Home -- Arabic -- Revelation -- 097 (A Mighty Angel)
Previous Lesson -- Next Lesson
شرح وتفسير للآيات الكتابية في سفر الرؤيا
الكتاب ٤ - ليأتي ملكوتك (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ١٠: ١- ١١: ٢)٠- - الشاهدان الذين سيحضرون في الايام الاخيرة وطرد ابليس من السماء
:الجزء ١.٤ - الاستعدادات قبل البوق الأخير (١٠: ١- ١١: ٢ )٠
١- ظهور ملاكٍ قويٍّ(رُؤْيَا يُوْحَنَّا ١٠: ١- ٤)٠
١ ثُمَّ رَأَيْتُ مَلاَكًا آخَرَ قَوِيًّا نَازِلاً مِنَ السَّمَاءِ مُتَسَرْبِلاً بِسَحَابَةٍ وَعَلَى رَأْسِهِ قَوْسُ قُزَحَ وَوَجْهُهُ كَالشَّمْسِ وَرِجْلاَهُ كَعَمُودَيْ نَارٍ ٢ وَمَعَهُ فِي يَدِهِ سِفْرٌ صَغِيرٌ مَفْتُوحٌ فَوَضَعَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى عَلَى الْبَحْرِ وَالْيُسْرَى عَلَى الأَرْض ٣ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ كَمَا يُزَمْجِرُ الأَسَدُ. وَبَعْدَمَا صَرَخَ تَكَلَّمَتِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ بِأَصْوَاتِهَا. ٤ وَبَعْدَمَا تَكَلَّمَتِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ بِأَصْوَاتِهَا كُنْتُ مُزْمِعًا أَنْ أَكْتُبَ فَسَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ قَائِلاً لِي اخْتِمْ عَلَى مَا تَكَلَّمَتْ بِهِ الرُّعُودُ السَّبْعَةُ وَلاَ تَكْتُبْهُ٠
اشتاق الشَّيخ الجليل يوحنَّا، المنفيُّ في جزيرة بطمس القاحلة، إلى كنائسه، وحنَّ إلى إخوته وأخواته. لقد علم أنَّ الإمعان في عبادة الإمبراطور الرُّوْمَاني كان معناه الإمعان في النَّقمة والغضب على المسؤولين في الكنيسة وبالتَّالي اضطهادهم وموتهم٠
لقد سمع الرَّب والمخلص الحيُّ تنهُّد رسوله المنفيِّ ومنحه التَّعزية بين الفينة والفينة ومضات غامرة في كنائسه. فحص غرفة عرش القدير، حتَّى منظر تتويج حَمَل اللهِ. رَأَى يُوْحَنَّا فرسان الرُّؤْيَا يتقدَّمون، وشاهد ختم المختارين مِن أسْبَاط إِسْرَائِيْل الاِثْنَيْ عَشَرة، وارتعد من العدد الذي لا يُحصَى للشُّهود المتألِّمين لأجل يَسُوْع مِن جميع الأُمم، وكاد الخوف الذي استبدَّ به مِن أحكام دينونة البوق يزهق أنفاسه٠
بعد الرُّؤْيَا المُذهلة منح الرَّب النَّبيَّ الطَّاعن في السِّن مشهداً معزِّياً ليستردَّ أنفاسه مِن جديدٍ، فعهد إلى ملاكٍ قويٍّ أن ينزل إلى النَّبي المنعزل ويُعلِن له إنجاز سرِّ الله٠
كان هذا الملاك يتمتَّع بسلطانٍ عظيمٍ. وظهر في البداية شبيهاً للرَّب يَسُوْع المَسِيْح المُقام نفسه الذي ظهر في بدء إعلانه ليوحنَّا (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ١: ١٢- ١٨). ومع ذلك لم يكن هذا الملاك هو المَسِيْح، بل رسوله. وهو لقربه الشَّديد مِن الملك قد حوَّله الأخير إلى شبهه في المظهر٠
تكلَّم "مَلاَك الرَّبِّ" في العَهْد القَدِيْم في مناسباتٍ عديدةٍ وتصرَّف نيابةً عن ربِّه. وفي بعض الإِعْلاَنَات لا يتَّضح لنا هل الرَّب نفسه هو القائم بالعمل أم ملاكه الذي يُمثِّله (تكوين ٢٢: ١١- ١٨؛ خروج ٣: ٢- ٦؛ مزمور ٣٤: ٧)٠
ظهر الملاك ليوحنَّا هابطاً مِن السَّماء، مُلتحفاً بغمامةٍ وكأنَّه مُحجَّبٌ كيلا يقتل مجده الرَّسول. وعلامةً لرسالة السَّلام التي يحملها وبالنَّظر إلى الميثاق الذي كلَّم الله به نوحاً (تكوين ٩: ١٢- ١٧) كان رأسه محاطاً بقوس سحابٍ. كان قوس السَّحاب يعكس بتألُّقه المُشرِق الطَّوق الزُّمرُّدي المحيط بعرش الله الذي ظهر قبلاً ليوحنَّا (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ٤: ٣) كان هذا الملاك بوضوحٍ مِن المقرَّبين مِمَّن أُجيز لهم ولوج غرفة العرش الدَّاخليَّة، وقد تغيَّرت ملامحه نتيجة قربه الشَّديد مِن الآب والابن٠
أشرق مُحيَّا الملاك القويِّ كالشَّمس. وكان يوحنَّا عاجزاً عن النَّظر مباشرةً إلى عينيه، لأنَّ صفاءه وحقَّه جعلا هيئته غامرةً، وتألَّقَت ساقاه كعمودَين مِن نارٍ متأهِّبتين لسحق كلِّ عصيانٍ ومقاومة٠
يعطينا هذا المظهر القويُّ لمحةً عن سلطان رسول الرَّب الحيِّ هذا. كان مجد الملاك الهابط يشير إلى المغزى الاستثنائيِّ لرسالته٠
أحضر رسول الله معه كتاباً مفتوحاً بدا صغيراً إزاء عظمة الملاك وجلاله النَّادرَين. لم تأتِ رسالة الرَّب على أجنحة الرِّيح كصفحةٍ ساقطةٍ مِن السَّماء؛ بل إنَّ الرَّب أكَّد كلمته بواسطة جلال الملاك. على جميع خدَّام المَسِيْح، إكراماً لربِّهم ولأهمِّية كلمته، أن يكونوا مستحقِّين في المظهر وفقاً للأعراف المحلِّية، مضيفين بذلك سلطاناً وجرأةً إلى شهادتهم٠
وقف الملاك المجيد وقدمه اليُمنى على أمواج البحر الأبيض المتوسِّط. وهو نفسه لم يكن له وزنٌ، لأنَّه كان نوراً وطاقةً. فشهد أنَّ الخلائق كلَّها في بحر الأمم الشَّاسع تنتمي إلى ربِّ الكَون. وعلى كلِّ مخلوقٍ أن يكون خاضعاً طوعاً له. وحتَّى الوحش الذي مِن البحر ذو القرون العشرة والرُّؤوس السَّبع الذي سيطلع مِن البحر (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ١٣: ١- ١٠) ينضوي تحت لواء حقِّ يَسُوْع المَسِيْح في السِّيادة رَبّاً٠
وضع الملاك قدمه اليسرى على البَرِّ، وللكلمة "برّ" معنيان في العربيَّة: البِرُّ ( بكسر الباء) وهو الصَّلاح، والبُرُّ ( بضمِّ الباء) وهو حبُّ القمح. ولعلَّ البَرَّ يعني المجموع الكلِّي للمؤمنين مِن العَهْدين القَدِيْم والجَدِيْد الذين دُعوا لمحبَّة وعبادة ابن الله والشَّهادة له. وكذلك الوحش الثانِي الذي له قرنان شبه خروفٍ والمتكلم كتنِّينٍ وسيطلع فيما بعد مِن الأَرْض (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ١٣: ١١- ١٨) ينضوي تحت لواء حقِّ المَسِيْح المُقام في السِّيادة ربّاً٠
وقف الملاك القويُّ مباعداً ما بين رجليه، واضعاً رجله اليمنى على البحر الأبيض المتوسِّط ورجله اليسرى على البَرِّ، دالاًّ بذلك على حقِّ الله في التَّصرُّف بالملحدين وأيضاً بالأتقياء. كانت نظرته مثبَّتةً نحو الجنوب، أو الجنوب الشَّرقي باتِّجاه مصر، أو نحو القدس. إنَّ تطوُّر نهاية الزَّمان لن يحدث في الشَّرق الأدنى، أو الشِّمال الأعلى، ولا في الغرب المُظلم، بل في إِسْرَائِيْل وما حولها. تكلَّم الملاك القويُّ بصوتٍ جهيرٍ عالٍ مدوٍّ أشبه بزئير الأسَد. وكانت صرخته مَهيبةً هزَّت الذين سمعوها بشدَّةٍ. لم يكُن يوحنَّا قادراً على نسيان هذا الصَّوت٠
الرُّعود السَّبعة: لم يكد الملاك القويُّ يُتمُّ صيحته حتَّى دوَّت بعده الرُّعود السَّبعة بأصواتها مِن السَّماء. فأكَّد صدى دويِّها أهمِّية الرِّسالة القصوى وإلحاحيَّتها. يشير العدد ٧ إلى المجموع الكُلي للرُّعود القاصفة والمدوِّية مِن عرش الله. ينكمش الإنْسَان خوفاً وذعراً أمام هزيم الرَّعد ودويِّ الصَّواعق وقوى الطَّبيعة الغاضبة٠
لأصوات الرُّعود السَّبعة علاقةٌ بالأصوات الرّوحيَّة السَّبعة، وهي تشبه صرخة النُّفوس تحت مذبح المحرقة (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ٦: ١٠)، أو الأصوات الخارجة مِن القرون الأربعة لمذبح الذَّهب (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ٩: ١٣). لا نعلم هل كانت الأصوات تصرخ بالعبريَّة أم اليونانيَّة، أو هل كانت أصوات البشر جميعاً تُسمَع ضمنها. ولكنَّنا نعلم أنَّ الشَّيخ الجليل يوحنَّا سرعان ما أخذ قلماً بيده ليُدوِّن الرِّسالة المثيرة والمُروِّعة التي نطقَت بها الرُّعود٠
وإذ همَّ بالكتابة استوقفه فجأةً صوتٌ آخر مِن السَّماء يأمره أن يكتم الأمور التي نطقَت بها الرُّعود السَّبعة، ولا يكتب كلمةً واحدةً. ثمَّة رسائل في عالم الرُّوح لا تُفهَم ولا يحتمل أحدٌ سماعها. ويجب على شهود المَسِيْح ألاَّ يُخبروا دَائِماً بما رأوه وسمعوه، لأنَّ مهمَّتهم هي فقط قَول الكلمة المناسبة في الوقت المناسب لشخصٍ معيَّنٍ. فاختيار الشَّهادة وتحديدها يجب أن ينبعا مِن خلال قيادة الرُّوْح القدُس. ويجب على شهود المَسِيْح ألاَّ يتكلَّموا أو يكتبوا وكأنَّ كلامهم يتدفَّق مِن شلاَّلٍ، بل بالحريِّ أن يسمحوا لأنفسهم بأن يُقادُوا، أو أن يُحدَّدوا، أو حتِّى، في حالاتٍ معيَّنةٍ، أن يلزموا الصَّمت حين لا يكون المستمعون مهيَّئين بعد للرِّسالة. لكنْ ينبغي ألاَّ نستخدم هذا الأمر الذي مِن السَّماء كذريعةٍ لإخفاء خوفنا أو جبننا في نشر كلمة الرَّب الموْدَعَة إيَّانا. إنَّنا نحتاج إلى اتِّكالٍ أكبر على الآب والابن والرُّوْح القدُس في كلِّ ما نقوله أو نكتبه، وبذلك نتيح للرَّب أن يسود علينا، ونبقى خدَّامه المُطيعين٠
الصَّلاة: أيُّها القدّوس، الَّذي أعلن بملائكتك وحتَّى مِن الرعود أسراراً عن مصير كوننا. ولا يجوز أن يسمع الجميع هذه الأسرار، لأنّهم لا يستطيعون أن يحتملوا هذه الأخبار الصعبة. ساعدنا حتَّى نكتفي بما أعلنت لنا في إنجيلك، وننتظر منك نبوءات جديدة في الحين٠
السؤال : ٩٧. هل نقرأ ونحفظ الإنجيل كوحي الله المبارك وتخبر زملاءك عن غنى مضمونه؟