Home -- Arabic -- Galatians - 024(Genealogy 01)
Previous Lesson -- Next Lesson
الرسالة الى اهل غلاطية - مع المسيح صُلِبْت
سلسلة دروس كتابية في رسالة بولس الرسول الى اهل غلاطية
رابعاً: الحرِّية مِن النَّاموس القَديم هي أساسُ السُّلوك في الرُّوْحِ القُدُس (٥: ١- ٦: ١٨)٠
١- اثْبُتُوا فِي حُرِّية الْمَسِيحِ (٥: ١- ١٢)٠
غَلاَطِيَّة ( ٥: ١- ٦)٠
١ فَاثْبُتُوا إِذًا فِي الْحُرِّيَّةِ الَّتِي قَدْ حَرَّرَنَا الْمَسِيحُ بِهَا وَلاَ تَرْتَبِكُوا أَيْضًا بِنِيرِ عُبُودِيَّةٍ. ٢ هَا أَنَا بُوْلُس أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ إِنِ اخْتَتَنْتُمْ لاَ يَنْفَعُكُمُ الْمَسِيحُ شَيْئًا. ٣ لَكِنْ أَشْهَدُ أَيْضًا لِكُلِّ إِنْسَانٍ مُخْتَتِنٍ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ أَنْ يَعْمَلَ بِكُلِّ النَّامُوسِ. ٤ قَدْ تَبَطَّلْتُمْ عَنِ الْمَسِيحِ أَيُّهَا الَّذِينَ تَتَبَرَّرُونَ بِالنَّامُوسِ. سَقَطْتُمْ مِنَ النِّعْمَة. ٥ فَإِنَّنَا بِالرُّوحِ مِنَ الإِيمَانِ نَتَوَقَّعُ رَجَاءَ بِرٍّ. ٦ لأَِنَّهُ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لاَ الْخِتَانُ يَنْفَعُ شَيْئًا وَلاَ الْغُرْلَةُ بَلِ الإِيمَانُ الْعَامِلُ بِالْمَحَبَّةِ٠
كان أسرى الحرب، في أيَّام الرومان، يُساقون بالملايين. ولا يتحرَّرون من أسرهم إلاَّ إذا دفع أحدٌ عنهم مالاً كثيراً، أو إذا هم قدَّموا للمعابد الرُّومانية ما يجمعون من النُّقود تدريجيّاً، حتَّى إذا بلغ مجموع ما قدَّموه قدراً معيَّناً يُطلَق سراحهم، وعِنْدَئِذٍ يقبض مالك العبد ثمن عبده من صندوق المعبد، فيسجِّل العبد نفسه عبداً مِن جديد لإله المعبد، ويُعتبَر حُرّاً، ولا يُسمَح لأحد بأن يتملَّكه بَعْدَئِذٍ، لأنَّه أصبح حُرّاً في حماية الإله٠
هكذا، وبدرجةٍ أعلى، اشترانا المسيح مِن عبودية الناموس والخطيَّة، وحرَّرَنا مِن خَوف الموت والدَّيْنُوْنَة بواسطة دفعه دم حياته ثمناً لنا، كي نُسجِّل أنفسَنا طوعاً عبيداً له في المحبَّة. فلا يجوز أن نكرِّس حياتنا لسيِّد آخر، إلاَّ للَّذي اشترانا، وبذل حياته لأجل تحريرنا. فأنت حرٌّ مِن قُوَّات الفساد، ولا يستطيع الشَّيْطَان أن ينال منك، لأنَّك تعيش في رحاب المسيح، وقدرته تحميك٠
لكنَّك إن تركتَ ربَّك طَوْعاً، وسرقتَ ذاتك مِن حوزته، والتجأتَ إلى تقديس نفسك بعوامل ناموسيَّة، فحينئذٍ تُشبه سفينةً ألقَت مرساتَها في ميناء الشَّريعة، ولا يُمكنك أن تكون في ميناء المسيح في الوقت نفسه. فإمَّا أنْ تطمئنَّ في المسيح، أو أن تضطرب في الناموس. أمَّا مَن يَقبل الختن الذي هو رمز الناموس، ويَعتبر هذه العمليَّة برهاناً على تطهيره، وضماناً لاندماجه في شعب الله، فهذا يخدع نفسه٠
إنَّ الختان لا يفيد إلاَّ في حالاتٍ صحِّيةٍ، ولا أثر له في طهارة القلب أو نجاسته. كان كلُّ مَن يختتن، حسب العهد القديم، مُلزماً أن يحفظ الناموس بجميع حروفه وأحكامه وفرائضه، ليُصبح عبداً للشَّريعة. فمَن ارتبط من الأمم بالناموس في رمز الختان انفصل عن عهد النِّعْمَة، وقطع ذاته عن المسيح وعن خلاصه المجَّاني. فلا يمكنك أن نخدم المصلوب والشَّريعة في الوقت نفسه، لأنَّك إمَّا أن تثبت في النِّعْمَة، أو أن تخضع للروح النَّامُوْسِيّ، فتقيِّد نفسك بألوف الأحكام المُميتة. فمَن يُحاول تبرير نفسه بنفسه يَرفض المسيح رَفضاً تامّاً٠
إنَّ مَن يتعمَّق بالمُخلِّص لا يتكبَّر، ولا يَّدعي الكمال في ذاته، بل يتوق إلى تكميله يومَ مجيء المسيح، علماً أنَّ كمال الخلاص قد ابتدأ فينا، ولكنَّ تحقيقه يحتاج إلى انتظارٍ وصبرٍ. وهذا الصَّبر الإيماني غير المضطرب هو مِن ثمار الرُّوْح القُدُس الذي يُعزِّينا مؤكِّداً لنا بِرَّنا والمجد الآتي٠
وهذا الرَّجاء المبنيُّ على الإيمان غير المتزعزع في المسيح ليس فكراً اتِّكاليّاً، أو كسلاً روحيّاً، بل هو رجاءٌ ملؤه المحبَّة العاملة. فسِرُّ الإيمان الحيِّ هو النَّشاط الرُّوْحِيّ في خدماتٍ خيِّرةٍ، وتبشير أفرادٍ، وصلواتٍ لأجل الآخَرين. فهذا الإيمان لا يهتمُّ بالأمور الذَّاتية أوَّلاً وآخراً، بل هو قد تحرَّر مِن سلاسل الأنانية ليَخدم الله في الأصاغر. فليس ثمَّة تمييزٌ بين مختونٍ وغير مختونٍ، بل مَن يحتاج إلى الخدمة يستحقُّها، ومَن يخدم عمليّاً يُبرهن على صحَّة إيمانه٠
لعلَّك تجد أنَّ مشاكل بُوْلُس مع النَّامُوْسِيّين بعيدةٌ عن مشاكل عصرنا، ولكنَّنا بالحقيقة نعيش في ذلك الشَّر عينه، لأنَّ الإنسان لا يرتبط اليوم بالمسيح تماماً، بل يُحاول تدبير نفسه بنفسه، فلا يعيش في الإيمان، بل في الأنانية وحُبِّ ذاته وثقته بذاته. فمَن يتَّكل على ذاته لا يتَّكل على المسيح، ومَن يَطلب النَّجاح والتَّقدم مِن اجتهاداته الخاصَّة روحيّاً أو اجتماعيّاً يَصلب المسيح مِن جديد، لأنَّ مثله مثل النَّامُوْسِيّ الذي لا يَقبل عمل قدرة النِّعْمَة في حياته٠
قد تقول: أليس هذا الموقف تربية للاتِّكالية وسبباً لحياة الطَّيش واللامبالاة؟ وهنا ندلُّك على جوهر الإيمان الشَّاكر لذبيحة الصَّلِيْب، فهو الذي يُعلِّمنا بصورة المصلوب فكر التَّضحية. وإذ ذاك لا نعيش بعد لأنفسنا، بل نتحرَّر مِن الأنانية، ونخدم الله في سبيل المحبَّة، وبذل حياتنا للآخرين٠
الصَّلاَة: أيُّها الرَّب يسوع، نشكرك لأنَّك متَّ لأجلنا، ودفعتَ دمك الكريم ثمناً لتحريرنا. ساعدنا على ألاَّ نعود إلى مبادئ الناموس، فندبِّر أنفسنا بأنفسنا، بل أن نلتصق بك التصاقاً أبديّاً، ولا نتعاون مع أيِّ مبدأٍ آخر في الوقت نفسه. علِّمنا عمل محبَّتك، كي لا نتفلسف بأمورٍ روحيَّةٍ، بل نطابق غنى لطفك في حياتنا اليوميَّة٠
السُّؤَال: ٢٦- لماذا ينفصل الناموس عن المسيح تلقائيّاً؟