Home -- Arabic -- Revelation -- 191 (The Command to Carry out Judgment)
Previous Lesson -- Next Lesson
شرح وتفسير للآيات الكتابية في سفر الرؤيا
الكتاب ٧ - نَعَمْ. أَنَا آتِي سَرِيعًا انتصار المَسِيْح في مجيئه الثَّاني وانبثاق العالَم الجَدِيْد (رؤيا ١٩: ١١- ٢٢: ٢١)٠
الجزء ١.٧ - مقدمة: توبوا، لانه قد اقترب ملكوت السماوات وهو في متناول اليد!٠
٣- ماذا يقول يَسُوْع المَسِيْح نفسُه عن عودته؟
بدأ يَسُوْع المَسِيْح كرازته في الجليل قَائِلاً: تُوبُوا لأَِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ (متَّى ٣: ٢)٠
في بدء الأمر كان النَّاس يأتون إليه زرافاتٍ. كانوا مأخوذين بشفاءاته. ولكن عندما أصبح واضحاً أنَّ الشُّيوخ والكتبة في أُوْرُشَلِيْم رفضوا يَسُوْع، خاصمه كثيرٌ مِن هؤلاء أيضاً. حِيْنَئِذٍ سأل الرَّب تلاميذه: مَن تقولون إنِّي أنا؟ فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ: أَنْتَ هُوَ المَسِيْح ابْنُ اللهِ الْحَيِّ. اعترف بطرس بشهادته هذه أنَّ الشَّاب الذي في وسطهم، يَسُوْع النَّاصري، هو المسيَّا الموعود وفي الوقت نفسه ابن الله. بَيْدَ أَنَّ الرَّب منعهم مِن أن يُخبروا بسرِّه (متَّى ١٦: ١٣- ٢٠). وبعد هذا الحوار الحاسم بدأ يَسُوْع يهيئ تلاميذه لآلامه وموته وقيامته. فأوضح لهم أنَّه ينبغي لهم أن يتحمَّلوا هم أيضاً الاضطهاد والألم وأن ينكروا أنفسهم باستمرارٍ (متَّى ١٦: ٢٤- ٢٦؛ مرقس ٨: ٣٤- ٣٨)٠
وكي يمدَّهم يَسُوْع بالشَّجاعة والرَّجاء والتَّعزية على طريق آلامهم أعلمهم برجوعه المجيد. فَإِنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ سَوْفَ يَأْتِي فِي مَجْدِ أَبِيهِ مَعَ مَلاَئِكَتِهِ وَحِيْنَئِذٍ يُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ حَسَبَ عَمَلِهِ (متَّى ١٦: ٢٧؛ لوقا ٩: ٢٦)٠
وكان قد أشار في أمثاله إلى بعض مبادئ الدَّيْنُوْنَة الأخيرة عند عودته: اَلزَّارِعُ الزَّرْعَ الْجَيِّدَ هُوَ ابْنُ الإِنْسَانِ، وَالْحَقْلُ هُوَ الْعَالَمُ، وَالزَّرْعُ الْجَيِّدُ ُوَ بَنُو الْمَلَكُوتِ، وَالزِّوَانُ هُوَ بَنُو الشِّرِّيرِ، وَالْعَدُوُّ الَّذِي زَرَعَهُ هُوَ إِبْلِيْس، وَالْحَصَادُ هُوَ انْقِضَاءُ الْعَالَمِ. وَالْحَصَّادُونَ هُمُ الْمَلاَئِكَةُ. فَكَمَا يُجْمَعُ الزَِّوَانُ وَيُحْرَقُ بِالنَّارِ هَكَذَا يَكُونُ فِي انْقِضَاءِ هَذَا الْعَالَمِ. يُرْسِلُ ابْنُ الإِنْسَانِ مَلاَئِكَتَهُ فَيَجْمَعُونَ مِنْ مَلَكُوتِهِ جَمِيعَ الْمَعَاثِرِ وَفَاعِلِي الإِثْمِ، وَيَطْرَحُونَهُمْ فِي أَتُونِ النَّارِ، هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الأَسْنَانِ. حِيْنَئِذٍ يُضِيءُ الأَبْرَارُ كَالشَّمْسِ فِي مَلَكُوتِ أَبِيهِمْ (متَّى ١٣: ٣٧؛ انظر أيضاً ١٣: ٤٩- ٥٠)٠
أجاب ابن مريم سؤال الصديقيِّين الذين كانوا ينكرون قيامة الموتى والذين قصدوا بسؤالهم أن يصطادوا يَسُوْع ويفحموه، فأبكمهم موضحاً لهم أنَّ الموتى يظلُّون موتى: فَأَجَابَ يَسُوْع وَقَالَ لَهُمْ تَضِلُّونَ إِذْ لاَ تَعْرِفُونَ الْكُتُبَ وَلاَ قُوَّةَ اللهِ. لأَِنَّهُمْ فِي الْقِيَامَةِ لاَ يُزَوِّجُونَ وَلاَ يَتَزَوَّجُونَ بَلْ يَكُونُونَ كَمَلاَئِكَةِ اللهِ فِيْ السَّمَاءِ. وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ أَفَمَا قَرَأْتُمْ مَا قِيلَ لَكُمْ مِنْ قِبَلِ اللهِ الْقَائِلِ أَنَا إِلَهُ إبْرَاهِيمَ وَإِلَهُ إِسْحَاقَ وَإِلَهُ يَعْقُوبَ. لَيْسَ اللهُ إِلَهَ أَمْوَاتٍ بَلْ إِلَهُ أَحْيَاءٍ. (متَّى ٢٢: ٢٩- ٣٢)٠
وحينما جلس يَسُوْع على جبل الزَّيتون مع تلاميذه قبالة مدينته المحبوبة، قبل بضعة أيَّامٍ مِن موته على الصَّليب، تنبَّأ لهم عن اشتداد دينونة الله التَّدريجيّ كذلك على العاصمة غير التَّائبة (متَّى ٢٣: ٢٧- ٣٩؛ ٢٤: ١- ٣٦؛ مرقس ١٣: ١- ٣٢؛ لوقا ٢١: ٢٥- ٢٨). وكشف لهم، في الوقت نفسه، علامة رجوعه غير الغامضة كي لا يُضلَّهم أحدٌ٠ فَإِنْ قَالُوا لَكُمْ هَا هُوَ فِي الْبَرِّيَّةِ فَلاَ تَخْرُجُوا، هَا هُوَ فِي الْمَخَادِعِ فَلاَ تُصَدِّقُوا. لأَِنَّهُ كَمَا أَنَّ الْبَرْقَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَشَارِقِ وَيَظْهَرُ إِلَى الْمَغَارِبِ هَكَذَا يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ابْنِ الإِنْسَانِ. لأَِنَّهُ حَيْثُمَا تَكُنِ الجُثَّةُ فَهُنَاكَ تَجْتَمِعُ النُّسُورُ وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ وَالنُّجُومُ تَسْقُطُ مِنَ السَّمَاءِ وَقُوَّاتُ السَّمَاوَاتِ تَتَزَعْزَعُ. وَحِيْنَئِذٍ تَظْهَرُ عَلاَمَةُ ابْنِ الإِنْسَانِ فِيْ السَّمَاءِ، وَحِيْنَئِذٍ تَنُوحُ جَمِيعُ قَبَائِلِ الأَرْضِ وَيُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ آتِيًا عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ بِقُوَّةٍ وَمَجْدٍ كَثِيرٍ. فَيُرْسِلُ مَلاَئِكَتَهُ بِبُوقٍ عَظِيمِ الصَّوْتِ فَيَجْمَعُونَ مُخْتَارِيهِ مِنَ الأَرْبَعِ الرِّيَاحِ مِنْ أَقْصَاءِ السَّمَاوَاتِ إِلَى أَقْصَائِهَا. (متَّى ٢٤: ٢٦- ٣١؛ مرقس ١٣: ٢٤- ٢٧؛ لوقا ١٧: ٢٣- ٢٤؛ ٣٧؛ ٢١: ٢٥- ٢٨)٠
في المحاكمة الحاسمة أمام المجلس في أُوْرُشَلِيْم، طرح رئيسُ الكهنة المؤقَّتُ المدعوُّ قيافا على يَسُوْع، بعد امتحانٍ فاشلٍ، السُّؤال غير الشَّرعي المقصود به الإيقاع بيَسُوْع: "أستحلفك قل لنا هل أنت هو المَسِيْح (المسيَّا) ابن الله؟". لم يتجنَّب يَسُوْع هذا التَّحدي الماكر أمام نوَّاب شعبه الاثنين والسَّبعين، بل شهد قائلاً:"أَنْتَ قُلْتَ، وَأَيْضًا أَقُولُ لَكُمْ، مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِسًا عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ، وَآتِيًا عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ"(متَّى ٢٦: ٦٣- ٦٤؛ مرقس ١٤: ٦١- ٦٢؛ لوقا ٢٢: ٧٠)٠
بهذا الجواب بإرشاد الرُّوْح ضمَّ يَسُوْع وعدين عن المسيَّا مِن (المَزْمُوْر ١١٠: ١) و(دانيال ٧: ١٣- ١٤) في جملةٍ واحدةٍ. فأثبت بذلك ألوهيَّته وسلطانه كابن الإنسان. وبشهادته لذاته طلب مِن قضاته على نحوٍ غير مباشرٍ أن يعترفوا به ويعبدوه هو المدَّعى عليه المقيَّد بالأغلال بصفته ديَّانهم وملكهم الآتي. ولكنَّ قيافا صرخ قائلاً: "قد جدَّف... ماذا ترون؟" فأجابوا وقالوا: "إنَّه مستوجب الموت" (متَّى ٢٦: ٥٧- ٦٨؛ هنا الآيات ٦٥- ٦٦؛ مرقس ١٤: ٥٣- ٦٥؛ لوقا ٢٢: ٦٦- ٧١)٠
وهكذا شهد يَسُوْع بجملةٍ واحدةٍ أمام ممثِّلي شعبه على نحوٍ شرعيٍّ لرجوعه على سحاب السَّماء، مشيراً بذلك إلى منحى وقصد قصَّة الفداء. أمَّا بالنِّسبة إلى مجيئه كديَّان الأرض فكان قد أعلن قبل ذلك ما يلي: وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ فَحِيْنَئِذٍ َجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ مَجْدِهِ، وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، فَيُقِيمُ الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. ثُمَّ يَقُولُ الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ... ثُمَّ يَقُولُ أَيْضًا لِلَّذِينَ عَنِ الْيَسَارِ اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيْسَ وَمَلاَئِكَتِهِ... (متَّى ٢٥: ٣١- ٤٦)٠
وبكلِّ تواضعٍ شهد يَسُوْع أنَّ أباه لم يعطه أن يدين الأمم فقط، بل أعطاه السُّلطان أيضاً في زمن مجيئه أن يُقيم الموتى: اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّ مَنْ يَسْمَعُ كَلاَمِي وَيُؤْمِنُ بِالَّذِي أَرْسَلَنِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَلاَ يَأْتِي إِلَى دَيْنُونَةٍ بَلْ قَدِ انْتَقَلَ مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ وَهِيَ الآنَ حِينَ يَسْمَعُ الأَمْوَاتُ صَوْتَ ابْنِ اللَّهِ وَالسَّامِعُونَ يَحْيَوْنَ. لأَِنَّهُ كَمَا أَنَّ الآبَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ كَذَلِكَ أَعْطَى الاِبْنَ أَيْضاً أَنْ تَكُونَ لَهُ حَيَاةٌ فِي ذَاتِهِ. وَأَعْطَاهُ سُلْطَاناً أَنْ يَدِينَ أَيْضاً لأَِنَّهُ ابْنُ الإِنْسَانِ. لاَ تَتَعَجَّبُوا مِنْ هَذَا. فَإِنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَسْمَعُ جَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْقُبُورِ صَوْتَهُ. فَيَخْرُجُ الَّذِينَ فَعَلُوا الصَّالِحَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الْحَيَاةِ وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَى قِيَامَةِ الدَّيْنُوْنَة. (يُوْحَنَّا ٥: ٢٥- ٢٩)٠
شهد يَسُوْع لتلاميذه وللسَّنهدريم ولجميع سامعيه دون لبسٍ أو غموضٍ أنَّه عائدٌ لاستلام كنيسته وتولِّي الدَّيْنُوْنَة الأخيرة ربّاً وديَّاناً. وكان كثيراً ما يستخدم في أحاديثه اللَّقب الفخري "ابن الإنسان" معترفاً بذلك أنَّ أباه قد دفع إليه كلَّ سلطانٍ فِيْ السَّمَاءِ وعَلَى الأَرْضِ كي يبني ملكوت محبَّته وحقِّه٠
صلاة: أيها الرب يسوع، نشكرك ونسجد لك، لأنك أعلنت لنا بوعودك المتعددة أنك ستأتي ثانية، لتقيم الأموات، وأن تدين الجميع. نعظمك لأنك منحت لسامعي كلمتك الحياة الأبدية عمليا. فنطلب إليك أن تقوينا لنحفظ وعودك وتحذيراتك لنستعد لوصولك إلينا بتقديس أعمالنا وأقوالنا. آمين٠
٢٣١. أي أية من أقول يسوع عن عودته أثرت فيك أكثر، وماذا ستفعل الأن؟