Home -- Arabic -- Revelation -- 239 (The Building Material of the City)
Previous Lesson -- Next Lesson
شرح وتفسير للآيات الكتابية في سفر الرؤيا
الكتاب ٧ - نَعَمْ. أَنَا آتِي سَرِيعًا انتصار المَسِيْح في مجيئه الثَّاني وانبثاق العالَم الجَدِيْد (رؤيا ١٩: ١١- ٢٢: ٢١)٠
الجزء ٦.٧ - أُوْرُشَلِيْم الجَدِيْدة عروس الخروف (رؤيا ٢١: ٩- ٢٢: ٥)٠
٤- مواد بناء المدينة المقدَّسة (رؤيا ٢١: ١٨- ٢١)٠
١٨ وَكَانَ بِنَاءُ سُورِهَا مِنْ يَشْبٍ وَالْمَدِينَةُ ذَهَبٌ نَقِيٌّ شِبْهُ زُجَاجٍ نَقِيٍّ. ١٩ وَأَسَاسَاتُ سُورِ الْمَدِينَةِ مُزَيَّنَةٌ بِكُلِّ حَجَرٍ كَرِيمٍ. الأَسَاسُ الأَوَّلُ يَشْبٌ. الثَّانِي يَاقُوتٌ أَزْرَقُ. الثَّالِثُ عَقِيقٌ أَبْيَضُ. الرَّابِعُ زُمُرُّدٌ ذُبَابِيٌّ ٢٠ الْخَامِسُ جَزَعٌ عَقِيقِيٌّ. السَّادِسُ عَقِيقٌ أَحْمَرُ. السَّابِعُ زَبَرْجَدٌ. الثَّامِنُ زُمُرُّدٌ سِلْقِيٌّ. التَّاسِعُ يَاقُوتٌ أَصْفَرُ. الْعَاشِرُ عَقِيقٌ أَخْضَرُ. الْحَادِي عَشَرَ أسْمَانْجُونِيٌّ. الثَّانِي عَشَرَ جَمَشْتٌ. ٢١ وَالاِثْنَا عَشَرَ بَابًا اثْنَتَا عَشَرَةَ لُؤْلُؤَةً كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الأَبْوَابِ كَانَ مِنْ لُؤْلُؤَةٍ وَاحِدَةٍ وَسُوقُ الْمَدِينَةِ ذَهَبٌ نَقِيٌّ كَزُجَاجٍ شَفَّافٍ٠
لم يحاول يُوْحَنَّا فقط أن يحيط بأبعاد أُوْرُشَلِيْم الجَدِيْدة، "مسكن الله" (رؤيا ٢١: ٣) الذي يتجاوز الأحجام العاديَّة، بل أيضاً بجمالها وبهائها؛ فأدرك أنَّ السُّور المحبط بالمدينة مصنوعٌ مِن يشبٍ وهو الحجر الكريم نفسه الذي ذكره قبلاً في وصف قداسة الله (رؤيا ٤: ٣؛ ٢١: ١١). تشبه مادَّة بناء السُّور مرمراً شفَّافاً أبيض طاهراً ومقدَّساً وأصليّاً وخالياً مِن كلِّ عيبٍ. وكلُّ ما في هذه المدينة سهل المنال. ولا سبيل لدخول المكر والخداع. وبما أنَّ "إله الإسلام" هو "خير الماكرين" كما جاء في (سورة آل عمران ٣: ٥٤)، فلا مكان لإلههم هذا في قدس الأقداس. فسور المدينة يمنعه مِن الاقتراب٠
تتألَّق المدينة العظيمة نفسُها بأنقى الذَّهب الشَّفاف الذي يُظهر الضَّوء كالزُّجاج ويعكسه. ولكنَّ أُوْرُشَلِيْم الجَدِيْدة لا تشبه كتلةً ذهبيَّةً هائلة الحجم، بل إنَّ شوارعها ومنازلها توصف بأنَّها ذهبيَّةٌ حيث إنَّ الذَّهب مِن المعادن الكريمة وهو بالتَّالي مقاومٌ جدّاً للتّّأكسُد، والذَّهب في الوقت نفسه يشير إلى غنى الله غير المحدود. إنَّ أُوْرُشَلِيْم الجَدِيْدة هي "عروس الخروف"، "كنزه" المصفَّى تماماً اللاَّنهائي والمقدَّس والموهوب بملء الله. مِن الخطاة الفاسدين والفانين صنع المخلِّص قدس الأقداس (إِشَعْيَاء ٤٨: ١٠- ١١؛ أفسس ٣: ١٤- ٢١؛ ١ بطرس ١: ٣- ٩)٠
سور المدينة مبنيٌّ على حجارة أساسٍ ضخمةٍ تتجاوز الأحجام المعهودة كونها قوالب مجوهرات ثمينة. تبرز هذه القوالب، إلى حدٍّ ما، مِن الأرض وعلى كلٍّ منها اسم رسولٍ (رؤيا ٢١: ١٤)، ويتوهَّج كلٌّ منها في لونه. مِن الواضح أنَّ يُوْحَنَّا علم لون وقيمة ومعنى الجواهر المختلفة، إذ إنَّه يصف شخصيَّة الرُّسل وشخصيَّته هو بواسطة السِّمات المميِّزة بدقَّةٍ مرهفةٍ٠
كان اليشب في زمن يُوْحَنَّا مرمراً أبيض شفَّافاً كالزُّجاج النَّقي٠
الياقوت حجرٌ كريمٌ سماويُّ اللَّون برَّاقٌ٠
العقيق شديد الحمرة كفحمةٍ متوهِّجةٍ٠
الزُّمرُّد جوهرةٌ خضراء فاتحة اللَّون كثيفةٌ جدّاً٠
الجَزَع العقيقي حجرٌ كريمٌ أحمر وأبيض مخطَّط٠
العقيق الأحمر أحمر فاتح٠
الزَّبَرْجَد بلون الذَّهَب يتوهَّج في الصَّباح٠
الزُّمرُّد السِّلْقِي أخضر ضاربٌ إلى الزُّرقة٠
الياقوت الأصفر أخضر فاتحٌ ذو بريقٍ ذهبيٍّ٠
العقيق الأخضر ضاربٌ إلى الخضرة بشفافيةٍ، ذو بريقٍ ذهبيٍّ٠
الأسمانجونيُّ أحمر ضاربٌ إلى الصُّفرة٠
الجَمَشْت أرجوانيٌّ٠
يزن أكبر حجر كريمٍ معروفٍ حتَّى الآن مِن الأنواع الموصوفة أعلاه ٧٠ غ، وهو بالنِّسبة إلى أسوار أساس أُوْرُشَلِيْم الجَدِيْدة مثل ذرَّة غبارٍ؛ لكلٍّ ٍ مِن حجارة الأساس قيمةٌ نفيسةٌ جدّاً لا تُقدَّر بثمنٍ وتفوق كلَّ تصوُّرٍ بشريٍّ؛ فيمكن أن نعيد النَّظر في آرائنا بالنِّسبة إلى رُسُل يَسُوْع المَسِيْح٠
وهذه الحجارة، بالإضافة إلى ذلك، مزيَّنةٌ بحجارةٍ كريمةٍ صغيرةٍ ملوَّنةٍ عديدةٍ ربَّما تُشير إلى القدِّيسين الذين ربحهم الرَّب يَسُوْع المَسِيْح للحياة الأبديَّة بواسطة الرُّسُل وشهودهم. يمجِّد الرَّب رسُله وخدَّامه، دون استحقاقٍ، بالنِّعمة وحدها. كم تتلألأ وتتوهَّج حجارة متَّى ويُوْحَنَّا الكريمة حيث إنَّ ملايين النَّاس قد خلصوا بواسطة إنجيليهما! وكم تُشرق وتلمع حجارة بطرس وبولس لو أنَّ كلَّ واحدٍ ممَّن آمنوا بيَسُوْع بسبب رسائلهما يمثِّل جوهرةً صغيرةً على حجرهم الكريم!
:مِن المؤسف أنَّ ترتيب أسماء الرُّسل في الأناجيل وفي سفر الأعمال ليس موحَّداً (متَّى ١٠: ٢- ٤؛ مرقس ٣: ١٦- ١٩؛ لوقا ٦: ١٣- ١٦؛ أعمال الرسل ١: ١٣) فلا يمكننا أن نعيِّن الرَّسُوْل الذي يرمز إليه كلٌّ مِن هذه الحجارة الكريمة، ولكن تتوضَّح في قوائم أسماء الرُّسل المذكورة أعلاه ثلاث حلقاتٍ حول يَسُوْع
الحلقة الدَّاخلية وتتألَّف مِن الأخوين اللَّذَين اتَّصلا بيَسُوْع أوَّلاً هما أندراوس وأخوه سمعان (بطرس) وأيضاً ابنا زبدي يعقوب وأخوه يُوْحَنَّا (يُوْحَنَّا ١: ٣٥- ٤٢)٠
الحلقة الثَّانية بالرُّسل الأربعة التَّالين مقدَّمةٌ في جميع القوائم الاسميَّة: فيلبس وبارثولماوس ومتَّى وتوما٠
الحلقة الثَّالثة، الخارجيَّة وهي تختلف في جميع القوائم، ولكنَّها تضمُّ دائماً الرُّسل الثَّلاثة: يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى، وسِمْعَانُ الْقَانَوِيُّ الَّذِي يُدْعَى الغَيُورَ، وَيَهُوذَا الإِسْخَرِيُوطِيُّ. ذُكر اسمان على التَّوالي: تدَّاوُس ويهوذا بن يعقوب، وأغلب الظَّن أنَّهما لشخصٍ واحدٍ ذُكر اسمه اليونانيُّ مرَّةً والسَّامي مرَّةً أخرى٠
لا يأخذ يُوْحَنَّا هذه المجموعات بعين الاعتبار. ففي الأبديَّة يظهر كلٌّ مِن الرُّسل كجوهرةٍ كبيرةٍ ذات قيمةٍ لا يمكن تصوُّرها. تُقِيْم حجارة الأساس المتألِّقة ببهائها ومجدها السُّور الفاصل، وتصميم أرضيَّتها يعيِّن حدود المدينة المقدَّسة٠
:ولكن ثمَّة ثلاثةٌ مِن الأسماء الاثني عشر في جميع القوائم الاسميَّة في المكان نفسه، فيمكننا أن نعتبرهم جواهر مؤكَّدة بالعناية اللاَّزمة
بما أنَّ بطرس في جميع قوائم الرُّسل هو دائماً أوَّل الحلقات الأقرب ليَسُوْع، فمن قائمة الجواهر يمكن أن ننسب اليشب له. لقد جعل يَسُوْع مِن بطرسَ، الذي كان أصلاً صيَّاد سمكٍ جلفاً وفيما بعد النَّاطق بلسان التَّلاميذ، حجر أساسٍ لأُوْرُشَلِيْم الجَدِيْدة متمتِّعاً بسمات الله ومجده. ويعني هذا الاعتبار نعمةً خاصَّةً للتِّلميذ الذي دعاه يَسُوْع يوماً بالشَّيْطَان (متَّى ١٦: ٢٣) والذي لعن نفسه بعد القبض على معلِّمه وحلف أنَّه لا يعرف يَسُوْع (متَّى ٢٦: ٧٤- ٧٥). إنَّ تجديد وتقديس بطرس هو أحد البراهين العجيبة لمحبَّة يَسُوْع وصبره٠
يوصَف أحد التَّلاميذ الثَّلاثة لحلقة يَسُوْع القريبة بعقيقٍ شديد الحمرة متوهِّجٍ أدرك محبَّة الله المتأجِّجة النَّابعة مِن رحمته، فعاش بحسبها (رومية ٥: ٥؛ ١ يُوْحَنَّا ٤: ١٦). ويمكن أن يُشير هذا الحجر الكريم إلى يُوْحَنَّا٠
الاسم الأوَّل في القائمة الثَّانية هو دائماً فيلبس الذي مِنْ بَيْتِ صَيْدَا (يُوْحَنَّا ١: ٤٣- ٤٩؛ ٦: ٥- ٧؛ ١٢: ٢٠- ٢٢؛ ١٤: ٨- ١١). سرعان ما احتكَّ صيَّاد السَّمك هذا، الرَّاغب في التَّبشير، بالغرباء، وهؤلاء تحدَّثوا بدورهم إليه بسهولةٍ. فمحبَّته وحقُّه منعكسان على الجَزَع العقيقيِّ الأحمر والأبيض المخطَّط٠
وعلى رأس القائمة الاسميَّة للحلقة الخارجيَّة دائماً يَعْقُوبُ بْنُ حَلْفَى الذي لم يرد شيءٌ عنه في الإنجيل سوى أنَّ أمَّه كانت مِن النِّساء اللَّواتي وقفن بجانب يَسُوْع وهو على الصَّليب (مرقس ١٥: ٤٠). يمكن تشبيه يعقوب بن حلفى بياقوتٍ أخضر فاتحٍ موشَّى ببريقٍ ذهبيٍّ رائعٍ٠
تطلَّع يَسُوْع، في اهتمامه الرَّعوي بتلاميذه، إلى الأمام وكان صابراً. وهذه الحقيقة تشجِّعنا على السُّجود له؛ لأنَّه كما جدَّد هؤلاء المدعوِّين كلِّياً وحوَّلهم إلى أثمن جواهر السَّماء، هكذا وبالطَّريقة نفسها يشاء أن يُحوِّل أتباعه اليوم إلى صورته. فهل نُعيقه عن فعل ذلك؟
!برثاءٍ لا يخلو مِن السُّخرية بجميع ملوك وملكات وأباطرة الأرض المتزيِّنين بالذَّهب والجواهر، يذكر يُوْحَنَّا إضافةً إلى ذلك أنَّ كلَّ واحدٍ مِن الأبواب الاثني عشر مصنوعٌ مِن لؤلؤةٍ واحدةٍ فقط. وهذا أمرٌ لا يمكن تصوُّره! ما أكبر الأصداف التي تتشكَّل فيها هذه اللآلئ
يصف الرَّائي، إضافةً إلى ذلك، مكاناً واسعاً ضخماً في وسط أُوْرُشَلِيْم الجَدِيْدة، ربَّما كان محاطاً بأعمدةٍ متساوية الأبعاد كالأماكن التي في المدن اليونانيَّة القَدِيْمة. كان يلتقي في أماكن الاجتماع هذه، في تلك الأيَّام، "الإكلسيا" مجلس المدينة العام الذي يُدعى لمناقشة الشُّؤون والشُّجون العامَّة وإصدار القرارات. يرى مفسِّرون آخرون في هذا المكان نقطةً مركزيَّةً تلتقي فيها جميع الشَّوارع المؤدِّية مِن الأبواب الاثني عشر في قلب المدينة، وحيث يلتقي النَّاس لعبادة الله وتسبيحه٠
المكان كلُّه مكوَّنٌ مِن الذَّهب النّقي الذي يُظهر بشفافيته مجد الله ويعكسه أيضاً. يُشير هذا الذَّهب الشَّفاف في كلِّ مكانٍ في أُوْرُشَلِيْم الأبديَّة إلى أنَّ محبَّة الله وقداسته تنسابان إلى كلِّ مكانٍ مِن العاصمة وإلى كلِّ واحدٍ مِن سكَّانها لتُدفئاه وتُنعشاه. الله المُثَلَّث الأَقَانِيْمِ هو مركزهم وقوَّتهم ونورهم، وبدونه تشبه المدينة المجيدة صَدَفةً ميتةً فارغةً٠
تصف هذه التَّفاصيل كلُّها وتوضح سرَّ عروس الخروف. ليست المسألة مسألة ذهب حقيقي أو جواهر لا تُثمَّن، بل هي بالأحرى مسألة شعب مقدَّس كان خاطئاً ولكنَّه الآن مطهَّرٌ بدم الحَمَل ومنتعش بالرُّوْح القُدُس. هؤلاء القدِّيسون هم المدينة المجيدة المتمتِّعون بجميع هذه المزايا والنِّعَم٠
صلاة: نعظمك أيها الآب السماوي، لأنّ إبنك الحبيب غيّر خطاة إلى قديسين وجعل من بسطاء مستلمي الوحي. ونحمدك لأجل القيمة المعنوية العظيمة لرسلك ولأعضاء كنيستك الذين يسكن فيهم إبنك بروحك القدوس الذي ينشئ فيهم الحياة الأبدية والمحبة الإلهية. إجعلنا حجارة حيّة في عصمتك المقدسة. آمين٠
لماذا أصبحت القيمة المعنوية لجماعة الكنيسة عالية جدا؟