Home -- Arabic -- Revelation -- 077 (The Immense Number of Those Called out From the Nations)
Previous Lesson -- Next Lesson
شرح وتفسير للآيات الكتابية في سفر الرؤيا
الكتاب ٣ - كنيسة المسيح و اعلان الاحكام (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ٧: ١-٩: ٢١)٠- الذين نودي عليهم للخروج من اسرائيل واعداد لا تحصى من الامم
الجزء ١.٣ - كنيسة الله وحمله من بَنِي يَعْقُوْبَ ومن الأمم (رؤيا يو حنا ٧: ١- ١٧)٠
٣ - جمعُ المختارين من الأمم أمام عرش الله وحَمله ( ٧: ٩- ١٧)٠
خدمات الكهنة في قدس الأقداس: أكد الشيخ ليوحنا أنَّ للقدِّيسين المضطهَدين وحدهم الحقّ في دخول السماء، لأنهم يؤمنون بقوَّة دم المَسِيْح المطهّرة (عِبْرَانِيِّيْنَ ٩: ١٤). لقد نالوا حق دخول قدس الأقداس مثل رئيس الكهنة في العَهْد القَدِيْم (متى ٢٧: ٥١، أَفَسُس ٢: ١٨) وهم يعيشون دَائِماً أمام عرش الله وحمَله. إنَّهم خدام القادر على كلّ شيء المفضَّلون الذين لم يُقتَلوا من إكليل شعاع القدّوس، ولم يُمحوا لأنَّ دم يَسُوْع المَسِيْح غسلهم من كلّ نجاسة. ملأ الرُّوْح القدُس قلوبهم بالرحمة والرأفة (رومية ٥: ٥) حتى استحقوا كملوك وكهنة أن يخدموا الله وحمله. يبتهلون دون انقطاع لأجل شعوبهم، وجماعات لغتهم، وقبائلهم الموكَلين إليهم لكي يخلصوا ويتقدَّسوا وينجوا بقوّة دم الحمل. يطلبون لأجل انسكاب الرُّوْح القدُس في قلوب وأذهان الأموات روحياً كي يتوبوا ويؤمنوا ويحبوا ويرجوا (أَفَسُس ٣: ١٤- ٢١). لا تتحدَّث رُؤْيَا يُوْحَنَّا هنا عن شفاعة القدّيسين، كأنَّ الخطاة لا يقدرون أن يقدموا طلباتهم مباشرةً إلى يَسُوْع. كلا! الله يُشرك أولئك الذين كانوا أمناء في القليل في الواجبات الروحية في حكمه العالي (متى ٢٥: ١٤- ٣٠)٠
كثيراً ما ُيذكر في رُؤْيَا يُوْحَنَّا هيكل الله الذي في السماء (١١: ١- ٢- ١٩ و ١٥، ١٧: ٥ و٨، ١٦: ١و ٧). إنَّ الهيكل هناك حيث يسكن الله وابنه. كتب بولس: "أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللَّهِ, وَرُوحُ اللَّهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ" (١ كُورنْثوْس ٣: ١٦، ٢ كُورنْثوْس ٦: ١٦)٠
لا يبقى الله بعيداً عن خدامه المقدَّسين، بل يسكن فوقهم وعندهم بل وفيهم (يوحنا١٤: ٢٣). يمكن أن تعني العبارة " يسكن فوقهم" أنَّه ينصب خيمته، مجده فوقهم"، كما نقرأ في مزمور ٩١: ١- ٢. يبقى المبرَّرون محميين في حضور العليّ، ويستقرُّون في عائلة أبيهم (أَفَسُس ٢: ١٩- ٢٢)، فلا يستلقون كسالى وخاملين كأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون، بل يشتركون بنشاط في تنفيذ خطة الخلاص، ويعيشون ويخدمون في مركز طاقة الأزلي، تنبض فيهم قداسته ومحبَّته، وينقادون بروحه القدس ليعملوا معاً في بناء عالمه الجَدِيْد في وسط زوال القَدِيْم (رومية ٨: ١٤). هم المضطهدون والصغار والمحتقرون الذين يلبسون ثياب المجد البيض (إِشَعْيَاء ٦١: ١٠) ولهم حقّ الدخول إلى أبيهم في كلّ حين. ومجد الربّ يضيء فوقهم٠
لا يسكن الله القدُّوس في جنَّةٍ مِن الشَّهوات والأطايب البشريَّة والمتع الجنسيَّة، ولا في سماء شهود العَهْد القَدِيْم والجَدِيْد. ليس الله متعالياً ومتكبِّراً على مخلوقاته، وكلُّ مَن يُنكر الشَّركة بين الخالق ومخلوقاته، والتَّبرير بدم ابن الله المصلوب مِن أجلنا، ولا يلبس ثياب المجد البيض، يبقى مفصولاً عن الله الحقيقي، فلا يتمتَّع بحمايته ولا بدفئه ولا بحياته. الله إله محبَّة وتواضع وهو ليس أكبر مِن أن يُقيم بينه وبين البشر أواصر صداقةٍ أو مودَّةٍ٧
النِّعَم السَّبع لجماهير الشهود: أعلن الشيخ في قاعة عرش الله ليوحنا النِّعَم السَّبع التي تُوهَب للمختارين والمبرّرين في كيانهم الجَدِيْد، وتتضمَّن هذه النِّعم السَّبع ثلاثاً في صيغة النَّفي، وثلاثاً إيجابيَّةً مع خلاصة ما قيل قبلاً٠
لن يعاني الشهود الذين في قاعة عرش الله جوعاً ولا عطشاً بعد كالمطرودين من بيوتهم والتائهين في البراري والصحاري، بل يهتم الرب بشهوده. قد عانوا العوز والجوع قبلاً لأجل مجد اسمه، وهو الآن يمنحهم كلّ ما يحتاجون إليه في كيانهم الروحي الجَدِيْد. (إِشَعْيَاء ٤٩: ١٠)٠
مَن اضطرَّ مرَّة أن يقف مدة طويلة في وهج حرارة الظهر في الشرق بدون قبعة أو مظلة أو ماء يحسّ بالملجأ الأمين المُعَدِّ للقديسين المبرَّرين في ظل القدير (مزمور ٩١: ١- ٢). كذلك لا يلفح الحَرُّ ضمائرهم. فمجد الله ليس عبئاً عليهم بل ينبوع فرح أبديّ (فِيْلِبِّيْ ٤: ٤) وهم يعيشون عند القدّوس في كيانهم الروحيّ كمولودين ثانية ومجدَّدين لا يتبعون شهوات أرضية في جنَّةٍ جسديَّةٍ حسِّيةٍ، بل يعيشون مقدَّسين بواسطة قداسة الله (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ٢١: ٣- ٧)٠
تقوم النِّعم الثلاث الإيجابيَّة على أنَّ حَمَل اللهِ في وسط العرش يرعاهم ويقودهم إلى ينابيع المياه الحيَّة (إِشَعْيَاء ٤٩: ١٠- ١٤، ٤٨: ٢١)٠
منذ أن صعد يَسُوْع المَسِيْح إلى السماء، وأجلسه أبوه على العرش بواسطة تسليمه إليه لفَّة السِّفر المختومة بأختامٍ سبعة، وفوَّض إليه السُّلطان (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ٥: ١- ١٤) يحيا المسيح دَائِماً في عرش أبيه (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ٣: ٢١). فهو ليس واقفاً في مكانٍ ما إلى جانب العرش، بل جالس مع أبيه في العرش. وهو يثبت في وسط العرش. فهو والآب واحد (يوحنا ١٠: ٣٠). الآب فيه وهو الذي يعمل أعماله (يوحنا ١٤: ١٠). أمَّا شهود المَسِيْح الذين في قاعة عرش الله فيرون مخلصهم وأباه بأُمَّهات عيونهم. وهذا يعني تتمة التطويبة السَّادِسة : "طُوبَى لِلأَنْقِيَاءِ الْقَلْبِ, لأَنَّهُمْ يُعَايِنُونَ اللَّهَ" (متى ٥: ٨)٠
بعد ذلك نقرأ ألفاظاً تحمل مغزىً عميقاً. إنَّ يَسُوْع حَمَل اللهِ يرعى جماهير رعيته الفقيرة. الراعي هو الحمَل، أو الحمَل هو الراعي؛ وبتعبيرٍ أدقّ: الحمَل يقود رعية المخلصين. ضحّى يَسُوْع بنفسه لأجل أتباعه. الكفّارة ورئيس الكهنة هما في شخص واحد. يبقى يَسُوْع الوسيط الوحيد ورئيس الكهنة لأجل رعيّته كلها. به وحده ومعه وفيه لهم التبرير والقدوم إلى العرش والحَيَاة الأَبَدِيَّة٠
لا تحمل كنيسة المكملين حياة خاصة ولا حقّاً ولا قوَّةً في ذاتها. "في المَسِيْح" فقط تجد غذاءً روحياً وسلطاناً ونوراً وبركة. تُذكِّرنا كلمات الشيخ بالمزمور ٢٣: ٢ حيث يورد الربّ، إله العَهْد، رعيته كراعٍ إلى مياه الراحة. ونجد في رُؤْيَا يُوْحَنَّا تعميقاً لمعنى هذه النبوّة. فحَمَل اللهِ يورد أتباعه مباشرةً إلى ينبوع الماء الحيِّ. هو بنفسه الينبوع الذي منه تفيض أنهار مياه حيّة٠
يتحدَّث الكتاب المقدس كثيراً بأمثال وصور. نقرأ في حزقيال عن ينبوع المياه الحيَّة التي تنبع في هيكل الله، ومن هناك تسيل وتصبح نهراً عريضاً وعميقاً يسقي الصحاري ويحيي كذلك حتى البحر الميت (حزقيال ٤٧: ١- ١٢، يوئيل ٤: ١٨، رُؤْيَا يُوْحَنَّا ٢٢: ١)٠
ماء الحياة هو الرُّوْح القدُس الذي يخرج من المصلوب، لأن يَسُوْع محا خطايانا. يستطيع تيار قوة الله أن يسري في جميع الذين ينفتحون لمصالحته التامة (يوحنا ٣: ١٥- ١٦). ومياه الحياة هذه تطفىء عطشهم أبداً (متى ٥: ٦، يوحنا ٤: ١٤، ٦: ٣٥، ٧: ٣٨- ٣٩) وسلام الله الذي يفوق كلّ عقل يحفظ قلوبهم وأفكارهم في المَسِيْح يَسُوْع (فِيْلِبِّيْ ٤: ٧، ١ تَسَالُوْنِيْكِي ٥: ٢٣- ٢٤)٠
أما خلاصة الوعود فهي كالآتي: أنَّ اللهَ "يَمْسَحُ كُلَّ دَمْعَةٍ مِنْ عُيُونِهِمْ". يُكرَّر هذا الوعد من إِشَعْيَاء ٢٥: ٢٨، ٦٦: ١٦ مرَّتين في رُؤْيَا يُوْحَنَّا، ويعمّق في الوقت نفسه (الأَصْحَاح ٧: ١٧، ٢١: ٤). كما تحتضن الأم طفلها، وتضعه على قلبها، وتقبِّله لتخفّف آلامه، وتمسح الدموع عن وجنتيه، هكذا أيضاً بطريقة روحية يحتضننا أبونا السماوي، ويمحو كلّ ذكرى أليمةٍ مِن ماضينا. فقربه وحضوره يُعوِّضان ويغلبان ويمحوان أفظع رعبٍ عرفه تاريخ البشرية٠
لا يحلّق إلهنا عالياً إلى ما لا نهاية وبعيداً فوقنا. كلا، بل قد أقام أبونا عهداً جديداً معنا (متى ٢٦: ٢٦) وهو ينقينا بدم ابنه ويُحيينا بقوَّة روحه القدوس ويريد أن نسكن عنده ونحيا فيه. شهد يوحنا بنفسه: "اَللَّهُ مَحَبَّةٌ, وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ يَثْبُتْ فِي اللَّهِ وَاللَّهُ فِيهِ" (١ يوحنا ٤: ١٦)٠
الصَّلاة: أبانا الَّذي في السماوات، نشكرك مِن صميم قلوبنا بواسطة ابنك يسوع المسيح، لأنّك جعلتنا أولاداً لك، ومنحت لنا الامتياز أن نجلس مطمئنين في حضنك. خلّص أصدقاءنا وأعداءنا، واجلبهم إليك بحبال محبّتك. آمين٠
السؤال : ٧٧. ما هي البركات السبع الَّتي يختبرها الجالسون في رحاب الأرض؟