Home -- Arabic -- Ephesians -- 009 (The Jewish-Christian Confession of the Apostle Paul)
Previous Lesson -- Next Lesson
أفسس - امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ
تأملات، صلاوات واسألة الرسول يولس الى اهل افسس
الجزء ١ - صلوات الرَّسول في مستهل رسالته لأجل الكنائس في أفسس وما حولها (أفسس ١: ٣- ٢٣)٠
أ - صلوات الرَّسول في مستهل رسالته لأجل الكنائس في أفسس وما حولها (أفسس ١: ٣- ١٥)٠
الاعتراف اليهودي المَسِيْحِيّ لبُوْلُس الرَّسُوْل (أفسس ١: ١١- ١٢)٠
أفسس ١: ١١
١١ "الَّذِي فِيهِ أَيْضاً نِلْنَا نَصِيباً, مُعَيَّنِينَ سَابِقاً حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ, لِنَكُونَ لِمَدْحِ مَجْدِهِ, نَحْنُ الَّذِينَ قَدْ سَبَقَ رَجَاؤُنَا فِي الْمَسِيحِ" (أفسس ١: ١١- ١٢)٠
بعدما بسط الرَّسول، بإعلانٍ خاصٍّ، وحدة اليهود المشيحيين والمؤمنين من الأمم تابع الشهادة لصفة اليهود المَسِيْحِيّين الفريدة. في باسو جنوب ألمانيا يمكن رؤية نهر الدَّانوب بألوان ثلاثة: الماء الجليدي الأبيض لنهر إينز، وماء الدانوب الرمادي المخضر مِن ريغنسبرغ، وماء مطر النهر البني الغامق والقاتم غالباً مِن الغابة البافارية. تجري ينابيع المياه الثلاثة المختلفة هذه عدة كيلومترات جنباً إلى جنبٍ في الدَّانوب إلى أن تمتزج أخيراً بلونٍ أخضر ضاربٍ إلى الرَّمادي. هكذا هو الأمر أيضاً في الكنيسة المؤسسة حديثاً في أفسس. لم يستطع المؤمنون اليهود الحازمون بأي شكل من الأشكال أن يكتموا أصلهم سواء بالقول أو الحياة. وما زال المواطنون الهلينيون الليبراليون يسيطرون على المجمع، كما كان للإرساليات الخبيرة مِن فريق الرسول تعليمٌ آخَر أيضاً. انقضت سنوات عديدة ريثما امتزجت أخيراً هذه القوالب الشخصية المختلفة من عقيدة وأخلاق في الكنائس٠
أكَّد بولس أوَّلاً على القاسم المشترك، قاسم مشترك استسلم له حتَّى اليهود المَسِيْحِيّون، أن يحيوا ويوجدوا "فيه، في المسيح". نقرأ سبع مراتٍ عن هذه العلاقة والثقة بالمسيا في الآيات السابقة (أفسس ١: ٣- ١٠). كان ضمانهم في المسيا، يهوداً مَسِيْحِيّين وأمماً مَسِيْحِيّين عَلَى حَدٍّ سَوَاء، الحصن المنيع، والملكوت الروحي، والعالم الروحي، وعالم القوَّة غير المنظور للمسيح القائم مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ، وجسده الروحي الذي فيه تجسدوا، إضافةً إلى هيكل الرُّوْح القُدُس٠
وجد الفريقان معاً "فيه" الأساس القانوني لكونهم مدعوين إلى حياة مقدسة بلا لوم. "فيه" كانوا معيَّنين مسبقاً ليكونوا أولاد الله بالنِّعمة. "فيه" افتُدوا وتبرَّروا بدم المسيح. "فيه" جُمِعوا ليصيروا وحدةً "في المسيح" إلى جانب جميع أتباعه المولودين ثانيةً. وظلَّ الرَّب يسوع بداية ومركز وهدف وجودهم الرُّوحي٠
أبعد مِن ذلك، نالوا بعض مواعيد الله مِن العهد القديم التي كانت فخرهم وفرحهم ورجاءهم. ومِن بعيدٍ شهد بولس بأنَّهم وضعوا "في المسيَّا" كورثة لربِّهم. ذاك كان قضاء القدير الذي يقرِّر كل شيء ويتحكم به بحسب مسرَّته هو. لقد دعم عمل مشيئته هذا وهدفه بالوثائق: "أَنَا تُرْسٌ لَكَ. أَجْرُكَ كَثِيرٌ جِدّاً... فَآمَنَ (إبراهيم) بِالرَّبِّ فَحَسِبَهُ لَهُ بِرّاً" (تكوين ١٥: ١، ٦). وازداد بين مؤمني العهد القديم أكثر فأكثر الإدراك والفهم أنَّ إسرائيل هو وارث الرَّب (لاويين ٢٠: ٢٦؛ تثنية ٩: ٢٦، ٢٩؛ ٣٢: ٩؛ ١ ملوك ٨: ٥١، ٥٣؛ مزامير ٢٨: ٩)٠
لكن في الحقيقة إنَّ الرَّب يسوع هو وارث الله الحقيقي. وقد استطاع في صلاته كرئيس الكهنة أن يقول لأبيه: "وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ, وَمَا هُوَ لَكَ فَهُوَ لِي" (يُوْحَنَّا ١٧: ١٠). وفي مَثَله عن الكرَّامين الاشرار وصف نفسه بوارث الرَّب (مرقس ١٢: ٧؛ لوقا ٢٠: ١٤). ووصفه كاتب العبرانيين بالوارث لِكُلِّ شَيْءٍ (عبرانيين ١: ٢)٠
اليوم كل مَن يتجسَّد "في المسيح" ينال حصَّةً مِن ميراثه. ليس إنسانٌ مستحقاً أن يوصف بوارث الله سوى المسيح. كل مَن يحيا "فيه" ينال حصةً مِن أسمائه وصفاته المائتين والخمسين الواردة في الكِتَاب المُقَدَّس. تمكَّن اليهود المَسِيْحِيّون في أفسس مِن فهم هذا السِّر، وأكَّده بولس لهم فيما بعد طالما أنَّ حق الميراث مِن إبراهيم قد وقع أوَّلاً عليهم. وتابع بولس وضع امتياز "الكينونة في المسيح" هذا على أتباع يسوع مِن الأمم: "اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضاً يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللَّهِ. فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَداً فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضاً, وَرَثَةُ اللَّهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضاً مَعَهُ. فَإِنِّي أَحْسِبُ أَنَّ آلاَمَ الزَّمَانِ الْحَاضِرِ لاَ تُقَاسُ بِالْمَجْدِ الْعَتِيدِ أَنْ يُسْتَعْلَنَ فِينَا" (رومية ٨: ١٦- ١٨)٠
فأين شكرنا وسجودنا لأجل ضمانات وامتيازات ووعود الله المثلث الأقانيم هذه؟ نحتاج إلى حفظ هذه الكلمات الكتابية عن ظهر قلب ومناقشتها مع أصدقائنا حتى تترسَّخ حقائقها فينا٠
تابع بولس عَرضه لامتيازات اليهود المَسِيْحِيّين، فأبرز هدفهم وغايتهم أن يصيروا مدح مجده في يسوع المسيح. كان لبولس نفسه الحق في التَّحدث عن مجد الآب والابن لأنَّه كان قد واجه بهاء جلال الرب يسوع على أبواب دمشق. لم يتحدَّث عن حادثة خياليَّة، بل كان شاهد عيان لعظَمة وجلال المسيا. لقد دمغت هذه الرؤيا تفكيره وحياته فقلبتهما رأساً على عقب٠
كان المجد في العهد القديم يرمز إلى مجموع صفات وألقاب المجيد. نادى السرافيم بعضهم بعضاً: "قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ" (إشعياء ٦: ٣). ويعترف الكروبيم عند عرش الله بصيغة مشابهة وقد غمرهم جلال الرَّب قائلين: "قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ, الرَّبُّ الإِلَهُ القَادِر عَلَى كُلِّ شَيْءٍ, الَّذِي كَانَ وَالْكَائِنُ وَالَّذِي يَأْتِي" (رؤيا ٤: ٨)٠
وصف أتقى الآباء قداسة الله بالحجاب الواقي لمجده. وأبعد مِن ذلك نضيف أنَّ محبَّته هي نواة مجده. لقد أراد بولس "الصغير" وجميع اليهود المَسِيْحِيّين الآخرين أن يحيوا حمد المسيح المجيد، فلم تكن كلماتهم وأفكارهم وأفعالهم سوى ذيحة شكر لرحمته المجيدة٠
عكست هذه الصلاة والأشواق الدَّاخلية قلب الرَّسول لأنَّ جميع أسفار العهد الجديد، بمعزلٍ عن سفري الطبيب اليوناني لوقا، ليست سوى شهادة اليهود المَسِيْحِيّين الذين كانو في أيام المَسِيْحِيّة الأولى مثلاً حياً لحق وقدرة ومحبة روح المسيح. ولولاهم لعرفنا القليل فقط عن يسوع وخلاصه. كانوا نور العالم، كما وصفهم ربهم من قبل (متَّى ٥: ١٤). كانت رغبة بولس الخفية أن يحيا وجميع اليهود المَسِيْحِيّين الآخرين لمدح مجد مسيحهم. ماذا تشبه رغبة وهدف الحياة في عقلنا الباطن؟
صلاة: أبانا الذي في السَّماء، نسجد لك ونشكرك لأنَّ رسُل يسوع المسيح في الكنيسة الأولى شهدوا بأمانةٍ لحياة يسوع. شهدوا لقيامته وفدائه بالقول والفعل. ساعدنا نحن أيضاً على أن نحيا لمدح نعمتك المجيدة. آمين٠
:الأسئلة
٢٨- كيف يمكن وصف شخص بوارث الله؟
٢٩- ماذا تشبه الحياة لمدح نعمة الله المجيدة عمليّاً؟