Home -- Arabic -- Ephesians -- 006 (Our being chosen in Christ)
Previous Lesson -- Next Lesson
أفسس - امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ
تأملات، صلاوات واسألة الرسول يولس الى اهل افسس
الجزء ١ - صلوات الرَّسول في مستهل رسالته لأجل الكنائس في أفسس وما حولها (أفسس ١: ٣- ٢٣)٠
أ - صلوات الرَّسول في مستهل رسالته لأجل الكنائس في أفسس وما حولها (أفسس ١: ٣- ١٥)٠
كوننا مختارين في المسيح (أفسس ١: ٤- ٦)٠
أفسس ١: ٤- ٦
٤ "كَمَا اخْتَارَنَا فِيهِ قَبْلَ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ, لِنَكُونَ قِدِّيسِينَ وَبِلاَ لَوْمٍ قُدَّامَهُ فِي الْمَحَبَّةِ, إِذْ سَبَقَ فَعَيَّنَنَا لِلتَّبَنِّي بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ لِنَفْسِهِ, حَسَبَ مَسَرَّةِ مَشِيئَتِهِ, لِمَدْحِ مَجْدِ نِعْمَتِهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَيْنَا فِي الْمَحْبُوبِ" (أفسس ١: ٤- ٦)٠
أوَّل بركة ننالها مِن أبينا السَّماوي بواسطة ابنه هي في كلمات بولس "اختيارنا". هنا نطق يسوع بكلمة تحذير لأتباعه: "لأَنَّ كَثِيرِينَ يُدْعَوْنَ وَقَلِيلِينَ يُنْتَخَبُونَ" (متَّى ٢٢: ١٤). والسؤال الذي يُطرح هو: مَن إذاً مستحقٌّ أن يُنتخَب ليُقيم إلى الأبد في جوار الله؟ مَن القادر على احتمال مجد الرب بدون أن تخترقه وتدينه أشعة نوره البرَّاقة؟ (أَعْمَال الرُّسُلِ ٩: ٣، ٤، ٨، ٩؛ رؤيا ١: ١٧). "لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً, لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ." (مزامير ١٤: ٣). "لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحاً إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللَّهُ." (مرقس ١٠: ١٨). لذلك نحتاج أوَّلاً إلى أن نُدرك أن ليس أحدٌ مستحقاً أن ينتخبه الله٠
وصف البروفسور كارل بارث، من سويسرا، هذا النص في أفسس بانقلاب المفهوم بخصوص القضاء والقدر في الكِتَاب المُقَدَّس لأن ليس أحدٌ مختاراً مباشرةً مِن قبل أبينا الذي في السماء، بل هو مختارٌ تبعاً لإيمانه ورسوخه في المسيح يسوع. كان كلام القرآن العديم الرحمة رجعيٌّاً وبائداً عندما كُتب كيف أنَّ الله "يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ" (سورة البقرة ٢: ٢٦؛ سورة الأنعام ٦: ٣٩؛ سورة الرعد ١٣: ٢٧؛ سورة إبراهيم ١٤: ٤؛ سورة النحل ١٦: ٩٣؛ سورة فاطر ٣٥: ٠٨؛ سورة المدثر ٧٤: ٣١- ٣٤). إن إلهنا ليس طاغيةً مزاجياً وبلا رحمة، بل هو أبٌ مملوءٌ رحمةً وجودةً. سجد بولس له ومجَّده نظراً لمحبَّته الأبدية وحنانه الصَّبور ولكوننا مختارين بواسطة المسيح وفيه٠
تعني رسالة أهل أفسس ١: ٤ أيضاً أنَّ يسوع بصفته ابن الله هو وحده الحائز الشرف والصفات التي تؤهله ليكون مختاراً مِن قبل أبيه. هو تجسيد محبته القدوسة. عاش بلا لومٍ مع أبيه قبل كل زمان وبوصفه كلمته خلق مع أبيه الكون (يُوْحَنَّا ١: ٣؛ ١ كُوْرِنْثُوْس ٨: ٦؛ كولوسي ١: ١٦؛ عبرانيين ١: ٢). صالح الخطاة جميعاً مع الله القدوس وقدَّم لهم باباً مفتوحاً للآب (يُوْحَنَّا ١٤: ٦؛ رومية ٣: ٢٣- ٢٤؛ إلخ). كل مَن يأتي إليه ويؤمن بكلامه يُطهَّر مِن حقده ويُطعَّم في جسد يسوع الرُّوحي. وكل الذين اتكلوا على يسوع يتعلقون به تعلُّق العنب بالكرمة. بواسطة هذا التجسيد ينال المؤمن نصيبه وحقه في انتخاب يسوع. بيسوع ومعه فقط لنا الفرصة أن نأتي إلى الآب ونبقى معه (رؤيا ٧: ٩- ١٠)٠
يرتبط شمول الشخص بالاختيار بإقدامه على الإيمان بيسوع. بواسطة إعلان يسوع وكلام رسله يدعو أبونا الذي في السماء هذا الشخص (لكنه يُجبره قطّ) إلى أن يُنكر نفسه ويتبع ابن الله. ومَن يسمع دعوة يسوع هذه ويطيعها يتحقق سرور أبيه فيه. لقد عزم، حتى قبل إنشاء العالم، على أن يكون لجميع الناس الذين قرَّر أن يخلقهم الفرصة، رغم عصيانهم المتوقع، أن يخلصوا ويُقبلوا إلى معرفة الحق (١ تيموثاوس ٢: ٤)٠
مَن منَّا يعيش قدِّيساً وبلا لومٍ قدَّام الله أبينا؟
للأسف، ثمَّة عددٌ محدودٌ مِن النَّاس المختارين مِن الآب الذي في السماء، لأن ليس الجميع يريدون أن يدفعوا الثمن الباهظ لاختيارهم. إنَّهم مدعوُّون إلى الموت عن أنانيتهم ومطامحهم وممارسة محبة أبيهم وابنه عملياً. وهم مقادون بنعمته المبررة وبواسطة حلول الرُّوْح القُدُسإلى أن يكونوا قديسين كما أنَّ الله قدوس (لاويين ١٩: ٢). وهم مدعوون ليكونوا رحماء كما أنَّ أباهم رحيم (لوقا ٦: ٣٦). فوق ذلك هم مدعوون ليكونوا كاملين كما أنَّ أباهم الذي في السَّماء كاملٌ (متَّى ٥: ٤٨). لا يستطيع إنسانٌ أن يُتمم هذا بنفسه. فهو يحتاج لأجل ذلك دائماً إلى مخلِّص ومُعزٍّ. ولذلك لا يتحقق اختيارنا مباشرةً في كلِّ فردٍ، بل فقط في الشركة مع المسيح. "فيه" فقط لنا الفرصة أن نُعتبَر أنقياء وأن نُمدَح كقديسين٠
"فيه فقط، هذا الإنعام العجيب، يمكننا أن ننال الفداء، الفداء بواسطة دمه"
هكذا كتب فيليب فريدريك هلر، حتّى الدكتور مارتن لوثر احتاج إلى ١٨ سنة دراسة للكتاب المقدس حتَّى فهم أنَّ البارَّ "بإيمانه" يحيا (رومية ١: ١٧). حمد بولس الله لأنَّ الحالة الروحية لأتباع المسيح ليست يائسة، بل مضبوطة بطريقة مدهشة ورحيمة ومهيأة بواسطة محبة الثَّالُوْث الأَقْدَس٠
إنَّ كوننا مختارين بواسطة المسيح لا علاقة له مبدئياً بحاضرنا ومستقبلنا، بل هو متعلق بفرح الآب الذي يريد أن يحيا مختاروه "قدَّامه" في المحبة والحق. مَن يا تُرى يحبُّ الله كثيراً حتَّى إنَّه يناضل ليكون قديساً كُرمى له؟ نحن لسنا بكل تفكيرنا الذكي مركز الوجود، بل الله نفسه الذي اختارنا في المسيح يسوع. ينبغي أن يتحطم دوراننا حول أنفسنا وتركيزنا على "الأنا" حتى يكون السجود له ولابنه فقط٠
مقدَّرٌ لنا أن نكون أولاد الله
يظل يسوع، ابن مريم العذراء، ابن الله الحقيقي الوحيد وفقاً لوعود العهد القديم وكلام الرسول الملاك (لوقا ١: ٣٥). كانت حياته وخدمته وموته الكفاري وفقاً لسرور أبيه السماوي العظيم٠
طالما أنَّ اختيارنا لا يمكن أن يحدث إلاَّ "في المسيح" فهو يؤهِّلنا لبنوَّته. فليس على أتباعه أن يكونوا مجرَّد عبيدٍ خانعين عائشين في خوف مستمر كما يفعل المسلمون في علاقتهم بالله، بل هم أولاد أبيهم الذي في السماء. وهذا يعني بالنسبة إليهم تحولاً جذرياً من كونهم مخلوقات يتسلط عليها الموت ليصبحوا أحياء في شركة مع المسيح الذي هو نفسه الحياة الأبدية الذي يهب قوة حياته الخالدة للذين يتكلون عليه٠
إنَّ محبة الله تفوق عقولنا. لقد قدَّر للذين يؤمنون حقاً بالمسيح أن يصبحوا أولاده. ويمثل هذا القرار المتخذ قبل بدء الزمان حقاً ومبداً وهدفاً وثيقي الصلة بهذا الأمر في خطة خلاصه. تنطلق مشيئة الله بطريقة منظمة. في ملء الزمان، أرسل الله ابنه إلى عالمنا كي يصبح الكثير مِن المشرَّدين والضالين أولاده الرُّوحيين٠
علَّم يسوع هؤلاء اليائسين أن يُصلُّوا الصلاة الربانية وأن يثقوا بأبيهم الذي في السماء. وأعلن لهم شريعته التي تتجاوز الألف وصية والتي تشكِّل النِّظام الرُّوحي لعائلة الله. ومات كذبيحة كفارية عوضاً عن المنتخَبين للخلاص وتبنَّاهم باسم أبيه كي يُصبحوا أولاده إلى الأبد. فمسرَّة الله واختياره ليسا إذاً مجرَّد مفاهيم عاطفية أو وعود فارغة، بل هي إعلانات مؤسسة شرعياً لمشيئته. وتبقى العلاقة البنوية لهؤلاء المعيَّنين مسبقاً في المسيح وبواسطته الأساس القانوني والشرعي لموقفنا ضد الشيطان أبي الكذب٠
إنَّ أبانا السَّماوي، فوق تبنيه الشرعي لأولاده، أرسل إليهم روحه القدوس بواسطة يسوع، فأصبحوا بذلك قادرين أن يتغيَّروا روحيّاً وأن ينالوا شخصية جديدة. ليست الأوضاع هي ما ينبغي تغييره، بل الشخص المؤمن بالرب يسوع هو الذي يجب أن يتغير. اعترف بولس قائلاً: "إِذاً إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيداً." (٢ كُوْرِنْثُوْس ٥: ١٧). وكان ابن مريم قد أوضح ذلك قبلاً لنيقوديموس عضو السّنهدريم بقوله: "... الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ, إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللَّهِ... لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ." (يُوْحَنَّا ٣: ٣، ٥)٠
شهد بُوْلُس الرَّسُوْل أنَّ تحقيق أبوَّة الله، المفهومة شرعياً وروحياً، هو نعمة مجيدة تحدث في أولاده بواسطة يسوع المسيح. وهذه الحقيقة المدهشة هي التي تأتي بالغفران للخطاة البغيضين٠
مِن المخجل أحياناً عندما يتحدَّث مَسِيْحِيّون مولودون ثانيةً بحماسةٍ عن وجودهم الجديد في المسيح وكأنه لم يكن لهم قَطّ جزءٌ نجسٌ في حياتهم. الحقيقة هي أنَّ الخطاة المتقسين فقط هم الذين يصيرون أولاد الله بواسطة انتخابهم في المسيح. على كل مَن يُدرك ويختبر ما يحدث غالباً في حياة الكثيرين من الشبان خلال سنوات النمو المبكرة – النجاسة والكذب والسّرقة والغش والشرور الأخرى – أن يسجد للآب والابن. العوامل الوراثية مِن سالف الأجيال تُغلَب في الخاطئ بواسطة دم المسيح وصلاح روحه القدوس٠
حَمَدَ بولس في سجوده الآب الذي في السَّماء ونعمته العظيمة والمجيدة غير المستحَقَّة واللامنتهية. وهذه النِّعمة هي التي تأتي بالغفران لكلِّ شخصٍ يؤمن بيسوع المسيح ويَقبله مخلصاً محبوباً له٠
وهنا يُطرح سؤالٌ: كم بالحقيقة نحب الآب والابن ونشكرهما إذا كنَّا تحت قيادة الرُّوْح القُدُس؟ عندما سأل يسوعُ بطرسَ ثلاث مرَّاتٍ: "هل تحبُّني؟" حزن الناطق باسم التلاميذ فجأةً. لقد أدرك أنَّ ربَّه لم يكن يسأله فقط عن مشاعره ونيَّاته، بل إنَّ السؤال كان يتعلق بالاضطلاع بمسؤولياته وواجباته المحدَّدة التي ربما كانت تتطلب منه حتَّى استعداده للموت شهيداً. بالنظر إلى الحقيقة أنَّ ضد المسيح سيأتي إلى الأرض في الأيام الأخيرة ليجرِّبنا ويُرغمنا على السجود له، ماذا سنُجيب؟
صلاة: أبانا الذي في السَّماء، نسجد لك لأنَّك دعوتنا واخترتنا في يسوع المسيح ابنك الحبيب. بواسطته تبنَّيتنا نحن المذنبين وغير المستحقِّين، ووهبت لنا الولادة الجديدة كي نحيا قديسين قدَّامك كأولادك. مَن نحن حتَّى تتحنَّن علينا؟ نشكرك لأجل محبَّتك العظيمة. ونسألك أن تخلِّص أيضاً أصدقاءنا وأقرباءنا بواسطة يسوع ابنك الرحيم والشَّفوق. آمين.
:الأسئلة
١٩- أين يكمن سرُّ انتخابنا؟
٢٠- ما معنى أن نحيا قديسين وبلا لومٍ قدَّام الله؟
٢١- كيف سبق الآب السماوي فعيَّننا لنصير أولاده؟