Home -- Arabic -- Revelation -- 243 (The River of the Water of Life)
Previous Lesson -- Next Lesson
شرح وتفسير للآيات الكتابية في سفر الرؤيا
الكتاب ٧ - نَعَمْ. أَنَا آتِي سَرِيعًا انتصار المَسِيْح في مجيئه الثَّاني وانبثاق العالَم الجَدِيْد (رؤيا ١٩: ١١- ٢٢: ٢١)٠
الجزء ٦.٧ - أُوْرُشَلِيْم الجَدِيْدة عروس الخروف (رؤيا ٢١: ٩- ٢٢: ٥)٠
٧- نَهْر مَاءِ الحَيَاة الخارجُ مِنْ عَرْشِ اللهِ وخروفه (رؤيا ٢٢: ١-٢)٠
١ وَأَرَانِي نَهْرًا صَافِيًا مِنْ مَاءِ حَيَاةٍ لاَمِعًا كَبَلُّورٍ خَارِجاً مِنْ عَرْشِ اللهِ وَالْخَرُوفِ. ٢ فِي وَسَطِ سُوقِهَا وَعَلَى النَّهْرِ مِنْ هُنَا وَمِنْ هُنَاكَ شَجَرَةُ حَيَاةٍ تَصْنَعُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ ثَمَرَةً وَتُعْطِي كُلَّ شَهْرٍ ثَمَرَهَا. وَوَرَقُ الشَّجَرَةِ لِشِفَاءِ الأُمَمِ٠
النَّهر الصَّافي كالبلُّور: عاش يُوْحَنَّا الرَّسُوْل في عالم نبوءات العَهْد القَدِيْم. وكثيراً ما درس النُّبوءات التي أعلنها الرَّب في القَدِيْم. عرف ملاك الرُّؤْيَا رغبة قلب يُوْحَنَّا في رؤية تحقُّق نبوءات العَهْد القَدِيْم هذه، فأراه هذه النُّبوءات في صورٍ جديدةٍ أكَّدتها الرُّؤى التي سبقتها وتوسَّعت فيها. لم يكرِّر يُوْحَنَّا وعود العَهْد القَدِيْم في سفر رؤياه كلمةً كلمةً، بل كتب بدقَّةٍ وأمانةٍ ما رآه وسمعه، وإن كان كلامه لا يُظهِر انحرافاً عن إتمام الوعود كما في النُّبوءات القَدِيْمة. فإعلان المَسِيْح ليُوْحَنَّا هو خلاصة وتعزيز لنبوءات العَهْد القَدِيْم عن نهاية هذا الزَّمان وانبثاق العالم الموعود به٠
:يبدأ المقطع الجَدِيْد لرؤى الرَّائي كما يلي أَرَانِي المَلاَكُ نَهْرًا صَافِيًا كَبَلُّورٍ. أكَّد يُوْحَنَّا بهذا الوصف أنَّه لم يتبع وهماً أو خيالاً بل رأى نهراً حقيقيّاً. يوجد في الشَّرق الأوسط عددٌ قليلٌ فقط مِن الأنهار: النِّيل، أحد أطول أنهار الأرض، والفرات ودجلة. أمَّا ما عداها كنهر الأردن فهي لا تعدو كونها أنهاراً صغيرةً أو نهيرات تُستخدم مياهها للرّي وينابيعها للشُّرب. النَّهر الكبير هو شيءٌ استثنائيٌّ في الشَّرق الأوسط ويُدعى غالباً بالغمر. أمَّا أكثريَّة هذه الموارد المائيَّة فهي ليست صافيةً كالبلُّور ونظيفةً، بل عكرة وموحلة. وإذ سيكون في الخليقة الجَدِيْدة ثمَّة نهرٌ جديدٌ صافٍ كالبلُّور يمكنك أن تفتكر في وجود الماء والحياة الأرضيَّة هناك٠
ولهذا النَّهر، إضافةً إلى ذلك، اسمٌ مُعزٍّ هو "ماء الحياة". نقرأ في آياتٍ أُخرى عن "سفر الحياة" و"شجرة الحياة" فلا تتبادر إلى الذِّهن حياةٌ أرضيَّةٌ بل أبديَّةٌ. وهذه الحياة الإلهيَّة التي لن تنتهي لا تنطلق مِن منبعها نقطةً فنقطة، بل كنهرٍ نظيفٍ قويٍّ صافٍ كالبلُّور. تجري مياهه بسخاءٍ وبقوَّةٍ. وَمِنْ مِلْئِهِ نَحْنُ جَمِيعاً أَخَذْنَا. وَنِعْمَةً فَوْقَ نِعْمَةٍ (يُوْحَنَّا ١: ١٦)٠
بهذا النَّهر الجاري بغزارةٍ الذي يراه يُوْحَنَّا في رؤياه تقدَّم صورةٌ للرُّوح القدس. لَيْسَ بِكَيْلٍ يُعْطِي اللَّهُ الرُّوْح (يُوْحَنَّا ٣: ٣٤؛ ٧: ٣٨- ٣٩). إنَّ روح الله متاحٌ للجميع طالما أنَّ المَسِيْح على الصَّليب قد كفَّر عن خطيَّة العالم ونجَّانا مِن القصاص. إنَّنا مُصالَحون مع الله. وطالما أنَّ هذا قد تمَّ فلا يقدر أيُّ سدٍّ أن يعوق بحر النِّعمة بعد. فليُقْبِل كلُّ عطشانٍ ويشرب قدر استطاعته ورغبته (حزقيال ٤٧: ١- ١٢؛ زكريَّا ١٤: ٨؛ يُوْحَنَّا ٧: ٣٧)٠
كان ماء الحياة، في وعود العَهْد القَدِيْم، يجري مِن الهيكل الذي كان في أُوْرُشَلِيْم الأرضيَّة. ولكنَّ يُوْحَنَّا أدرك فجأةً عرش الله الجليل في وسط السُّوق ومكان العبادة في أُوْرُشَلِيْم الجَدِيْدة. لم تكن ثمَّة حاجةٌ بعد إلى هيكلٍ واقٍ لعزل الله القدُّوس المجيد عن الخطاة النَّجسين والعكس بالعكس. كان النَّاس في أُوْرُشَلِيْم الجَدِيْدة كلُّهم أطهاراً ومقدَّسين ومجيدين. لذلك كان عرش الله قائماً في وسط المدينة، دون درعٍ أو حجابٍ. كان الله الآب عائشاً بين أولاده، وهم كانوا في البيت عنده. لم يكن ثمَّة عدم كلفة أو قلَّة لياقة بل محبَّة وجودة، جلال ووقار، رحمة مقدَّسة وحكمة مجيدة. مِن عرش النِّعمة في وسط مدينة الله كان نهر الحياة يجري في العالم الجَدِيْد. لم يبدأ كالنُّهير الصَّغير الذي لا ينشأ إلاَّ مِن روافده، بل كان مِن منبعه مباشرةً نهراً كبيراً. إنَّ نعمة الله جاريةٌ لجميع الذين يحبُّونه٠
أمَّا الله الآب فلم يكن جالساً على العرش الرَّحيب وحده، بل كان ابنه في الواقع، الحَمَل الذَّبيح، جالساً هناك معه. لقد ورد ذكر حَمَل اللهِ في الأصحاحات الأخيرة لسفر الرُّؤْيَا تسع مرَّاتٍ (١٩: ٧، ٩؛ ٢١: ٩، ١٤، ٢٢، ٢٣، ٢٧؛ ٢٢: ١، ٣). ونقرأ ثلاث مرَّاتٍ في هذه الآيات العبارة الخاصَّة "الله والخروف". وكلاهما يُخاطب معاً كشخصٍ مفردٍ لأنَّهما واحدٌ ولو أنَّهما أقنومان. فهما يُفكِّران ويعملان معاً بانسجامٍ تامٍّ٠
ينبثق ماء الحياة مِن الآب والابن. وماء الحياة هذا هو الرُّوْح القُدُس ومحبَّة الله. الرُّوْح القُدُس هو روح الآب والابن، ويُسجَد له مع الآب والابن. لا يُسمِّي يُوْحَنَّا يَسُوْع "ابن الله" في هذا السِّياق، بل "الخروف" الذي ذُبح لأجل جميع الخطايا. ولذلك روح الله متاحٌ لجميع النَّاس على نحوٍ مطلَقٍ وهو يُقيم في الذين يتوبون ويُحبُّون خروفه. حدث هذا الاختراق والنَّصر ليَسُوْع في الجلجثة وتحقَّق في أحد العنصرة. ومنذ ذلك الحين يجري نهر ماء الحياة وقوَّة الله عبر جميع الدُّول وجميع النَّاس، ليس في هذا الزَّمان فحسب، بل في الأبديَّة أيضاً (مَزَامِيْر ٥١: ١٢-١٤؛ حزقيال ٣٦: ٢٦-٢٧؛ يوئيل ٣: ١-٣،٥؛ يُوْحَنَّا ٣: ١٦؛ رومية ٥: ٥؛ وآيات أخرى)٠
صلاة: نشكرك يا أبا ربنا يسوع المسيح، ونسجد لك متهللين، من أجل نعمة الروح القدس، الذي يجري منذ موت يسوع الكفاري كنهر عريض صافي في كل البلدان يُروي الذين ينحنون إليه ويؤمنون به ويشربون منه شاكرين. آمين٠
٢٩١. لمذا سُمي الروح القدس "النهر العريد الصافي"؟