Previous Lesson -- Next Lesson
مرقس - من هو المسيح؟
سلسلة دروس كتابية في إنجيل المسيح حسب البشير مرقس
الجزء الرَّابع - آيات يَسُوْع الكبرى في الجَلِيْل وجواره (مرقس ۳: ٧ - ٨: ۲٦)٠
١٠. رجوع الرسل من تبشيرهم وإشباع الخمسة آلاف في البرية (مرقس ٦: ۳۰-٤٤)٠
مرقس ٦: ۳۰-٤٤
٣٠ وَاجْتَمَعَ الرُّسُل إِلَى يَسُوْع وَأَخْبَرُوهُ بِكُلِّ شَيْءٍ كُلِّ مَا فَعَلُوا وَكُلِّ مَا عَلَّمُوا. ٣١ فَقَالَ لَهُمْ تَعَالَوْا أَنْتُمْ مُنْفَرِدِينَ إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ وَاسْتَرِيحُوا قَلِيلاً، لأَِنَّ الْقَادِمِينَ وَالذَّاهِبِينَ كَانُوا كَثِيرِينَ، وَلَمْ تَتَيَسَّرْ لَهُمْ فُرْصَةٌ لِلأَكْلِ. ٣٢ فَمَضَوْا فِي السَّفِيْنَة إِلَى مَوْضِعٍ خَلاَءٍ مُنْفَرِدِينَ. ٣٣ فَرَآهُمُ الْجُمُوعُ مُنْطَلِقِينَ وَعَرَفَهُ كَثِيرُونَ فَتَرَاكَضُوا إِلَى هُنَاكَ مِنْ جَمِيعِ الْمُدُنِ مُشَاةً وَسَبَقُوهُمْ وَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ. ٣٤ فَلَمَّا خَرَجَ يَسُوْع رَأَى جَمْعًا كَثِيرًا فَتَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ إِذْ كَانُوا كَخِرَافٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا فَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ كَثِيرًا. ٣٥ وَبَعْدَ سَاعَاتٍ كَثِيرَةٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ تَلاَمِيذُهُ قَائِلِينَ الْمَوْضِعُ خَلاَءٌ وَالْوَقْتُ مَضَى، ٣٦ اِصْرِفْهُمْ لِكَيْ يَمْضُوا إِلى الضِّيَاعِ وَالْقُرَى حَوَالَيْنَا وَيَبْتَاعُوا لَهُمْ خُبْزًا، لأَِنْ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. ٣٧ فَأَجَابَ وَقَالَ لَهُمْ أَعْطُوهُمْ أَنْتُمْ لِيَأْكُلُوا. فَقَالُوا لَهُ أَنَمْضِي وَنَبْتَاعُ خُبْزًا بِمِئَتَيْ دِينَارٍ وَنُعْطِيَهُمْ لِيَأْكُلُوا. ٣٨ فَقَالَ لَهُمْ كَمْ رَغِيفًا عِنْدَكُمُ، اذْهَبُوا وَانْظُرُوا. وَلَمَّا عَلِمُوا قَالُوا خَمْسَةٌ وَسَمَكَتَانِ. ٣٩ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا الْجَمِيعَ يَتَّكِئُونَ رِفَاقًا رِفَاقًا عَلَى الْعُشْبِ الأَخْضَرِ. ٤٠ فَاتَّكَأُوا صُفُوفًا صُفُوفًا مِئَةً مِئَةً وَخَمْسِينَ خَمْسِينَ. ٤١ فَأَخَذَ الأَرْغِفَةَ الْخَمْسَةَ وَالسَّمَكَتَيْنِ وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَبَارَكَ ثُمَّ كَسَّرَ الأَرْغِفَةَ وَأَعْطَى تَلاَمِيذَهُ لِيُقَدِّمُوا إِلَيْهِمْ، وَقَسَّمَ السَّمَكَتَيْنِ لِلْجَمِيعِ. ٤٢ فَأَكَلَ الْجَمِيعُ وَشَبِعُوا، ٤٣ ثُمَّ رَفَعُوا مِنَ الْكِسَرِ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ قُفَّةً مَمْلُوَّةً وَمِنَ السَّمَكِ. ٤٤ وَكَانَ الَّذِينَ أَكَلُوا مِنَ الأَرْغِفَةِ نَحْوَ خَمْسَةِ آلاَفِ رَجُلٍ
رجع رسل المَسِيْح إليه من رحلتهم التَّبْشِيْريّة وأخبروه بكلّ كلمة، وبالقوّة الّتي قدّموها باسمه إلى أمّتهم. فأخذهم يَسُوْع أوَّلاً جانباً إلى البرّية لكي يدركوا، في هدوء، ما عمله اللّه بواسطتهم. ولكيلا ينسوا الشكر لفرح اختباراتهم في حلول مَلَكُوْت اللّه بواسطتهم. هل تشكر يَسُوْع لسلطان قوّته الّتي ينقلها بواسطة خدمتك إلى أصدقائك؟ إنَّ يَسُوْع يقودك مرَّة تلو المرّة إلى هدوء الشكر، لتسبّح اللّه في تعمّقك في أَعْمَاله، كي لا تكون سطحياً متكبّراً، بل متواضعاً شاكراً٠
ولكنّ الجَمَاهِيْر لم تترك ليَسُوْع وقتاً للرَّاحة والهدوء، بل تبعته وسبقته وازدحمت حوله. وللعجب لم يطردها المَسِيْح بالرغم من تعبه، بل أحبَّها وعرف جوعها إلى البِرّ وشوقها إلى المَحَبَّة والرحمة، وبشَّرها بناموس (بشريعة) روحه وفسّر لها نعمة اللّه المخلّصة٠
تصوّر كيف بشّر القُدُّوس الناسَ ساعات طويلة، وهم جالسون حوله على عشب البريّة، يستمعون إليه بشغف، شاهدين كيف نزل الفردوس وحلَّ في قلوبهم العطشى، غير شاعرين بمرور الوقت. وإذ طال بهم المقام في ذلك المكان النَّائي، بدأ الجوع يزحف إلى أجسادهم الّتي أدركها التعب في ذلك النهار المرهق٠
وفكَّر التَّلاَمِيْذ بالغذاء اللازم للجسد، مدركين الجوع في الجَمَاهِيْر، هذا الجوع الّذي يسبّب اليوم في دنيانا ثورات مدمِّرة وخراباً متزايداً٠
وعندما طلب يَسُوْع مِن أتباعه تحضير طعام للجموع، حسب التَّلاَمِيْذ بسرعة ودقَّة أنّهم لأجل إطعام هؤلاء الناس يحتاجون إلى مبالغ ضخمة مِن المال، مع عربات شحن كثيرة لنقل المواد والأغذية. فخطّطوا بتقديرهم البشريِّ كأنّهم تجارٌ مَهَرَة ومدبّرون للأَعْمَال الخيرية وعلماء في النفس. أمّا يَسُوْع ابن اللّه، فليس بحاجةٍ إلى حسابات البشر ووسائلهم. وقد شاء أن يرحم الجمع الجائع حوله ويُشبعه روحيّاً وجسديّاً. فدعا الناس كلَّهم إلى وليمة مقدّسة، لأنَّ فيه كانت القدرة على أن يخلق مِن القليل كثيراً، كما أنّه يمحو الخطايا الكثيرة بدمه الثمين٠
فأخذ يَسُوْع الأرغفة الخمسة والسمكتين مِن أيدي تلاميذه، ووضعها أمام اللّه أبيه، وشكره علانيةً لأجل القليل الموجود. وبعدئذ كسر الخبز، وأعطاه للتلاميذ ليوزّعوه على الجَمَاهِيْر. فاتّسعت أحداقهم عجباً، وهم يشاهدون بأمّهات عيونهم ابن اللّه جالساً بين البشر، معطياً مِن ملئه نعمة فوق نعمة٠
كانت فضلات الطعام، والفتات، وكِسَر الخبز الّتي جُمِعَت بعد الوليمة أكثر مِن الطعام في بدايته. هذا ما صنعته بركة اللّه بواسطة شُكر المَسِيْح الّذي مثلما كسر الخبز للجَمَاهِيْر، كسر جسده أيضاً لكي يُصالحنا مع اللّه فنتغذَّى به روحيّاً في العَشَاء الرَّبَّانِيّ ونتقوّى في المَحَبَّة والخدمة٠
هل أدركت سرّ بركة اللّه المقدّمة لكل إنسان. إنّه الشكر للقليل الموجود. وهذا الشكر في الإيمان هو مفتاح الباب المُفْضِي إلى كنوز اللّه. آمِن بِعَون المَسِيْح القريب منك، واشكره على القليل الّذي بين يديك، وثِق بإرادته وقدرته، لأنّه يشاء أن يُنعم عليك وأصدقاءك بالغذاء الجسدي والرّوحي في كلّ حين. ولا تنسَ الشُّكر أبداً٠
الصَّلاَة:٠ أيّها الربّ، اغفر لنا عدم إيماننا وقلّة شكرنا. علّمنا أن نحبّ الجَمَاهِيْر كما رحمتهم، وأن نشكرك لغفرانك، ولبركاتك كلِّها المعروفة وغير المعروفة. نطلب الحكمة في تقَدِيْم هذه الامتيازات إلى أصدقائنا لكي يتغيّروا، فلا يفكّروا بالخبز أولاً، بل يخدموا الغرباء وكلّ الّذين يشتاقون إلى مَلَكُوْتك. آمين٠
السُّؤَال ٤٠: ما هو سرّ إشباع الخمسة آلاف؟