Previous Lesson -- Next Lesson
مرقس - من هو المسيح؟
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير مرقس
الجزء السَّادس - دُخول يَسُوْع إلى أُوْرُشَلِيْم وأَعْمَالُه الأخيرة (مرقس ۱۰: ٤٦ - ۱۲: ٤٤)٠
٣. لَعْنُ التِّينة، وتطهيرُ الهَيْكَل (مرقس ۱۱: ۱۱-۱٩)٠
مرقس ۱۱: ۱۱-۱٩
١١ فَدَخَلَ يَسُوْع أُوْرُشَلِيْم وَالْهَيْكَل وَلَمَّا نَظَرَ حَوْلَهُ إِلَى كُلِّ شَيْءٍ إِذْ كَانَ الْوَقْتُ قَدْ أَمْسَى خَرَجَ إِلَى بَيْتِ عَنْيَا مَعَ الاِثْنَيْ عَشَرَ. ١٢ وَفِي الْغَدِ لَمَّا خَرَجُوا مِنْ بَيْتِ عَنْيَا جَاعَ. ١٣ فَنَظَرَ شَجَرَةَ تِينٍ مِنْ بَعِيدٍ عَلَيْهَا وَرَقٌ وَجَاءَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهَا شَيْئًا فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهَا لَمْ يَجِدْ شَيْئًا إِلاَّ وَرَقًا، لأَِنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ التِّينِ. ١٤ فَأَجَابَ يَسُوْع وَقَالَ لَهَا لاَ يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْكِ ثَمَرًا بَعْدُ إِلَى الأَبَد. وَكَانَ تَلاَمِيذُهُ يَسْمَعُونَ ١٥ وَجَاءُوا إِلَى أُوْرُشَلِيْم، وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوْع الْهَيْكَل ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَل وَقَلَّبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ، ١٦ وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَجْتَازُ الْهَيْكَل بِمَتَاعٍ. ١٧ وَكَانَ يُعَلِّمُ قَائِلاً لَهُمْ أَلَيْسَ مَكْتُوبًا بَيْتِي بَيْتَ صَلاَةٍ يُدْعَى لِجَمِيعِ الأُمَمِ، وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ. ١٨ وَسَمِعَ الْكَتَبَةُ وَرُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ فَطَلَبُوا كَيْفَ يُهْلِكُونَهُ لأَِنَّهُمْ خَافُوهُ إِذْ بُهِتَ الْجَمْعُ كُلُّهُ مِنْ تَعْلِيمِهِ. ١٩ وَلَمَّا صَارَ الْمَسَاءُ خَرَجَ إِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ
عندما دخل يَسُوْع العاصمة، لم يتوجَّه أوَّلاً إلى رؤساء الشَّعب، ولا إلى قادة الجيش المستعمِر، بل قصد مباشرةً مركزَ القدس، هَيْكَل الله الفريد، حيث شاهد جَمَاهِيْر المصلين الّذين كان جلّ اهتمامهم منصبّاً على شراء حيوانات الذبائح، وأدرك ببصيرته خلوَّ قلوبهم من التّوبة. سمع ضجيج التّجار الّذين لم يرعوا حرمة وقَدَاسَة بيت الله، وتفرَّس في عيون النّاس فقرأ فيها رجسهم، واسْتِكْبَارهم، وخبثهم؛ فغادر مدينة السَّلام الّتي أضحت مدينة البُغْضَة والقتل، وقلبه ممتلئٌ حزناً٠
كما الأرزة الجميلة ترمز للبنان، كذلك شجرة التين، أو الزيتون ترمز لشعب العَهْد القَدِيْم. فعندما مرّ يَسُوْع بشجرة تين وجدها ممتلئة أوراقاً، ولكنّه لم يجد فيها ثمراً. صحيحٌ أنَّ الوقت كان آنَذَاكَ في شهر نيسان، ولم يكن أوان إثمار التينة. لكنّه كان وقت باكورة التين، ولم يكن في تلك التينة شيءٌ من الباكورة. فعاقب المَسِيْح تلك الشجرة، منتزعاً منها البركة، فلا تثمر بعد٠
وهكذا نعلم أنَّ العَهْد القَدِيْم لا قوَّة له، لأنَّ الشَّرِيْعَة الموسويَّة لا تقدر أن تأتي بثمار مرضية عند الله. ونجد، فعلاً، في العَهْد القَدِيْم، كما في شجرة التين، أوراقاً كثيرة، وأسفاراً حافلة بالأحكام والفَرَائِض والصَّلَوَات والطُّقُوْس، ولكنها خاليةٌ مِن التّوبة الحقّة، والغفران الأبدي، وقوَّة المَحَبَّة. لم تكن أُوْرُشَلِيْم المدينة المُقَدَّسة حقّاً، لأنَّها لم تستقبل يَسُوْع كما يجب. فابتدأ فيها الخراب والدَّيْنُونَة تدريجيّاً٠
ولمَّا عاد يَسُوْع، في اليوم التالي، إلى المدينة، وضع علامةً لبداية مَلَكُوْته. فلم يبشِّر ولم يَشْفِ، بل تقدَّم مرَّةً أُخرى إلى الهَيْكَل، وطرد التُّجَّار والصَّيارفة وكلَّ مَن كان ينتهك حرمة الهَيْكَل، ليبيِّن أنَّ إصلاح الأمَّة يبتدئ بإصلاح الدِّيْن، وليس بتنظيم الاقتصاد، والإكثار من الأنظمة، وحثّ الجَمَاهِيْر على الحجّ، والثّورة، وتقَدِيْم الذبائح٠
يريد المَسِيْح أن يطهِّر قلبك، ويغيِّر ذهنك، ويقدِّس جسدك. وهو لا يرضى أن يسكن فيك روحٌ شرِّيرٌ، أو بُغْضَة كامنةٌ، أو مَحَبَّة للمال، بل يريد أن يحلّ هو بنفسه فيك، ليصبح جسدك هَيْكَلاً لله ممتلئاً بروحه٠
وكذلك أيضاً بالنسبة للكنيسة، لا يسمح المَسِيْح باجتماع أَرْوَاح غريبة، بل يريد انكسار الجميع أمام قداسته، وطاعة الشُّيوخ والشَّباب لدوافع إِنْجِيْله، مع صلوات مخلصة.. فيحلّ فيكم أفراداً وجماعاتٍ، لتصبحوا معاً الهَيْكَل الظاهر لله. إنَّ سلوككم الطاهر ومحبتكم المتبادلة هي البرهان على وجود الله فيكم٠
الصَّلاَة: أيُّها الرّبّ يَسُوْع، نسجد لك لأنَّك أنت رئيس الكهنة الصحيح، والملك صاحب الجلال والسُّلطان، والمشترع المملوء حكمةً وحقّاً. ونعترف أمامك بأنَّ قلوبنا غير طاهرة، وأنّها ناقصة أمام مجدك، وأنّنا نفكر كثيراً، ونقرأ، ونكتب، ولكنّ أَعْمَالنا الصَّالِحة ضئيلة، وأنت تطلب منَّا جميع ثمار روحك القُدُّوس. اغفر لنا ذنوبنا كلها، وامسحنا بقوَّتك لنصبح مَسِيْحيِّين عاملين مرضاتك، فننشر محبّتك في أمَّتنا، ليرجع الكثيرون إليك، وتحلّ في منسحقي القلوب، ونكون معاً هَيْكَلاً مقدَّساً لحضورك معنا. آمين٠
السُّؤَال ٦٧: لماذا طهَّر يَسُوْع الهَيْكَل؟