Home -- Arabic -- Ephesians -- 008 (The merger of the universe and the church through the redemptive offering of Christ)
Previous Lesson -- Next Lesson
أفسس - امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ
تأملات، صلاوات واسألة الرسول يولس الى اهل افسس
الجزء ١ - صلوات الرَّسول في مستهل رسالته لأجل الكنائس في أفسس وما حولها (أفسس ١: ٣- ٢٣)٠
أ - صلوات الرَّسول في مستهل رسالته لأجل الكنائس في أفسس وما حولها (أفسس ١: ٣- ١٥)٠
اندماج الكون والكنيسة بواسطة ذبيحة المسيح الافتدائية (أفسس ١: ٩- ١٠)٠
أفسس ١: ٩
٩ "إِذْ عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِهِ, حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ, لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ, لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ, مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ, فِي ذَاكَ" (أفسس ١: ٩- ١٠)٠
كتب بولس عن سر إعلانٍ أعطي له بعد الكثير مِن الصَّلوات في أثناء إقامته الجبرية الطويلة في رومة. وهو يكشف خمسة مستويات في اجتماع خطة ربه الخلاصية الهامة:
،مشيئة الله الرَّاسخة والمحتومة
،المكوَّنة بحسب قضائه الحر
،المعيَّنة في المسيح قبل بدء الزَّمان
،مع خطة زمنية لتحقيق الخلاص
حتَّى تُنفَّذ بدقَّة في زمنه٠
ماذا كانت هذه المستويات الخمسة لاجتماع خطة الله الخلاصية تعني لبولس؟ قبل كلِّ شيءٍ، إنَّ مشيئة الله في الفكر السَّامي هي محرِّك وبوصلة الوجود كلِّه. لا يستطيع أيُّ إنسانٍ أو روحٍ قَطُّ أن يقاوم قوَّة مشيئة الله العظمى. إنَّ ما قد وعد به القدير وعيَّنه لا بدَّ له مِن أن يحدث دون نقاش أو اعتراض حتَّى وإن بدت جميع الأوضاع الأرضية مناهضةً له. أخذ الإسلام تعليم القضاء والقدر مِن مفهوم مشابهٍ يطبع ويدمغ تفكير المسلم وتصرُّفاته كلياً. مع اختيار أولاد إبراهيم وإحداث عهد ربِّهم مع الأمَّة العنيدة في سيناء، اخترق العهد الجديد هذا التعيين المؤلم لجميع الأشياء. كان بولس نفسه مقتنعاً بقوَّةٍ بأنَّ ما مِن شيءٍ في الحياة يمكن أن يحدث من دون أن يكون ناشئاً عن مشيئة الرَّب. لم يرَ نفسه أسيراً لليهود أو الرُّومان، بل أسير يسوع المسيا، أو أسيراً في الرَّب يسوع (أفسس ٣: ١؛ ٤: ١). تنشأ مشيئة الله، بحسب المفهوم السَّامي، مِن قضائه الحر أو مسرَّته. يتأمَّل الرَّب إمكانيَّات خطَّته في أعماق نفسه، فلا يندفع فيما قرَّر أن يفعله، بل يناقشه بكل تفاصيله مع المسيح ابنه. لقد عاش المسيح معه قبل بدء الزمان، وهو بوصفه كلمته شارك في خلق العالم، وفي إعطاء موسى الشَّريعة، وفي تحقيق الفداء. بحسب ترجمة مارتن لوثر لهذا النص، فقد تحققت الصيغة النهائية لخطة الخلاص في المسيح، لأنَّ تنفيذها تحقَّق بواسطته٠
في عصرنا التِّكنولوجي الذي تتحكم فيه أجهزة الكمبيوتر أكثر فأكثر، فقدنا إلى حدٍّ كبيرٍ مفهوم الأبديَّة، ووجود الله، ومسرَّته. بتخطيطنا نحسب أنفسنا قادرين على تحديد مصير العالم بأنفسنا. لكنَّ الكويكبات غير المضبوطة في المكان والزمان هي بالضبط التي تئزُّ بنا لتدفعنا إلى ملاحظتها لنقيسها ونرصدها. الحسابات تُجرى لمدى الضرر العظيم الذي يمكن أن يحدث لو اصطدم أحد هذه الكويكبات بالأرض (رؤيا ٦: ١٣). ويحسب علماء آخرون ازدياد حرارة المناخ على أرضنا الصغيرة المستديرة بواسطة ذوبان قلانس الجليد في أقصى الشِّمال والجنوب. وحسب آخرون أنَّ النمو السكاني غير المحدود على أرضنا سيأتي بتلوث بيئي عظيم يلوِّث على الدَّوام الماء والهواء. لا يتكلم المرء عن طيب نفسٍ عن خطر القنابل الذرية المنفجرة طالما أنَّ الترسانة الموجودة مِن الرؤوس النووية والإشعاعية كافية لتدمير سكان أرضنا عشر مرَّاتٍ. قليلون يُدركون أنَّ كلام الرُّؤيا سيتحقَّق: "وَمُلُوكُ الأَرْضِ وَالْعُظَمَاءُ وَالأَغْنِيَاءُ وَالأُمَرَاءُ وَالأَقْوِيَاءُ وَكُلُّ عَبْدٍ وَكُلُّ حُرٍّ, أَخْفَوْا أَنْفُسَهُمْ فِي الْمَغَايِرِ وَفِي صُخُورِ الْجِبَالِ, وَهُمْ يَقُولُونَ لِلْجِبَالِ وَالصُّخُورِ, اسْقُطِي عَلَيْنَا وَأَخْفِينَا عَنْ وَجْهِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَعَنْ غَضَبِ الْحَمَلِ, لأَنَّهُ قَدْ جَاءَ يَوْمُ غَضَبِهِ الْعَظِيمُ. وَمَنْ يَسْتَطِيعُ الْوُقُوفَ" (رؤيا ٦: ١٥- ١٧). إنَّ عالَماً يرفض المسيح أو يتجاهله هو أشبه بساحةٍ إلى جهنم٠
اجتماع المخلوقات كلِّها في المسيح
منذ حوالي ٢٠٠٠ سنة تلقَّى بولس إعلاناً آخر أيضاً، إعلاناً متضمِّناً فداء عالَمنا بواسطة المسيح وفائض غنى نعمة الثَّالُوْث الأَقْدَس. ارتبك وهو تحت الإقامة الجبرية إذ سمع كلمات الله التي فيها يُجمَع كلُّ شيءٍ في السَّماء وعلى الأرض في المسيح في ملء الزمان. وهذه الكلمات عظيمةٌ جدّاً وبعيدة الأثر حتَّى إنَّ العقل البشري لا يمكنه أن يفهمها قَط، بل يحاول فقط أن يدنو مِن فهمها٠
أوَّلاً، شهد الرَّب يسوع في مناسباتٍ عديدةٍ أنَّ أباه قد دفع إليه كلَّ شيءٍ. وأعلن هذا السر لتلاميذه الذي كانوا في معظمهم صيادي سمك وليست لديهم أي ثقافة لاهوتية: "كُلُّ شَيْءٍ قَدْ دُفِعَ إِلَيَّ مِنْ أَبِي, وَلَيْسَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الاِبْنَ إِلاَّ الآبُ, وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ الآبَ إِلاَّ الاِبْنُ وَمَنْ أَرَادَ الاِبْنُ أَنْ يُعْلِنَ لَهُ" (متَّى ١١: ٢٧)٠
بعدما أتمَّ يسوع على الصَّلِيْب خلاص العالم شرعيّاً وغلب سلطان الموت بقيامته، ظهر لعددٍ كبيرٍ مِن المؤمنين به على جبلٍ في الجليل. وهناك كلَّمهم قائلاً: "فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً, دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ, فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوْح القُدُس" (متَّى ٢٨: ١٨- ١٩)٠
وعلى أثر مباحثته مع نيقوديموس عضو السنهدريم، اختصر الرَّب حديثه وأعلن: "اَلآبُ يُحِبُّ الاِبْنَ وَقَدْ دَفَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي يَدِهِ. اَلَّذِي يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ, وَالَّذِي لاَ يُؤْمِنُ بِالاِبْنِ لَنْ يَرَى حَيَاةً بَلْ يَمْكُثُ عَلَيْهِ غَضَبُ اللَّهِ" (يُوْحَنَّا ٣: ٣٥- ٣٦)٠
وعشيَّة موته، نطق يسوع بصلاته الشاملة كرئيس كهنة: "أَيُّهَا الآبُ, قَدْ أَتَتِ السَّاعَةُ. مَجِّدِ ابْنَكَ لِيُمَجِّدَكَ ابْنُكَ أَيْضاً, ٢ إِذْ أَعْطَيْتَهُ سُلْطَاناً عَلَى كُلِّ جَسَدٍ لِيُعْطِيَ حَيَاةً أَبَدِيَّةً لِكُلِّ مَنْ أَعْطَيْتَهُ... وَكُلُّ مَا هُوَ لِي فَهُوَ لَكَ, وَمَا هُوَ لَكَ فَهُوَ لِي, وَأَنَا مُمَجَّدٌ فِيهِمْ." (يُوْحَنَّا ١٧: ١- ٢؛ ١٠). لم يكن هدف المسيح تحقيق أحلامه ليحكم، بل تمرير حياته الأبدية لجميع الذين تبعوه. على الأموات روحياً أن يصيروا، بنعمة المسيا، أولاداً لله يحيون إلى الأبد٠
يُظْهِر لنا إعلان المسيح ليُوْحَنَّا على جزيرة بطمس كيف كان حَمَل اللهِ قادراً على كلِّ شيءٍ مِن البداية. لقد أطلق روحه القدوس مِن ذاته إلى جميع الأمم بقصد تبشير العالم. فقَبِلَ الحَمَل مِن أبيه القدوس السلطان على العالم أجمع. لذلك خرَّ أمامه شيوخ العهدين القديم والجديد ساجدين: "وَرَأَيْتُ فَإِذَا فِي وَسَطِ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ وَفِي وَسَطِ الشُّيُوخِ حَمَلٌ قَائِمٌ كَأَنَّهُ مَذْبُوحٌ, لَهُ سَبْعَةُ قُرُونٍ وَسَبْعُ أَعْيُنٍ, هِيَ سَبْعَةُ أَرْوَاحِ اللَّهِ الْمُرْسَلَةُ إِلَى كُلِّ الأَرْضِ. فَأَتَى وَأَخَذَ السِّفْرَ مِنْ يَمِينِ الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ. وَلَمَّا أَخَذَ السِّفْرَ خَرَّتِ الأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ وَالأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخاً أَمَامَ الْحَمَلِ, وَلَهُمْ كُلِّ وَاحِدٍ قِيثَارَاتٌ وَجَامَاتٌ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوَّةٌ بَخُوراً هِيَ صَلَوَاتُ الْقِدِّيسِينَ. وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ, مُسْتَحِقٌّ أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ, لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا لِلَّهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ, وَجَعَلْتَنَا لإِلَهِنَا مُلُوكاً وَكَهَنَةً, فَسَنَمْلِكُ عَلَى الأَرْضِ" (رؤيا ٥: ٦- ١٠)٠
وسجدت ملائكة السَّماء أيضاً لحَمَل اللهِ. فخضعوا لمحبته وسلطانه حين أخذ سفر الرؤيا مِن يمين أبيه: "وَنَظَرْتُ وَسَمِعْتُ صَوْتَ مَلاَئِكَةٍ كَثِيرِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالْحَيَوَانَاتِ وَالشُّيُوخِ, وَكَانَ عَدَدُهُمْ رَبَوَاتِ رَبَوَاتٍ وَأُلُوفَ أُلُوفٍ, قَائِلِينَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ, مُسْتَحِقٌّ هُوَ الْحَمَلُ الْمَذْبُوحُ أَنْ يَأْخُذَ الْقُدْرَةَ وَالْغِنَى وَالْحِكْمَةَ وَالْقُوَّةَ وَالْكَرَامَةَ وَالْمَجْدَ وَالْبَرَكَةَ. وَكُلُّ خَلِيقَةٍ مِمَّا فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ وَتَحْتَ الأَرْضِ, وَمَا عَلَى الْبَحْرِ, كُلُّ مَا فِيهَا, سَمِعْتُهَا قَائِلَةً, لِلْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْحَمَلِ الْبَرَكَةُ وَالْكَرَامَةُ وَالْمَجْدُ وَالسُّلْطَانُ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. وَكَانَتِ الْحَيَوَانَاتُ الأَرْبَعَةُ تَقُولُ, آمِينَ. وَالشُّيُوخُ الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ خَرُّوا وَسَجَدُوا لِلْحَيِّ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ" (رؤيا ٥: ١١- ١٤). إنَّ هذا السجود لحَمَل اللهِ مِن قبل كل مخلوق لم يعنِ فقط اعترافهم به واحترامهم إيَّاه، بل أيضاً خضوعهم لربِّ الأرباب٠
"بَعْدَ هَذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ, مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ, وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْحَمَلِ, مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ ١٠ وَهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ, الْخَلاَصُ لإِلَهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْحَمَلِ. ١١ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالشُّيُوخِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ, وَخَرُّوا أَمَامَ الْعَرْشِ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لِلَّهِ ١٢ قَائِلِينَ, آمِينَ. الْبَرَكَةُ وَالْمَجْدُ وَالْحِكْمَةُ وَالشُّكْرُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْقُوَّةُ لإِلَهِنَا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ" (رؤيا ٧: ٩- ١٢)٠
عند سجود الملائكة في السَّماء، بعدما رأوا الجمع العظيم مِن "المولودين ثانيةً"، كما لم يستطع أحد أن يَعدَّهم، لا نقرا بعد عن الله وحَمَله، بل عن الله الواحد الأحد المثلث الأقانيم الذي يملك على الكون بأسره٠
جمع جميع المؤمنين في المسيح
واجه بولس في رحلاته التبشيرية كلها مشكلةً أساسيَّةً. كان كلما وجد مجمعاً يدخله أوَّلاً ليُبشِّر اليهود. وكان هذا عادةً يُحدث انشقاقاً بين الأعضاء. فكان الرسول ينقل اليهود الذين آمنوا بالمسيا يسوع مِن المجمع ويُنظِّم مجمعاً جديداً. فكانت الشركة المؤسسة حديثاً تتألف بصورة رئيسية مِن يهود مشيحيين (نسبةً إلى المشيح: المسيا)، ومؤمنين أمم هلينيين٠
لكن قامت ضمن هذه المجامع المؤسسة حديثاً مشاكل وتوترات، إذ تمسَّك اليهود المَسِيْحِيّون بإيمانهم بآبائهم الروحيين: إبراهيم وإسحاق ويعقوب وموسى وداود وإيليا وإشعياء وإرميا والرسل الآخرين الذين كان الرَّب قد استخدمهم للتكلم إلى هذا الشعب المتمرد؛ أضِف إلى ذلك تشبثهم العنيد بوصايا العهد القديم الستمائة وثلاث عشرة، بما فيها مِن قيود على الأطعمة. وطالب اليهود المَسِيْحِيّون مراراً وتكراراً بوجوب ختن المؤمنين الجدد مِن اليونانيين والرومان، وحفظ السبت، وعدم السماح لهم بأكل الأطعمة المحرَّمة فيما بعد٠
لكنَّ هذا كلَّه مناقضٌ لرسالة تبرير الخطاة بالنعمة وحدها بدم المسيح وحده وحياتهم الجديدة التي نالوها بقوة الرُّوْح القُدُس. وكان بولس مطالَباً على الدَّوام بتشكيل حلقات بين تقاليد العهد القديم ورسالة العهد الجديد المحرِّرة٠
إنَّ الإعلان الجديد الذي تلقاه بولس، في أثناء أسره، بأنَّ جميع الرياسات السماوية والأرضية المتصارعة مع وضد بعضها البعض ستتحد يوماً ما كان، بلسماً للنفس الجريحة للرسول المقيَّد. كان آباء الإيمان خطاةً أيضاً مثلنا وتبرروا بمفعولٍ رجعيٍّ بالفداء وحده الذي أتى بيسوع المسيح. قال يسوع: "أَبُوكُمْ إِبْرَاهِيمُ تَهَلَّلَ بِأَنْ يَرَى يَوْمِي فَرَأَى وَفَرِحَ. فَقَالَ لَهُ الْيَهُودُ, لَيْسَ لَكَ خَمْسُونَ سَنَةً بَعْدُ, أَفَرَأَيْتَ إِبْرَاهِيمَ. قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ, الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ, قَبْلَ أَنْ يَكُونَ إِبْرَاهِيمُ أَنَا كَائِنٌ. فَرَفَعُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوهُ. أَمَّا يَسُوعُ فَاخْتَفَى وَخَرَجَ مِنَ الْهَيْكَلِ مُجْتَازاً فِي وَسْطِهِمْ وَمَضَى هَكَذَا" (يُوْحَنَّا ٨: ٥٦- ٥٩)٠
المسيح المجيد بنور بهائه الساطع الذي ظهر لبولس على مشارف دمشق هو أيضاً الرب الذي يُخلٍّص ويحفظ الذين ينتظرونه في يوم عودته. هو ضامن الخلاص وسيُمثِّلنا كرئيس الكهنة في يوم الدَّينونة، ليس فقط للمؤمنين مِن اليهود واليونانيين والرومان الذين اتكلوا عليه حين كان هنا على الأرض، بل لجميع الأوربيين والأفريقيين والآسيويين والأمريكيين الذين يُسلمون أنفسهم إليه في هذا اليوم وفي هذا العصر. لا خلاص ولا سلام مع الله بمعزلٍ عنه٠
فوق ذلك، أعطى الرَّب شريعةً جديدةً وحَّدت وأبطلت عَلَى حَدٍّ سَوَاء جميع شرائع الرّب التي قبلها: "وَصِيَّةً جَدِيدَةً أَنَا أُعْطِيكُمْ, أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً. كَمَا أَحْبَبْتُكُمْ أَنَا تُحِبُّونَ أَنْتُمْ أَيْضاً بَعْضُكُمْ بَعْضاً. بِهَذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تَلاَمِيذِي, إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضاً لِبَعْضٍ" (يُوْحَنَّا ١٣: ٣٤- ٣٥). جعل يسوع محبَّته غير المشروطة لأصدقائه وأعدائه شريعة حكومته الجديدة في السَّماء وعلى الأرض٠
إنَّها لتعزية لليهود المَسِيْحِيّين والمَسِيْحِيّين مِن شعوب غير يهودية أن يسجد الأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخاً حول عرش الله للحَمَل ويعترفوا له قائلين: "ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا لِلَّهِ بِدَمِكَ مِنْ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَلِسَانٍ وَشَعْبٍ وَأُمَّةٍ" (رؤيا ٥: ٩). تشير "القبائل" المذكورة في هذا النَّشيد إلى المؤمنين بالمسيح مِن أسباط إسرائيل الاثني عشرة (رؤيا ٧: ٤- ٨). وتشير "الألسنة" إلى لغات الأرض التي تتجاوز الست آلاف لغة. ويُقصَد "بالشعوب" المجموعات السكانية على أرضنا التي تتجاوز ١١٨٠٠ مجموعة. وتُشير الأمم إلى الدُّول البالغة حاليّاً ١٩٢ دولة الممثَّلة في مبنى الأمم المتَّحدة بنيويورك. لكن لا يخلص الكل ولا يقدرون أن ينالوا سلاماً في قلوبهم إلاَّ بدم يسوع المسيح حَمَل اللهِ. فيه وحده صارت السماء والإنسانية وحدةً دائمةً. وكل مَن لا يندمج في هذا الامتداد الروحي لغنى رحمة المسيح يحيا حياة بلادةٍ وخمولٍ بعيداً عن النِّعمة حتَّى في وسط ثروته ورخائه. أمَّا الذين تطهروا وخلصوا فيكوِّنون جنساً جديداً، جنساً لا يعلو بنفسه على الآخرين، بل يخدم ويُحب بعضه بعضاً، راغباً أن يتمكن هو أيضاً مِن الاشتراك في محبَّة الله. إنَّ وحدة المَسِيْحِيّين المبرَّرين الشَّاملة في السماء وعلى الأرض تحيا مِن قوَّة المسيح المقام والمجيد. لن تسقط كنيسة المسيح أبداً وستبقى طوال الأبديَّة (رؤيا ٢١: ٣- ٢٢، ٥)٠
صلاة: أبان الذي في السَّماء، نشكرك ونحمدك لأنَّك أحْدَثتَ سلاماً دائماً في السَّماء وعلى الأرض بيسوع المسيح. في هذا الاجتماع المتَّحد ليس أحدٌ أفضل منَ الآخَر. الجميع يحيون مِن نعمة الحَمَل المذبوح. نسألك اليوم أن تدعو أيضاً الصينيين والهندوس والمسلمين وأولاد يعقوب إلى ملكوت المسيح الرُُّوحي. آمين٠
:الأسئلة
٢٥- ما هي مستويات خطَّة الخلاص الخمسة عند بولس؟
٢٦- كيف يشهد العهد الجديد لوحدة ملكوت المسيح؟
٢٧- ماذا يوحِّد اليهود المَسِيْحِيّين والمَسِيْحِيّين الذين مِن الأمم؟