Waters of Life

Biblical Studies in Multiple Languages

Search in "Arabic":

Home -- Arabic -- Ephesians -- 002 (Letterhead)

This page in: -- ARABIC -- English -- German -- Indonesian -- Turkish

Previous Lesson -- Next Lesson

أفسس - امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ

تأملات، صلاوات واسألة الرسول يولس الى اهل افسس

رأس الرِّسَالَة بحسب التَّقليد الموجود آنذاك (أفسس ١: ١- ٢)٠


أفسس ١: ١- ٢
١ "بُولُسُ, رَسُولُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، إِلَى الْقِدِّيسِينَ الَّذِينَ فِي أَفَسُسَ, وَالْمُؤْمِنِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللَّهِ أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ"

لم يستهلّ بولس عملياً رسالته إلى الكنائس في أفسس وفي مقاطعة أسيا الرومانية باسمه الساميِّ الحقيقي. كان أبواه قد سمياه شاول تيمُّناً باسم رئيس سبطهم الأوَّل الذي أصبح أيضاً أوَّل ملك لإسرائيل، وكان أحسن وأطول من جميع رجال سبطه (١ صموئيل ٩: ٢)٠

عندما ظهر المسيح المقام، في مجده البهي، لشاول على طريق دمشق، سقط مضطِهد أتباع يسوع المتعصِّب بهلعٍ على الأرض، وتمتم قائلاً: "يا رب، من أنت؟" أمَّا القائم مِنْ بَيْنِ الأَمْوَاتِ فلم يقتل عدوَّه، بل أعلن له اسمه القدُّوس: "يسوع". وللتَّو فهم السَّاقط على الأرض: المصلوب الذي حَكم عليه المجلس الأعلى بالموت لا يزال حيّاً! لم تفسد جثَّته. قد قام، وهو مقيمٌ بالمجد. أمَّا أنا فضالٌّ. وقد أخطأت جداً بتديّني المتطرِّف كما فعل عددٌ لا يُحصى من اليهود الذين معي ممَّن اضطهدوا المؤمنين بيسوع الناصري٠

تهشَّمت كلياً نظرة شاول إلى الحياة، وكذلك توقه إلى البر مِن خلال حفظ الشريعة. كان قد وجد في يسوع المقام والمجيد مقياساً جديداً ومؤكَّداً لحياته. بعد بضع سنواتٍ، سمح بولس لنفسه بأن يُعْرَف بالاسم اليوناني "بولس" الذي معناه الصَّغير، أو الأدنى، أو الأقل. لم يشأ بَعد أن يظهر كبيراً أو مكرَّماً أو بارزاً، بل سلَّم بنفسه كمنكسر روحياً. وكتب إلى تيموثاوس أنَّه هو بولس قد كان مجدِّفاً ومضطهداً وأكبر الخطاة جميعاً. وفي الوقت نفسه، أدرك أنَّ الرَّب يسوع المقام قد رحمه باعتبار أنَّه كان قد تصرف بجهل وعدم إيمانٍ (١ تيموثاوس ١: ١٢- ١٧)٠

رسول يسوع المسيح

بذهولٍ فهم بولس أنَّ ربَّه قد سامحه بدون أيِّ إنجازٍ مِن جهته. تاب المتواضع، وصام ثلاثة أيَّامٍ، وسمح لنفسه أن يعتمد بالماء. نال غفران خطاياه كلها وقوَّة الرُّوْح القُدُس(أَعْمَال الرُّسُلِ ٢: ٣٨- ٣٩؛ ٩: ١٧- ١٨). وشهد بولس أمام الملك هيرودس أغريباس في قيصرية بإرساله الفريد ليكون الرَّسول إلى الأمم غير اليهودية: "أَنَا يَسُوعُ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ. وَلَكِنْ قُمْ وَقِفْ عَلَى رِجْلَيْكَ لأَنِّي لِهَذَا ظَهَرْتُ لَكَ, لأَنْتَخِبَكَ خَادِماً وَشَاهِداً بِمَا رَأَيْتَ وَبِمَا سَأَظْهَرُ لَكَ بِهِ, مُنْقِذاً إِيَّاكَ مِنَ الشَّعْبِ وَمِنَ الأُمَمِ الَّذِينَ أَنَا الآنَ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِمْ, لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ, وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللَّهِ, حَتَّى يَنَالُوا بِالإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ الْخَطَايَا وَنَصِيباً مَعَ الْمُقَدَّسِينَ." (أَعْمَال الرُّسُلِ ٢٦: ١٥- ١٨)٠

بهذا الاعتراف وصف بولس أيضاً الكلمة اليونانيَّة "رسول" التي معناها مُرسَل او مبعوث. لم يُعيِّن نفسَه لهذه المهمَّة، ولم يُدْعَ من قِبل رسُل آخرين أو مِن المجمع الأعلى ليكون مندوبهم. وفوق ذلك كلِّه ظهر له ربُّه الحي شخصياً وكلَّفه مهمَّته. كان بولس مسؤولاً مباشرةً تجاه يسوع الحي الذي أحاطه بقيادته المستمرة وحمايته الأكيدة. لم يتلقَّ هذا المُرسَل إلى الأمم أي مهمة سياسية مِن أي سَيِّدٍ أرضي، بل كان مكلفاً مهمةً روحيَّة عالميَّة أنجزها بسلطانٍ ومحبَّةٍ وحكمةٍ. كان عليه فوق كلِّ شيءٍ أن يفتح أعين غير اليهود كي يُدركوا ضلالهم الأثيم. كان ينبغي أن تكون لهم فرصة الرجوع طوعيّاً مِن ظلمة الشيطان إلى نور الله المحرِّر لينالواغفران خطاياهم ويتجدَّدوا روحياً٠

مَن هو المسيح؟

وصف بولس نفسه في الرِّسَالَة إلى أهل أفسس برسول المسيح. وبهذا اللَّقب شهد ليهود العاصمة الإقليميَّة أنَّ يسوع النَّاصري هو المسيَّا الذي كانوا بشوقٍ له وانتظارٍ. الكلمتان كلتاهما "المسيا" العبرية و"المسيح" اليونانية تعنيان الشيء نفسه، أي "الممسوح". وكان يسوع نفسه قد صرَّح في مجمع الناصرة أنَّه إتمام الوعد الرئيسي للعهد القديم (إشعياء ٦١: ١- ٢) بخصوص مجيء المسيا. "رُوحُ الرَّبِّ عَلَيَّ, لأَنَّهُ مَسَحَنِي لأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ, أَرْسَلَنِي لأَشْفِيَ الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ, لأُنَادِيَ لِلْمَأْسُورِينَ بِالإِطْلاَقِ وَلِلْعُمْيِ بِالْبَصَرِ, وَأُرْسِلَ الْمُنْسَحِقِينَ فِي الْحُرِّيَّةِ, وَأَكْرِزَ بِسَنَةِ الرَّبِّ الْمَقْبُولَةِ. ثُمَّ طَوَى السِّفْرَ وَسَلَّمَهُ إِلَى الْخَادِمِ وَجَلَسَ. وَجَمِيعُ الَّذِينَ فِي الْمَجْمَعِ كَانَتْ عُيُونُهُمْ شَاخِصَةً إِلَيْهِ. فَابْتَدَأَ يَقُولُ لَهُمْ, إِنَّهُ الْيَوْمَ قَدْ تَمَّ هَذَا الْمَكْتُوبُ فِي مَسَامِعِكُمْ." (لوقا ٤: ١٨- ٢١)٠

بوعد العهد القديم هذا شهد الرب يسوع، بطريقةٍ غير مباشرةٍ، لعدم قابلية الثَّالُوْث الأَقْدَس للانفصام، هذا الثالوث الذي يُشكِّل بموجبه يهوه (الرَّبُّ) وروحُه القدُّوس والمسيَّا الآتي وَحدةً دائمةً (يُوْحَنَّا ١٠: ٣٠). مع أنَّ يسوع وُلد مِن الرُّوْح القُدُسفي مريم العذراء، فقد تلقَّى تجهيزه للمهمَّة بمسحه بالرُّوْح القُدُسبعد اعتماده، كبديل عنا، على يد يُوْحَنَّا المعمدان في نهر الأردن (متى ٣: ١٣- ١٧). كانت المهمَّة الخاصة الملقاة على عاتق المسيا، وما زالت، هي إعلان البشارة للمساكين واليائسين. يعتقد معظم الأغنياء والجملاء، الأقوياء والأذكياء، إضافةً إلى عدد كبيرٍ مِن الأتقياء أنَّهم ليسوا بحاجةٍ إليه. لكنَّ ابن الإنسان قد أتى لكي يطلب ويُخلِّص ما قد هلك (متى ١٨: ١١؛ لوقا ١٩: ١٠)٠

كان بولس أوَّل مَن أدرك، مِن بين التلاميذ الاثني عشر، قدرة المسيح هذه عندما قال: "أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ الْحَيِّ". أجابه يسوع قائلاً: "طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا, إِنَّ لَحْماً وَدَماً لَمْ يُعْلِنْ لَكَ, لَكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ." (متى ١٦: ١٦- ١٧)٠

يُظْهِر هذا التأكيد مِن قبل المسيح أنَّ الاعتراف بيسوع كالمسيَّا الموعود به لا يَنتج ببساطة عن فهم عقلاني من جهة الإنسان، بل يحتاج، أكثر من ذلك بكثير، إلى إعلان مباشَر مِن الله الحي. لقد أكَّد الرَّب يسوع أيضاً أنَّه سيبني كنيسته على اعتراف بولس هذا، وليس على أفكار شعوب هذا العالم المختلفة وبرامجهم السياسيَّة أو الاجتماعية أو الفلسفيَّة (يُوْحَنَّا ١٨: ٣٦)٠

عندما وقف يسوع مقيَّداً أمام المجلس القضائي الأعلى لشعبه، سأله رئيس الكهنة: "أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ الْحَيِّ أَنْ تَقُولَ لَنَا, هَلْ أَنْتَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ. قَالَ لَهُ يَسُوعُ, أَنْتَ قُلْتَ. وَأَيْضاً أَقُولُ لَكُمْ, مِنَ الآنَ تُبْصِرُونَ ابْنَ الإِنْسَانِ جَالِساً عَنْ يَمِينِ الْقُوَّةِ, وَآتِياً عَلَى سَحَابِ السَّمَاءِ. فَمَزَّقَ رَئِيسُ الْكَهَنَةِ حِيْنَئِذٍ ثِيَابَهُ قَائِلاً, قَدْ جَدَّفَ. مَا حَاجَتُنَا بَعْدُ إِلَى شُهُودٍ. هَا قَدْ سَمِعْتُمْ تَجْدِيفَهُ. مَاذَا تَرَوْنَ. فَأَجَابُوا, إِنَّهُ مُسْتَوْجِبُ الْمَوْتِ. حِيْنَئِذٍ بَصَقُوا فِي وَجْهِهِ وَلَكَمُوهُ, وَآخَرُونَ لَطَمُوهُ" (متى ٢٦: ٦٣- ٦٧)٠

لم يزُر يسوع في حياته أو يبشِّر أحداً من أفراد عائلة رئيس الكهنة. واحدٌ فقط مِن ٧١ نائباً في المجلس الأعلى (السنهدريم) أتى إليه ليلاً (يُوْحَنَّا ٣: ١- ٢). عندما وقف يسوع أمام قضاته متهماً بتحريض شعبه على الفتنة، ظل صامتاً إلى أن استحلفه رئيس الكهنة الحاكم قيافا باسم الله (ألوهيم) أن يعترف هل هو المسيا وابن الله. كان يسوع قد انتظر هذه الفرصة الفريدة، وواصل التأكيد على نحو غير مباشر للقاضي القائد: لقد نطقتَ بالصَّواب، لكنك لا تؤمن بما تعرفه وتقوله. أعترف بأنني "ابن الله" الذي بحسب دانيال ٧: ١٣- ١٤ قد أعطي السلطان والمجد والملك حتى يخدمه كل شعب وأمَّة ولسان. أنت ستقتلني بالجسد، ولكنك من جهنم سترى كيف سأجلس عن يمين القدرة لأنَّ داود تنبأ عني قائلاً: "قَالَ الرَّبُّ لِرَبِّي, اجْلِسْ عَنْ يَمِينِي حَتَّى أَضَعَ أَعْدَاءَكَ مَوْطِئاً لِقَدَمَيْكَ." (مزامير ١١٠: ١). أنت لا تسمح لي كمُتهم أن أجاهر باسم الله، لكنني سأبوح لك بمَن هو: هو القدرة، القدرة الأوَّلية، والكلي القدرة الذي له الأشياء كلها ويحافظ عليها. بدونه لا توجد قدرة تأسيسيَّة. وهو سيُكرمني ويُجلسني عن يمينه، لأنني صالحتُ العالم الفاسد معه بواسطة ذبيحتي الكفارية الفردية. دُفع إليَّ كلُّ سلطانٍ في السَّماء وعلى الأرض (متى ١١: ٢٧؛ ٢٨: ١٨) وسآتي مع سحاب السَّماء لأدين الأحياء والأموات كما تنبأ دانيال لكم٠

فَهِمَ نوَّاب الشعب وقضاة السنهدريم للتو إعلان يسوع هذا. وأدركوا أنَّ الواقف مقيَّداً أمامهم يزعم أنه ديانهم. كان يدعوهم بطريقة غير مباشرة إلى السُّجود أمامه والتعبد له وتوسُّل رحمته. ولذلك انضموا معاً بأكثرية مطلقة للحكم عليه بالموت، فبصقوا عليه ولطموه. أمَّا يسوع، رئيس الكهنة الحقيقي، فصلَّى لأجلهم وهم يعلقونه على الصَّلِيْب قائلاً: "يَا أَبَتَاهُ, اغْفِرْ لَهُمْ, لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ." (لوقا ٢٣: ٣٤)٠

كان بولس قد رأى المسيح المقام على طريق دمشق، حيث ظهر له بجلال مهيب. وفي رسائله الثلاث عشرة شهد أكثر مِن أربعين مرَّة لعودته الوشيكة (رومية ١٣: ١١- ١٢؛ فيلبي ٤: ٥؛ إلخ). وبواسطة قدرته وسلطانه سيُقام الأموات وتتحقق الدينونة الأخيرة تحت سيادته العليا (١ كُوْرِنْثُوْس ٣: ١٣؛ ٤: ٥؛ ٢ كُوْرِنْثُوْس ٥: ١٠؛ إلخ). المسيح هو ربُّنا وديَّاننا. ولقد أظهر الحكم قبلاً وما سيقوله للذين عن يمينه: "تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي, رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ." (متى ٢٥: ٣٤). أمَّا للذين عن يساره فسيقول: "اذْهَبُوا عَنِّي يَا مَلاَعِينُ إِلَى النَّارِ الأَبَدِيَّةِ الْمُعَدَّةِ لإِبْلِيسَ وَمَلاَئِكَتِهِ" (متَّى ٢٥: ٤١)٠

كان بولس سفير المسيح ومبعوثه إلى الأمم غير اليهوديَّة. وفي خدمته كمبشِّرٍ أظهر بدقَّةٍ مطلقَةٍ مشيئة ربِّه المقام، إضافةً إلى رسالة نعمته وسلامه. ونتيجةً لذلك أقبل أناسٌ لا حصر لهم إلى الخلاص. إنَّ خدمة رسول مصالحة الله للأمم تتواصل بازدياد اليوم بقوَّة عظيمة (٢ كُوْرِنْثُوْس ٥: ٢٠)٠

في رسائل العهد الجديد السبع والعشرين نجد الكلمة "المسيح" خمسمائة وتسعاً وستين مرَّة كاللقب الرسمي ليسوع. طوبى لمَن يقرأ هذه الكلمات ويتأمَّلها ومِن ثمَّ يترجمها إلى صلاة مفعمة بالإيمان.٠

هل تَعرف يسوع حقّاً؟

إنَّ هذا الاسم الذي يدفع كلَّ ما عداه من أسماء على الأرض بعيداً عن الأضواء قد أُملي بواسطة الملاك جبرائيل إلى يوسف الأب المتبنَّى للطفل الحديث الولادة: "يَا يُوسُفُ ابْنَ دَاوُدَ, لاَ تَخَفْ أَنْ تَأْخُذَ مَرْيَمَ امْرَأَتَكَ, لأَنَّ الَّذِي حُبِلَ بِهِ فِيهَا هُوَ مِنَ الرُّوْح القُدُس. فَسَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ, لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ." (متَّى ١: ٢٠- ٢١). معنى يسوع في التَّرجمة الحرفيَّة: "يهوه يساعد ويُخلِّص". والمصدر اللُّغوي لهذا الاسم متضمَّنٌ في مئات الأفعال والأسماء في العهد القديم٠

حمل يسوع، بوصفه حَمَل اللهِ، خطايا سكان العالم أجمع على عاتقه، وتحمَّل قصاص الإنسان بدلاً منه. فكفَّر بذلك عن كل خطية من خطايا شعبه الخاص. وهو ليس بحاجةٍ إلى أن يموت مرَّةً ثانيةً لأجل اليهود كي يفديهم مِن آثامهم. لقد أتمَّ الخلاص لشعبه الخاص. أمَّا أكثرية شعبه الساحقة ينأون بأنفسهم عن خلاصه بل ويرفضون غفرانه طوعياً أو بلامبالاة. لقد حرَّر يسوع شعبه مِن خطاياهم كلِّها فأتمَّ بذلك معنى اسمه الفريد٠

كتب بولس عن المنتمين لشعب يسوع: "لأَنَّ الْيَهُودِيَّ فِي الظَّاهِرِ لَيْسَ هُوَ يَهُودِيّاً, وَلاَ الْخِتَانُ الَّذِي فِي الظَّاهِرِ فِي اللَّحْمِ خِتَاناً, بَلِ الْيَهُودِيُّ فِي الْخَفَاءِ هُوَ الْيَهُودِيُّ, وَخِتَانُ الْقَلْبِ بِالرُّوحِ لاَ بِالْكِتَابِ هُوَ الْخِتَانُ, الَّذِي مَدْحُهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ بَلْ مِنَ اللَّهِ." (رومية ٢: ٢٨- ٢٩). هل معنى ذلك أنَّ اليهود المولودين ثانيةً هم وحدهم المنتمون إلى شعب الله؟ لقد شهد بطرس الناطق باسم تلاميذ يسوع الاثني عشرة بسلطانٍ وقوَّةٍ بمَن هم الذين يكوِّنون شعب الله اليوم: "وَأَمَّا أَنْتُمْ فَجِنْسٌ مُخْتَارٌ, وَكَهَنُوتٌ مُلُوكِيٌّ, أُمَّةٌ مُقَدَّسَةٌ, شَعْبُ اقْتِنَاءٍ, لِكَيْ تُخْبِرُوا بِفَضَائِلِ الَّذِي دَعَاكُمْ مِنَ الظُّلْمَةِ إِلَى نُورِهِ الْعَجِيبِ. الَّذِينَ قَبْلاً لَمْ تَكُونُوا شَعْباً, وَأَمَّا الآنَ فَأَنْتُمْ شَعْبُ اللَّهِ. الَّذِينَ كُنْتُمْ غَيْرَ مَرْحُومِينَ, وَأَمَّا الآنَ فَمَرْحُومُونَ." (١ بطرس ٢: ٩- ١٠). كان بُوْلُس الرَّسُوْل أيضاً مدعوّاً شخصيّاً مِن قبَل يسوع ليكون سفيره لإظهار هذه الحقيقة المثيرة وجعلها مفهومة٠

في استفتاءٍ لأحبِّ الكلمات التي نطق بها يسوع، اختيرَت الآية التَّالية مِن الصِّغار والكبار معاً بوصفها الأكثر فائدةً: "تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ, وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي, لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ, فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ." (متَّى ١١: ٢٨- ٣٠). ثمَّة أناسٌ أكثر بكثير مما نعلم يئنُّون تحت تجارب داخلية وخارجية وأعباء وخطايا. لهؤلاء يُقدِّم يسوع الحلَّ: نيره! لقد خضع مع أبيه السَّماوي للنِّيْر نفسه. فأنكر أن تكون إرادته هي السَّائدة، وسار كلياً في خطى وانسجام أبيه. وهما كلاهما معاً يُخلّصان العالم حتَّى في يومنا هذا. ولا بدَّ لكلِّ مَن يريد أن يملك السَّلام الحقيقي في قلبه مِن أن يَقبَل ويختبر وداعة وتواضع قلب يسوع. يُروى أنَّ المسؤولة عن دار للشَّماسات قالت لأخواتها الأصغر والأكبر سنّاً عند حلِّ مشكلةٍ عويصة: "الباب في الأسفل مفتوحٌ دائماً". على كل مستعدٍّ للخدمة مع يسوع تحت نيره أن يكون مستعدّاً لتكييف نفسه مع درجة إيقاع حركة يسوع وبراعته وإرشاده، وإلاَّ انتهى إلى كسر عنقه. إنَّ يسوع مِن جهته مستعدٌّ أن يتحمَّل ليس فقط النير برمَّته، بل الشخص الذي تحت النير أيضاً، كما لو أنَّ فيلاً ونملةً عليهما أن يخضعا معاً للنير نفسه٠

تراجع بولس كلياً بأساليبه واتجاهاته المثالية عندما قَبِلَ نير يسوع. ولذلك كان قادراً على أن يعيش بوداعةٍ وتواضع قلبٍ حتَّى في أثناء خضوعه للإقامة الجبرية الطويلة بانتظار محاكمته. ومن خلال طاعته المخلصة صار سفير يسوع بين جميع شعوب الأرض. ويمكن رؤية مدى وضوح فهم بولس لطريق الرب في رسالته إلى الكنيسة في فيلبي: "فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هَذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضاً, الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللَّهِ, لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ. لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ, آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ, صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ, وَضَعَ نَفْسَهُ وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيْب لِذَلِكَ رَفَّعَهُ اللَّهُ أَيْضاً, وَأَعْطَاهُ اسْماً فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الأَرْضِ, وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللَّهِ الآبِ." (فيلبي ٢: ٥- ١١)٠

سُئلنا من قبل المسلمين في حلقة بحث في تشاد هل المَسِيْحِيّون أفضل مِن المسلمين. فأجبناهم بإرشاد يسوع أنَّ في الثقافتين كلتيهما بذل الآباء جهداً لتربية أولادهم ليبلغوا مكانةً جيدة في الحياة، ولكن ماذا عساهم أن يفعلوا عندما يُظهر الأعداء فجأةً النية في إيذائهم؟ يأمرهم القرآن أن: "اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ" (سورة البقرة ٢: ١٩١). أمَّا يسوع فيقول: "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ, وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ, لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ" (متَّى ٥: ٤٤- ٤٥). إلهنا إلهٌ متواضعٌ، ووداعته وتواضعه أشعَّةٌ برَّاقةٌ لمحبَّته العظيمة اللامتناهية٠

إنَّ كلَّ مَن يتبع يسوع يتحوَّل إلى شبهه. يوجد اسم "يسوع" تسعمائة وخمس وسبعين مرَّة في العهد الجديد. كتب البروفسور أدولف شلاتر، الذي حفظ عن ظهر قلب العهد الجديد كله باليونانية، قُبَيْل وفاته كتاباً بعنوان: "هل نعرف يسوع؟" (Kennen wir Jesus). وأراد أن يوضح لمَسِيْحِيّي بلده أنَّ عليهم ألاَّ يعترفوا فقط بمعرفتهم ليسوع، بل أن يتعمَّقوا أكثر في شخصيته وأقواله وأفعاله. إنَّنا في الحقيقة لا نعرف يسوع إلاَّ إلى حدود تطبيقنا أقواله على حياتنا.فُرض على طلاَّب إحدى المدارس الابتدائيَّة في صف الديانة أن يكتبوا موضوعاً إنشائياً حول: "مَن هو يسوع؟" وإذ انهمك الجميع وهم يتصببون عرقاً ويكتبون كل ما كان يدور في أذهانهم من الإنجيل، كتبت فتاة صغيرة جملة قصيرة فقط ثم وضعت قلمها على الورقة أمامها. فسألتها المعلمة بدهشة إن كانت لم تعلم أكثر عن ابن مريم، ولكنَّ الفتاة أجابت: "إنَّ ما كتبته كافٍ بالنسبة لي". ماذا كتبت الفتاة في دفترها؟ "يسوع هو مخلِّصي" (متَّى ١١: ٢٥- ٢٦)٠

بمشيئة الله

مِن المدهش أنه كان في أوساط الكنيسة في أفسس وما حولها الكثير مِن اليهود واليهود المَسِيْحِيّين الذين كانوا ليبراليين وانتقاديين، وقد أتوا منذ فتح أورشليم على يد بومبي في سنة ٦٣ ق.م. ليغتنموا الفرص الاقتصادية والجغرافية المتاحة في الإمبراطورية الرومانية. لم يُرضهم اعتراف بولس بأنه سفيرٌ للمسيا يسوع، فطلبوا منه تأكيداً بأنَّ رب العهد القديم بنفسه هو مُرسِل بولس. وفي حالة عجزه عن إقامة هذا الدَّليل سيكون ثمة نقصٌ فيه وفي السلطان الإلهي لخدمته٠

أجاب بولس عن هذا السؤال بالإشارة إلى مشيئة الله التي كانت هي أيضاً مشيئة المسيا يسوع وكذلك مشيئته هو نفسه. كان المسيح قد شهد لتلاميذه في السامرة: "طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ" (يُوْحَنَّا ٤: ٣٤)٠

بين الله والمسيح كانت ثمة دائماً وحدة إرادة، إضافةً إلى انسجامٍ تامٍّ حاضرٍ في النِّيات والأوامر والمعجزات. وظهر هذا بوضوحٍ لا سيَّما في صلوات يسوع في بستان جثسيماني حيث أخضع نفسه دون قيدٍ أو شرطٍ لمشيئة أبيه (متَّى ٢٦: ٣٩- ٤٤). ولئن كانت مشيئة المسيح ومشيئة الله تكوِّنان وحدةً مُطلقةً، فإرسال بولس بواسطة المسيا كان أيضاً إرسالاً للإله الحي٠

عرَّف بولس، بإشارته إلى مشيئة الله في رأس رسالته، بأنَّ أقواله وأفعاله لم تكن ناشئةً عن إرادته البشرية الخاصة، وبأنَّه لم يكن يقدِّم أمانيه وآماله فحسب، بل إنه كان خاضعاً بولاء لخالق الأكوان وإله العهد يهوه. حتَّى وضعه تحت الإقامة الجبرية لم يكن أكثر مِن تحقيق مشيئة الله له بوصفه مبعوث المسيا. كثيراً ما تبدو خططه الإلهية مختلفةً عمَّا تقترحه روزنامة مواعيدنا. طوبى لمَن قد وضع نفسه دون قيد أو شرط تحت قيادة الله ومسيحه٠

:صلاة
أبانا الذي في السَّماء، نشكرك مِن قلوبنا لأنَّ ابنك يسوع أوقف شاول المتعصِّب على طريق دمشق، وغفر له، ثمَّ أرسله بوصفه بولس إلى الأمم غير اليهوديَّة. نتضرَّع إليك أن تدعو اليوم أيضاً الكثيرين مِن الخدام والخادمات إلى مَن لا رجاء لهم، حيثما ترغب. آمين٠

:الأسئلة
٤. لماذا سمَّى شاول نفسه "بولس" في خدمته الإرسالية ليسوع المسيح؟

٥. ما معنى الكلمة "رسول"؟

٦. ما معنى اللَّقب "المسيح" في العهد الجديد؟

٧. كيف تصف "يسوع" لأصدقائك؟

٨. ما هي مشيئة الله في حياتك؟

www.Waters-of-Life.net

Page last modified on February 03, 2018, at 04:44 PM | powered by PmWiki (pmwiki-2.3.3)