Previous Lesson -- Next Lesson
مرقس - من هو المسيح؟
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير مرقس
الجزء الخامِس - المَسِيْح يُعلن لتلاميذه موتَه وحياتَه (مرقس ٨: ۲٧ - ۱۰: ٤٥)٠
١. اعتراف بُطْرُس بأنَّ يَسُوْع هو المَسِيْح ابن الله وسقوطه في تجربة الشَّيْطَان (مرقس ٨: ۲٧-۳۳)٠
مرقس ٨: ۲٧-۳۳
٢٧ ثُمَّ خَرَجَ يَسُوْع وَتَلاَمِيذُهُ إِلَى قُرَى قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ، وَفِي الطَّرِيقِ سَأَلَ تَلاَمِيذَهُ قَائِلاً لَهُمْ مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا، ٢٨ فَأَجَابُوا، يُوْحَنَّا المَعْمَدَان، وَآخَرُونَ إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ وَاحِدٌ مِنَ الأَنْبِيَاءِ. ٢٩ فَقَالَ لَهُمْ وَأَنْتُمْ مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا، فَأَجَابَ بُطْرُس وَقَالَ لَهُ أَنْتَ الْمَسِيْح. ٣٠ فَانْتَهَرَهُمْ كَيْ لاَ يَقُولُوا لأَِحَدٍ عَنْهُ
أرشد المَسِيْح تلاميذه إلى النُّضج في الإِيْمَان، حتَّى أدركوا مَن هو. وقاد إِيْمَانهم النَّامي تدريجيّاً إلى الاعتراف به جهراً، ليُحدِّدوا موقفهم بعزمٍ ويتبعوه بثبات٠
وقد سمَّت الجَمَاهِيْر المَسِيْح نبيّاً، بمعنى خليفة موسى، أو موسى الثَّاني؛ والبعض حسبوه روح يُوْحَنَّا المَعْمَدَان المتجسِّد الحالّ فيه، الشَّبيه بإيليَّا الغيور الموعود أن يجيء قبل المَسِيْح. لكنَّ المَسِيْح اخترق قلوب رسله، وحملهم على الاعتراف المباشَر بحقيقة جوهره٠
فما هو إِيْمَانك بيَسُوْع؟ أتَقول بسطحيَّة إِنَّهُ المَسِيْح؟ وهل عرفتَ المعاني المختلفة في هذا الاسم العميق؟ فاللّقب "المَسِيْح" يعني إنساناً ممسوحاً بالرُّوْح القُدُس، كما مسح اللهُ سابقاً رؤساءَ الكهنة، والملوك الأمناء، والأنبياء البارزين. ولكنَّ يَسُوْع المَسِيْح هو مَسِيْح المُسَحاء الكامل، لأنَّ فيه حلَّ كلُّ ملء اللاَّهُوت جسديّاً. فصفات القُدُّوس، وقواه، ومواهبه كلُّها مُتَضَمَّنَةٌ في هذا الاسم الفريد٠
ولكنَّ اليهود ظنّوا أنَّ المَسِيْح المُنتَظَر هو ملكٌ سياسيٌّ، يأتي مِن قِبَل الله، في آخر الأيام، ليحرِّرهم بعجائبه مِن نِيْر الاستعمار الروماني، ويجعلهم أمّةً قائدة للعالم كله. فإِيْمَانهم بملك سياسي كان خداعاً مِن الشَّيْطَان الّذي فسَّر مواعيد العَهْد القَدِيْم بالمكر والالتواء٠
أمَّا المَسِيْح فقد عَلِم وعلَّمَنا أنَّ الدولة الّتي تستمدّ مقوّماتها مِن القوَّة العسكريَّة والضَّرائب والقوانين لا يُمكنها أن تُغيِّر قلوب الناس. فأراد إنشاء مَمْلَكَة روحيّة، حيث يسكن الله مع الناس في عهد أبدي. ولكنَّ البشر كلّهم ابتعدوا عن الخالق، وخطايانا كرمل البحر، وجبلتنا فاسدةٌ. لهذا رفع المَسِيْح ذنوبنا، وصالحنا مع القاضي الأزلي، لنعيش في سلام السَّمَاوَات. وتكلم بُطْرُس، نيابةً عن التَّلاَمِيْذ الآخرين، واعترف بأنَّ يَسُوْع هو مَسِيْح الله الحقّ. ولم يحصل على هذه المعرفة بتحليل عقلي، أو بتصميم إرادي، بل بوحي من الله الآب، الّذي أعلن له برحمته حقيقة المَسِيْح يَسُوْع. فالوحي لا يتمّ بلحم ودم، بل بروح الله مِن خارج دنيانا٠
وربَّما لم يفهم بُطْرُس عمق معنى الاعتراف بلقب المَسِيْح آنَذَاكَ، بل ظنَّ أنه مخلِّصٌ روحيٌّ وملكٌ سياسيٌّ في الوقت نفسه. فابتدأ يَسُوْع يفسِّر لتلاميذه ضرورة موته بأيدي شيوخ ورؤساء الكهنة مرفوضاً من الأمَّة٠
عِنْدَئِذٍ ثار بُطْرُس غضباً، وأراد إنقاذ ابن الله من الأشرار، وحاول منعه مِن الذّهاب إلى الصَّلِيْب. وبهذا الفكر البشري انجذب لوسوسات روح الشَّيْطَان الّذي جرَّب يَسُوْع سابقاً في البرّية ليمنعه مِن الذّهاب إلى الصَّلِيْب، ففشل، ورجع الآن، وحلَّ في بُطْرُس الّذي كان - قُبَيْلَ هذا القول - الوسيط لوحي الله عوضاً عن التَّلاَمِيْذ كلِّهم٠
نتعلَّم من بُطْرُس أنَّ الشَّهادة للمَسِيْح يمكن أن تنقلب سريعاً إلى لعنةٍ شيطانيّةٍ، إن لم نثبت في غاية مجيء المَسِيْح، أي مصالحته للنّاس مع الله على الصَّلِيْب؛ لأنه تجسَّد ليفتح لنا الباب المؤدِّي إلى الآب، واشترانا بموته أولاداً لله٠
الصَّلاَة: أيُّها الآب، اغفر لنا إنْ آمَنَّا بابنك بطريقةٍ سطحيَّةٍ، وتمنَّينا بواسطة الإِيْمَان به نجاحاً في الامتحانات، والوظائف، والأموال، والشَّرَف. افتح عيوننا لنرى أنَّ مجد المَسِيْح متحقِّقٌ في الانسحاق على الصَّلِيْب، لَمَّا حمل خطايا العالم، وبرَّرنا مجَّاناً، وصالحَنا معك، لكي ننكسر، ونتوب، ونثبُت في تواضعه، ونُحقِّق محبَّته في حياتنا. آمين٠
السُّؤَال ٥٠: ما هي أهمُّ المعاني في شهادة بُطْرُس الرَّسُول؟