Home -- Arabic -- Revelation -- 059 (The First Seal)
Previous Lesson -- Next Lesson
شرح وتفسير للآيات الكتابية في سفر الرؤيا
الكتاب ٢ - تتويج يسوع المسيح (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ٤: ١- ٦: ١٧)٠
الجزء ٣.٢ حَمَل اللهِ يفتح الختوم السَّبْعة (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ٦: ١- ١٧)٠
١- الجالس على الفرس الأبيض (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ٦: ١- ٢)٠
الفارس الأول: رَأَى يُوْحَنَّا، بدهشة، من خلال ضباب الأبدية، فرساً أبيض يعدو إلى الأمام. كان الجواد مليئا قوة، جوادا ملكا، ملائما للهجوم كما كان ملائماً للوقوف بثبات في القتال القريب. كان الراكب على الفرس الأبيض حاملا قوساً ووتراً في يده لكي يقوس الأوتار النارية أو السامة. كان على رأسه إكليل مشع لم يطرحه أمام عرش العلي كعلامة على تواضعه وشكره لأنه ظهر بسلطان ذاتي وقدرة وحيثية ومجد. بدأ ركضه واثقا بنفسه ومشعا بأبهة٠
مَن هو الجالس على الفرس الأبْيض؟ يقترح المفسرون تفاسير مختلفة للفارس الأول المشير إلى نهاية العالم، ولاَ بُدَّ مِن ذكر بعضها: يظن بعض المفسرين أنَّ الجالس هو يَسُوْع المَسِيْح نفسه الذي يظهر – بحسب يوحنا (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ١٩: ١١- ١٦) – كالرب المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ جالسا على فرس أبيض. لكن الرب لا يضع على رأسه إكليلا واحدا فقط، بل تيجانا كثيرة. ليست في حاشيته حروب ولا غلاء ولا أوبئة، بل أجناد السماء على خيل بيض. لا يحمل الرب الآتي ثانية في يده قوسا للهجوم، بل يخرج من فمه سيف الديان٠
ويرى مفسرون آخرون في أول جالس على الفرس موكب النصر في العالم في هيئة الرسل الذين أرسلهم يَسُوْع إلى الأمم قُبَيْلَ صعوده إلى السماء. بَيْدَ أَنَّ رسل الحمَل لم يحملوا أقواساً للهجوم أو للدفاع عن النفس، بل سمحوا بأن يضرَبوا ويرجَموا أو يقتلوا كما عاش ربهم قبلهم حتى موته على الصَّلِيْب. ويقول بعض المفسرين إنَّ الفارس يرمز للبارثيين (Parthians) الذين كانوا يشكلون بعد سنة ٦٢ ب.م. كشعب فرسان مخيف خطرا على أسيا الصغرى. كان البارثيون أذكياء في استعمالهم للقوس والوتر حتى إنَّهم في تقهقرهم كانوا يطلقون الأوتار إلى الخلف على مطارديهم٠
ويظن بعض المفسرين أنَّ الجالس على الفرس الأبيض يدل على المغتصبين القساة الذين استخدموا الاكتشافات والاحتلال والتكنولوجيا الحديثة لصالحهم تحقيقا لهدفهم وهو حكم العالم٠
المَسِيْح الدَّجَّال: يرى بعض المفسرين في الجالس على الفرس الأبيض المَسِيْح الدَّجَّال بسلطانه العظيم وحيلته. وكان يوحنا يحذر في رسالته الأولى بإلحاح من المَسِيْح الدَّجَّال ويشهد أن أنبياء كذبة كثيرين قد أتوا إلى العالم بروحه (١ يوحنا ٢: ٢٢- ٢٣؛ ٤: ٣)٠
ويَسُوْع أيضاً بعد معموديته مباشرة أُصعِدَ إلى البرية مِن الروح ليجرَّب مِن إبليس ويغلبه (متى ٤: ١- ١١). هكذا كان على حَمَل اللهِ، بعد جلوسه على العرش، أن يتقدَّم في الحوار أوَّلاً إلى معاون الشيطان، المَسِيْح الدَّجَّال. عرف ضد المَسِيْح أنَّ حكم رئيس هذا العالم قد أضحى في خطر عندما بدأ الحمل يحكم. أجبر يَسُوْع بعمله الأول ابن الشيطان أن يستعلن ويفرغ كل ما في جعبته مِن حِيَلٍ وسلطان لكي يُبادَ في النهاية (٢ تَسَالُوْنِيْكِي ٢: ٣- ١٢)٠
إننا ننضم إلى التفسير بأنَّ الجالس على الفرس الأبيض يعني تتابع قوى ضد المَسِيْح التي تحاول، كأنبياء كذبة ببرامج باهرة، أن تستقطب الجماهير وتملأها بوحيها وتربطها بها ثم تفنيها في حروب لاحقة. وهذه القوى هي قواد مظفرون ورجال حرب محنكون ومنظمون متضلعون، تزيل جيوشهم كل مقاومة، وتستبعد كل ثائر بسرعة. تتبعهم الجماهير بحماسة، وهم الذين ربطوا الجماهير بهم بواسطة الخبز والألعاب، وبواسطة استعمال التكنولوجيا الحديثة المستهدفة والوسطاء، وبواسطة الوعود بنظام عالميّ جديد ملؤه السلام ومجتمع الرفاهية٠
دعا "كارل ماركس" إلى فردوس عمل، و وعد "أدولف هتلر" برايخ أبدي، وأراد "جمال عبد الناصر" أن يقذف بالتخلف الزراعي في مصر فيحوِّله إلى ثقافة تقنية حديثة، وأمر "ماو تسي تونغ" في ثورته الثقافية بالقفز خطوة إلى الأمام، وأمل "آية الله الخميني" أن يقيم ملكوت الله على هذه الأرض. تبع ملايين مِن الناس متحمسين هؤلاء الزعماء والطغاة والأنبياء الكذبة. ضحوا بأموالهم وأرواحهم وماتوا أخيرا بالجملة في حروب عالمية ومجاعات وأوبئة. وعدهم زعماؤهم أن يجعلوا، بواسطة التكنولوجيا، من الأرض سماءً, ولكنَّهم انتهوا كلهم في التعاسة. رفضوا حَمَل اللهِ و روحه وانتهوا في موت أبدي٠
يُتوِّج المَسِيْح الدَّجَّال نفسه، وهو الذي يحب أن يظهر في نهاية الأزمان كالشرير المجسد، ويخطو من غلبة إلى غلبة ويعمي الجماهير ويُحمِّسها ويقيدها بسلاسل إليه، ويشن حربا عالمية ضد المَسِيْح الحقيقي وكنيسته. ينادي في البداية كحمل، كرئيس السلام، للتفاهم بين الشعوب، حتى إن قادة الكنائس تسايره، ولكنه في النهاية يخلع عنه ثياب الحملان ويفترس كل من ليس مستعدا أن يكون ذئباً في القطيع الذي يقوده المَسِيْح الدَّجَّال نفسه (٢ تَسَالُوْنِيْكِي ٢: ٣- ١٢)٠
تقليد المَسِيْح الحقيقي: رَأَى يُوْحَنَّا أنَّ ابن الهلاك حاول أن يأتي قبل المَسِيْح الحقيقي الذي يظهر في نهاية الزمان جالساً على فرس أبيض ويخطو في ساحة التاريخ (رؤيا يوحنا ٦: ١- ٢)٠
ُيعطَى هذا الفارس الأول من رئيس سلطان هذا العالم سلطاناً على القبائل والشعوب والأمم كلها لكي يجادل حق الحمل صاحب السلطان في السماء وعلى الأرض (دانيال ٩: ٢٧؛ ٢ تَسَالُوْنِيْكِي ٢: ٩- ١٢؛ رُؤْيَا يُوْحَنَّا ١٣: ١١-٢٤)، ولا يستطيع أحدٌ أن يحارب المَسِيْح الدَّجَّال (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ١٣: ٤)، فهو يحارب كنيسة المَسِيْح ويغلبها (١٣: ٧). ولكن يَسُوْع سبق واشترى كنيسته ومنحها الحَيَاة الأَبَدِيَّة، فلا يقدر أحد أن يخطفها من يده (يوحنا ١٠: ٢٨)٠
سيضع المَسِيْح الدَّجَّال علامة على جبهة كل إنسان أو يده لكي يستولي أيضا على مختاري يَسُوْع المَسِيْح، ولكن ربهم سبق وختمهم بالرُّوْح القدُس (أفسس ١: ١٣- ١٤؛ رُؤْيَا يُوْحَنَّا ٧: ١- ٨؛ ١٣: ١٦- ١٧). سيقل ابن الشرير في حروبه، ولكنه بعد ذلك يقوم من الموت لكي يشبه المقام مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ في كل شيء (رُؤْيَا يُوْحَنَّا ١٣: ٣)٠
وفي ذروة سلطانه سيجلس في هيكل أورشليم الذي سيبنى من جديد ويأمر جميع الناس أن يعبدوه. سيتمم عمدا قصد الشيطان من الخطيئة الأولى: "تصيران كالله" (تكوين ٣: ٥)؛ لكن يَسُوْع الذي كان دَائِماً إلها حقا قد أنكر ذاته آخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس (متى ١١: ٢٩؛ فِيْلِبِّيْ ٢: ٥- ١١). أخيراً سيحرض ابن الشر أتباعه على الحرب ضد المَسِيْح الآتي ثانيةً لكي يهلكه إن أمكن قبل مجيئه. لكن الرب يفني بنفخة فمه كل من يقاومه (دانيال ٨: ٢٣- ٢٥؛ إِشَعْيَاء ١٤: ١٦- ١٧؛ ٢ تَسَالُوْنِيْكِي ٢: ٨؛ رُؤْيَا يُوْحَنَّا ١٩: ١١- ٢١)٠
تظهر في إِعْلاَنَات العَهْدين القَدِيْم والجَدِيْد معاً، عن مجيء المَسِيْح الدَّجَّال، حقيقة واحدة، وهي أن سلطته ليست السلطان كله وقدرة الحمل (متى ٢٨: ٢٨)، فهو لا يقدر أن يفعل شيئا إلا ما يسمح به الحمل. لن يعطي يَسُوْع المبادرة في أحداث نهاية الزمن. لاَ بُدَّ لمن يعبد الأشرار من أن يزداد شرا، ولاَ بُدَّ للأبرار من أن يزدادوا برا (متى ٢٤: ١٢- ٢٤)٠
الصَّلاة: يا حمل الله المستقيم، قد أرسلت روحك القدّوس إلى العالم، رغم أنّ كلّ الناس تحت سيطرة الشرّير. وتركض الجماهير في قيادة الأرواح النّجسة. افتح آذان قلوب الضّالين، كي يسمعوا دعوتك، ويقبلوا مسيحكل، ويندمجوا إلى جسده الرُّوحي. ولكن مَن يرفض خلاصك يسقط غنيمة لأسياد الشرّ. فيبغضونك٠
السؤال ٥٦: من هو الراكب على الحصان الأبيض؟