Previous Lesson -- Next Lesson
مرقس - من هو المسيح؟
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير مرقس
الجزء السَّابع - خطاب يَسُوْع على جبل الزَّيتون حول مُسْتَقْبَل أُوْرُشَلِيْم ونهاية العالم (مرقس ۱۳: ۱-۳٧)٠
٣. أمر يَسُوْع بتبشير العالم رغم الاضطهاد (مرقس ۱۳: ٩-۱۳)٠
مرقس ۱۳: ٩-۱۳
٩ فَانْظُرُوا إِلَى نُفُوسِكُمْ، لأَِنَّهُمْ سَيُسَلِّمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ وَتُجْلَدُونَ فِي مَجَامِعَ وَتُوقَفُونَ أَمَامَ وُلاَةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ. ١٠ وَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَزَ أَوَّلاً بِالإِنْجِيْل فِي جَمِيعِ الأُمَمِ. ١١ فَمَتَى سَاقُوكُمْ لِيُسَلِّمُوكُمْ فَلاَ تَعْتَنُوا مِنْ قَبْلُ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ وَلاَ تَهْتَمُّوا، بَلْ مَهْمَا أُعْطِيتُمْ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَبِذَلِكَ تَكَلَّمُوا، لأَِنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلِ الرُّوْح القُدُس. ١٢ وَسَيُسْلِمُ الأَخُ أَخَاهُ إِلَى الْمَوْتِ وَالأَبُ وَلَدَهُ، وَيَقُومُ الأَوْلاَدُ عَلى وَالِدِيهِمْ وَيَقْتُلُونَهُمْ. ١٣ وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي، وَلَكِنَّ الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهَذَا يَخْلُصُ٠
حوَّل يَسُوْع أنظار التَّلاَمِيْذ مِن خراب الهَيْكَل إلى ما هو أبعد منه، ليستعدُّوا لحلول الرُّوْح القُدُس في أنفسهم، فيصبحوا هم هَيْكَل الله وسط العالم المضطرب، ويعرفوا الآب والابن والرُّوْح القُدُس في وحدة كاملة، ويشهدوا بهذه الثّورة الروحيّة في سبيل المَحَبَّة، وبالتالي يرفضهم أولاد إبراهيم ككفَّار مجدِّفين٠
لكنّهم لا يستطيعون أن ينكروا الحالة الجَدِيْدة الحالَّة في قلوبهم، إنْ هُم تيقَّنوا تيقُّناً أبديّاً، بواسطة إعلان الرُّوْح القُدُس فيهم، أنَّ الله هو ثلاثةٌ في واحد، وأنَّهم هم أولاده الأبرار. وحتَّى وإن ضُربوا أو تعرَّضوا لغَسل الدّماغ، فإنَّ شهادة المُعزِّي فيهم لا تنتهي، لأنّهم أصبحوا خليقةً جَدِيْدةً عثرةً للعالم الميت في خطاياه. نرى جليّاً في أيامنا هذه أنَّ سيطرة الطُّغاة، وإنْ دامت عشرات السنين، لا تقدر على إبادة الجوع إلى الله في قلوب البشر. وحيثما وُجد مُتَجَدِّدون تستمرُّ الحياة الرّوحية في نشاطات صامتة، بواسطة الصَّلاَة، ومَحَبَّة الأعداء٠
لا يقدر أحدٌ أن يقلع، أو يُنهي حياة الله الموروثة في دنيانا. ونجد، كرمز لهذا الاختبار، إحدى الأعشاب على جبال لبنان، الّتي تمتدّ جذورها الغليظة إلى أعماق الأرض، فلا يستطيع أحدٌ أن يضع حدّاً لحياة هذه النبتة حتى ولو تمكّن مِن قطع جذعها أو اقتلاع بعض جذورها، فحياتها تستمرّ مجدّداً في باطن الأرض، وتنبت مرةً تلو المرّة. واسم هذه النبتة الغريبة كما يدعوها السكان بلغتهم الشعبية "الإِنْجِيْل"، لأنّهم اختبروا، عبر القرون، أنّ ما مِن قوَّةٍ، لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة، تقدر أن تُنهي سلطان الإِنْجِيْل المُقَدَّس٠
المَسِيْح هو الغالِب، وكلمته باقيةٌ، رغم الرفض والاضطهاد مِن فرد لآخَر ومِن بلدٍ لآخَر. ولا تأتي نهاية العالم قبل وصول الإِنْجِيْل إلى جميع بلدان العالم، وإتمام التَّبْشِيْر في جميع لغات العالم. وهذا السِّر هو مِن مقتضيات بِرِّ الله العادل. فإلى متى ستظلّ غافلاً قاصراً اهتمامك على نفسك وعائلتك؟ قم وأسرع إلى جارك، لأنَّ الإِنْجِيْل ضرورةٌ. فالجميع يحتاجون إلى الخبر السَّار بأنَّ ابن الله الّذي صُلب قد غلب الخطايا، وهزم الموت، وانتصر على حقد جَهَنَّم، وأظهرَ في اليوم الثالث حياة الله الأبديَّة٠
تكلَّم، ولا تخجل، حتّى لا تنفصل عن موكب انتصار المَسِيْح. إنَّ مجد إلهنا الثَّالُوْث الواحد الأَقْدَس يُذاع ليلاً ونهاراً في محطات الإذاعة الروحية بلغّات مختلفة. ومَحَبَّة الله الآب في المَسِيْح يَسُوْع تَظهر علانيةً في الكتب والمجلات.. وفي الأَعْمَال الصَّالِحة، لكلّ مَن يريد أن يرى٠
فالإِنْجِيْل يتقدَّم في طريقه، ويستطيع كلّ مَن ينشد الخلاص أن يحصل عليه. إنَّ تبشير العالم كلّه علامةٌ مِن علامات نهاية العالم٠
عَلِمَ يَسُوْع أنَّ شهادة تلاميذه ستُنشئ ردَّ فعلٍ عند المتعصِّبين، وهو لم يتدخَّل لمنع عذاب بُوْلُس في سجنه، بل أكَّد له حضوره وحكمته وسلطانه الروحي٠
وأمر يَسُوْع أتباعه ألاّ يهتموا بالدّفاع عن أنفسهم. ووعدهم بأنَّ الرُّوْح القُدُس سيُلهمهم الحكمة، حتَّى يستطيعوا، بحكمة الحيَّات وبساطة الحمام، أن ينطقوا بالحقّ في محبته. فشهود المَسِيْح الأمناء ممسوحون، ومُلهَمون، مثلهم مثل الأنبياء؛ فلا يتكلّمون بأفكارهم هم، بل يستخدمهم الرُّوْح القُدُس كمكبّرات صوت تذيع الحقّ جهاراً في أيّام الضيق٠
وينتظر الرّبّ منهم الطاعة، ليتكلّموا بما يريد الروح أن يُعلن. وهذا الاستعداد يتطلّب سمعاً داخلياً لكلام الرّبّ في الإِنْجِيْل. فطوبى للإنسان الّذي حفظ الكثير من آيات الله غيباً، ومرّن قلبه على سماع صوت الرُّوْح القُدُس، لأنّه سيسمع تعزية ربِّه، حتى في أشد أوقات الضيق، وفي لحظة الموت٠
هكذا يمكننا أن نسلك كسفراء المَسِيْح بين الصغار والكبار، بدون خجل أو استحياء؛ لأنَّ جهالة الله أعظم مِن حكمة هذه الدنيا (۱ كُورِنْثُوس ۱: ۲)٠
ما أكثر ما يرفض الأقرباءُ المؤمنَ حديثاً بالمَسِيْح، ويبغضونه، ويسلّمونه إلى أيدي الحكّام الظَّلَمَة، غسلاً للعار الموهوم للعائلة أو العشيرة. وفي بعض الأحيان يظنّ الإخوة أو الآباء – في عماهم الرّوحي – أنّهم يخدمون الله، إذ يُعذِّبون مُتَجَدِّداً مِن أصل غير مَسِيْحي، أو يُميتونه٠
لا يَعِدُنا اسم يَسُوْع بالسلام والسرور في القلب فقط، بل يجلب أيضاً على المؤمنين بُغْضَة وصليباً، وأحياناً موتاً؛ لأنَّ روح هذا العالم يكافح ضدَّ روح الله دون شفقة٠
لكنّك لست وحدك في هذا الكفاح. فملايين المَسِيْحيين المخلصين يجتازون تجارب شبيهة بتجاربك. فتقوِّ في الرّبّ لتكافح في اليوم الشِّرِّيْر. لا تهرب من الصّراع الرّوحي، ولا تسعَ وراء الاسترخاء والخمول. فلا بدّ مِن التَّبْشِيْر. الرّبّ يأمرنا بالانطلاق، فلا تختبئ في الدفاع عن الإِيْمَان، بل قم وتقدّم إلى الهجوم اللطيف في إرشاد الروح٠
المَحَبَّة الّتي وهبك الله لك أعظم مِن كلّ بُغْضَة. فلا تنكر مسحة الرُّوْح القُدُس الّتي منحك إياها يَسُوْع، لأنّها أقوى مِن أَرْوَاح الدنيا كلّها. هذه المَحَبَّة هي الغلبة الّتي تغلب العالم.. إِيْمَاننا. ومَن يثبت إلى المنتهى فهذا يخلص٠
يقوِّي يَسُوْع جميع المتألّمين في سبيل اسمه، ويؤكِّد لهم وعده الأمين: "وها أنا معكم كلّ الأيام إلى انقضاء الدهر" (متى ۲٨: ۲۰)٠
الصَّلاَة: يا ربّ، كثيراً ما نكون أنانيين في الحياة الروحيّة. لقد اشتريتنا بدمك الثمين، وأحييتنا بروحك القُدُّوس. لكنّنا نحن قلَّما نتكلّم مع الكفّار أو غير المؤمنين باسمك، فلا نعلن خلاصك بوضوح وحكمة. افتح قلوبنا، لتحلّ شفقتك فينا، فنندفع إلى أخينا الإنسان، ونجد كَلِمَات محبّتك الحكيمة الّتي تقدّم لهم الحَيَاة الأَبَدِيَّة بطريقة مقبولة. اغفر ذنوبنا وذنوب غيرنا، وافتح أعين الجميع ليروك ويتقدّموا إليك، واخلق فيهم الإرادة والقوة لقبولك. واحفظنا في أخطار شهادتنا، لأننا لا نتكلم بأسمائنا، بل نتمم وصاياك. ألهمنا الكَلِمَات المناسبة لجميع الناس الّذين نلتقيهم، وساعدنا أن ننطق بما تقوله أنت لنا، فنطيع إرشادك. خلِّص أيضاً والدينا وإخوتنا وأقرباءنا بخلاصك الأبدي الحنون. آمين٠
السُّؤَال ٧٨: ما هي علاقة تبشير دنيانا بنهاية العالم؟