Home -- Arabic -- Revelation -- 019 (Jesus' Message to the Leader of the Church in Sardis)
Previous Lesson -- Next Lesson
رؤيا يوحنا اللاهوتي - ها أنا آتي سريعاً
الكتاب ١- من إعلان يسوع المسيح ليوحنا اللاهوتي (رؤيا يوحنا ١:١-٣: ٢٢)٠
الجزء ٢.٢.١ رسائل يسوع المسيح المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ إلى الكنائس السَّبع في آسيا الصغرى (١:٢-٢١:٣)٠
٥- رِسَالة يَسوع إلى راعي الكنيسَة التي في ساردس (رؤيا يوحنا ٣: ١- ٦)٠
عندك أسماءٌ قليلة في سَاردس لم ينجِّسوا ثيابهم فسَيمشون مَعي في ثيابٍ بيض لأنّهم مستحقّون لفت يسوع انتباه الرّاعي في ساردس إلى العدد القليل من المؤمنين في كنيسته الذين كانوا مجهولين لدى سكّان المدينة ولكنّ أسماءهم كانت مكتوبة في السّماء. كان على راعي الكنيسة أن يحفظ أسماء هؤلاء المؤمنين غيباً ويزورهم ويتعلم منهم لأنّهم أهمّ مَن في كنيسته٠
سلك هؤلاء الهادئون في الأرض بِحَذَرٍ وسط الثقافة الإغريقية الملوّثة في أسيا الصّغرى. أرادوا بعد تطهيرهم من كلّ خطاياهم بواسطة دم يسوع المسيح أن يعيشوا بحسب حضارة مخلصهم ويجتهدوا في البيت والوظيفة، في المدارس وفي وقت الفراغ أن يعيشوا باستقامة طاهرين مقتصدين ومستعدّين للمساعدة. لا نعلم إن كانوا كباراً في السّن أو صغاراً، أغنياء أو فقراء، رجالاً أو نساءً. لقد ابتعدوا عن عبادة الأصنام المليئة بالجنس٠ وأرادوا بوعي أن يكونوا ملح الحساء لا أن يصبحوا هم أنفسهم الحساء٠
رسم يسوع أمام عيني الواعظ أنّ هؤلاء المجهولين أو أعضاء الكنيسة غير المعتبرين هم ذوو قيمة لأنّ الرّب يسوع نفسه سيسلك معهم في هذه الحياة وفي الحياة الأبديّة. يفجّر هذا الوعي نطاق تفكيرنا. فخالق الكلّ وملك الملوك وقاضي القضاة لا ينحني أمام المسيحيّين الودعاء فحسب، بل يرتبط بهم بميثاق أبديّ ويريد أن يقيم شركة معهم كصديق مع أصدقائه. وكما يعامل الأب أولاده هكذا يؤكّد الرّب لأمنائه أنّهم يستقون من ملء نعمته حكمة وهداية وقوّة وتعزية وحياة أبديّة. إن حضور ابن الله في كنيسته الخفيّة والمحتقرة في هذا الزّمان وفي الأبديّة هو أحد الامتيازات الكبيرة التي لا توصف والتي لا تعرفها الدّيانات الأخرى ولا تدركها. أمّا يسوع فسيسلك مع عبيده وإمائه في الأبديّة٠
ان جلابيبهم البيضاء علامة على طهارتهم بواسطة كفارة المسيح، قال الكونت زينزيندورف
تشير ثيابهم البيض إلى طهارتهم بواسطة ذبيحة المسيح لم يكن هؤلاء المختارون من ساردس أفضل بطبيعتهم من بقيّة الأنيميّين الهلّينيين أو السّاميين اليهود. سكن فيهم كما في كلّ إنسان كلّ قذارة وبغض وكبرياء. ولكنّ هؤلاء التّائبين ماتوا عن أنانيتهم وعاشوا مع ربّهم ومخلصهم. ترقّبوا مجيئه باشتياق ولبسوا برّه. ليس برّ أعمالهم الخاصّة جعلهم مستحقّين بل نعمة المسيح وحدها. أحبّوا يسوع من كلّ قلبهم. وضع له فيهم مسكناً وغيّرهم إلى صورته٠
عنى إظهار القدّيسين المجهولين في ساردس دعوة كبيرة إلى راعي الكنيسة للتّوبة. لم يقل الرّب إنّ راعي الكنيسة يخصّ هؤلاء المختارين ولم يثبت أنّه لا يخصّهم. على الرّجل أن يمتحن نفسه ما هو الأهمّ: أن يكون معروفاً لدى النّاس أو لدى الله؟ فيمَ تأسّست كرامتهم؟ هل كان عمله الدّؤوب أو سمعته الحسنة واجتهاده أساس برّه الذاتي أو كانت رحمة المسيح وحدها ذبيحته؟ سأل الرّب الواعظ بطريقة غير مباشرة: "إلى أين وصلت؟ أين أنت داخليّاً؟ هل أنت لابس ثوب برّ النّعمة الأبيض أو أنت ملطّخ كلياً بالخطايا بالتواء وصمت على أساس محاولات التّكيف وحبّ الشّهرة والجاه؟
مَن يَغلب فذلك سَيلبس ثياباً بيضاً ولنْ أمحو اسمَه مِن سِفْر الحَياة وسَأعترف باسمِه أمامَ أبي وأمامَ ملائكتِه: كان من الضّروري لراعي الكنيسة أن يدرك - إلى جانب إنكار الذات – كذب الشّيطان المتسلل وأنّ كلّ إنسان صالح بطبيعته ويستطيع أن ينشئ خلاصه باجتهاداته. إنَّ معظم الأديان وبرامج التّربية وعقائد الأحزاب مبنيّ على الضّلال الكبير وخداع النّفس. ولاَ بُدَّ مِن التغلّب على هذا الكذب جذريّاً بواسطة الحقّ وهو أنْ ليس إنسانٌ صالحاً ولا يقدر أحدٌ أن يرضي الله إلاّ إذا كان مرتبطاً بالإيمان بذبيحة يسوع المسيح. هو وحده صالحنا مع الله. لا برّ خارج ذبيحته ولا طهارة ولا قبول عند الله٠
لهذا السّبب قال الرّب الذي بيديه سبعة أرواح الله والسّبعة الكواكب: "أيُّها الفاشل والميت روحيّاً بسبب كذبة الشّيطان وبسبب كبريائك اللامحدود، اطرح شهرتك كلياً والبس برّ الله بالنّعمة". لا ينال الثوب الأبيض إلاّ من قَبل ذبيحة يسوع المسيح بالنّيابة عنّا. فدم يسوع يطهّرنا من كلّ خَطِيئَة. وعند يسوع ثياب بيض ناصعة واسم مقدّس جاهز لكلّ مَن يرجع إليه ولا يخدم نفسه، بل يعبد يسوع. هل اسمك مكتوبٌ بدم ابن الله المقدّس في سفر الحياة؟
ليست أسماؤنا بحدّ ذاتها أهلاً لأن تذكر أو تدوّن في سفر الحياة. لكن لأجل ذبيحة ابن الله الكفّارية وبواسطة إيماننا به نستحقّ أن نسجّل في سفر الحياة. ما دمت تتمسّك بحَمَل اللهِ تعيش. حالما ترنو إلى الشّرف تفقد كرامتك عند الله. إنَّه من الواقع أن يمحو يسوع اسمك من سفر الحياة إن أهملت صليبه الذي منحك الاستحقاق للحياة. ليس مهمّاً أن يكون اسمك مكتوباً في الصّحف، بل الحاسم أبديّاً أن يبقى اسمك مدوّناً في قائمة مواطني ملكوته السّماوي٠
قال يسوع: "مَن ينكر ذاته ويحمل صليبه يوميّاً يحقّ له أن يتبعه في موكب النّصر". إذا مات راعي الكنيسة كلياً وإلى الأبد عن شهرته الذاتية وكرامته واسمه يمكن ليسوع كشاهد رئيسيّ ومحام ووسيط في الدَّيْنُوْنَة الأخيرة أن يعترف باسمه أمام أبيه وملائكته، كما قال بوضوح: "كُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضاً بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ, وَلَكِنْ مَنْ يُنْكِرُنِي قُدَّامَ النَّاسِ أُنْكِرُهُ أَنَا أَيْضاً قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متى١٠: ٣٢-٣٣)٠
كان على رجل ساردس أن يختار إما أن يمجّد اسمه الخاصّ ويعمل لأجل كرامته الخاصّة بواسطة النّاس أو أن ينكر اسمه الخاصّ ويمجّد يسوع وحده ويعظّمه قدّام النّاس. لم يكن ثمّة خيار آخر. قال يسوع: "كَيْفَ تَقْدِرُونَ أَنْ تُؤْمِنُوا وَأَنْتُمْ تَقْبَلُونَ مَجْداً بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ. وَالْمَجْدُ الَّذِي مِنَ الإِلَهِ الْوَاحِدِ لَسْتُمْ تَطْلُبُونَهُ؟" (يوحنا ٥: ٤٤)٠
دعا يسوع أباه "إلهي" في بداية الرّسالة عندما وضع راعي الكنيسة المنتفخ أمام الدّيان الأبديّ: عليه أن ييأس من قداسة الله وعظمته. أمّا الآن، وبعد كلمة الإنعاش والتّوبة وبعد كلمة التّهديد وعرض الوعد جذب يسوع خادمه المدعوّ بإعلان أكبر الأسماء كلّها. دعا القدّوس "أبي". كان للمبشّر في ساردس أن يدرك من جديد أنّ الحياة والنّعمة، النّور والقوّة، الرّوح والمسرّة لا تأتي من المشرّع ولا من الدّيان، بل من إله المحبّة وحده الذي أعلن بنفسه أنّه هو الآب ليسوع المسيح. هذا هو الموضوع الجديد لعظة الرّاعي المقام من الموت الرّوحي٠
ليس بالاجتهاد الخاصّ ولا بالاحترام الشّخصي، بل بالنّعمة والسّلام من الله أبينا وبربّنا يسوع المسيح نعيش وندوم إلى الأبد٠
مَنْ له أذنٌ فليسمَعْ ما يَقوله الرّوحُ للكنائِس: لكلّ جثّة أذنان ولكنّ هاتين الأذنين لا تسمعان بعد. ربّما تتجوّل بيننا جثث روحيّة متعدّدة وخاصّة من السّلك الرّوحي ممّن لا يقدرون أن يصغوا فيما بعد إلى ما يقوله الآخرون، بل يتغامزون من كلماتهم الخاصّة فقط٠
قصد يسوع أن يمنح راعي الكنيسة في ساردس بواسطة رسالته المنعشة أذناً جديدة ليصغي بشرف إلى كلمة ربّه وينتبه إلى صوته. فكيف حالة سكوتك أمام الله؟ هل تجد فيك جوعاً لكلمة الله؟ أم تفضّل أن تصغي إلي كلماتك الخاصّة؟
توجد كنائس ميتة روحيّاً بسبب عظات جذّابة، فآذان أعضاء الكنيسة مملوءة ممّا سمعوا وهم يظنّون أنّهم يفهمون كلّ شيء، ولا يهتمّون إلا بمشاكل لاهوتيّة مثيرة، أو بعبارات طنّانة. وبهذا قد انفصلوا عن قوّة خطّ كلمة الله البسيطة. يسمعون بذكائهم لا بقلوبهم. ليتنا نطلب من الرّب أذهاناً وقلوباً مفتوحة ونفعل ما يقوله الرّوح لنا٠
الصَّلاة: نعظّمك أيُّها الرَّبّ يسوع، لأنّك حفظت كنيستك في ساردس، حتَّى وإن كان راعيها ميتاً روحياً. لقد عاش في وسط هذه الكنيسة مؤمنون بسطاء، مختارون منك، والموعود لهم بشركتك معهم في السماء. ومنحت بنفس الوقت للراعي المدعو للتوّبة، أن يبقى اسمه مسجّلاً في سفر الحياة في السماء، إن تاب توبة نصوحة. أحفظ المؤمنين البسطاء في كنائسنا، حتَّى إذا لم يتكلّموا كثيرا،ً يستمرّون صامتين لأجل حالة الكنيسة الخالية مِن الحياة الرُّوحية٠
السؤال : ١٩. ما هي ميزة المؤمنين البسطاء في الكنائس الميتة؟ وما هي الوعود لخدّامهم لو تابوا توبة حقيقية؟