ١: ٢٣- ٢٥؛ لوقا ٤: ٣٤).
كتب بولس: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ لأَِنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ (١ كُورنْثوْس ٣: ١٧). ولذلك كان الشَّخص في عهد الله القَدِيْم الذي يمارس العرافة أو الاتِّصال بالأرواح أو إدخال البدع يُرجَم (خروج ٢٢: ١٧- ١٨؛ لاويِّين ١٩: ٢٦؛ ٢٠؛ تثنية ٢٧: ٢١). يجب ألاَّ ننبذ على نحوٍ سطحيٍّ أيَّ شكلٍ مِن خطيئة الغواية والتَّضليل، فهي عند الله رجسٌ يوردنا موارد الهلاك٠
أضلَّ المُضِلُّ حوَّاءَ أُمَّ البشر، فخدعها ودمَّر ثقتها بمحبَّة الله (٢ كُورنْثوْس ١١: ٣)، وهو يُضِلُّ أيضاً جميع ذرِّيتها (رؤيا ١٢: ٩). ينبغي أن يهلك لأنَّه مصدر كلِّ كذبٍ وقتلٍ وبغضةٍ وتجديفٍ (يوحنَّا ٨: ٤١- ٤٥). أطلق يَسُوْع على المُضِلِّ اسم الشِّرِّيْر (متَّى ٦: ١٣) الذي يريد أن يربط جميع النَّاس به ويجعلهم أشراراً كلياً. وقد جعل الذي هو الحقٌّ يُفتَرى عليه كمحرِّض على الفتن كي يهلكه (متَّى ٢٧: ٦٣؛ يوحنَّا ٧: ١٢، ٤٧؛ ١١: ٤٩- ٥١؛ ١٨: ١٤)٠
سيقول يَسُوْع، كملكٍ وديَّانٍ، لجميع الذين تقسَّوا في وجه محبَّته وفتحوا قلوبهم لروح الشَّيطان الكذَّاب القاسي: "اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّة الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ" (متَّى ٢٥: ٤١؛ رؤيا ٢٠: ١٠، ١٥) "فَيَمْضِي هَؤُلاَءِ إِلَى عَذَابٍ أَبَدِيٍّ" (متَّى ٢٥: ٤٦)٠
الصَّلاة:
أيُّها المسيح الديان الأخير، نسجد لك يا حمل الله، لأنّك رفعت خطيئة العالم، ولكنّ أكثرية البشر أصغت إلى صوت إبليس. فستدين الشرير نفسه، والَّذين ارتبطوا به، وتحكم عليهم بالنار الأبدية. يا ربّ، ربّينا بحكمتك، لكي لا نسقط إلى جهنم٠
السؤال : ١٢٠. ما معنى الآية: ليهلك الَّذين كانوا يهلكون الأرض؟