Previous Lesson -- Next Lesson
مرقس - من هو المسيح؟
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير مرقس
الجُزء الثَّامِن - آلامُ المَسِيْح ومَوتُه (مرقس ۱٤: ۱ - ۱٥: ٤٧)٠
١. تآمُر زعماء الشَّعب على يَسُوْع (مرقس ۱٤: ۱-۲)٠
مرقس ۱٤: ۱-۲
١ وَكَانَ الْفِصْحُ وَأَيَّامُ الْفَطِيرِ بَعْدَ يَوْمَيْنِ، وَكَانَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةُ يَطْلُبُونَ كَيْفَ يُمْسِكُونَهُ بِمَكْرٍ وَيَقْتُلُونَهُ. ٢ وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ فِي الْعِيدِ لِئَلاَّ يَكُونَ شَغْبٌ فِي الشَّعْبِ.
كان عيد الفصح أعظم الأعياد عند شعب العهد القَدِيْم الّذين كانوا يحتفلون به أسبوعاً كاملاً مع أيَّام الفطير (أي الخبز غير المخمَّر)، متذكِّرين غضب الله الّذي عبر عنهم لأجل حمل الفصح المذبوح مِن كلّ عائلة في الأمَّة. فكانت كلُّ أسرة تجتمع حول ذبيحة الفصح، وعلى كلّ فردٍ مِن العائلة أن يأكل منها، حتّى يأتوا عليها كلُّهم. وإذا كانت الذَّبيحة كثيرةً عليهم، فيدعون إليها جيرانهم أو أصدقاءهم٠
وكانوا يرشُّون عتبة أبواب بيوتهم العليا والقائمتين بدم الحمل لكي يعبر عنهم ملاك الغضب. وهكذا نجا الشعب كله بواسطة دم حَمَل الله عائشاً بنعمته. وأمَّا كلُّ الّذين كانوا بدون حماية دم الحمل، فانقضَّ عليهم غضب الله الّذي قتل أبكارهم في تلك اللَّيلة. وأُجبر المخلَّصون بدم الحمل على الهرب، وطُردوا مِن أرض مصر. ولم يجد الهاربون الوقت الكافي لانتظار اختمار العجين، فأخذوه معهم في مناطقهم وصررهم، وخبزوه على حجارةٍ في الشَّمس خلال سيرهم في البرِّيَّة٠
لم يكن أولاد يعقوب أفضل مِن أهل مصر. فوضعوا أنفسهم تحت حماية حَمَل الله. والسِّرُّ في هذا المبدأ عظيمٌ. ليس إنسانٌ واحدٌ صالحاً وبارّاً أمام الله. الجميع يستحقُّون الغضب والموت والهلاك. ولكنْ مَن يضع نفسه تحت دم حَمَل الله في العهد الجديد طوعاً إلى الأبد لن يدخل إلى دينونةٍٍٍ. فلا يوجد خلاصٌ إلاَّ بواسطة حَمَل الله الفريد. لا تَنْفَع الإنسانَ استقامته، ولا تسابيح الحمد، ولا تبرُّعاته الماليَّة، ولا أَعْمَاله الإنسانيَّة. فهذه كلُّها لا تبرِّرنا أمام الله. وجُهودُنا كلُّها لا تكفي لتمجيد القُدُّوس. إنَّ حَمَل الله المختار هو وحده الحماية والتَّبرير والتَّطهير والتَّقديس لكلِّ مَن يؤمن به٠
المَسِيْح هو حَمَل الله المذبوح لأجلنا٠
البشر دستور مَلَكُوْته، وأرشدهم إلى سرِّ الكَون: المَحَبَّة، ومثَّلها أمامهم جليّاً، وبعدما أكمل تعليمه كلَّه، تقدَّم طوعاً إلى ساعة أَجَلِه، عِلماً أنَّه ما مِن سبيلٍ لفداء البشر غير موته. فمِن الصَّلِيْب ننال البِرَّ والقوَّة والخلاص٠
لم يهرب يَسُوْع مِن أُوْرُشَلِيْم، على الرَّغم مِن عِلْمه اليقين بأنَّ زعماء الشَّعب قصدوا قتله، لكنَّه عيَّن ساعة موته بإرادته، لأنَّه أخذ سلطان هذا التَّعيين مِن أبيه. فلم يَمُتْ صدفةً، أو مُجبَراً، بل في السَّاعة المُعيَّنة، في اللَّحظة الّتي قُدِّمَت فيها ذبيحة حملان الفصح في ساحة الهيكل، ليظهر جليّاً أنَّ المَسِيْح هو حَمَل الله المُختار الّذي يرفع خطيئة العالم٠
كان زعماء الشَّعب قد تآمروا منذ أشهر على قتل يَسُوْع، لأنَّ النَّاصِرِيّ غفر الذُّنوب كالله، وشفى المرضى بكلمته في يوم السَّبْت، وجذب الجَمَاهِيْر خارج سلطة المجمع. فخافوا أن يقع انقسامٌ في الأُمَّة، أو ثورةٌ يقودها "الغُيُر"، أو تدخُّلٌ من القوى الرُّومانيَّة المُستعمِرة٠
وأبغض الشُّيوخُ النَّجَّار القادم مِن قرية النَّاصِرَة، لأنَّه كان أذكى وأكثر روحانيَّةً مِن جميع وفودهم، ولم يسقط في فخاخهم، فظنّوا أنَّهم يخدمون الله إنْ أبادوه، وبذلك لا يتزعزع سلطانهم، فتتثبَّت أنظمةُ الهيكل، ولا تفقد الشَّريعة هيبتها وشموليَّتها٠
أمَّا الفقهاء في علوم التَّوراة فقصدوا موت يَسُوْع عَرَضاً، والقبض عليه بحيلةٍ، ليكتشفوا منه أسراره بأسئلةٍ متزاحمةٍ، ويُوْقِعُوا به باعترافٍ مُخالفٍ لشريعتهم، ويجدوا سبباً شرعيّاً ليبرزوا الزَّعيم الشَّاب كمُضِلٍّ للأمَّة، ويقتلوه رسميّاً، كي يَعْبُر غضب الله عن الأمَّة٠
لم يجدوا في الماضي فرصةً مُناسبةً للقبض على يَسُوْع وسط أتباعه، أو أثناء معجزات الشِّفاء الّتي صنعها، أو خلال عظاته ومناقشاته، كي لا يسبِّبوا شغباً في الشَّعب، أو كي لا يَظهر في ذاكرة الأمَّة كقائد عظيم، أو نبيّ مُختار. وهكذا أرشدهم الشِّرِّيْر ألاَّ يقتلوا يَسُوْع في العيد. فأرسلوا جواسيس في المنطقة كلِّها ليقبضوا عليه قبل العيد أو بعده. لكنَّ يَسُوْع كان قد عيَّن موته في العيد٠
الصَّلاَة: يا حَمَل الله القُدُّوس، نشكرك لأنّك رفعتَ خطيئة العالم كلَّها. ارحمنا. أنت الشَّاهِد الأمين. لم تهرب مِن القدس، رغم أنَّك علمتَ بمؤامرة أعدائك. أنت الوسيط الأمين. قدِّسْنا إلى التَّمام ليَعبُر عنَّا غضب الله، لأنَّنا لسنا أفضل مِن الآخَرين. دمك بِرُّنا وتطهيرنا وقداستنا. آمين٠
السُّؤَال ٨٦: ما هو معنى "حمل الفصح"؟