متى - توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير متى
الجزء السادس - قيامة الرب يسوع المسيح (٢٨: ١-٢٠)٠
١٠. وعد المسيح برفقة أتباعه (٢٨: ١٩)٠
متى٢٨: ٢٠
٢٠
'... وَهَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ آمِينَ.٠
(متى١٨: ٢٠)
إذا كان أحد سفراء المسيح مضطهد من قبل أعداء الصليب، وإذا كان عبد من عبيد الرب يئس من نفسه لأنه لم يحفظ كل وصاياه، ويرى نفسه فاشلاً، إذا كانت المشاكل من الخارج أو من الداخل تبلبل قلبه حتى لا يجد مفراً إليه، عندئذ يأمره المسيح "افتح أعين قلبك، انظر ها أنا معك، لست بمفردك، بل أنا حاضر معك، لن أتركك وحيداً، أنا حي، أحبك وأعتني بك، واثَبّت إيمانك حتى في ساعة موتك، اطمئن وثق بي لأني قد غلبت العالم"٠
وعد المسيح تلاميذه بالبركة عندما قال لهم "أنا معكم" لم يقل "ساكون معكم" بل "أنا معكم". كما أرسل الله موسى هكذا أرسل المسيح ورسله بهذا الإسم "أنا". لأنه هو الذي لن يتغيّر، هو هو أمساً واليوم وإلى الأبد (رؤ١: ٨). كان وقتئذ على وشك أن يغادرهم، وهذا ما أحزنهم، لكنه يؤكذ لهم أنه سيكون معهم بالروح، وهذا أنسب لهم من وجوده معهم بالجسد٠
قال المسيح "أنا معكم" لا "عليكم"، معكم لأقف بجانبكم، وأمسك بكم كما قيل عن ميخائيل (دا١٠: ٢١). رأى أحد أتباع يسوع المسيح في حلم أثر خطوات شخصين في رمال الصّحراء، فسأل ربه ماذا يعني هذا؟ فأجابه يسوع "كنت أرافقك وأسير معك في قفر الحياة، لقد كنت معك في كل حين". لكن الحالم لما وصل إلى أحد الأماكن الوعرة والخطيرة المسلك، اختفت أثار أحد المرافقين، إذ لم يعد هناك إلا أثر شخص واحد. استاء من هذا العمل فسأل ربه "لماذا تركتني في أصعب مرحلة من حياتي؟" ابتسم منجيه وقال "لم أتركك بل حملتك على أكتافي، والآثار التي رأيتها إنها خطواتي عندما كنت أحملك٠"
هكذا يؤكد لك المخلص مدى امانته لك ولكل الذين يخدمونه ويذهبون نحو الضالين ليقدموا لهم بشرى الخلاص وينجوهم من خطاياهم ومن غضب الدينونة باسم المسيح وقوته٠
يفسر المسيح وعده بحضوره معنا، إنه يرافقنا كل الأيام في حياتنا. هو لن ينساك ويتركك ليلاً أو نهاراً لا في برد الشتاء ولا في حر الصيف. يكون معك في حداثتك وفي شبابك وشيخوختك أيضاً، لن يتركك حتى وإن أخطأت، فتعترف مع النبي داود "ترد نفسي، تهديني إلى سبيل البر من أجل إسمك، أيضاً إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً، لأنك أنت معي"٠
فكل من يسلم نفسه للمسيح ويرتبط به في العهد الجديد يقبله يسوع في أسرته ويكون أميناً له كل أيام حياته.تكلم المسيح عن انقضاء الدّهر وحذرنا مع المسيح الكذاب الذي سيأتي بعد حروب وزلازل وأوبئة (متى٢٤: ٤-١٤؛ ١يو٢: ٢٢-٢٥، ٤: ١-٥) فأمر يسوع أتباعه "انظروا حتى لا يضلكم أحد، اثبتوا في وأنا فيكم، فستختبرون أن ليس أحد باستطاعته أن يخطفكم من بين يدي". سيأتي مخلصنا ثانية عندما تصل الإضطهادات والضيقات ذروتها لينقذ أحباءه من سيطرة الشرير. عند مجيء المسيح الثاني، سينتهي الزمان والمكان، وسيظهر ملكوت السموات في سلطان ملك المجد الذي هو حمل الله المذبوح مع أتباعه المطهرين ليصبحوا أهلاً لأسرة أبيه السّماوي٠
تمتاز المأمورية العظمى بكلمة "كل" أو "جميع" التي وردت أربع مرات، فيؤكد لنا حمل الله أنه دفع إليه كل سلطان في السماء وعلى الأرض، لذلك ينبغي أن تتلمذ جميع الأمم باسم الله كلياً "الآب، الإبن، الروح القدس" ونعلم المعمدين أن يحفظوا كل ما أوصانا به يسوع، ولا نيأس مهما يأتي، لأنه هو معنا كل الأيام إلى انقضاء الدهر. فإن أدركت وحفظت هذه الكلمات "كل، جميع" في خاتمة إنجيل المسيح حسب البشير متى، وتمسكت بها، تعش في سلام٠
ودّع المسيح الكنيسة وداعين خطيرين، وفي كل مرة كانت كلمة الوداع مشجعة جداً. المرة الأولى نجدها عندما ختم حديثه الشخصي معهم، وكانت هذه هي كلمة الوداع "ها أنا معكم كل الأيام"، سأترككم ومع ذلك سأبقى معكم. والمرة الثانية نجدها عندما ختم كتابه المقدّس، وهي التي دونها على لسان تلميذه الحبيب "أنا آتي سريعاً"، سأترككم برهة وجيزة لكنني سوف أكون معكم قريباً (رؤ٢٢: ٢٠). من هذا انه لم يتركهم في حالة غضب بل في محبة، وأن إرادته هي أن نحتفظ بشركتنا معه وأن ننتظر مجيئه ٠
الصلاة: نحبك أيها الرب يسوع المسيح، ونسجد لك لأنك لست بعيداً عنا، بل اخترتنا وقبلتنا وطهرتنا وبررتنا وصالحتنا مع الآب السماوي، ومسحتنا بروحك القدوس، وتقدسنا بمحبة وفرح وسلام وتأنٍ وعفّة، لنسلك معك. نشكرك بانك لا ولن تتركنا، كما تكون مع كل الذين في الإضطهاد لأجل إسمك، انت الأمين وستأتي إلينا عن قريب جداً٠
السؤال ٢٧٧: هل اختبرت حضور الرب يسوع المسيح معك؟ أكتب لنا شهادة إيمانك حسب إرشاد المسيح لك٠