Home -- Arabic -- Luke - 113 (The Discussion About Paying Taxes to Cäsar )
Previous Lesson -- Next Lesson
لوقا -المسيح ، مخلص العالم
في دراسَة إنجِيل المسِيح حسَب البَشِير لوقا
القسم الخامس - اعمال المسيح في أورشليم والحوادث حتّى موته (۱٩: ۲٨ – ۲۱: ۳٨)٠
٥. المناقشة حول الجزية لقيصر ( ۲۰: ۲۰ – ۲٦)٠
لوقا۲۰: ۲۰ – ۲٦
٢٠ فَرَاقَبُوهُ وَأَرْسَلُوا جَوَاسِيسَ يَتَرَاءَوْنَ أَنْهُمْ أَبْرَارٌ لِكَيْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ، حتّى يُسَلِّمُوهُ إِلَى حُكْمِ اٰلْوَالِي وَسُلْطَانِهِ. ٢١ فَسَأَلُوهُ: «يَا مُعَلِّمُ، نَعْلَمُ أَنَّكَ بِاٰلاِٰسْتِقَامَةِ تَتَكَلَّمُ وَتُعَلِّمُ، وَلاَ تَقْبَلُ اٰلْوُجُوهَ، بَلْ بِاٰلْحَقِّ تُعَلِّمُ طَرِيقَ اٰللّٰهِ. ٢٢ أَيَجُوزُ لَنَا أَنْ نُعْطِيَ جِزْيَةً لِقَيْصَرَ أَمْ لاَ؟» ٢٣ فَشَعَرَ بِمَكْرِهِمْ وَقَالَ لَهُمْ: «لِمَاذَا تُجَرِّبُونَنِي؟ ٢٤ أَرُونِي دِينَاراً. لِمَنِ اٰلصُّورَةُ وَاٰلْكِتَابَةُ؟» فَأَجَابُوا: «لِقَيْصَرَ». ٢٥ فَقَالَ لَهُمْ: «أَعْطُوا إِذاً مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّٰهِ لِلّٰهِ». ٢٦ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يُمْسِكُوهُ بِكَلِمَةٍ قُدَّامَ اٰلشَّعْبِ، وَتَعَجَّبُوا مِنْ جَوَابِهِ وَسَكَتُوا ٠
العالم ممتلئ بعبوديّة المال والمكر والخداع والثّورة الملتهبة. فأتى إلى المسيح وفد، يمثّل حزبين، أوّلهما فرّيسي متديّن عدوّ للسلطة الاستعمارية الرومانية، والثاني مِن خدمة الملك هيرودس عميل الرومان، الّذي آزرهم ليبقى في كرسيه. ولكنّ هاتين الفرقتين المختلفتين اتّحدتا لإبادة المسيح المولود مِن روح الله، لأنّه كشف النقاب مِن قبل عن خطاياهم وجهلهم وأكاذيبهم، فبدوا أمام الشعب مجرّدين ووقحين٠
فهدفوا الآن لاصطياد المسيح، والإيقاع به بكلماتهم المرائية وتحايلهم الماكر، متظاهرين أنّهم أبرار مستقيمون وطلاّب حق. أمّا في داخلهم فكانوا ذئاباً كاسرة مفترسة. وهكذا طرحوا عليه سؤالاً محرجاً يوقعه، سواء أجاب عنه إيجاباً أو سلباً. فقالوا برياء الوقار، ومظهر التقوى: هل يجوز لنا أنّ ندفع لقيصر جزية أم لا؟ معتقدين أنّ الشعب كلّه حاقد على الجزية الباهظة الثقيلة، وكلّ مَن يعترف بالسلطة الاستعمارية يتعاون معها يكون مخالفاً كلّية لحقوق ملكوت الله. فلو وافق المسيح على الجزية المفروضة على عاتق الأمّة، لحسب خائناً وفارّاً كافراً في نظر الشعب. ولو نقم على الجزية وضادها، لأمسكه خدّام الملك هيرودس فوراً، الّذين كانوا مستعدّين للقبض على كلّ ثائر ضد الحكومة ومنتقد أوامرها وتصرفاتها٠
أبصر يسوع حيلتهم، وطعن رياءهم جهراً، وكشفهم علانية واضطرهم للاعتراف بصدقه، وقوله الحقّ دائماً، بلا مراعاة للوجوه. فطلب يسوع ديناراً، لأنّه لم يكن يملك نقوداً. كان فقيراً، غير معتمد على قدرة المال، ولم يستسلم إلى غرور الغنى. ولمّا برق الدينار لامعاً في يده، قلبه على وجهه وقفاه وأراهم عليه صورة القيصر منقوشة وحولها هذه الكلمات: طيتوس قيصر ابن اغسطس الإلهي. وعلى الوجه الآخر هذه العبارة: رئيس الكهنة الأعظم..٠
فدلّهم يسوع بواسطة الدينار أنّهم خاضعون تلقائياً لسلطة القيصر الاقتصادية، سواء علموا ذلك، أو لم يعلموا. لأنّ كلّ قطعة نقديّة، هي كحوالة أو شيك مفوّض مِن قبل مسؤولية الدولة الرومانية، يرتفع أو تسقط قيمته حسب انتصار أو انهزام هذه الدّولة العالميّة. فمن يستعمل هذه النقود فإنّه يبنِي نفسه على قوّة السلطة الاستعمارية الّتي تكفلها. وحتّى اليوم فان كلّ ورقة ماليّة مرتبطة كلّية بالحالة الاقتصادية لدولتها، وتسقط قيمتها إنْ انهارت الدولة. فالمال يخصّ الدولة، رغم أنّ الأفراد يمتلكونه٠
وبعد ذلك أدان يسوع البخل والطمع في عبيد المال، وطلب إليهم أنْ يقتطعوا طوعاً مِن كنوزهم الفانية ليدفعوا الجزية بلا معارضة. لأنّ كلّ دينار صادر مِن سكّة الدولة الرومانيّة يخصّها
.وأكثر مِن هذا، فقد طلب يسوع منّا الخضوع للدولة الّتي نعيش فيها وقبول قوانينها وأنظمتها وأنْ نساهم في ازدهارها بإخلاص، ولا نكون مِن الثائرين البتّة. فالمسيحيون الحقيقيون يصلّون لرؤساء شعبهم. فهم بالحقيقة أفضل مواطني الدولة، عالمين أنّ الحكومة المشرفة على الأوضاع العامّة، هي معيّنة مِن الله، ومعطاة للشعب حسب استحقاقه، لحمايته واستتباب الأمن ونمو الاقتصاد، وتربية الأولاد وتثقيفهم، وتنظيم الحياة الاجتماعية. فكلّ حكومة هي أمّة الله وخادمته في ربوع شعبها٠
وهذه الصفة السامية «خادمة الله» لا تزول، حتّى ولو أساء المسؤولون في سلطتهم الموهوبة لهم، وراعوا أنفسهم أولاً، وداسوا المواطنين. فالله القدّوس سيقاصص كلّ فاعلي الشر، لأنّ كلّ موظف ابتداء مِن الملك والرئيس إلى أصغر خادم، مسؤول مباشرة أمام الله. فكلّ خدمة حقّة في الدولة تعني خدمة الله٠
وبهذه المعاني الطيّبة، لم يجاوب يسوع على السؤال السياسي المحرج إيجابياً فقط، بل أمر كلّ المؤمنين به، أنْ يتعاونوا بإخلاص مع الحكومة الحاضرة في كلّ مجالاتها وميادينها٠
وفي الوقت نفسه، أراهم المسيح الفارق الأساسي بين القيصر المخيف والله العظيم. فالقيصر كان إنساناً مخلوقاً فانياً محدوداً في الحكمة والمعرفة، وخاطئاً مثل كلّ البشر. أمّا الله فهو كامل أبدي قدّوس عليم قادر على كلّ شيء. فبمقدار عظمة الفارق بينه وبين القيصر، تكون خدمة الله أهمّ مِن خدمة الدولة. وكما أنّ السماء تفوق الأرض ينبغي أنْ ترتكز أفكارك على الله ومشيئته أكثر ممّا تهتمّ بالمشاكل الحاضرة. فكلّ الجرائد والمجلاّت لا تنصاع لهذا المبدأ، لأنّ عناوينها الضّخمة تتكلّم عن السياسة والاقتصاد والفضائح، وأمّا اسم الله وخلاص النفس فلا تذكرهما٠
طوبى لك إنْ طلبت الله وهربت مِن عبوديّة المال الفاني. فتدرك حقّاً إنّك لست أنت المعطي لله، بل هو الّذي يمطر عليك يوميّاً مجّاناً بنعمته ويمنحك محبّته وعنايته وغفرانه وخلاصه وفداءه. فمحبّة الله تفوق عقولنا٠
إنْ أدركت هذا المبدأ المقدّس، فلا يبقى فيك إلاّ الشّكر والطّاعة للإيمان، وتسليم حياتك حمداً وشكراً للوهّاب العظيم. والمسيح يشهد لك بكلّ تأكيد، أنّ الله القدّوس يعيدك مرّة أخرى إلى صورته الأصلية لتكون ابنه وهو أبوك. فعندئذ تصير أثمن مِن كلّ النقود اللامعة والأوراق الماليّة المخشخشة المطبوع عليها رؤوس الزعماء والأمراء، لأنّك تعيش إلى الأبد، إنْ استسلمت لمحبّة الله حقّاً. فأعطِ حياتك لله شكراً لخلاصه، فتنتقل مِن الزمن الفاني إلى البقاء الأزلي، وتجد معنىً جديداً لحياتك في خدمة ملكوت الله٠
ولربّما تتساءل: ماذا علي أنْ أفعل، إنْ منعتني حكومتي مِن الإيمان بالمسيح؟ فالكتاب المقدّس يجاوبك واضحاً: ينبغي أنْ نطيع الله أكثر مِن النّاس. فالمؤمنون في روما عند الاضطهاد اختفوا في المغاور والمقابر تحت الأرض، وفضّلوا الموت تعذيباً على أنْ يؤلّهوا القياصرة الفانين٠
وأنّنا لنشاهد اليوم في الدولة الدكتاتورية، أنّها تطالب الإنسان أنْ يخضع لمبادئها بكلّيته، غير مكتفين بإخلاصه وخدمته، بل تفرض عليه الإيمان بها، وتكريس حياته لروحها وأهدافها، وانكار المسيح المخلّص الوحيد. ففي تلك المناطق والبلدان يستمرّ المؤمنون في محبّة مضطهديهم، ويباركونهم، ويطلبون يوميّاً هدى الربّ. وإذا دعوا للاستنطاق، يتكلّمون الصدق في حكمة الرّوح القدس. ويشهدون لربّهم الحي، مفضّلين الموت في الدنيا والحياة في ملكوت الله على الاستسلام لأرواح المضلّين٠
كلّنا نسرع لوقت قيام مملكة المسيح الكذّاب، حيث لا يقدر المؤمنون أنْ يشتروا أو يبيعوا، لأنّهم سوف لا يستسلمون للرّوح الشرّير المتجسّد. فاستعدّ لخدمة الله، لتكرّمه بإطاعة إيمانك الكامل٠
ولمّا سمع الجواسيس الماكرون جواب يسوع آنذاك:" أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله" تعجّبوا واستغربوا مِن حكمته وسلطانه. فنتمنى نحن أيضاً اليوم، أنْ يعرف كلّ الّذين يراقبون سيرتنا، أنّ المسيح يدعونا خدّاماً أمناء للدولة، الّتي نعيش فيها، حتّى ولو اضطهدتنا لأجل سجودنا لربّنا الحي٠
الصّلاة: يا ملك السّلام أنت وديع، وما كنت ثائراً في هذا الدنيا. فثبّتنا في التواضع لنخدم الله معاً. ونخدم الدولة أيضاً، بأمانة. حرّرنا مِن محبّة المال الفانِي، وارفع أذهاننا إليك واملأنا بإطاعة الإيمان والمحبّة والحكمة والرجاء٠
السؤال ١۲۱: كيف يخدم المؤمن دولته حقّاً والله في الوقت نفسه ؟