Home -- Arabic -- Luke - 059 (The End of Christ's Ministry in the Mountainous Region of Galilee )
Previous Lesson -- Next Lesson
لوقا -المسيح ، مخلص العالم
في دراسَة إنجِيل المسِيح حسَب البَشِير لوقا
القسم الثالث - أعمال يسوع في الجليل (٤: ١٤ – ٩: ٥٠)٠
١٧. نهاية عمل المسيح في منطقة الجليل الجبلية (٩: ١٠ – ٥٠) ٠
لوقا ٩: ١٨ -٢٢
١٨ وَفِيمَا هُوَ يُصَلِّي عَلَى اٰنْفِرَادٍ كَان اٰلتَّلاَمِيذُ مَعَهُ. فَسَأَلَهُمْ: «مَنْ تَقُولُ اٰلْجُمُوعُ إِنّي أنَا؟» ١٩ فَأَجَابُوا: «يوحنّا اٰلْمَعْمَدَان. وَآخَرُونَ إِيلِيَّا. وَآخَرُونَ إِنَّ نَبِيّاً مِنَ اٰلْقُدَمَاءِ قَامَ». ٢٠ فَقَالَ لَهُمْ: «وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنّي أنَا؟» فَأَجَابَ بُطْرُسُ: «مَسِيحُ اٰللّٰهِ». ٢١ فَاٰنْتَهَرَهُمْ وَأَوْصَى أَنْ لاَ يَقُولُوا ذٰلِكَ لأَحَدٍ، ٢٢ قَائِلاً: «إِنّهُ يَنْبَغِي أَنَّ اٰبْنَ اٰلانسَان يَتَأَلَّمُ كَثِيراً، وَيُرْفَضُ مِنَ اٰلشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ اٰلْكَهَنَةِ وَاٰلْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلُ، وَفِي اٰلْيَوْمِ اٰلثَّالِثِ يَقُومُ»٠
بعد ذروة خدمات المسيح في الجليل بإشباع الخمسة آلاف رجل من سمكتين وخمسة أرغفة، انفرد ابن الله مع تلاميذه للصلاة. فهل أدركت أنّ يسوع كان مصلّياً، ولم يعمل أو يقل شيئاً بدون صلوات متواصلة؟ وبهذا الرّوح القائد فحص الربّ تلاميذه، وجذبهم إلى الاعتراف بجوهره. وأثناء هذه المكالمة اتضح، أنّ الجماهير مِن مستمعيه لم يدركوا حقيقته، لأنّهم اعتبروه أحد انبياء العهد القديم الكبار، أو إيليا سابق المسيح، أو حسبوه يوحنّا المعمدان الّذي قتله هيرودس أبّان هذه الحادثة. فكانت معرفة الشعب لا تزال سطحيّة ومتعلّقة بالخوف من الأموات والأرواح٠
لكنّ المسيح أراد ان يرشد تلاميذه إلى اتخاذ قرار حاسم فاخترق قلوبهم، وسألهم مواجهة: ماذا تقولون أنتم أنّني أنا؟ وإنْ سألك الربّ المسيح هكذا، فماذا تقول له؟ وماذا تقول لصديقك؟ مَن هو المسيح؟ لقد كتبت فتاة في درس الدين عن هذا السؤال على دفترها الجملة القاطعة الملّخصة: إنّه مخلّصي. فهذا الجواب كان الأكثر صواباً. ولا نقدر أنّ نجاوب بأفضل من ذلك، لأنّ هذه الكلمة تحمل اختبار الخلاص وقوّة المسيح. فهل اختبرت خلاص مخلّصك شخصيّاً؟
وقبل موت المسيح لم يكن هذا الجواب ممكناً، لأنّه لم يكن قد تمّ الخلاص بعد. فتجاسر بطرس مضاداً لآراء الشعب، ومعارضاً لجواسيس الفريسيين، وقال باسم التلاميذ كلّهم: أنت المسيح المنتظر ابن الله الحيّ. ففي نشوء هذه المعرفة محا الرّوح القدس في بطرس كلّ شكوك وأسئلة، وأوجد فيه الإيمان، الّذي ما صدر من النّاس بل مِن ربّهم. وليس أحد يقدر أنّ يسمي يسوع رباً ومسيحاً إلاّ بواسطة الرّوح القدس. والنّعمة تتحقّق، كلّما عرف خاطئ جوهر يسوع وتمسّك بألوهيته٠
ماذا فهم بطرس حين نطق بهذا الاسم الفريد «المسيح»؟ فالعهد القديم يقول عنه، أنّه الممسوح مِن الرّوح القدس، حاملاً كلّ قوى الله فيه، وموحّداً كلّ وظائف العهد القديم في نفسه. وإنّه موعود مِن الله، أنّ ينشئ ملكوتاً أبديّاً على الأرض، مركزه أورشليم. فترقّب اليهود مجيء هذا الموعود ليحقّق مملكة السّلام، ويقيم الأموات، ويغلب الظلم، وينشر الحريّة في البلاد الرازحة تحت عبوديّة الاستعمار. فأصبحت هذه الانتظارات سياسيّة دنيويّة وليست روحيّة. فرفض أكثريّة الشعب كرازة يوحنّا المعمدان، لأنّه كرز بمسيح قاض شديد مقبل عليهم، يطلب تغيير الذهن والتّوبة الجذريّة٠
ورعم الفريسيون أنّ المسيح لن يأتي إلاّ إذا حفظ كلّ اليهود وصيّة السبت بلا غلط. أمّا الغيورون على الوطنية فانتظروا مسيحاً محارباً بالسيف لطرد الرومان، ومنفذاً الحق بالعنف والقوّة٠
وقد منع المسيح تلاميذه لهذه الأسباب مِن التكلّم عن مسيحيته، لكيلا تنشب انتصارات خاطئة متعلّقة بشخصه. ولم يرفض شهادة بطرس، بل أثبتها بموافقته الصامتة، طالباً منه استمرار الإيمان دون إعطائه برهاناً وموافقة ظاهريّة. فما قال له: أجل يا بطرس معك حق، إنّي أنا المسيح المنتظر. ولكنّه منعه أنّ يعترف بهذا الإيمان جهراً، قبل موته على الصليب٠
وابتدأ يسوع مع هذا ينشر معرفة المسيح الحق في قلوب التلاميذ فابن العلي قد أتى لينشئ ملكوت الله. ولكنّه لا يقدر ان ينشئ هذه المملكة المقدّسة من خطاة في العيوب والذنوب، لأنّ ملكوت القدّوس مؤلف من قديسين، كما قال: كونوا قديسين لأنّي أنا قدّوس. والمسيح أوضح لنا هذه الكلمة بقوله: كونوا رحماء كما أنّ أباكم رحيم أيضاً. فهذه المملكة الإلهيّة ملكوت أبوي مؤلف مِن أولاد روحه القدّوس٠
وليس إنسان في العالم ممتلئاً مِن هذا الرّوح، لأنّ الخطيئة قد فصلت بيننا وبين ربّنا. فأتى المسيح ليطهر أهل ملكوته ويبررهم ويقدسهم. فلم يستطع الملكوت ان يأتي قبل ان يتم الصليب. فابتدأ يسوع يخبر رسله، أنّ المسيح الحقّ، أتى ليتألّم ويموت، ويكّفر عن خطيئة العالم كحمل الله. فلم يستطع أنّ يبني ملكوته من خطاة على الأرض إلاّ أنّ يتقدّسوا٠
وهذه المعرفة الهامّة، لم تدخل عقول التلاميذ. فانتظروا مسيحاً ناصراً باهراً خطيباً مهيّجاً للجماهير ومالكاً على الأرواح والعناصر. فامتلأت أفكارهم بسلطان يسوع، ولم يدركوا طريقة النازل إلى الموت. ولم يخطر ببالهم أنّ زعماء الأمّة الرّوحانيين يسبّبون ويشتركون في قتل مسيح الله. فأصبح شعار كرازة المسيح بعد إشباع الخمسة آلاف رجل، وبعد شهادة بطرس، أنّ يقول لنخبة أتباعه، أنّ ابن الإنسان ينبغي أنْ يموت، ليثبت لأتباعه أنّه متأكّد مِن انتصاره ومنسجم مع إرادة الله٠
الصّلاة: أيّها الربّ يسوع، نسجد لك لأنّك مسيح الله. ويحلّ فيك ملء اللاهوت جسدياً. اغفر لنا إيماننا السطحي، وعلّمنا ضرورة آلامك وموتك، لكي نشترك في إطاعة إيمانك وقيامتك الظافرة٠
السؤال ٦٨: ما هو المسيح الّذي كان ينتظره كلّ فريق مِن اليهود٠